الكيمياء العضوية ثلاثية الأبعاد  Organic chemistry in three dimensions

وسعت الكيمياء الفراغية انتشار الكيمياء العضوية، وكلما نمت الكيمياء العضوية، نمت كذلك الكيمياء الفراغية. وقد ظهر، مع هذا النمو، شيء آخر وهو ازدياد إدراك مدى اهمية الكيمياء الفراغية، حقاً بالنسبة للكيمياء العضوية.

تعتمد الكيمياء العضوية على العلاقة بين البنية الجزيئية والخواص. تتضمن الدراسة الاساسية للتفاعلية الكيميائية، كما رأينا الأخذ في الحسبان الفروق الطاقية بين المتفاعلات والحالات الانتقالية، أي اننا نتفحص بنية هذه الجزيئات ، ثم نقدر استقرارها النسبي.

والآن ، ليست الجزيئات ذات صيغ ثنائية البعد موجودة في أرضية منبسطة خيالية. انها أجسام ثلاثية الابعاد، تدور حول ذاتها، تتصادم وتتفاعل في فراغ ثلاثي الأبعاد. فلا نستطيع فهم الجزيئات او تفاعلاتها إلا إذا فهمناها في ثلاثة أبعاد. وتكون الكيمياء الفراغية هي فرع الكيمياء الذي يتعامل مع البنية الجزيئية في ثلاثة أبعاد.

تستطيع الكيمياء الفراغية اعطاءنا صورة ثلاثية الأبعاد لتفاعل اتجاه الهجوم ، وشكل الحالة الانتقالية . تعد الرابطة المزدوجة كربون – كربون عالية التفاعلية، من جانب بسبب استواء اوجهها وتكون بذلك عرضة للهجوم. تتحدد التفاعلية في تفاعل S_N2، بشكل واسع، بفعل الازدحام حول الكربون الخماسي التكافؤ، في الحالة الانتقالية. وتستطيع الكيمياء الفراغية، غالباً ، اعطاء معلومات اخرى، بشكل غير مباشر، وبصورة حسنة عن توقيت كسر رابطة مع تكون رابطة وعن طبيعة المركب المتوسط ايضاً.

يتم تفاعل S_N2، كما رأينا، مع انقلاب تام للتشكيل ، وهذا لا يظهر ، فقط ، ان الهجوم يتم من الجهة الخلفية يعطي دليلاً قوياً على ان التفاعل ذو خطوة وحيدة ، مع تواقت في كسر رابطة وتشكل اخرى.

وتحدث، من جهة اخرى، الكلورة الجذرية لألكان فعال ضوئياً مع رسمزة كلية، مشيرة إلى أن الرابطة كربون – هيدروجين على المركز الكيرالي، تنكسر قبل تكون الرابطة كربون – كلور. تصادف بين هذين الحدين في السلوك الكيميائية الفراغي، نوعاً ثالثاً هو الرسمزة الجزئية، في تفاعل S_N1، التي تعطي ، ثانية ، معلومات أساسية حول آلية التفاعل.

لكن الكيمياء الفراغية لا تقف عند هذا الحد. وبهذا الفهم للآلية تأتي القدرة على التحكم في الكيمياء الفراغية للتفاعل ، ويتضمن ذلك اختيار الكاشف المناسب واختيار الشروط والحفاز، بحيث نحصل على منتجنا بالشكل الكيميائي الفراغي الذي نريد. وسوف نجد، مع تحرك الكيمياء العضوية لملئ الهوة بينها وبين الكيمياء الحيوية، ان هنالك حاجة متنامية لهذا الحكم.

اشتراك مماكبات فراغية في تفاعلات كيميائية وهي تفاعلات تتكون فيها المتماكبات الفراغية ، وتفاعلات تستهلك فيها المتماكبات الفراغية. وقد اتخذ بعض مما تعلمناه شكل قواعد صعبة وسريعة وهي أنه إذا لم تنكسر رابطة مع المركز الكيرالي فإنه يجب ان ينحفظ التشكيل حول ذلك المركز، كما ان المتفاعلات العديمة الفعالية الضوئية تستطيع ان تعطي فقط منتجات عديمة الفعالية الضوئية. ومن جهة اخرى فقط كان كثير مما فعلنا ببساطة هو وضع حدود لما يمكن أو لا يمكن ان يحدث في بعض الحالات العامة.

(أ) عندما يتكون مركز كيرالي او رابطة مزدوجة في جزيء ما، يجب ان ندرس إمكانية الحصول على التشكيلين كليهما حول المركز الكيرالي او الرابطة المزدوجة. لكن لا يتكون في الواقع التشكيلان ، دائما، وتكون بعض التفاعلات انتقائية بين المنتجات المتماكبة فراغياً الممكنة وتعطي، فعلاً، عدد اقل من العدد الاعظمي المحتمل.

(ب) قلنا ان المتماكبات الفراغية تتفاعل، عموماً، بصورة متشابهة ، وحتى في بعض الحالات بصورة متطابقة إلا ان هذا ليس صحيحاً دوماً، فهناك تفاعلات يمارس فيها كل مماكب فراغي سلوكه النوعي الخاص، الذي يمكن أن يكون مختلفاً بشكل مثير، عن ذلك الذي لنظيره.