ارسل ملك الروم رسولا الى انوشروان ملك الفرس ، ومعه هدايا يريد ان يتالفه بها ويستميل قلبه .

فلما وصل اليه اقام عنده أياماً لمشاهدة غرائب مملكته .

فبينما هو ذات يوم في الإيوان ، يتعجب من فخامة بنائه وكمال جماله ، اذ حانت منه التفاته ، فلمح في بعض جوانب القصر اعوجاجاً.

فسال الترجمان عن سببه؟

فقال له : ان هناك بيتاً لعجوز ، عزيزا عليها ، وقد كرهت بيعه لأنها ورثته عن آبائها ؛ ولم يشأ الملك إجبارها ، فأبقاه في جانب الايوان ؛ فكان منه ما ترى.

فقال الرسول : ان هذا الاعوجاج لهو عين الاستقامة ، وان ما فعله ملك الزمان لم يؤرخ لأحد فيما مضى من الدهور ، ولن يؤرخ لغيره الى يوم النشور .

فوقع كلامه عند كسرى موقع الاستحسان ، ورده الى بلده مغمورا بالإحسان (1).

____________________________

(1) بحر الآداب : طبع مصر ،ج2 ، ص75 .