المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

المصافحة وكيفيتها
2024-09-01
مفهوم الدعوى الجنائية
18-4-2017
جمع المعلومات في التقارير
20-11-2020
افسح المجال لشريك حياتك أن يفقد تماسكه بين الفينة والأخرى
28-1-2021
الروايات غير الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / المعارف.
2024-10-13
Contrast Variation
28-12-2015


لهيب الحرب يبدأ من شرارة  
  
3102   08:44 صباحاً   التاريخ: 17-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص123-127.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014 3642
التاريخ: 17-5-2017 3017
التاريخ: 15-11-2015 4352
التاريخ: 23-12-2015 3472

قد تجر بعض الحوادث الصغيرة إلى سلسلة من التحولات والاحداث في الاجتماعات الكبرى. يعني أن تتسبب حادثة جزئية في انفجار الحوادث الكبرى، فيصفي كلّ من طرفي النزاع حسابه مع الطرف الآخر، انطلاقا من علل واسباب اخرى، وليست تلك الحادثة الجزئية.

فللمثال نشأت الحرب العالمية الاولى وهي إحدى اكبر الحوادث التاريخية في حياة البشر من حادثة صغيرة تذرعت بها الدول الكبرى، وتلك الحادثة الصغيرة التي اشعلت فتيل الحرب العالمية الاولى هي اغتيال الارشيدوق فرانسيز فريديناند  ولي عهد النمافي سراييفو.

فقد وقعت هذه الحادثة في 28 من شهر يونيو عام 1914 وبعد شهر وعدة أيام بدأت الحرب العالمية الاولى بهجوم الالمان على بلجيكا، وافرزت هذه الحرب المدمرة الشاملة عن مقتل عشرة ملايين وجرح عشرين مليونا من البشر.

ولقد انزعج المسلمون من صلافة يهود بني قينقاع، وردهم الوقح على رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو يخاطبهم بأدب ينصحهم، وكانوا يتوقعون أن يقوم اليهود بعمل عدائي ليثوروا ضدهم، ويؤدبوهم.

وبيناهم على هذه الحال إذ تعرضت امرأة من العرب لاعتداء من اليهود فاشعل هذا الحادث الموقف.

وإليك مفصل تلك الحادثة :

جاءت امرأة من العرب الى سوق بني قينقاع فجلست عند صائغ تبيع حليّا لها أو تشتري، كانت تبالغ في ستر وجهها عن اليهود، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت فعمد رجل من يهود بني قينقاع إليها وجلس من ورائها، وهي لا تشعر فعقد أسفل ثوبها إلى ظهرها، فلما قامت المرأة بدت عورتها، فضحكوا منها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين الى ذلك الرجل اليهودي فقتله، فاجتمعت بنو قينقاع، وشدّوا على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم القتيل المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون غضبا شديدا.

ولقد كان من الطبيعي أن يثب الرجل المسلم على ذلك اليهودي الوقح الشرير الذي فعل بالمرأة العربية ذلك الصنع، فان قضية الأعراض  قضية حياتية وحساسة في أي مجتمع، فهي قضية شرف، وقد كان هذا الأمر يحظى في المجتمع العربيّ خاصة بأهمية كبرى، وخاصة عند البدو الرحل منهم، فكم من دماء جرت لعدوان على عرض ديس أو تعرض للتحرش.

من هنا أزعج وضع تلك المرأة الغريبة وحالها المؤلم واضطرابها الرجل المسلم، وأشعل غيرته فوثب على اليهودي المعتدي وقتله.

وكان من الطبيعي أيضا أن لا يمرّ هذا العمل دون رد من اليهود فيثب اليهود بأجمعهم على ذلك المسلم الغيور ويقتلوه، ويريقوا دمه بأجمعهم.

نحن هنا لا يهمّنا أن نعرف أن قتل ذلك الرجل اليهودي لازدرائه بامرأة كان أمرا صحيحا منطقيا يتفق مع الموازين أم لا ينطبق.

ولكنّه ما من شك في أن وثوب مئات من الرجال واجتماعهم على قتل رجل مسلم واحد، وإراقة دمه، عمل بالغ الشناعة والقبح.

من هنا تسبّب انتشار هذا الخبر ( اي مقتل رجل مسلم واحد على أيدي مجموعة كبيرة من الرجال بصورة مفجعة ) في إثارة المسلمين ونفاذ صبرهم، ودفعهم إلى العزم على حسم الموقف حسما كاملا وبالتالي هدم قلعة الفساد على رءوس أصحابها القتلة.

فاحس بنو قينقاع  بخطر الموقف، وأدركوا انه لم يعد من الصالح أن يبقوا في أسواقهم، ويواصلوا البيع والشراء، وقد تلبّد الجوّ بالغيوم الداكنة على أثر العمل الفضيع والجناية الكبرى التي ارتكبوها.

من هنا تركوا أسواقهم بسرعة، وعادوا إلى قلاعهم المحصّنة، وتحصّنوا فيها، وكان ذلك منهم انسحابا خانعا بعد ذلك التشدّق الصلف!!

ولقد أخطئوا هذه المرة أيضا إذ ظنوا انهم مانعتهم حصونهم، من انتقام الله. ولو أنهم اعتذروا لخطئهم، وأظهروا الندامة لكانوا يجلبون رضا المسلمين، ويحصلون على عفو النبيّ (صلى الله عليه واله) وهم يعرفون خلقه العظيم ؛ وصفحة الكريم.

إلاّ أن تحصّنهم كان آية عنادهم، واعلانهم الحرب، ونصبهم العداء الصريح للاسلام والنبيّ والمسلمين.

فأمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بمحاصرتهم، ومنع من دخول أيّ امداد إليهم، كما منع من اتصالهم بأي أحد خارج حصونهم.

فحصرهم في حصونهم خمس عشرة ليلة أشدّ الحصار، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، وفقدوا القدرة على المقاومة، ورضوا بأن ينزلوا عند حكم النبيّ (صلى الله عليه واله) فيهم!!

وأراد رسول الله (صلى الله عليه واله) أن يؤدب تلك الجماعة التي كانت أول من نقض العهد ونبذ الميثاق تأديبا قاسيا، يكون عقابا لهم وعبرة لغيرهم.

ولكن عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان من منافقي المدينة ويتظاهر بالإسلام، أصرّ على رسول الله (صلى الله عليه واله) بأن يحسن معاملتهم، ولا يأخذهم بما فعلوا لحلف ومودة كانت بينه وبين يهود من السابق، فانصرف النبيّ (صلى الله عليه واله) عن ما كان يريد من تأديبهم الشديد، وعقوبتهم على كره منه  ولكن أمر بأن يجلوا من المدينة، ولا يبقوا فيها شريطة أن يتركوا أسلحتهم، وأموالهم، ودروعهم.

فنزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه واله) وكلّف رسول الله (صلى الله عليه واله) أحد المسلمين بقبض أموالهم وأسلحتهم، وكلّف عبادة بن الصامت  باجلائهم من حصونهم فعجّل عبادة في ترحيلهم وإجلائهم.

فخرجوا من المدينة ولحقوا بمنطقة تدعى أذرعات  وهي بلد في اطراف الشام.

وباجلاء بني قينقاع  عادت الوحدة السياسية الى المجتمع في المدينة.

وكانت الوحدة السياسية هذه المرة مقرونة بالوحدة الدينية إذ كان المسلمون يشكلون الاغلبية الساحقة في المدينة فلم يكن لغيرهم فيها شأن يذكر.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.