ترجمة ابن الجنان
وهذا ابن الجنان (1) له الباع المديد في النظم والنثر، ومن شعره رحمه الله تعالى في مرضه الذي توفي فيه، وهو آخر كلامه:
جهل الطبيب شكايتي، وشكايتي ... أن الطبيب هو الذي هو ممرضي
فإن ارتضى برئي تدارك فضله ... وإن ارتضى سقمي رضيت بما رضي
ما لي اعتراض في الذي يقضي به ... لكن لرحمته جعلت تعرضي ومن نظمه رحمه الله تعالى ملغزا في بطيخة:
وحبلى بأبناء لها قد تمخضوا ... بأحشائها من بعد ما ولدوها
كسوها غداة الطلق بردا معصفرا ... على يقق أزرارها عقدوها
ولما رأوها قد تكامل حسنها ... وأبدر منها طالع حسدوها
فقدوا قميص البدر بالبرق واجتلوا ... أهلتها من بعد ما فقدوها
ولو أنصفوا ما أنصفوا بدر تمها ... ولا أعدموا الحسناء إذ وجدوها وقال أيضا ملغزا في الميل، وهو المرود:
مسترخص السوم غال ... عال له أي حظوه
ما جاوز الشبر قدرا ... لكنه ألف خطوه
وهذا استخدام ما به باس، لأنه اكتسى من الحسن خير لباس، وكم لهذا الكاتب من محاسن، ماؤها غير آسن.
وقد عرف لسان الدين في الإحاطة بابن الجنان، وأطال في ترجمته، ونشير إلى بعض ذلك باختصار.
وهو محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري من أهل مرسية، أبو عبد الله ابن الجنان.
كان محدثا راوية ضابطا، كاتبا بليغا شاعرا بارعا، رائق الخط، دينا فاضلا، خيرا ذكيا، استكتبه بعض أمراء الأندلس فكان يتبرم من ذلك ويقلق (2) منه، ثم خلصه الله تعالى منه، وكان من أعاجيب الزمان في إفراط القماءة، حتى يظن رائيه الذي استدبره أنه طفل ابن ثمانية أعوام أو نحوها، متناسب الخلقة، لطيف الشمائل وقورا، خرج من بلده حين تمكن العدو من قبضته سنة 640، فاستقر بأربولة إلى أن دعاه إلى سبتة الرئيس أبو علي ابن خلاص (3) ، فوفد عليه، فأجل وفادته، وأجزل إفادته، وحظي عنده حظوة تامة، ثم توجه إلى إفريقية، فاستقر ببجاية، وكانت بينه وبين كتاب عصره مكاتبات ظهرت فيها براعته، وروى ببلده وغيره عن أبي بكر ابن خطاب وأبي الحسن سهل بن مالك وابن قطرال وأبي الربيع ابن سالم وأبي عيسى ابن أبي السداد وأبي علي الشلوبين وغيرهم، وكان له في الزهد ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بدائع، ونظم في المواعظ للمذكرين كثيرا؛ انتهى مختصرا، وإلا فترجمته في الإحاطة متسعة، رحمه الله تعالى.
ولما كتب له أبو المطرف ابن عميرة برسالته الشهيرة التي أولها تحييك الأقلام تحية كسرى، وتقف دون مداك حسرى وهي طويلة، أجابه بما نصه: ما هذه التحية الكسروية وما هذا الرأي وهذه الروية أتنكيت من الأقلام أو تبكيت من الأعلام أو كلا الأمرين توجه القصد إليه، وهو الحق مصدقا لما بين يديه وإلا فعهدي بالقلم يتسامى عن عكسه (4) ، ويترامى للغاية البعيدة بنفسه، فمتى لانت أنابيبه للعاجم، ودانت أعاريبه للأعاجم واعجبا لقد استنوق الجمل، واختلف القول والعمل، لأمر ما جدع أنفه قصير (5) ، وارتد على عقبه الأعمى أبو بصير، أمس أستسقي من سحابه فلا يسقيني، وأستشفي بأسمائه فلا يشفيني، واليوم يحلني محل أنوشروان، ويشكو مني شكوى الزيدية من بني مروان (6) ، ويزعم أني أبطلت سحره ببئر ذروان (7) ، ويخفي في نفسه ما الله مبديه (8) ، ويستجدي بالأثر (9) ما عند مستجديه، فمن أين جاءت هذه الطريقة المتبعة، والشريعة المبتدعة أيظن أن معماه لا ينفك، وأنه لا ينجلي هذا الشك هل ذلك منه إلا إمحاض التيه، وإحماض تفتيه، ونشوة من خمر الهزل، ونخوة من ذي ولاية آمن من العزل تالله لولا محله من القسم، وفضله في تعليم النسم، لأسمعته ما ينقطع به صلفه، وأودعته ما ينصدع به صدفه، وأشرت بطرف المشرفي وحده، وأشرت إلى تعاليه عن اللعب بجده، ولكن هو القلم الأول، فقوله على أحسن الوجوه يتأول، ومعدود في تهذيبه، كل ما لسانه يهذي به، وما أنساني إلا الشيطان أياديه أن أذكرها (10) ، وإنما أقول:
ليت التحية كانت لي فأشكرها (11) ... ولا عتب إلا على الحاء، المبرحة بالبرحاء، فهي التي أقامت قيامتي في الأندية، وقامت علي قيام المتعدية، يتظلم وهو عين الظالم، ويلين القول وتحته سم الأراقم، ولعمر اليراعة وما رضعت، والبراعة وما صنعت، ما خامرني هواها (12) ، ولا كلفت بها دون سواها، ولقد عرضت نفسها علي مرارا، فأعرضت عنها اوزرارا، ودفعتها عني بكل وجه، تارة بلطف وأخرى بنجه (13) ، وخفت منها السآمة، وقلت: انكحي أسامة، فرضيت مني بأبي جهم (14) وسوء ملكته، وابن أبي سفيان وصعلكته (15) ، وكانت أسرع من أم خارجة للخطبة، وأسمع من سجاح (16) في استنجاح تلك الخطبة.
ولقد كنت أخاف من انتقال الطباع في عشرتها، واستثقال الاجتماع من عترتها، وأرى من الغبن والسفاه، أخذها وترك بنات الأفواه والشفاه (17) ، إذ هي أيسر مؤونة، وأكثر معونة، فغلطني فيها أن كانت بمنزل تتوارى صونا عن الشمس، ومن نسوة خفرات لا ينطقن إلا بالهمس، ووجدتها أطوع من البنان للكف، والعنان للكف (18) ، والمعنى للاسم، والمغنى للرسم، والظل للشخص، والمستدل للنص، فما عرفت منها إلا خيرا أرضاه، وحسبتها من الحافظات للغيب بما حفظ هـ، فعجبت لها الآن كيف زلت نعلها، ونشزت فنسرت ما استكتمها بعلها، واضطربت في رأيها اضطراب المختار بين أبي عبيد (19) ، وضربت في الأرض تسعى علي بكل مكر وكيد، وزعمت أن الجيم خدعها، وألان أخدعها، وأخبرها أن سيبلغ بخبرها الخابور (20) ، وأحضرها لصاحبها كما أحضر بين يدي قيصر سابور (21) .
فقد جاءت إفكا وزورا، وكثرت من أمرها منزورا، وكانت كالقوس أرنت وقد أصمت القنيص، والمراودة قالت " ما جزاء " وهي التي قدت القميص (22) ، وربما يظن بها الصدق وظن الغيب ترجيم، ويقال: لقد خفضت الحاء بالجوار لهذا الجيم، وتنتصر لها التي خيمت بين النرجسة والريحانة، وختمت السورة باسم جعلت ثانيه أكرم نبي على الله سبحانه، فإن امتعضت لهذه التكلمة، تلك التي سبقت بكلمتها بشارة الكلمة، فأنا ألوذ بعدلها، وأعوذ بفضلها، وأسألها أن تقضي قضاء مثلها، وتعمل بمقتضى " فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " النساء: 35.
على أن هذه التي قد أبدت مينها، ونسيت الفضل بيني وبينها، إن قال الحكمان: منها كان النشوز، عادت حرورية (23) العجوز، وقالت التحكيم في دين الله تعالى لا يجوز، فعند ذلك يحصحص الحق، ويعلم من الأولى بالحكم والأحق، ويصيبها ما أصاب أروى، من دعوة سعدية حين الدعوى، ويا ويحها أرادت أن تجني علي فجنت لي، وأناخت لي مركب السعادة وما ابتغت إلا ختلي، فأتى شرها بالخير، وجاء النفع من طريق ذلك الضير، أتراها علمت
بما يثيره اعوجاجها، وينجلي عنه عجاجها، فقد أفادت عظيم الفوائد، ونظيم الفرائد، ونفس الفخر، ونفيس الدر، وهي لا تشكر أن كانت من الأسباب، ولا تذكر إلا يوم الملاحاة والسباب.
وإنما يستوجب الشكر جسيما، والثناء الذي يتضوع نسيما، الذي شرف إذ أهدى أشرف السحاءات، وعرف بما كان من انتحاء تلك الحاء المذمومة في الحاءات، فإنه وإن ألم بالفكاهة، بما أمل من البداهة، وسمى باسم السابق السكيت، وكان من أمر مداعبته كيت وكيت، وتلاعب في الصفات تلاعب الصفاح والصبا بالبانة، والصبا بالعاشق ذي اللبانة، فقد أغرب بفنونه، وأغرى القلوب بفتونه، ونفث بخفية الأطراف، وعبث من الكلام المشقق بالأطراف، وعلم كيف يمحض البيان، ويخلص العقيان، فمن الحق شكره على أياديه البيض، وإن أخذ لفظة من معناه في طرف النقيض.
" تالله أيها الإمام الأكبر، والغمام المستمطر، والحبر الذي يشفى سائله، والبحر الذي لا يرى ساحله، ما أنا المراد بهذا المسلك، ومن أين حصل ذلك النور لهذا الحلك، وصح أن يقاس بين الحداد والملك إنه لتواضع الأعزة، وما يكون عند الكرام من الهزة، وتحريض الشيخ للتلميذ، وترخيص في إجازة الوضوء بالنبيذ، لو حضر الذي قضي له بجانب الغربي أمر البلاغة، وارتضى ما له في هذه الصناعة، من حسن السبك لحليها والصياغة، وأطاعته فيما أطلعته طاعة القوافي الحسان، واتبعته فيما جمعته لكن بغير إحسان، لأذعن كما أذعنت، وظعن عن محل الإجادة كما ظعنت، وأنى يضاهى لفرات بالنغبة، ويباهى بالفلوس من أوتي من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة، وأي حظ للكلالة بالنشب، وقد اتصل للورثة عمود النسب، هيهات والله المطلب، وشتان الدر والمخشلب، وقد سيم الغلب، ورجع إلى قياده السلب.
" وإن كنا ممن تقدم لشدة الظمأ إلى المنهل، كمن أقدم إلى عين تبوك بعد النهي للعلل والنهل، فقد ظهرت بعد ذلك المعجزة عيانا، وملأ ما هنالك جنانا وما تعرضنا بإساءة الأدب واللوم، ولكن علمنا أن آخر الشرب ساقي القوم، وإن أسهبنا فما نلنا رتبة ذلك الإيجاز، وإن أعرقنا فهوانا في الحجاز، فلكم قصيرات الحجال، ولنا قصيرات الخطا في هذا المجال، وإكثارنا في قلة، وجارنا من الفقر في فقر وذلة، ومن لنا بواحدة يشرق ضياؤها، ويخفي النجوم خجلها منها وحياؤها إن لم تطل فلأنها للفروع كالأصل، وفي الجموع كليلة الوصل، فلو سطع نورها الزاهر، ونورها الذي تطيب منه الأنوار الأزاهر، لسجدت النيران ليوسف ذلك الجمال، ووجدت نفحات رياها في أعطاف الجنوب والشمال، وأسرعت نحوها النفوس إسراع الحجيج يوم النفر. وسار خبرها وسرى فصار حديث المقيمين والسفر، وما ضر تلك الساخرة في تجليها، الساحرة بتجنيها، أن كانت بمنزلة ربيبتها بل ربيئتها، هذه التي سبقتني لما سقتني بسيئتها (24) ، ووجدت ريحها لما فصلت من مصر عيرها، وحين وصلت لم يدلني على ساريها إلا عبيرها، وكم رامت أن تستتر عني بليل حبرها في هذه المغاني (25) ، فأغراني بهاؤها (26) وكل مغرم مغرى ببياض صبح الألفاظ والمعاني، وهل كان ينفعها، تلفحها بمرطها وتلفعها إذ نادتها المودة، قد عرفناك يا سودة، فأقبلت على شم نشرها وعرفها، ولثم سطرها وحرفها، وقريتها الثناء الحافل، وقرأتها فزينت بها المحافل، ورمت أمر الجواب، فعزني في الخطاب، لكن رسمت هذه الرقعة التي هي لديكم بعجزي واشية، وإليكم مني على استحياء ماشية، وإن رق وجهها فما رقت لها حاشية، فمنوا بقبولها على عللها، وانقعوا بماء سماحتكم حر غللها، فإنها وافدة من استقر قلبه عندكم وثوى، وأقر بأنه يلقط في هذه الصناعة ما يلقى للمساكين من النوى، بقيتم سيدي للفضل والإغضاء، ودمتم غرة في جبين السمحة البيضاء، واقتضيتم السعادة المتصلة مدة الاقتضاء، بيمن الله سبحانه انتهى.
ومن نثر ابن الجنان رحمه الله تعالى في شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم: لمحمد خير الأنام، ولبنة التمام، عليه أفضل الصلاة والسلام، خيرة المفاخر، يتضاءل لعظمتها المفاخر، والمعالي، يتصاغر لعزتها المعالي، والمكارم، يعجز عن مساجلتها المكارم، والمناقب، لا تضاهي سناها النجوم الثواقب، والمحامد، لا يبلغ مداها الحامد، والمماجد، لا يتعاطى رتبهن المماجد، والمناسب، سمت بجلالهن المناصب، والعناصر، طيبها الشرف المتناصر، والفضائل، تفجرت في أرجائهن الفواضل، والشمائل، تأرجت بعرفهن الجنائب والشمائل، فلا مجاري لسيد البشر، الآتي بالنذارات والبشر، فيما حباه الله تعالى به وخصه، وقصه علينا من خلقه العظيم ونصه، عند رسم مدائحه يوجد المعول، وفي الثناء عليه يستقصر الكلام المطول، هو الآخر في ديوان الرسالة والأول، وله في الفضيلة، وقبول الوسيلة، النص الذي لا يؤول، نوره صدع الظلم، وظهوره رفع لدين الله تعالى العلم، بدأه الوحي وهو بحراء، وأسر إليه سر تقدم الإسراء، حتى إذا نصب له المعراج، وتوقد في منارة السماء ذاك السراج، ناجى الحبيب حبيبه، وجلا عن وجه الجلاء جلابيبه، فتلقى ما تلقى، لما علا وترقى، ثم صدر عن حضرة القدس، وجبين هدايته يبهر سنا الشمس، فشق لمعجزاته القمر، ونهى بأمر ربه وأمر، وأزال الجهالة، وأزاح الضلالة، وكسر منصوب الأوثان، ونصر من قال واحد أ؛ د على من قال ثالث ثلاثة أوثان، وبنى الملة على قواعدها الخمس، وأحيا دين إبراهيم وكان رفاتا بالرمس، فرفلت الحنيفية البيضاء في بردة الجدة، وبيضت بيضاء غرتها أوجه الأيام المسودة، وانتشرت الرحمة بنبيها، ومطرت المرحمة من سحب حيها، وافتنت الآيات الباقيات البينات في مساقها واتساقها، وإشراقها في آفاقها وائتلاقها.
وشهد الحجر والشجر، والماء من بين البنان يتفجر، والظبية والضب، والجذع المشاق الصب، والشاة والبعير، والليث إذ هدأ أو سمع من الزئير والحي والجماد، والقصعة والزاد، بأن محمدا رسول الملك الحق، والمبلغ عنه بواسطة الملك إلى الخلق، وصاحب اللواء المعقود، والمقام المحمود، والحوض المورود، والقول المسموع، والذكر المرفوع، والصدر المشروح، والفخر الباهر الوضوح، والأنوار المتناقلة، والآثار المتداولة، والنبوة التي عهدها تقادم، من قبل خلق آدم، والمزية المعروف قدرها الجليل، المقبول فيها ما دعا به الخليل، والرتبة التي استشرف إليها الكليم، حتى قال له " وكن من الشاكرين " الأعراف: 144 ربه الكريم، والبشارة التي كان بها يصيح حين يسيح، روح الله تعالى وكلمته عيسى المسيح، والشفاعة التي يرجوها الرسل والأمم، ويقرع بها الباب المرتج المبهم، فما لنبينا المختار، من علو المقدار، واصطفاء الجبار، والاختصاص بالأثرة، والاستخلاص للحضرة، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
" وحسب هذا الوجود من الفضل الرباني والجود الذي لم يزل عظيما، أن بعث الله تعالى فيه رسولا رؤوفا بالمؤمنين رحيما، عزيزا على ربه الكريم كريما، بسره سجدت الملائكة لآدم تعظيما، وبذكره بنظم سلك المادح لحضرته العلية تنظيما، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما صلاة تتصل ما دار كأس محبته على أحبته فكان مزاجه تسنيما، وسلاما ينزل دار دارين فيرسل ببضائعها إلى روضة الرضى نسيما ".
ومن خطبه المرتجلة قوله سامحه الله تعالى:
" الحمد لله الذي حمده من نعمائه، وشكره على آلائه من آلائه، أحمده حمد عارف بحق سنائه، واقف عند غاية العجز عن إحصاء ثنائه، عاكف على رسم الإقرار بالافتقار إليه والاستغناء به في كل آنائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتوحد بعظمته وكبريائه، المتقدس عما يقوله الملحدون في أسمائه. وأصلي على سيد ولد آدم ونخبة أنبيائه، محمد المفضل على العالمين باجتبائه واصطفائه، المنتقى من صميم الصميم وصريح الصريح بجملة (27) آبائه، المرتضى الأمانة والمكانة بإبلاغ أمر الله وأدائه، أرسله الله للناس كافة عموما لا يتخصص باستثنائه، وفضله بالآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة على أمثاله من المرسلين ونظرائه، ورقاه إلى الدرجات العلا وأنهاه إلى سدرة المنتهى ليلة إسرائه، وحباه بالخصائص التي لا يضاهى بها بهاء كمله وكمال بهائه، ورداه رداء العصمة فكانت عناية الله تكنفه عن يمينه وشماله وأمامه وورائه (28) ، ووفاه من حظوظ البأس والندى ما شهد بمزيته على الليث والغيث في إبائه وانهمائه، صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الهدى ونجوم سمائه، صلاة تتصل ما سمح البدر بائتلاق أنواره والقطر باندفاق أنوائه، وسلم تسليما ".
ومن نثره رحمه الله تعالى رسالة كتب بها من الأندلس إلى سيد الكونين صلى الله عليه وسلم، وهي:
السلام العميم الكريم، والرحمة التي لا تبرح ولا تريم، والبركة التي أولها الصلاة وآخرها التسليم، على حضرة الرسالة العامة الدعوة والنبوة، المؤيدة بالعصمة والأيد والقوة، ومثابة البر والتقوى فهي لقلوب الطيبين صفا ومروة، مقام سيد العالمين طرا، وهاديهم عبدا وحرا، ومنقذهم من أشراك الهلاك وقد طالما ألفوا العيش ضنكا والدهر مرا، ومقر الأنوار المحمدية، والبركات السرمدية، أمتع الله تعالى الإسلام والمسلمين بحراسة أضوائها، وكلاءة ظلالها العلية وأفيائها، وأقر عين عبدها بلثم ثراها، والانخراط في سلك من يراها.
" السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا أبا القاسم، سلام من يمد إليك يد الغريق، ويرجو الإنقاذ ببركتك من نكد المضيق، ويتقطع أسفا ويتنفس صعدا كلما ازدلف إليك فريق، وعمرت نحوك طريق، ولا يفتر صلاة عليك له لسان ولا يجف ريق.
كتبته يا رسول الله وقد رحل المجدون وأقمت، واستقام المستعدون وما استقمت، وبيني وبين لثم ثراك النبوي، ولمح سناك المحمدي، مفاوز لا يفوز بقطعها إلا من طهر دنس ثوبه، بماء توبه، وستر وصم عيبه، بظهر غيبه، فكلما رمت المتاب رددت، وكلما يممت الباب صددت، وقد أمرنا الله تعالى بالمجيء إليك، والوفادة عليك، ومن لي بذلك يا رسول الله والآثام تنئي وتبعد، والأيام لا تدني ولا تسعد، وبين جنبي أشواق لا يزال يهزني منها المقيم المقعد، ولئن كنت ممن خلفته عيوبه، وأوبقته ذنوبه، ولم يرض للوفادة وهو مدنس، على ذلك المقام وهو المطهر المقدس، فعندي من صدق محبتك، وحب صحبتك، والاعتلاق بذمتك، ما يقدمني وإن كنت مبطئا، ويقربني وإن كنت مخطئا.
" فاشفع لي يا رسول الله في زيارتك فهي أفضل المنى، وتوسل لي إلى مولى بين فضيلتك، وتقبل وسيلتك، في النقلة من هناك إلى هنا، واقبلني وإن كنت زائفا، وأقبل علي وإن أصبحت إلى الإثم متجانفا، فأنت عماد أمتك جميعا وأشتاتا، وشفيعهم أحياء وأمواتا. ومن نأت به الدار، وقعدت بعزمه الأقدار، ثم زار خطه ولفظه، فقد عظم نصيبه من الخير وحظه، وإن لم أكن سابقا فعسى أن أكون مصليا، وإن لم أعد مقبلا فلعلي أعد موليا، ووحقك وهو الحق الأكيد، والقسم الذي يبلغ به المقسم ما يريد، ما وخدت إليك ركاب، إلا وللقلب إثرها التهاب، وللدمع بعدها سح وانسكاب، ويا ليتني ممن يزورك معها ولو على الوجنتين، ويحييك بين ركبها ولو على المقلتين، وما الغنى دونك إلا بؤس وإقلال، ولا الدنيا وإن طالت إلا سجون وأغلال، والله تعالى يمن على كتابي بالوصول والقبول، وعلي بلحاقي ببركتك ولو بعد طول.
ثم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته عليك يا سيد الخلق، وأقربهم من الحق، ولمولاه بإحراز قصب السبق، ومن طهر الله تعالى مثواه وقدسه، وبناه على التقوى والرضوان وأسسه، وآتاه من كل فضل نبوي أعلاه وأسناه وأنفسه، وعلى ضجيعيك السابقين لمهاجريك وأنصارك، الفائزين بصحبتك العلية وجوارك، وعلى أهل بيتك المطهرين أوائل وأواخر، الشهيرين مناقب ومفاخر، وصحابتك الذين عزروك ووقروك، وآووك ونصروك، وقدموك على الأنفس والأموال والأهل وآثروك، وأقرئك سلاما تنال بركته من مضى من أمتك وغبر، ويخص بفضل الله تعالى وجاهك من كتب وسطر، إن شاء الله تعالى.
كتبه عبدك المستمسك بعروتك الوثقى، اللائذ بحرمك الأمنع الأوقى، المتأخر جسما المتقدم نطقا، فلان، والسلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ورحمة الله تعالى وبركاته ".
وله من خطبة طويلة: ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الصوفة المجتبى، الكريم أما طاهرة وأبا، المختار من الطيبين مباركا طيبا، المصطفى نبيا إذ كان آدم بين الماء والطين متقلبا، المتقدم بمقام تأخر عنه مقام الملائكة المقربين، انتخبه الله وانتجبه، وأظهره على غيب عن غيره حجبه، وشرفه في الملإ الأعلى وأعلى رتبه، وخط اسمه على العرش سطرا وكتبه، فهو وسيلة النبيين، والمرشح أولا لإمامة المرسلين، بعثه ربه لختم الرسالة، ونعته بنعت الشرف والجلالة، وأيده بالحجة البالغة والدلالة، وجعله نورا صادعا لظلام الضلالة، وأثنى في ذكره الحكيم، على خلقه العظيم، فما عسى أن يبلغ بعد ثناء المثنين، بفضله التصريح وإليه الإشارة، وبه سبقت من إبراهيم الدعوة ومن عيسى البشارة، وعليه راقت من صفة الرؤوف الرحيم الحلية والشارة، وهو المخير بين الملك والعبودية فاختار العبودية بعد الاستخارة والاستشارة، فبتواضعه حل بمكان عند ذي العرش مكين أسرى به ربه إليه، ووفد أكرم وفادة عليه، وأدناه قاب قوسين لديه، ووضع إمامة الرسالة العظمى في يديه، وقال له " اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " الحجر: 94 فصدع بأمر الله
صدعا، وأوتي من المثاني سبعا، ومن الآيات البينات آلافا وإن كان أوتي موسى تسعا.
فما مشي الشجر إليه يجر عروقه إلا كرجوع العصا حية تسعى، وما تفجر الحجر بالماء بأعجب من بنانه نبعت بالعذب الفرات نبعا، فارتوى منه خمسمائة وقد كان يكفي آلافا فكيف المئين، وكم له عليه الصلاة والسلام من معجزة تبهر، وآية هي من أختها أكبر، رجعت له الشمس وانشق القمر، وكلمه الضب وأخبر به الذئب وسلم عليه الشجر والحجر، وكان للجذع عند فراقه إعلانا بوجده واشتياقه أنة وحنين، أعطي من المعجزات ما مثله آمن عليه البشر، وكانت له في الغار آيات بينات خفي بها على القوم الأثر، وارتج لمولده إيوان كسرى وخمدت نار فارس وكان ضرمها يتسعر، وأتته أخبار السماء فما عمي في الأرض الخبر، فحدث عن الغيوب وما هو على الغيب بضنين، وجعل له القرآن معجزة تتلى، يبلى الزمان وهي لا تبلى، وتعلو كلماتها على الكلم ولا تعلى، وتجلى آياتها في عين آيات الشمس حين تهجلى، فيتوارى منها بالحجاب حاجب وجبين، بهر إعجاز التنزيل العلي، وظهر به صدق النبي العربي، فكم نادى لسان عزه في الندي، بأهل البديهة من الفصحاء والروي: قل فأتوا بسورة من مثله فلم يكونوا لها مستطيعين.
لقد خص نبينا عليه السلام بالآيات الكبر، والدلالات الواضحة الغرر، والمقامات السامية المظهر، والكرامات المخلدة للمفخر، فهو سيد الملإ النبوي والمعشر، وحامل لواء الحمد في المحشر، وصاحب المقام المحمود والكوثر، والشفيع المشفع يوم يقوم الناس لرب العالمين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وذريته المباركين، وصحابته الأكرمين، وأزواجه أمهات المؤمنين، صلاة موصولة تتردد إلى يوم الدين، وتصعد إلى السموات العلا فتكون كتابا في عليين، وسلم تسليما.
ومن نثره في خطبة قوله: أيها الناس، رحمكم الله تعالى، أصيخوا
أسماعكم لمواعظ الأيام، واعتبروا بأحاديثها اعتبار أولي النهى والأحلام، وأحضروا لفهم موادها أوعى القلوب وأصح الأفهام، وانظروا آثارها بأعين المستيقظين ولا تنظروا بأعين النوام، ولا تخدعنكم هذه الدنيا الدنية بتهاويل الأباطيل وأضغاث الأحلام، ولا تنسينكم خدعها المموهة وخيالاتها الممثلة ما خلا من مقالاتها في الأنام، فهي دار انتياب النوائب، ومصاب المصائب، وحدوث الحوادث وإلمام الآلام؛ دار صفوها أكدار، وسلمها حرب تدار، وأمنها خوف وحذار، ونظمها تفرق وانتشار، واتصالها انقطاع وانصرام، ووجودها فناء وانعدام، وبناؤها تضعضع وانهدام، ينادي كل يوم بناديها منادي الحمام، فلا قرار بهذه الغرارة (29) ولا مقام، ولا بقاء لساكنيها ولا دوام.
فبئست الدار دارا لا تدارى، ولا تقيل لعاثرها عثارا، ولا تقبل لمعتذر اعتذارا، ولا تقي من جورها حليفا ولا جارا، وليس لها من عهد ولا ذمام، كم فتكت بقوم غافلين عنها نيام، كم نازلت بنوازلها من قباب وخيام، كم بدلت من سلامة بداء ومن صحة بسقام، كم رمت أغراض القلوب بمصميات (30) السهام، كم جردت في البرايا للمنايا من حسام، كم بددت بأكف النائبات الناهبات من عطايا جسام، كم أبادت طوارق حوادثها من شيخ وكهل وغلام. لا تبقي على أحد، ولا ترثي لوالد ولا ولد، ولا تخلد سرورا في خلد، ولا يمتد فيها لآمل أمد، بينا يقال قد وجد، إذ قيل قد فقد. بعدا لها قد طبعت على نكد وكمد، فالفرح فيها ترح، والحبرة عبرة، والضحك والابتسام، بكاء وأدمع سجام. تفرق الأحبة بعد اجتماعهم، وتسكن الوحشة مؤنس رباعهم، وتبيح بالحمام حمى الأعزة فلا سبيل إلى امتناعهم، وتستحث ركائب الخلائق على اختلاف أنواعهم، إلى مصيرهم إلى الله عز وجل وارتجاعهم، فيسيرون طوع الزمام، ويلقون مقادة التذلل والاستسلام، حتى يلجأوا بالرغام، وينزلوا بطون الرجام، ويحلوا الوهد بعد المقام السام، فلا نناج من خطبها العظيم ولا سليم، يتساوى في حكم المنية الأغر والبهيم، والأعز والمضيم.
ولو أنه ينجو من ذلك مجد صميم، وجد كريم، وحظ عظيم، ومضاء وعزيم، ومزية وتقديم، وحديث في الفضل وقديم، وشرف لسمك السموات مسام، وعلى على ساق العرش المجيد ذو ارتسام، لنجا حبيب الملك العلام، وسيد السادات الأعلام، وصفوة الصفوة الكرام، وخاتم الأنبياء ولبنة التمام، وصباح الهدى ومصباح الظلام، والأبيض المستسقى به غيث الغمام، ثمال الأرامل وعصمة الأيتام، عليه أفضل الصلاة والسلام، لكن مع قدره الجليل وفضله الجلي، أقدم الموت على جانبه العلي، وتقدم ملك الموت لقبض روحه القدسي وتغيب في الثرى جمال ذلك الوجه البهي، وتغيض ماء السماء والندى، لملك السماحة النبوية والندى، وأصيب المسلمون وأعظم بها مصيبة بنبيهم العربي، الهاشمي القرشي، فيا له وللإسلام، من مصاب أسلمنا للحزن أي إسلام، وأسال مياه الدموع عن احتراق للضلوع واضطرام، وأرانا أن الأسى في رزية لخير البرية واجب وأن التأسي حرام.
وهل يسوغ الصبر الجميل، في فقيد بكنه الملائكة وجبريل، وكثر له في السموات السبع النحيب والعويل انقطع به عن الأرض الوحي الحكيم والتنزيل، وعظمت الرزية به أن يؤدي حقيقتها الوصف (31) والتمثيل، غداة أقفر منه الربع المحيل، وأوحش من أنسه السفح والنخيل، وكان من تلك الروح الطاهرة الوداع والرحيل، وقامت البتول تندب أباها بقلب قريح وجفن دام، وتنادت الأمة مات الرسول ففي كل بيت بكاء وانتحاب ونوح والتزام، وحارت الألباب والعقول فلا صبر هنالك لقد زلت عن الصبر الأقدام. ولما نعيت إليه صلى الله عليه وسلم نفسه، وآن أن تأفل من تلك المطالع شمسه، آذن آمته بالفراق وأعلمهم، وناشدهم في أخذ القصاص وكلمهم، مخافة أن يمضي إلى الملك الحق، وعليه تباعة لأحد من الخلق، وحاشاه عليه الصلاة والسلام، من صفات جائر للأمة ظلام، ولكنه تعريف من نبي الرحمة بما يجب وإعلام، ثم استمر به صلوات الله وسلامه عليه وتمادى، وزاد به السقم المنتاب وتهادى، حتى واراه ملحده، وخلا منه ربعه ومسجده، فعم الحزن والاكتئاب، وتوارى النور فأظلم الجناب، وعاد الأصحاب، وكأنما دموعهم السحاب، فقالت فاطمة وقد رابها من دفن أبيها الكريم ما راب: أطابت نفوسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب فكأن كلامها للقلوب المفجعة كلام، وللعيون المفجرة بالدموع انفساح وانسجام.
وفي مثل هذا الشهر شهر ربيع، المشيد بذكر الأشجان المذيع، كانت وفاة هذا النبي الهادي الشفيع، وانتقاله إلى الملإ الأعلى والرفيق الرفيع، هحين ناداه ربه إلى قربه، فلبى بشوق قلبه تلبية المهطع المطيع، وحن إلى حضرة القدس فانتظم حين حل بها ما كان من شمله الصديع، وانتظر من صنع الرب جميل الصنيع، وإنجاز وعد الشفيع في الجميع، إذ أعطي لواء الحمد وقام محمود المقام، ووقف على الحوض ينادي: هلموا إلي أروكم من العطش والأوام.
اللهم اسقنا من حوضه المورود، وشرفنا بلوائه المعقود، وشفعه فينا في اليوم المشهود، وارحمنا به إذا صرنا تحت أطباق اللحود، اللهم اعجعله لنا تعزية من كل مفقود، وأوجد لنا من بركاته أشرف موجود، وجازه عنا بما أنت أهله من فضل وإحسان وجود، وانفعنا بمحبته ومحبة آله وصحابته الركع السجود، واجعلنا معهم في الجنة دار الخلود ودار السلام. واخصصهم عنا بأكرم تحية وأفضل سلام، وصل عليهم صلاة تستلم أركان رضوانك أي استلام، وتنتظم له كرامات إحسانك أي انتظام.
فصلوات الله عليه، وأطيب تحياته ورحمته تتوالى لديه، وأجزل بركاته ما تجدد في ربيع ذكر وفاته، وتمهد كهف القبول لطالبي فضله وعفاته، وتعزى به كل مصاب في مصيباته، وترجى شفاعته كل محب فيه متبع لهداياته، وتوفرت للمصلين عليه والمسلمين على جنباته، حظوظ من بر الله تعالى وأقسام " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب: 56 اللهم صل عليه من نبي لم يزل بالمؤمنين رؤوفا رحيما، اللهم صل عليه من نبي أوجبت حبه وعظمته تعظيما، اللهم صل عليه من نبي صليت عليه تجلة وتكريما، وأمرتنا بالصلاة عليه إرشادا وتعليما، فلنا بأمرك اقتداء وائتمام، وبحمدك على ما هديتنا افتتاح واختتام، وكلامك يا ربنا أشرف الكلام، ولوجهك وحده البقاء والدوام " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " الرحمن: 27 " هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين، والحمد لله رب العالمين " غافر: 65 انتهى.
وترجمة ابن الجنان واسعة جدا، وكلامه في النبويات نظما ونثرا جليل، رحمه الله تعالى.
وقال لسان الدين في الإحاطة بعد أن عرف به وأورد له الرسالة من صورته: ومحاسنه عديدة، وآماده بعيدة، ثم قال: إنه انتقل إلى بجاية فتوفي بها في عشر الخمسين وستمائة؛ انتهى.
وقال صاحب عنوان الدراية في حق ابن الجنان المذكور ما ملخصه (32): الفقيه الخطيب، الكاتب البارع الأديب، أبو عبد الله ابن الجنان، من أهل الرواية والدراية والحفظ والإتقان، وجودة الخط وحسن الضبط، وهو في الكتابة من نظراء الفاضل أبي المطرف ابن عميرة المخزومي، وكثيرا ما كانا يتراسلان بما يعجز عنه الكثير من الفصحاء، ولا يصل إليه إلا القليل من البلغاء، ونثره ونظمه كله حسن، ونظمه غزير، وأدبه كثير، ومن ذلك قصيدته الدالية التي مطلعها:
يا حادي الركب قف بالله يا حادي ... وارحم صبابة ذي نأي وإبعاد وله أيضا:
ترك النزاهة عندنا ... أدى إلى وصف النزاهه
ما ذاك إلا أنها ... تدعو الوقور إلى الفكاهه
وإذا امرؤ نبذ الوقا ... ر فقد تلبس بالسفاهه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتب حيثما ورد في ق والتجارية " ابن الجيان " - بالياء - وهو خطأ؛ فقد ذكره ابن عبد الملك في مواضع من الذيل والتكملة (4: 108 و 5: 327 ... ) بالنون؛ ونسخة الجزء الخامس من الذيل والتكملة مضبوطة مصححة. وكذلك ثبت اسمه في المصادر التي ترجمت له (انظر الإحاطة 2: 256 - 264 وعنوان الدراية: 213) . وله في الذيل والتكملة (5: 327) رسالة إلى أبي عبد الله ابن عابد، وفي (4: 108) تعزية في أستاذه سهل بن مالك، والجزء الذي ترجم له فيه ابن عبد الملك لا يزال مفقودا، وعنه ينقل لسان الدين.
(2) الإحاطة: ويضيق.
(3) هو الحسن بن خلاص تولى سبتة سنة 637 ثم ثار فيها في زمن السعيد أبي الحسن ابن المعتضد بالله من خلفاء الموحدين سنة 641 وبايع للأمير أبي زكريا الحفصي صاحب تونس. وكانت وفاته سنة 646 (ابن عذاري 3: 359 ط. تطوان) .
(4) أي عن الملق.
(5) هذا مثل يرد في قصة الزباء وجذيمة.
(6) الزيدية: أتباع زيد بن علي، وقد قتله الأمويون في زمن هشام بن عبد الملك.
(7) بئر ذروان: بناحية المدينة، وفي حديث هشام بن عروة أن لبيد بن الأعصم سحر الرسول وخبأ السحر في تلك البئر.
(8) إشارة إلى الآية: " وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس ".
(9) ق: بالأسد؛ التجارية: بالأشر.
(10) من الآية: " وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ".
(11) من شعر كثير عزة؛ وتمامه: مكان يا جمل حييت يا رجل.
(12) الضمير عائد إلى " الحاء " ولعله يعني قصيدة أو رسالة بنيت على تكرير الحاء في كل كلمة.
(13) النجه: الرد القبيح.
(14) في ق والتجارية: أبو جهل، وهو خطأ، انظر التعليق التالي.
(15) يشير لى قصة فاطمة بنت قيس أخت الضحاك حين خطبها معاوية وأبو جهم: أما معاوية فوصف بأنه صعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فإنه لا يضع عصاه عن عاتقه (اي يضرب النساء) ، وتزوجت فاطمة بعد ذلك أسامة بن زيد.
(16) قصة زواج سجاح من مسيلمة مشهورة؛ وقد ضرب بها المثل في الإسماح.
(17) بنات الأفواه والشفاه من الحروف مثل الباء والميم ... الخ.
(18) الكف: الكبح والمنع.
(19) المختار بن أبي عبيد الثقفي الثائر للمطالبة بدم الحسين؛ حوالي 65هـ. لم يكن ثابت الرأي مخلص النية.
(20) أي سيبلغ خبرها إلى مكان ناء، والخابور من روافد الفرات.
(21) يعني سابور ذا الأكتاف ويقال إنه تنكر ودخل بلاد الروم فوقع في يد قيصر.
(22) اشارة إلى قصة امرأة العزيز " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه " وعندما انفضح الأمر قالت " ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ... الآية ".
(23) اي ترفض التحكيم وتقول: لا حكم إلا لله.
(24) السيئة: اللبن قبل نزول الدرة.
(25) ق: أن يستر عني الليل خبرها في هذه المعاني.
(26) ق: بها.
(27) ق: مجد.
(28) ورداء ... ورائه: سقطت من ق.
(29) ق: القرارة.
(30) ق: بمزاياها بمسميات.
(31) الوصف: سقطت من ق.
(32) عنوان الدراية: 213.
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة