دور منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (الأوابك) في تسوية المنازعات الدولية |
2674
10:24 صباحاً
التاريخ: 7-3-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-21
924
التاريخ: 20-6-2016
2238
التاريخ: 20-6-2016
2067
التاريخ: 18/12/2022
1574
|
تأسست منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط أوابك في 9 كانون الثاني من عام 1968 ، من كل من (السعودية وليبيا والكويت)، واتخذت المنظمة من الكويت مقرا لها ، وفي وقت لاحق انضم إليها كل من (البحرين ، قطر ، العراق ، مصر ، الجزائر ، تونس ، الإمارات العربية المتحدة ، سوريا) ، ولقد تضمنت اتفاقية تأسيس المنظمة ستة وعشرين مادة، وقد خصصت المواد من (21-25) من الاتفاقية للهيئة القضائية وكيفية تشكيلها والمنازعات التي تنظر فيها الهيئة ، فقد نصت المادة الحادية والعشرون من الاتفاقية على أن (ترتبط بالمنظمة هيئة قضائية يتفق الأطراف في هذه الاتفاقية على كيفية تشكيلها والقواعد التي تنظمها وذلك في بروتوكول خاص يلحق بهذه الاتفاقية ويشار إليها فيما يلي باسم الهيئة)(1).
أما المادة الثالثة والعشرون من الاتفاقية فقد نصت على ما يأتي :
1. تختص الهيئة بنظر المنازعات الآتية :
آ. المنازعات التي تتعلق بتفسير هذه الاتفاقية وتطبيقها وتنفيذ الالتزامات الناشئة عنها .
ب. المنازعات التي تنشأ بين عضوين أو أكثر من أعضاء المنظمة في مجال النشاط البترولي.
ج.المنازعات التي يقرر مجلس اختصاص الهيئة بنظرها .
2. يجوز استنادا إلى اتفاق أطراف النزاع عرض المنازعات الآتية على الهيئة للفصل فيها :
آ. المنازعات التي تنشأ ما بين أي عضو وبين شركات البترول التي تعمل في إقليم ذلك العضو .
ب. المنازعات التي تنشأ ما بين أي عضو وبين شركة البترول تابعة لآي عضو آخر.
ج. المنازعات التي تنشأ ما بين عضوين أو أكثر من أعضاء المنظمة ، عدا ما نص عليه في البند (1) من هذه المادة .
ومن نص المادة أعلاه يتضح لنا أن اختصاص الهيئة فيما يتعلق بالمنازعات هو اختصاص إجباري ، أي أن الهيئة لا تحتاج إلى موافقة أطراف النزاع للنظر فيه، إذا كان يتعلق بتفسير الاتفاقية وتطبيقها ، أما المنازعات التي تحصل بين الدول الأعضاء وشركات البترول ، فإن اتفاق الأطراف أمر لا بد منه لعرض النزاع على الهيئة وطبقاً للاتفاقية فإن قرارات الهيئة القضائية تعد نهائية وملزما وذات حجية على طرفي النزاع ، ولها قوة تنفيذية في أقاليم الدول الأعضاء ، وتلزم السلطة المختصة (المحلية) بأن تقوم بتنفيذ الحكم بعد التأكد من صحة الوثائق الرسمية(2). وطبقا للمادة (26) من بروتوكول الهيئة القضائية فإن الهيئة تقضي بموجب بروتوكولها والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وتطبق على القضايا التي تعرض عليها ما يأتي :
1. اتفاقية إنشاء المنظمة والاتفاقيات الدولية الملزمة لأطراف النزاع .
2. الأعراف الملزمة دوليا .
3. المبادئ القانونية العامة المعمول بها في المجتمع الدولي .
4. المبادئ العامة المشتركة في قوانين الدول الأعضاء .
5. أحكام المحاكم ومذاهب كبار الفقهاء في القانون العام في مختلف الدول الأعضاء وذلك كمصدر احتياطي .
ولقد انبثقت عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط العديد من الشركات، كالشركة العربية لنقل البترول (مقرها الكويت) والشركة العامة لبناء السفن وإصلاحها (مقرها البحرين) والشركة العربية للاستثمارات البترولية (مقرها السعودية) والشركة العربية للخدمات البترولية (ومقرها ليبيا) وقد أنشأت جميع هذه الشركات بموجب اتفاقيات وقعتها الدول الأعضاء في المنظمة ، وقد نصت جميع هذه الاتفاقيات وفي مواد خاصة على كيفية فض المنازعات بين الدول الموقعة عليها، وقد لاحظنا من خلال الإطلاع على نصوص الاتفاقيات المنشئة لهذه الشركات، أنها نصت جميعا على أنه في حالة تعذر تسوية أي نزاع حول تنفيذ هذه الاتفاقيات، فيصار إلى اللجوء إلى التحكيم عن طريق محكمين من الطرفين ، وبعد صدور قرار التحكيم يحدد سقف زمني لتنفيذ القرار ، وبخلافه فإن الطرف الممتنع عن التنفيذ يعد مخلا بالتزاماته ومن حق الطرف الأخر أن يلجأ إلى كل ما من شأنه حماية حقوقه(3).
وطوال ستة عشر عاماً(4) من عمرها لم ترفع إلى الهيئة القضائية لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول سوى قضيتين سوف نتناولها بشيء من الإيجاز وكما يأتي :
أولاً. النزاع بين جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية (1982)
بتاريخ 27 نيسان 1982 تقدم ممثل العراق بدعوى إلى الهيئة القضائية يشكو فيها الجانب السوري بسبب قيام الأخير بإيقاف ضخ النفط العراقي الخام عبر الأراضي السورية ، على اعتبار أن الجانب السوري بتصرفه هذا قد خالف الاتفاق المعقود بين حكومتي البلدين (في تشرين الثاني 1981) والمتضمن ضخ النفط الخام عبر الأراضي السورية وتزويد سوريا بالنفط لغرض استهلاكها المحلي(5)، واستند المندوب العراقي في رفع شكواه للمادة (24) (2) (ج) من بروتوكول الهيئة القضائية والمادة (15) من الاتفاقية المعقودة بين العراق وسوريا بشأن مرور النفط العراقي عبر الأراضي السورية، وقد طالب العراق إلزام سوريه وبأجراء عاجل ومؤقت باستئناف عملية السماح لمرور النفط ودفع تعويض عما لحق العراق من خسائر من جراء العمل السوري ، وللمدة من حزيران 1982 ولغاية حزيران 1994 عقدت الهيئة القضائية (17) سبعة عشر جلسة تضمنت الاستماع لدفوع الطرفين ، ثم أصدرت حكمها في القضية وذلك في 19 حزيران 1994 وهذا ملخصه(6):
1. قبول الدفع الابتدائي الذي قدمته سوريا بعدم اختصاص الهيئة القضائية بالنظر في النزاع .
2. يتحمل كل طرف من أطراف الدعوى مصروفاته.
ونرى أن هذا القرار قد جاء متأثرا باعتبارات سياسية ليس إلا ، فالنزاع هو في صلب اختصاص الهيئة طبقا للمادة (23/1/ب) من اتفاقية تأسيس المنظمة والتي نصت على اختصاص المنظمة بالمنازعات التي تنشأ بين عضوين أو أكثر من أعضاء المنظمة في مجال النشاط البترولي ، فالعراق وسوريا هما عضوين في المنظمة والخلاف بينهما هو حول نشاط بترولي ، كما أن المادة (15) من الاتفاقية التكميلية بين العراق وسوريا قد تضمنت أنه في حالة حدوث نزاع حول تنفيذ الاتفاقية يتم عرضه على الهيئة القضائية للمنظمة استنادا للفقرة (2) من اتفاقية تأسيس المنظمة ، ونعتقد أن وجود اثنين من القضاة أحدهما سوري الجنسية (مصطفى السيد) والآخر كويتي الجنسية (فارس عبد الرحمن الوقيان) قد أثر كثيرا في مجريات إصدار القرار، فالأول وضع مصلحة بلاده فوق كل اعتبار ، والثاني تصرف من منطلق ما هو معروف من مواقف كويتية تجاه العراق ، خاصة أن المادة الحادية والعشرون من اتفاقية المنظمة نصت على أن يكون (القضاة من بين الأشخاص الذين لا يشك في حيادتهم)(7) ونؤيد ما جاء في الطلب العراقي من أن (موضوع الدعوى منصب على لزوم تنفيذ نص قانوني في اتفاقية ملزمة قانونا ونافذة بين الطرفين) وإن الاتفاق المتمم بين العراق وسوريا في16/11/1981 قد أكد ... على إحالة أي نزاع أو خلاف حول تفسير الاتفاق إلى الهيئة القضائية للفصل فيه(8)، وكذلك نؤيد ما ذهب إليه الدكتور عبد الأمير الأنباري من رأي في الجلسة التي عقدتها الهيئة في 7 أيار عام 1986 من أن السؤال الصحيح عند محاولة تقضي طبيعة النزاع القانونية أو السياسية هو ليس فيما إذا كان فيه جانب سياسي لأن مثل هذا الجانب دائم الحضور في المنازعات الدولية ، وإنما السؤال يجب أن يكون هل هناك جانب قانوني في النزاع ، فإذا كان الجواب في الإيجاب فيصبح النزاع قانونيا ويتأكد بشأنه اختصاص المحكمة ، وقد دعم الدكتور الأنباري رأيه ووجهة نظره بما أصدرته محكمة العدل الدولية عام 1980 بشأن قضية الرهائن الدبلوماسية الأمريكية في طهران ، حيث أقرت المحكمة أن النزاعات القانونية بين دول ذات سيادة تحدث غالبا في إطار سياسي بحكم طبيعتها وغالبا ما تشكل عنصرا في نزاع سياسي أكثر عمومية وأسبق تاريخا بين الدول المعنية.
ثانياً. النزاع بين الحكومة الجزائرية والشركة العربية لنقل النفط (1983)
في 7 آب من عام 1983 تقدمت الشركة العربية لنقل النفط بدعوى ضد الحكومة الجزائرية إلى الهيئة القضائية لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول وذلك لعدم قيام الحكومة الجزائرية بتنفيذ التزاماتها نحو الشركة والمترتبة بموجب الاتفاقية المعقودة بين الجانبين (حسب إدعاء الشركة) ، وقد استند طلب الدعوى لإقامة الاختصاص القانوني للهيئة إلى المادتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين من اتفاقية إنشاء الشركة العربية البحرية المبرمة في الكويت في 6 أيار 1972 وكذلك إلى المادة الحادية والعشرون من اتفاقية إنشاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول والفقرة 1/آ من المادة الرابعة والعشرون من بروتوكول الهيئة القضائية وطلب الشركة إلزام الحكومة الجزائرية بأن تدفع مبالغا من أقساط الزيادة في رأس المال وعن قيمة حصتها في الدعم المقرر للشركة وعن مجموع الفوائد المستحقة عليها في سداد التزاماتها من تاريخ استحقاقها وحتى 31/7/1983 ، فضلا عن إلزام المدعي عليه (الحكومة الجزائرية) بأية مصروفات أخرى تترتب على الدعوى وقد عقدت عدة جلسات للهيئة كانت تتلقى من خلالها دفوع الطرفين وقد تضمن دفع الحكومة الجزائرية ما يأتي :
آ. عدم اختصاص الهيئة القضائية للنظر في الدعوى من حيث الموضوع لأنه (وحسب الدفع الجزائري) إن المادة (24/آ) من البروتوكول المنشئ للهيئة لا تقرر اختصاص الهيئة إلا في المنازعات المتعلقة بتفسير اتفاقية إنشاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول .
ب. عدم الاختصاص الزمني للهيئة القضائية ، لأن الفقرة الأخيرة من المادة (22) من اتفاقية إنشاء الشركة البحرية العربية لنقل البترول تقصي من الاختصاص الزمني للهيئة القضائية كل نزاع يحدث (فبل تشكيل الهيئة القضائية) ، والهيئة تشكلت في 6/5/1981 والنزاع القائم بين الشركة العربية لنقل البترول والحكومة الجزائرية نشأ قبل هذا التاريخ وذلك في 5 أيار 1978 وان هذا يعني عدم اختصاص الهيئة للفصل في النزاع حسب المعيار الزمني .
ج. الدفع بعدم قبول طلب الدعوى ، وذلك لأنه يتضح من بروتوكولات الهيئة القضائية بأن حكومات الدول الأعضاء أرادت أن تجعل اللجوء للطريقة الودية من جهة والى الصلح من جهة أخرى وسائل سابقة لطرح النزاع المحتمل أمام الهيئة القضائية (حسب ادعاءات الحكومة الجزائرية) وبما أنه لم تجري طرق ودية لحل النزاع والوصول إلى المصالحة فأنه لا يجوز اللجوء إلى الهيئة القضائية .
هذا وقد ردت الشركة العربية لنقل البترول على هذه الدفوع بمذكرات عديدة وطلبت رفض سائر الدفوع التي قدمها الجانب الجزائري ، وقدمت العديد من الأدلة والوثائق ، وقد أصدرت الهيئة القضائية قرار برد جميع الدفوع التي قدمتها الحكومة الجزائرية وقد صدر القرار في 7 أيار 1986 وتضمن القرار أيضا استمرار الإجراءات في موضوع الدعوى ، واستمرت الإجراءات ، وفي 28 تشرين الأول من عام 1989 قام محامو الطرفين (الشركة العربية والحكومة الجزائرية) بإعلام رئيس الهيئة القضائية في المنظمة بأن الطرفين قد وافقا على تسوية النزاع بينهما وطلبوا شطب الدعوى من سجلات الهيئة ، وقد أصدرت الهيئة قرارا في 4 تشرين الثاني 1989 سحبت بموجبه القضية من سجلاتها واعتبرتها منتهية استنادا للمادة (70) من قواعد الإجراءات(9).
أخيرا لا بد أن نشير إلى أن الهدف الأساسي الذي دفع بالدول العربية المصدرة للنفط بتأسيس الهيئة القضائية كان محاولة منها لحماية مصالحها من خطر التدخل من دول أقوى منها ، لها مصالح في الشركات النفطية العاملة في أراضيها ، وهذه الحماية إنما تتضمن عدم استخدام قانون قطر آخر في نزاع بين الشركة والدولة العضو في المنظمة(10)، علما أن هذه الهيئة قد جمدت أنشطتها في عام 1994.
____________________
1- اتفاقية إنشاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ، والشركات العربية المنبثقة عنها ، منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ، الكويت 1976 ص20 .
2- د. احمد عبد الرزاق السعيدان ، القانون والسيادة وامتيازات النفط ، مقارنة بالشريعة الإسلامية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، ط1 ، 1996 ص88-89 .
3- انظر اتفاقية إنشاء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول والشركات المنبثقة عنها ، منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول ، الكويت 1976 ، ص50 وما بعدها .
4- تم تجميد نشاط الهيئة عام 1994 ، انظر د. خليل إسماعيل الحديثي ، الوسيط في التنظيم الدولي ، بغداد ، 1991 ص220 .
5- د. احمد عبد الرزاق خليفه السعيدان ، مصدر سابق ص96 .
6- د. خليل اسماعيل الحديثي ، مصدر سابق ص221 .
7- انظر المادة (22) من اتفاقية منظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول .
8- انظر مجموعة الأحكام والآراء الاستشارية والأوامر الصادرة عن الهيئة القضائية لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول عام 1986 ص15 وما بعدها .
9- انظر مجموعة الأحكام والآراء الاستشارية للمحكمة 1986 ، ص32 وما بعدها .
10- د. احمد عبد الرزاق خليفة السعيدان ، مصدر سابق ص96-98 .
ش
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|