المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



حَفرُ زَمزَم  
  
3903   02:00 مساءً   التاريخ: 4-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص154-156.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

منذ أن ظهرت عين زمزم نزلت عندها قبيلة جُرهم الّتي كانت بيدها رئاسة مكة طوال سنين مديدة وكانت تستفيد من مياه تلك العين ولكن مع ازدهار أمر التجارة في مكة واقبال الناس على الشهوات والمفاسد آل الأمر إلى جفاف تلك العين ونضوب مائها بالمرة .

ويقال : أن قبيلة جُرهُم لما واجهت تهديداً من جانب قبيلة خزاعة واضطرت إلى مغادرة تلك الديار وايقن زعيمها مضامن بن عمرو بانه سرعان ما يفقد زعامته ويزول حكمه وسلطانه بفعل هجوم العدو امر بان يُلقى الغزالان الذهبيان والسيوف الغالية الثمن الّتي كانت قد اُهديت إلى الكعبة في قعر بئر زمزم ثم يملأ البئر بالتراب ويعفى اثره إعفاء كاملا حتّى لا يهتدي خصومه إلى مكانه ابداً حتّى إذا عادت إليه زعامته وعاد إلى مكة استخرج ذلك الكنز الدفين واستفاد منه ؛ ثم نشب القتال بين جرهم و خزاعة واضطرت جرهم وكثير من ابناء اسماعيل إلى مغادرة مكة المكرمة والتوجه إلى ارض اليمن ولم يرجع أحدٌ منهم إلى مكة ابداً , ووقعت زعامة مكة منذ هذا التاريخ بيد خزاعة حتّى بزغ نجم قريش في سماء مكة بوصول قصيّ بن كلاب ( الجدَ الرابع لنبي الإسلام ) إلى سدة الزعامة والرئاسة ثم بعد مدة انتهى امر الزعامة إلى عبد المطلب فعزم على أن يحفر بئر زمزم من جديد ولكنه لم يعرف بموقع البئر معرفة كاملة حتّى إذا عثر عليه بعد بحث طويل قرّر ان يهيئ هو وولده حارث مقدمات ذلك , وحيث أنه يوجد في المجتمع دائماً من يتحجّج ويجادل ـ بسبب سلبيته ـ ليمنع من أي عمل ايجابي مفيد انبرى منافسوا عبد المطلب إلى الاعتراض على قراره هذا وبالتالي التفرد بإعادة حفر بئر زمزم لكيلا يذهب بفخر هذا العمل العظيم وقالوا له : إنها بئر أبينا اسماعيل وان لنا فيها حقاً فاشركنا معك ولكن عبد المطلب رفض هذا الطلب لبعض الاسباب فقد كان عبد المطلب يريد ان يتفرد بحفر زمزم ويسبّل ماءها ليسقي منها جميع الحجيج دون مانع ولا منازع ويحول بذلك دون المتاجرة به ولم يكن ليتسنى له ذلك إلاّ إذا قام بحفر زمزم بوحده دون مشاركة من قريش.

وقد آل هذا الأمر إلى النزاع الشديد فتقرر أن يتحاكموا إلى كاهن من كهنة العرب وعقلائهم والقبول بما يقضي به فتوجه عبد المطلب ومنافسوه إلى ذلك الكاهن وقطعوا الصحارى القاحلة بين الحجاز والشام وفي منتصف الطريق أصابهم جهدٌ وعطش شديدان ولمّا تيقَّنوا بالهلاك وقرب الوفاة اخذوا يفكرون في كيفية الدفن إذا هلكوا وماتوا فاقترح عبد المطلب ان يبادر كلُ واحد إلى حفر حفرته حتّى إذا أدركهُ الموت دفنه الآخرون فيها فاذا استمر بهم العطش وهلكوا يكون الجميع ( ما عدا من بقي منهم على قيد الحياة ) قد اُقبروا ولم تغد ابدانهم طعمة للوحوش والطيور فأيَّد الجميع هذا الاقتراح واحتفر كل واحد منهم حفيرة لنفسه وجلسوا ينتظرون الموت بوجوه واجمة وعيون ذابلة وفجأة صاح عبد المطلب : واللّه إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضربُ في الأرض ونبتغي لأنفسنا لعجزٌ وحثهم على البحث عن الماء في تلك الصحراء بصورة جماعية عسى ان يجدوا ما ينقذهم من الموت فركب عبد المطلب وركب مرافقوه واخذوا يبحثون عن الماء يائسين غير مصدّقين ولم يمض شيء حتّى ظهرت لهم عين ماء عذبة انقذتهم من الموت المحتم وعادوا من حيث جاؤوا وهم يقولون لعبد المطلب : قد واللّه قضى لك علينا يا عبد المطلب واللّه لا نخاصمك في زمزم أبداً إن الّذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الّذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشداً وتنازلوا له لينفرد بحفر زمزم ويكون إليه أمره دون منازع ولا شريك .

فعمد عبد المطلب وولده الوحيد الحارث إلى حفر البئر ونشأ من ذلك تلٌ هائلٌ من التراب حول البئر وفجأة عثر عبد المطلب على الغزالين المصاغين من الذهب والسيوف المرصعة المهداة إلى الكعبة فشبَّ نزاع آخر بين قريش وبين عبد المطلب على هذه الاشياء واعتبرت قريش نفسها شريكة في هذا الكنز وتقرر ان يلجأوا إلى القرعة لحل هذا المشكلة فخرجت القرعة باسم عبد المطلب وصار جميع ذلك الكنز إليه دون قريش ولكن عبد المطلب خصَ بتلك الاشياء الكعبة فصنع من السيوف باباً للكعبة وعلق الغزالين الذهبيّين فيها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.