أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016
4914
التاريخ: 21-06-2015
2158
التاريخ: 24-3-2016
6004
التاريخ: 24-06-2015
2207
|
برز في الموصل – المدينة التي ثوى فيها الأديب المشهور أبو تمام – العشرات من الشعراء، أمثال: مخلد بن بكار، والسري الرفاء، وابن حمدان وابن مسهر، وابن أبي عصرون، وابن الأردخل، وابن الحلاوي وابن عدلان وابن دانيال .. وابن زيلاق الذي نحن بصدد دراسة حياته وشعره(1).
هو محيي الدين يوسف بن يوسف بن يوسف بن سلامة بن ابراهيم الهاشمي الموصلي المعروف بابن زيلاق، فهو عربي الأصل، ينتهي نسبه الى العباس ابن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه و آله وسلم.
وقد أمسكت المصادر عن ذكر نشأته ودراسته وسيرته، واكتفت بذكر السنة التي ولد فيها وهي سنة 603هـ بمدينة الموصل، وعمله وهو كتابة الانشاء للدولة، ومقتله الذي كان في العاشر من شعبان سنة 660هـ حين ملك هولاكو الموصل، وبعث الرعب والهلع في نفوس قاطنيها، وفتك بالكثيرين منهم.
تذكر كتب التاريخ ان ابن زيلاق كان شهماً غيوراً، وحينما داهم المغول الموصل تألم كل الألم ووقف بجانب ملكه الصالح اسماعيل بن بدر الدين لؤلؤ في الدفاع عن مدينته، وكان قائد المغول يسمى أسنداغو، ولما طال حصار الموصل وتعذرت الأقوات طلب الملك الصالح الأمان له ولأهل البلد، وترددت الرسل بينهما، فأجاب الى ذلك، ودخل العسكر الى البلد وقبضوا على الملك الصالح، وقتلوا ولده علاء الدين، وعلقوا رأسه على باب الجسر، ومن جملة من قتل في هذه الحادثة محيي الدين بن زيلاق (2).
واذا كانت المصادر قد غبنت ابن زيلاق في تفصيل حياته وسيرته فانها لم تغبنه في أدبه، خاصة كتاب ذيل مرآة الزمان لليونيني، وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبي، إذ أوردا له أكثر من مئتي بيت من الشعر الى جانب المقطوعات النثرية.
أكثر ابن زيلاق من ذكر مدينة الموصل في شعره، وتغنى بها، واثنى عليها، حيث نراه يقول: (3)
ومحاسن الحدباء مشرقة على كل البلاد، لها الفخار الأفضل
يا ساحة الحدباء تربك إثمد للناظرين، فما الدخول فحومل؟
هبني أحاول غيرها، أو أبتغي عوضاً عن الأوطان أو أتبدل
فعن الذين عهدتهم بفنائها أهلي وجيراني بمن استبدل
وكان كثير التردد على ديار الشام، لا سيما دمشق، وبيت في الجامع الأموي، وله في وصف هذه المدينة، وبيان جمالها ومحاسنها وأطايب أجوائها قصيدة لطيفة، نذكر منها هذه الأبيات: (4)
أنى التفت فجدول متسلسل أو جنة مرضية أو جوسق
يبدو لطرفك حيث مال حديقة غناء نور النور منها يشرق
يشدو الحمام بدوحها فكأنما في كل عود منه عود مورق
وإذا رأيت الغصن ترقصه الصبا طرباً رأيت الماء وهو يصفق
لقد حظيت مدينة دمشق – فيما أرى – أكثر من غيرها من الحواضر الإسلامية بقصائد شعرية، في وصف مباهجها ومفاتنها وخيراتها، (5) ولم يكن غريباً أن يشارك ابن زيلاق الموصلي قائليها في هذا الوصف فهو يراها جنة وارفة الظلال، تنساب خلالها الجداول، وتعبق في ربوعها فوائح الأزهار وتشدو على أفنان أشجارها الأطيار. وقد أبدع في تصوير منظر الغصن الراقص بدغدغة ريح الصبا وتصفيق الماء المنساب بخريره الساحر.
ولابن زيلاق الموصلي شعر في الغزل جارى فيه شعراء عصره في خطاب المذكر، وقد بدا عليه البرود ومسحة الصنعة مثل، قوله: (6)
يا قمراً أصبحت محاسنه تنهب ألبابنا وتسترق
تجمعت فيلك للورى فتن على تلاف النفوس تنفس
طرف كحيل، ووجنة كسيت حمرة دمعي، ومبسم يقق
جالت على عطفه ذوائبة كالغصن زانت فروعه الورق
رأوك لي جنة معجلة ما وجدوا مثلها ولا رزقوا
هم حسدوني عليك فاختلفوا بكل زور عليك واختلقوا
سمعوا بتفريقنا فلا اجتمعوا على وصال يوماً ولا أتفقوا
فأين كانوا وأدمعي بدد تركض في وجنتي وتستبق
ومقلتي حشوها السهاد واحـ ـناء ضلوعي تعتادها الحرق
ان أغلب شعره الذي وصل الينا في الغزل عفيف وبعيد عن الفحش والبذاءة والرذيلة؛ فهذه القصيدة التي ذكرنا طرفاً منها تتجلى فيها الوحدة الموضوعية. وحسن انسجام الكلمات من خلال الموسيقى المحببة المتلائمة مع تفعيلات البحر المنسرح.
وقد أدلى ابن زيلاق بدلوه مع الشعراء الذين نظموا الموشحات التي راج سوقها بعد القرن السادس للهجرة، وشاع نظمها في المشرق بعد شيوعها في المغرب، ولكنه – في رأينا – لم يوفق في هذا اللون من النظم كما وفق في نظم الشعر العمودي، اليك جزءاً من موشحة له (7):
حث شمس الكؤوس يا بدر فالندامى نجوم
واسقنيها كأنها تبر من بنات الكروم
ضحكت في ثغورها الزهر ببكاء الغيوم
وتغنت بأطيب اللحن صادحات الشجر
ناطقات بألسن عجم طاب شرب السحر
حثها بيننا رشاً وسنان نلتب منه الأمان
ناعس الطرف بابلي الأجفان باسم عن جمان
قد سكرنا من لحظة الفتان قبل خمر الدنان
رب خمر شربت من جفن واجتنيت الزهر
من خدود تحمى عن اللثم بسيوف الحور
ولابن زيلاق أبيات في الحكمة تتراءى منها السطحية كقوله (8):
فالدهر لا يبقى على حالاته فيجوز أحياناً وطوراً يعدل
صبراً نكل ملمة من بعدها فرج، وكل عسير أمر يسهل
أما نثره فهو يجري على طريقة القاضي الفاضل التي تعتمد على البديع ولا سيما الجناس، كما تعتمد على التنظير، من ذلك قوله في رسالته (9): (فقدمناها، والفصل ربيع، ومنظر الروض بديع، والربى مخضرة أكنافها، ماعسة أعطافها. تبكي بها عيون السحاب فتتبسم، وتخلع عليها ملابس الشباب فتتقمص وتتعمم، فما أتينا على مكان إلا وجدنا غيره أحق بالثناء وأجدر، ولا أفل بدر من الزهر إلا بزغت شمس فقلنا هذا أكبر حتى اذا بلغت النفس أمنيتها، وأقبلنا على دمشق فقبلنا ثنيتها، رأينا منظراً يقصر عنه المتوهم، ويملأ عين الناظر ظلل ظليل، ونسيم عليل ومغنى بنهاية الحسن كفيل).
هذا ابن زيلاق الموصلي، شاعر لامع، وناثر بارع، ولكن حظه راجح، وهو القائل (10):
واذا الفتى قلت عناية حظه كانت محبته ذنوباً أجمع
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجمته في ذيل مرآة الزمان 1: 513 – 524 التذكرة الفخرية ص112، فوات الوفيات 4: 384، عيون التواريخ 20: 279، البداية والنهاية 13: 384، الحوادث الجامعة ص348، عبر الذهبي 5: 262، شذرات الذهب 5: 304، عقود الجمان للزركشي (مخطوطة الفاتح 4434) ص259.
(2) تاريخ مختصر الدول لابن اليعمري ص 140.
(3) فوات الوفيات 4: 394.
(4) نفسه 4: 384.
(5) ينظر كتاب (نزهة الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء عبدالله بن محمد الدمشقي.
(6) فوات الوفيات 4: 388.
(7) فوات الوفيات 4: 392.
(8) فوات الوفيات 4: 395.
(9) فوات الوفيات 4: 386.
(10) ذيل مرآة الزمان 1: 517
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|