أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2019
23824
التاريخ: 24-5-2016
8757
التاريخ: 2-8-2017
2896
التاريخ: 19-5-2016
6185
|
أنصرف المفهوم الضيّق لمستندات قبل التعاقد الذي تبناه الفقه القانوني التقليدي، إلى المحررات التي يتم تبادلها بين الأطراف في المرحلة الممهدة للتعاقد، كعقود تمهيدية تستلزم توافر الأركان العامة للعقد كي يتم انعقادها(1)، حيث استقر الرأي في الفقه الفرنسي الكلاسيكي إلى أن المفهوم القانوني للمستندات والوثائق التي ينظمها الأطراف في مرحلة ما قبل التعاقد ينحصر بمحررات العقود والاتفاقات التمهيدية التي تتسم بالصفة الوقتية أو تكون غير نافذة في أوان الحال لأسباب قانونية، فيدخل الفقه أعلاه مستندات الوعد بالتعاقد، العقد الابتدائي، مشارطه التفضيل... الخ في بوتقة مستندات قبل التعاقد ويصب تأكيده في ذات الوقت أن تأتي الصياغة القانونية لها مستوفاة لعناصر الصحة وأركان الوجود حتى يصح تسميتها عقوداً قانونية ملزمة، ولا يغير من ذلك أن قيمتها القانونية مؤقتة وتمهيدية بالنسبة للعقد النهائي(2). ولم يختلف الرعيل ألأول من الفقه القانوني الانكليزي عن سابقه الفرنسي في قصر مفهوم المستندات قبل التعاقدية على تطبيقات العقود أو الاتفاقات التمهيدية، بل كان الأخير الأكثر تضييقا لمفهومها قانوني و الأكثر تشددا في إضفاء القوة الملزمة لوثائقها، وهو المنحى الغالب في أنظمة القانون الانجلوسكسوني، الذي لا يعد فيه الاتفاق أو العقد أياً كانت طبيعته (مؤقتا أو نهائيا) نافذا أو ملزما ما لم يتم تحديد جميع العناصر الأساسية (الجوهرية) والثانوية التي لا يتصور قيام العقد أو الاتفاق دون التوافق عليهما، ويعني ذلك في حالتنا أن تتضمن مستندات تلك العقود والاتفاقات وبصياغات قانونية واضحة لا تثير اللبس والغموض جميع معطيات العلاقة التعاقدية لاكتسابها المناط القانوني على نحوٍ إلزامي، خصوصا أن القاعدة في القانون الانجليزي كالفرنسي، حرية التعاقد وان بدا ألأول أكثر تشددا من الثاني(3)، ورغم غياب الفقه القانوني العربي من مفهوم الوثائق والمستندات قبل التعاقدية، فان جدة بعض الكتابات الفقهية القانونية فيه ـ في الآونة الأخيرة ـ في خصوص مرحلة ما قبل التعاقد وتحديد طبيعة المسؤولية المدنية المترتبة فيها، تنم عن وقوف رجالات هذا الفقه عند حد المفهوم التعاقدي الضيق الذي ظل حبيس التطبيقات الواردة في النصوص القانونية الخاصة، والقواعد العامة في نظرية العقد(4)،إذ وفق هذا المفهوم عالجت القوانين الوضعية هذه المستندات، من خلال وضع المبدأ العام لها في نصوص القوانين المدنية والنص على تطبيقاتها المختلفة في بعض التشريعات الخاصة، فبخصوص الوعد بالتعاقد والاتفاق الابتدائي نصت المادة (91/1) من القانون المدني العراقي على أن: ((الاتفاق الابتدائي الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين أو احدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون صحيحا إلا إذا حددت المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب أن يبرم فيها))(5). ومما ورد من التطبيقات القانونية لمستندات قبل التعاقد في القوانين الخاصة بمناسبة عقد العمل تحت التجربة، أو تحت الاختبار، نصت المادة (31) من قانون العمل المصري الموحد النافذ، رقم ( 12 لسنة 2003م) على أن: ((يجوز الاتفاق بين رب العمل والعامل على تنظيم عقد عمل ابتدائي بينهما، ويحق لرب العمل أن يفسخ هذا العقد دون ما تعويض أو علم سابق، إذا استخدم الأجير على سبيل التجربة أو الاختبار، ولم يرضَ رب العمل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ استخدامه))(6)، كذلك نصت المادة (382) من القانون التجاري الكويتي النافذ، حول تطبيق خطابات الضمان الابتدائية أو المؤقتة على أن: ((خطاب الضمان الابتدائي تعهد أولي يصدر عن بنك بناء على طلب عميل له (الآمر) بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر (المستفيد)، دون قيد أو شرط إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب، ويوضح في خطاب الضمان الغرض الذي صدر من أجله))(7)، وعلى صعيد القضاء، قضت محكمة النقض الفرنسية بصدد تحديد مفهوم مستندات التعاقد في المرحلة السابقة على إبرام العقد، بمناسبة دعوى احتج فيها المدعي (المشتري) في اعتبار أوراق الدعاية (الكتالوجات) التي تصدرها شركات المقاولة (البائعة)، لمبنى تحت الإنشاء، من بين المستندات المكونة للعقد ويلتزم البائع بما جاء فيها من مواصفات ويُطالب بتقرير المسؤولية العقدية للبائع لإخلاله بالالتزامات التعاقدية الثابتة بالمستندات التعاقدية. أجابت محكمة الموضوع طلبات المدعي، فحكم على بائع البناء الالتزام باحترام الالتزامات التي تضمنتها وثائقه الإعلانية وإلا كان مسؤولا، مسؤولية تعاقدية بالتعويض عن مخالفة ما تضمنته الوثائق المذكورة من بيانات محددة. وعندما طعن المدعى عليه بالتمييز أمام محكمة النقض العليا، نقضت المحكمة الأخيرة الحكم وجاء في حيثيات قرارها: ((.... لذلك يغدو من الضروري التمييز، في المستندات ما قبل العقدية، بين تلك التي لا ترتب ارتباطا تعاقديا بين طرفيها، وبالتالي لا يتصور بناء مسؤولية عقدية على أساسها، وبين المستندات التي يمكن إلباسها الشكل التعاقدي الملزم ليترتب مسؤولية عقدية لأحد أطرافها حال الإخلال بالتزاماته. ولا يكيف مستند ما بأنه تعاقدي ما لم يتصل بعناصر قريبة وشبيهة بالعقد))(8). ومن هذا القرار عضّد بعض الفقه القانوني قولهم بتبني القضاء الفرنسي ـ آنذاك ـ للمفهوم الضيق لمستندات قبل التعاقد(9).
____________________
1- F. Collart Dutilleul; Des contrats pre paratoires a la vente de Limmeuble; Paris. 1988, p. 262 ets.
د. عبد الحكيم فوده، الوعد والتمهيد للتعاقد والعربون وعقد البيع الابتدائي، ط2، دار الكتب القانونية ، (1992)، ص79؛ د. عبد الفتاح عبد الباقي، مصادر الالتزام في القانون الكويتي، جـ1، دار الكتاب الحديث، (1983)، بند 67، ص148.
2- ويصطلح هذا الفقه (الفرنسي) على تسميتها بـ(عقود ما قبل العقد) ويعزو تمسكه بهذا المفهوم الضيق لسببين ألأول: الاعتقاد بان كل ما يتعلق بالمفاوضات قبل التوقيع على العقد النهائي، لا يعد ملزما، والثاني: إن المشرع لم ينظم شبه العقود بأي نص تشريعي على عكس الحال بالنسبة للعقود النهائية وعقود ما قبل العقد. انظر في هذا الشأن: د. جمال فاخر النكاس، "العقود والاتفاقيات الممهدة للتعاقد وأهمية التفرقة بين العقد والاتفاق في المرحلة السابقة على العقد" بحث منشور في مجلة الحقوق, الكويت، العدد ألأول، (1996)، ص145؛ د. احمد شرف الدين، أ أصول الصياغة القانونية للعقود، (تصميم العقد). ط2، مطبعة أولاد وهبه حسان، الناشر. دار النهضة العربية، القاهرة – مصر، 1993 ص75؛ د. محمد حسام محمود لطفي، المسؤولية المدنية في مرحلة التفاوض...، المصدر السابق، ص70.
3- انظر: د. أمية علون، "ملاحظات حول القانون الواجب التطبيق على المسؤولية ما قبل التعاقدية عن قطع المفاوضات في العقود الدولية"، تقرير مقدم إلى ندوة الأنظمة التعاقدية للقانون المدني ومقتضيات التجارة الدولية، معهد قانون الأعمال الدولي، كلية الحقوق ـ جامعة القاهرة, مصر، 2ـ3 (1993)، ص3؛ د. هاني صلاح سري الدين، "المفاوضات في العقود التجارية الدولية"، المصدر السابق، ص106؛ د. إبراهيم دسوقي أبو الليل، نظرية العقد غير اللازم، دراسة مقارنة معمقة في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، منشورات مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت, (1994)، ص79 ؛ شيشر وفيفوت، قواعد الإيجاب والقبول في القانونين الانجليزي والسوداني، ط5، نقله من الانجليزية إلى العربية هنري رياض وكرم شفيق، نشر وتوزيع مكتبة النهضة السودانية، الخرطوم، طباعة دار الثقافة، بيروت ـ لبنان، (1967)، ص68.
4- انظر: د. محمد عبد الظاهر حسين، "الجوانب القانونية للمرحلة السابقة على التعاقد"، ط1، مكتبة النهضة العربية، القاهرةـ مصر (2002)، ص81؛ د. محمد حسين عبد العال، ضوابط الاحتجاج والمستندات العقدية، ط2، مكتبة دار النهضة العربية، القاهرة مصر، (1998)، ص147؛ د. جمال عبد الرحمن محمد علي، الحجية القانونية للمستندات الالكترونية، ط1، مكتبة دار النهضة العربية، القاهرة ـ مصر، (2001)، ص47؛ ومن الفقه الغربي المقارن: انظر:
-Simpson A. Innovation in Nineteen the Century contract law, 91 law Quarterly Review (1975), p. 247.
5- ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى المادة (101) مصري (مطابق)، المادة (102) سوري (مطابق)، المادة (101) ليبي (مطابق)، المادة (105) الأردني (موافق)، اللبناني لا مقابل له.
6-حيث لا يثير عقد العمل للتجربة تساؤلات مهمة ترتبط بطبيعته العقدية، إذ أن التشريعات المقارنة قد استقرت على اعتباره عقدا، انظر: نص المادة (12 عمل أهلي كويتي)، المادة (74/2) عمل لبناني، المادة (33) عمل عراقي، وفي استعراض بعض مواقف التشريعات الأخرى. انظر: د. حسين عبد العطيف حمدون، قانون العمل، ط1، مطبعة زين الحقوقية,(2005)، ص275؛ د. همام محمد محمود زهران، قانون العمل، عقد العمل الفردي، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ـ لبنان (2001)، هـ1، ص135ـ هـ1، ص136؛ د. جمال فاخر النكاس، العقود والاتفاقيات الممهدة للتعاقد وأهمية التفرقة بين العقد والاتفاق في المراحل السابقة على العقد، مجلة الحقوق، العدد الأول، السنة العشرون، مارس، 1996، ص150.
7- انظر: المذكرة الإيضاحية للقانون التجاري الكويتي رقم 68 لسنة (1980م)، فيما جاء نص المادة (287) من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة (1984م)، قريبا من هذا النص إلا انه لم يشر إلى الصفة الابتدائية صراحة لخطاب الضمان. أما المشرع التجاري في كل من الأردن وسوريا ولبنان فقد اغفل معالجة خطابات أو مستندات الضمان وأحال فيها إلى القانون المدني كغيرها من صور التعاقد التمهيدية التي لم تتحدد قواعدها في القانون التجاري بعد. للتفاصيل. انظر: د. يعقوب يوسف صروخة، العقود والاتفاقات الأساسية والممهدة لإصدار خطاب الضمان، عقد الأساس، وعقد فتح الاعتماد بالضمان، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت, (1993)، ص24.
8- Civ 8 Fevrir 1984/Jcp 1984/ IV/ 1919.
وفي هذا القرار تلفت المحكمة العليا نظر قضاة الموضوع إلى بيان العناصر الناقصة لاعتبار التعبير عن الإرادة ليس إيجابا بالبيع. نقلا عن: د. احمد الزقرد، الوجيز في عقد البيع في القانون المدني الكويتي، مطبوعات كلية الحقوق – جامعة الكويت, وحدة التأليف والترجمة والنشر، 1989، ص199.
9- J. Schmidt; Negaciation et conclusion decontrats 1982 p.256.
نقلا عن: د. جمال فاخر النكاس، العقود والاتفاقيات... ,المصدر السابق، ص146.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|