أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-6-2018
14500
التاريخ: 12-6-2016
5787
التاريخ: 8-6-2016
2576
التاريخ: 9-6-2016
3779
|
ترتب على مبدا استقلال الهيئات الإدارية والقضائية، ومنع المحاكم القضائية من النظر في المنازعات الإدارية، ان عهد الى الإدارة نفسها بهذه المهمة مما قاد الى ظهور نظام الإدارة القاضية، وبموجبه فان على من يريد ان يتظلم من خطا احد الموظفين، فعليه ان يرفع هذا التظلم الى جهة الإدارة نفسها، وبذلك أصبحت الإدارة خصما وحكما في ان واحد، ولم يكن ممكنا ان يستمر هذا النظام على هذا النحو، فانشا نابليون بونابرت بموجب دستور السنة الثامنة للجمهورية الأولى مجلس الدولة، وتلاه في السنة نفسها انشاء مجالس دواوين المديريات في الأقاليم المختلفة. وأريد لهذا المجلس ان يكون هيئة استشارية – تقوم الى جانب الإدارة العاملة – تتولى فحص المنازعات الإدارية وتقديم مشروعات مراسيم بشانها، على ان تصدق تلك المراسيم من رئيس الدولة وتتضمن القرارات النهائية لحسم النزاعات. أي ان هذا المجلس لم يكن جهة قضائية بالمعنى الصحيح، لانه لم يكن يملك اصدار احكام قضائية لا معقب عليها من سلطة أخرى، بل كان جهة استشارية فحسب، ولذلك وصف – اختصاصه – آنذاك – بانه مقيد ومحجوز، فهو محدود بابداء اراء استشارية بشان المنازعات الإدارية التي تعرض عليه من جهة، وغير بات بل معلق على تصديق رئيس الدولة من جهة أخرى، فضلا عن ان انشاء المجلس وفقا للاختصاصات المذكورة لم يكن من شانه الغاء نظام الإدارة القضائية. ثم توج هذا التطور بصدور قانون 24 مايو (أيار) سنة 1872(1)، والذي بموجبه اصبح مجلس الدولة محكمة قضائية بالمعنى الصحيح، فصارت له سلطة اصدار احكام نهائية غير معلقة على تصديق رئيس الدولة، بمعنى ان اختصاصه بموجب هذا القانون اصبح باتا او مفوضا(2). ومما يجدر الإشارة اليه ان الأسس والاعتبارات التي قام عليه نظام القضاء المزدوج في فرنسا والتطور الذي لحقه، توحي بان الدافع لانشاء القضاء الإداري – الى جانب القضاء العادي – هو حماية الإدارة من تعسف المحاكم العادية القديمة واسرافها في التدخل في شؤون الإدارة، الا ان هذا الاعتبار التاريخي قد زال في الوقت الحاضر، واثبت القضاء الإداري الفرنسي بعد نشأته انه اكثر جراة وثبات في حماية حقوق الافراد وحرياتهم ضد اعتداء الإدارة وتجاوزاتها(3).
وعلى ذلك يمكن القول ان الأساس الجديد الذي يسوغ قيام القضاء الإداري يتجسد فيما استطاع هذا القضاء، عن طريق المبادئ القانونية التي صاغها في احكامه، ان ينشئ قانونا جديدا متميزا عن القانون المدني هو القانون الإداري بما يتضمنه من قواعد تستطيع التوفيق بين حقوق الافراد وحرياتهم من جهة وحاجات الإدارة ومقتضيات الصالح العام من جهة أخرى. والقضاء الإداري هو الأكثر الماما بقواعد القانون الإداري – لانه من صنعه – وبهذا فهو الأقرب الى طبيعة الإدارة وحقيقة مشكلاتها وأساليب عملها، ومن ثم فهو الاقدر على تقدير ظروفها وحم حاجاتها بما يمكنه من ضبط نشاطها على نحو يمنع انحرافها وضمن حقوق الافراد من تعسفها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نص هذا القانون – أيضا – على انشاء (محكمة التنازع) كجهة قضائية تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحاكم الإدارية والمحاكم العادية.
2- يرى بعض الفقه – ان فكرة الإدارة القاضية ظلت تشوب صفاء هذا التطور الكبير الذي تحقق سنة 1872، فقد بقي الوزير محتفظا بصفة قاضي القانون العام بالنسبة للقضايا التي لم يجعلها قانون 24 مايو 1872 صراحة ضمن اختصاصات مجلس الدولة، ولذلك فان النهاية الحقيقية لنظام الإدارة القاضية كانت منذ قضية (cadot) في 13 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1889، حيث أصبحت القضايا توجه الى المجلس مباشرة. د. فاروق احمد خماس، الرقابة على اعمال الإدارة، جامعة الموصل، 1988، ص99.
3- يشير د. محمود محمد حافظ في معرض تدليله على جراة القضاء الإداري – قياسا بالقضاء العادي – في رقابته على اعمال الإدارة الى ما حدث في 5 يناير (كانون الثاني) سنة 1924، فقد عرض قرارات اداريان احدهما امام مجلس الدولة والأخر امام محكمة النقض الفرنسية، والقراران متشابهان تماما من حيث السلطة التي اصدرتهما وظروف اصدارهما، ومع ذلك فقد حكم مجلس الدولة بإلغاء القرار المعروض عليه لعدم مشروعيته، في حين حكمت محكمة النقض في نفس اليوم بمشروعية القرار المعروض عليها وبصحة الحكم بعقوبة على مخالفة هذا القرار المتفق مع القانون في نظرها، ص116.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|