المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6779 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



اغتيال الامام الرضا عليه السلام  
  
1442   03:43 مساءً   التاريخ: 26-8-2017
المؤلف : السيد جعفر مرتضى الحسيني العاملي
الكتاب أو المصدر : الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ص389- 401
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة العباسية / خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى / المأمون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2017 1188
التاريخ: 17-9-2017 1411
التاريخ: 14-3-2018 2731
التاريخ: 17-9-2017 621

كيف يخرج المأمون من المأزق إذن؟

بعد أن رأى المأمون نفسه قد فشل في تحقيق الجزء الأهم من خطته، ألا وهو أن يضع منه (عليه السلام) قليلاً قليلا، حتى يصوره أمام الرعية بصورة من لا يستحق لهذا الأمر.. بل لقد رأى نفسه يحصد غير ما يزرع، وأن النتائج التي كان يحصل عليها هي تماماً عكس ما كان ينتظر ويؤمل، وذلك بسبب وعي الإمام وحنكته، ويقظته..

ورأى أنه قد حارب الإمام بجميع الأسلحة التي كان يمتلكها، من المكر والخديعة، والدهاء إلخ.. لكن أسلحة الإمام كانت أمضى وأقوى من كل ما كان يمتلكه المأمون. ومن أين للمأمون علم الإمام وزهده، وتقواه وفضله، وفضائله النفسية، وشخصيته الفذة، وسائر صفاته وخصاله الحميدة، صلوات الله وسلامه عليه؟

وإذا كان قد تأكد لديه أن محاولاته تلك لم تكن تثمر إلا أن يزداد الإمام رفعة بين الناس، ومحلا في نفوسهم، وإلا اتساع قاعدته الشعبية باطراد وأنه هو نفسه قد ساعد على اتساعها.. حتى لقد اضطر هو نفسه لأن يستجير بالإمام لينقذه من أولئك الذين شغبوا عليه بسبب قتله الفضل ابن سهل.. إلى آخر ما هنالك مما قدمناه.. إذا كان كذلك.. فإنه قد أصبح يرى نفسه مستحقاً لذلك التأنيب القاسي الذي تلقاه من حميد بن مهران، وجمع من العباسيين، حيث قال له حميد: «.. ما أخوفني أن يخرج هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولده علي، بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك، والتوثب على مملكتك. هل جنى أحد مثل جنايتك؟!» ....

ويلاحظ هنا: أن قول حميد بن مهران: «ما أخوفني أن يخرج هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولد علي» قد كان بعد البيعة للرضا (عليه السلام) بولاية العهد، فكأنه كان على علم بخطة المأمون، وأهدافه من البيعة..

نعود فنقول: إنه كما أصبح يرى نفسه مستحقاً لذلك التأنيب القاسي أصبح أيضاً يرى أن من الضروري العثور على وسيلة تسهل عليه الخروج من ذلك المأزق الحرج الذي أوقع نفسه فيه. حتى لا ينتهي به الأمر إلى تلك النهاية المرعبة، التي كان يخشاها كل الخشية، وتمتلئ نفسه فرقاً ورعباً منها..

فما هي تلك الوسيلة؟!، وأين يجدها؟! وهل يستطيع أن يحصل عليها؟! وكيف؟

ولقد وجد الوسيلة وهي سهلة جداً، ولكنها غير مأمونة العواقب، وهذه الوسيلة هي:

تصفية الإمام (عليه السلام) جسدياً:

والتدبير فيه ـ وبسرعة ـ بما يحسم عنه مواد بلائه.. وواضح:

أن قتل الإمام (عليه السلام) جهاراً سوف يثير مشاعر العلويين والشيعة. سواء من الخراسانيين، أو من غيرهم. بل هو يثير الأمة بأسرها، ولسوف يعطيهم، وخصوصاً العلويين الفرصة، بل والحق في القيام بوجه نظام الحكم من جديد. وبكلمة.. سوف يخسر المأمون حينئذٍ كل ما كان يرى نفسه أنه قد ربحه، هذا إن لم تكن النتيجة أسوأ من ذلك بكثير. وأسوأ مما يتصور.

وإذن.. فلا بد للقضاء على الإمام من إعمال الحيلة، وإحكام الخطة. ودراستها دراسة كافية ووافية.

قضية حمام سرخس:

وحاول أن يقضي على الإمام (عليه السلام)، والفضل معاً، مرة واحدة في حمام سرخس. ولكن يقظة الإمام (عليه السلام)، ووعيه قد حال دون ذلك، حيث إنه رفض الذهاب إلى الحمام. وأصر المأمون بدوره على ذلك، وأعاد عليه الرقعة مرتين! لكن الإمام قد بين له بياناً قاطعاً: أنه لن يدخل الحمام بأي وجه من الوجوه.. كما أنه (عليه السلام) قد حاول أن يدفع المكيدة عن الفضل، فقال للمأمون: «ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غداً» لكن المأمون يصر على أن يدخل الفضل الحمام، ويمتنع من تحذيره، حيث قال للإمام: «وأما الفضل فهو أعلم وما يفعله..» (1).

مقتل الفضل بن سهل:

ونجح المأمون في تنفيذ أحد جزئي مهمته، وفشل في تنفيذ الجزء الآخر، والأهم منها، فقد نجا الإمام (عليه السلام) بفضل وعيه ويقظته، ووقع الفضل في الشرك وحده وقتل بتدبير من المأمون، فرضي بذلك العباسيون، وقتل قتلته، فرضي الحسن بن سهل والخراسانيون.

ومجمل قضية قتل الفضل هنا: «أن المأمون لما رأى إنكار الناس ببغداد لما فعله من نقل الخلافة إلى بني علي، وأنهم نسبوا ذلك إلى الفضل بن سهل، ورأى الفتنة قائمة ولا يستطيع أن يقتل الفضل جهاراً لمكان أخيه الحسن بن سهل، وكثرة من معه من الرجال (2) فأعمل الفكرة في ذلك، ودس جماعة لقتل الفضل..

والذين قتلوا الفضل كانوا خمسة أشخاص من حشم المأمون، أحدهم: خاله غالب، فأخذوا وجيء بهم إليه، فقالوا: أنت أمرتنا بقتله!

فقال لهم: أنا أقتلكم بإقراركم، وأما ما ادعيتموه: من أني أنا أمرتكم بذلك، فدعوى ليس لها بينة، ثم أمر بهم فضربت أعناقهم، وحمل رؤوسهم إلى الحسن أخي الفضل، وأظهر الحزن عليه..» (3)! كما أنه قد أقصى قوما من قواده سماهم الشامتة، وأظهر عليه أشد الجزع كما نص عليه اليعقوبي، وواضح أن قتله لقتلة الفضل، ثم إرساله رؤوسهم إلى الحسن، ثم إظهاره للحزن عليه لخير دليل على دهائه وحنكته السياسية.

بل ذكر المسعودي، ويظهر ذلك من غيره أيضاً: أن المأمون قتل الفضل بن سهل بيده، وأنه باشر قتله بنفسه (4)، ولعله اتهم هؤلاء من أجل أن يبعد التهمة عن نفسه لأسباب سياسية لا تكاد تخفى ومن أهمها أن لا يفسد عليه الحسن بن سهل ومن معه والخراسانيون.

وتحسن الإشارة هنا إلى ما قدمناه من عرض المأمون على الفضل أن يزوجه ابنته ـ على الرغم من استهجان تزويج بنات الخلفاء من غير ذوي قرباهم. فرفض الفضل العرض، وشكر المأمون، وجهد المأمون الجهد كله في إقناعه، فلم يفلح! وقال له: لو صلبتني ما فعلته (5) فإن عرضه هذا، وجهده في إقناعه ما كان إلا شركاً منه للتجسس والإيقاع بالفضل على يدها، كما فعل بالجواد والرضا (عليه السلام).. وعندما لم يفلح في إقناع الفضل، وفشلت مؤامرته، دبر قضية حمام سرخس، ونحج في تدبيره ذاك ....

وقبل أن نمضي في الحديث يحسن بنا أن نشير إلى ما ذكره الأصفهاني في أغانيه، فيما يتعلق بمقتل الفضل، حيث قال ما ملخصه: إن إبراهيم ابن العباس الشاعر كان من خواص الفضل بن سهل. وجعله كاتباً لعبد العزيز بن عمران، فلما دبر المأمون قتل الفضل، وندب إليه عبد العزيز ابن عمران. علم إبراهيم بذلك، فأخبر به الفضل، فأظهره للمأمون، وعاتبه عليه.. وبعد قتل المأمون للفضل ولقتلته سأل من أين سقط الخبر للفضل، فعرف أنه من جهة إبراهيم، فطلبه، فاستتر، وتحمل إبراهيم بالناس على المأمون. وجرد في أمره هشام الخطيب المعروف بالعباسي، وكان جريئاً على المأمون، لأنه رباه، فلم يجبه المأمون إلى ما سأل (6). إلى آخر ما قال.

ظاهرة قتل الوزراء:

وتحسن الإشارة هنا: إلى أن قتل الوزراء كان ظاهرة شائعة في حياة الخلفاء العباسيين، حتى إن أحمد بن أبي خالد الأحول امتنع بعد مقتل الفضل عن قبول اسم «وزير» مع قبوله بالقيام بكل أعمال الوزير ووظائفه.

وهنا لطائف وظرائف تتعلق بهذا المطلب، ليس هنا محل ذكرها.. ولنعد الآن للحديث عن موقف المأمون فنقول:

لا بد من العودة إلى سنة معاوية:

إنه رغم فشل المأمون في قضية حمام سرخس، لم ييأس، ولم يهن في الوصول إلى ما كان يطمح إلى الوصول إليه، فاستمر يعمل الحيلة ويدبر المكيدة للإمام (عليه السلام).

وكان عليه: أن لا يعرض نفسه للخطأ الذي وقع فيه في قضية الفضل، حيث أعلن القتلة في وجهه بأنه هو الذي أمرهم بقتله، مما كان سبباً في ثورة الجند عليه، تعرض لخطر عظيم جداً، لو لم يلتجئ إلى الإمام، الذي أنقذ موقفه، وفرق الناس عنه، كما تقدم..

ولم ير وسيلة أسهل وأسلم من تلك التي سنها سلفه معاوية، الذي قدمنا في فصل: آمال المأمون وآلامه: أن المأمون قد ارتضى سيرته، ورد سيرة أبي بكر وعمر وعلي وهذه الوسيلة هي: «السم».

ودس إليه السم في العنب، أو في ماء الرمان، ومضى الإمام (عليه السلام) شهيداً، صابراً محتسباً.. وهذه هي نفس الطريقة التي تخلص بواسطتها، من قبل: محمد بن محمد، صاحب أبي السرايا، ولا نستبعد أنه قد دبر مثل ذلك في محمد بن جعفر، الذي مات هو الآخر ـ كالرضا (عليه السلام) والفضل بن سهل ـ في طريق بغداد (7).

كما ويلاحظ: أنه لما مات محمد بن جعفر نادى منادي المأمون: «ألا لا تسيئن الظن بأمير المؤمنين؛ فإن محمد بن جعفر جمع بين أشياء في يوم واحد. وكان سبب موته أنه جامع وافتصد، ودخل الحمام فمات» (8) وهكذا.. مات اللذان تكرههما بغداد، في نفس طريق بغداد.. ولم يعد هناك ما يعكر صفو العلاقات بينه، وبين بني أبيه العباسيين وأشياعهم، وأصبح باستطاعته أن يكتب إليهم:

«.. إن الأشياء التي كانوا ينقمونها عليه قد زالت، وأنهم ما نقموا عليه إلا بيعته لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) وقد مات، فارجعوا إلى السمع والطاعة، وإنه يجعل ولاية العهد في ولد العباس..» (9).

فرجعوا إليه، وانقادوا له، ولكن بعد التخلص ممن كان يكره ويكرهون، ويخاف ويخافون..

رجع إلى بغداد، فأطاعته، وانقادت له، لأنه قضى على من كانت تخافهم، وتخشاهم، وحقق لها ما كانت ترجوه، وتصبو إليه، وغفرت له قتله أخاه، ونسيته حتى كأنه أمر لم يكن! بل لقد أصبحت ترى أنه أفضل من أخيه الأمين، لأنه استطاع أن يثبت أقدام بني أبيه في الحكم والسلطان إلى ما شاء الله..

رجع إلى بغداد، إلى بني أبيه، لأن رجوعه إليهم كان ضرورياً، من أجل أن يرجع إليهم اعتبارهم من جهة.. ولأنهم هم الدرع الواقي له، والحصن الحصين من جهة أخرى.. هذا بالإضافة إلى أن خلافة لا تكون بغداد مقراً لها ليست في الحقيقة بخلافة. إلى غير ذلك من أمور واعتبارات.

نبوءة الإمام (عليه السلام) قد تحققت:

هذا.. وكما تنبأ الإمام (عليه السلام) من قبل بأن أمر البيعة لا يتم، وتنبأ أيضاً بأنه يموت ويدفن بخراسان.. لم يكن ليصعب عليه أن يتنبأ بأن المأمون سوف يقدم في النهاية على ما أقدم عليه: من الاعتداء على حياته (عليه السلام) سيما وأنه كان على علم أكثر من أي إنسان آخر بحقيقة نوايا المأمون وأهدافه.. وبالفعل نرى الإمام (عليه السلام) يصرح بذلك في أكثر من مورد، وأكثر من مناسبة، حتى للمأمون نفسه...

ومن جهة أخرى، فرغم محاولات المأمون للتستر على جريمته النكراء تلك خوفاً من ثورة الرأي العام ضده.. فإنه لم يستطع إخفاء الحقيقة، وطمس الواقع بل شاع الأمر، وافتضح المأمون.. بل سيمر معنا أنه هو نفسه قد فضح نفسه..

الحقد الدفين:

وأخيراً.. فإن ما أقدم عليه المأمون من الغدر بالإمام (عليه السلام) ودس السم له لخير دليل على فشل المأمون في سياسته، الفضل المزري والمهين.. حتى إنه عندما عجز عن أن ينال من الإمام (عليه السلام) حياً أراد أن ينال منه ميتاً، بدافع من حقده الدفين، الذي لم يعد يستطيع أن يتحمل مضاعفاته، فكتب إلى السري عامله على مصر، يخبره بوفاة الرضا، ويأمره بغسل المنابر، التي دعي له عليها، فغسلت.. كما تقدم.. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الحقد كان قد أكل قلبه، وأعمت البغضاء بصره وبصيرته..

كما أنه يدل على خسة في النفس، وإسفاف في التفكير، وشعور بالعجز، وبالنقص أيضاً..

كاد المريب أن يقول: خذوني

ومع غض النظر عن كل ما تقدم:

لسوف نغض النظر هنا عن تصريحات المأمون الدالة على أنه سوف يدبر في الإمام بما يحسم عنه مواد بلائه، وعن تأكيدات الإمام وتصريحاته بأنه سوف يموت شهيداً بسم المأمون، حتى لقد واجه نفس المأمون بذلك، لكنه تجاهل الأمر، وغير الحديث (10).

ولسوف نغض النظر أيضاً عن اعتراف المأمون نفسه بأن الإمام (عليه السلام) لم يمت حتف أنفه، وإنما مات مقتولاً بالسم، وأن قتلته هما عبيد الله، والحمزة، ابنا الحسن (11) واللذان لم يكن بينهما وبين الإمام (عليه السلام) ما يوجب ذلك.. بل إن كان لهما دور ما، فإنما هو بإشارة من يهمه مثل هذا الأمر..

بل لقد ورد أن المأمون رمى بنفسه على الأرض، وجعل يخور كما يخور الثور، ويقول: «ويلك يا مأمون، ما حالك، وعلى ما أقدمت، لعن الله فلاناً وفلاناً، فإنهما أشارا علي بما فعلت..» (12).

لسوف نغض النظر عن كل ما تقدم، وحتى عن رسالته للسري، عامله على مصر، والتي أشرنا إليها غير مرة..

والذي نريده هنا:

ولا نريد هنا إلا أن نضع بعض علامات استفهام على بعض تصرفات المأمون، وأقواله حين وفاة الإمام (عليه السلام)، حيث رأيناه: قد ارتبك في أمر وفاة الرضا (عليه السلام) أشد ما يكون الارتباك..

الأسئلة التي لن تجد جوابا:

فأول ما يطالعنا من الأسئلة هو أنه: لماذا يستر موت الرضا (عليه السلام) يوماً وليلة؟! (13).

ولماذا يقول للإمام، وهو بعد لم يمت: «.. ما أدري أي المصيبتين علي أعظم، فقدي إياك، أو تهمة الناس لي: أني اغتلتك وقتلتك» (14)؟!.

ولماذا يظهر التمارض بعد أن أكل مع الإمام (عليه السلام) العنب (15)..؟! وكيف مات الإمام (عليه السلام) في مرضه من العنب، ولم يمت المأمون منه أيضاً؟

ولماذا يحضر محمد بن جعفر، وجماعة من آل أبي طالب، ويشهدهم على أن الرضا مات حتف أنفه، لا مسموماً (16)؟!.

ولماذا يبقى على قبره ثلاثة أيام!! يؤتى! كل يوم برغيف واحد وملح ليأكله!. الأمر الذي لم يفعله حتى عندما مات أبوه الذي ولد منه، وأخوه الذي قتله، وفعل برأسه ما فعل؟!.

وهل يمكن أن نصدقه حينما نسمعه يقول: «وقد كنت أؤمل أن أموت قبلك» (17)!. هذا مع علمه بأن الإمام (عليه السلام) كان يكبره ب‍ «22» سنة؟! أم أن وقع المصيبة جعله يتكلم بما لا معنى له، ولا واقع وراءه؟!.

ولماذا أيضاً: يجبره على أكل العنب بعد امتناع الإمام (عليه السلام) من أكله، ثم يقول له: «لا بد من ذلك، وما يمنعك منه، لعلك تتهمنا بشيء؟! «وبعد أن أكل منه الإمام (عليه السلام) قام، فقال له المأمون: إلى أين؟ قال (عليه السلام): إلى حيث وجهتني..» (18)؟!

ولماذا؟ ولماذا؟ إلى آخر ما هنالك مما يضيق عنه المقام..

كاد المريب أن يقول: خذوني:

وبعد.. فهذه بعض الأسئلة، التي تدور حول تصرفات المأمون عند استشهاد الإمام (عليه السلام).. تحتاج إلى جواب.. وأنى لها من المأمون الجواب الصحيح، والصريح. ولكن مواقفه وتصرفاته هذه، هي الجواب الكافي والشافي، فلقد قيل، وما أصدق ما قيل: «كاد المريب أن يقول: خذوني.. كما أن المؤرخين بدورهم قد أجابوا عنها بكل صراحة أحياناً، وباللف والدوران ـ لأسباب مختلفة ـ أحياناً أخرى..

____________

(1) قد تقدم بعض مصادر هذا النص في فصل: شخصية الإمام الرضا، عند ذكر التجاء المأمون إلى الرضا (عليه السلام) عندما شغب عليه الجند، بسبب مقتل الفضل.

(2) راجع لطف التدبير ص 164 ـ 166.

(3) راجع في ذلك: الآداب السلطانية ص 218، وتاريخ ابن خلدون ج 3 ص 249، ولطف التدبير ص 164 ـ 166 ومآثر الإنافة ج 1 ص 211، والكامل لابن الأثير ج 5 ص 191 و 192، والطبري ج 11 ص 1027، ووفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ج 1 ص 414، ومرآة الجنان ج 2 ص 7، وإثبات الوصية ص 207، وليراجع تجارب الأمم ج 6 ص 443.

(4) مروج الذهب ج 3 ص 417، ويظهر أيضاً من: الفخري في الآداب السلطانية ص 218.

(5) الوزراء والكتاب ص 307.

(6) الأغاني ط الساسي ج 9 ص 31.

(7) ولعل ابن قتيبة يشير إلى هذا في معارفه طبع سنة 1300 ص 133 حيث يقول: «وظفر بمحمد بن جعفر، فحمله إلى المأمون مع عدة من أهل بيته، فلم يرجع منهم أحد..»!!.

ولكننا نراه مع ذلك، عندما يؤتى بجنازة محمد بن جعفر قد نزل بين العمودين، وحمله! وقال: هذه رحم مجفوة منذ مأتي سنة، وصلى عليه وقضى دينه!!.. بل إننا لا نستبعد أن يكون هو المدبر لشائعة عقليه السوداء على الحسن بن سهل أخي الفضل. وهكذا.. فيكون قد قضى على كل أولئك الذين تكرههم بغداد وتخشاهم، وتخلص منهم واحداً بعد الآخر.

(8) تاريخ جرجان ص 404.

(9)  راجع في ذلك: الطبري ج 11 ص 1030، والبداية والنهاية ج 1 ص 249، وتاريخ الخلفاء ص 307، وابن الأثير ج 5 ص 193، والفخري الآداب السلطانية ص 218، وتاريخ أبي الفداء ج 2 ص 24، وتاريخ ابن خلدون ج 3 ص 250، والنجوم الزاهرة ج 2 ص 173، وغير ذلك، وتجارب الأمم ج 6 ص 444.

(10) راجع: عيون أخبار الرضا ج 2 ص 140، والبحار ج 49 ص 149، وعلل الشرائع ج 1 ص 237، وأمالي الصدوق ص 42، 43، وغير ذلك.

(11) راجع: غيبة الشيخ الطوسي ص 49، والبحار ج 49. ص 306.

(12) إثبات الوصية للمسعودي ص 209.

(13) مقاتل الطالبيين ص 567، وكشف الغمة ج 3 ص 72، وروضة الواعظين ج 1 ص 277، والبحار ج 49 ص 309، وإرشاد المفيد ص 316.

(14) مقاتل الطالبيين ص 572، وإرشاد المفيد ص 316، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 241، والبحار ج 49 ص 299. وعبارة مقاتل الطالبيين: «وأغلظ من ذلك علي، وأشد: أن الناس يقولون: إني سقيتك سماً».

(15) إعلام الورى ص 325، وإرشاد المفيد ص 316، ومقاتل الطالبيين ص 566، والخرائج والجرائح طبعة حجرية ص 258، وغير ذلك..

(16) روضة الواعظين ج 1 ص 277، ومقاتل الطالبيين ص 567، وإرشاد المفيد ص 316، وكشف الغمة ج 3 ص 72 و123. والبحار ج 49 ص 309، وإعلام الورى ص 329.

(17) نفس المصادر السابقة باستثناء كشف الغمة.

(18) أمالي الصدوق ص 393، وروضة الواعظين ج 1 ص 274، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 243، وإعلام الورى ص 226، والبحار ج 49 ص 301، وغير ذلك.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).