أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2017
2267
التاريخ: 24-4-2017
2433
التاريخ: 24-5-2017
1988
التاريخ: 22-12-2019
3153
|
لمحة تاريخية واجتماعية (1): لا توجد إشارات تاريخية دقيقة وصحيحة عن العبرانيين, ولا يوجد كتاب تاريخي يثبت علمياً أنهم هاجروا من جزيرة العرب على اعتبار أنهم شعب واحد ذو صفة جنسية واحدة أو جماعات آمنت بديانة واحدة, وجمعتهم ظروف واحدة. لذلك, واستناداً إلى التحليل العلمي للتاريخ واستنباط الحقائق العلمية وابتعاداً عن أقوال المؤرخين المتعصبين للصهيونية والحاقدين على تاريخ الأمة العربية والمزورين لكثير من الحقائق التاريخية, والذين اعتمدوا على الأساطير الواردة في التوراة التي كتبها المؤرخون اليهود بعد عهد موسى (عليه السلام) فترة طويلة, وفي فترات زمنية متباينة, وما لحقها من تشويه كما تذكر الشيء الكثير عن هؤلاء القوم, بل برهنت عكس الأساطير الواردة في التوراة .
وتذكر بعض النصوص المسمارية المكتشفة حديثاً أن جماعة من المرتزقة الأجانب الذين يطلق عليهم (الخابيرو) أخذوا يدخلون البلاد من الجهة الجنوبية, وقد فسر بعض العلماء هذه الكلمة الاكدية مرادفة لكلمة عبري وعبراني بمعنى: الذي يأتي من الجانب الآخر, أو بمعنى: العابر وهذا هو عين الحقيقة والتاريخ. لذا فالنصوص المسمارية الكثيرة الواردة من أماكن مختلفة شرقاً وغرباً تصف هؤلاء القوم بأنهم عبيد ومرتزقة وبأنهم يبيعون أنفسهم باختيارهم لمن يشتريهم, ولا نجد ارتباطاً عرقياً يجمعهم, وانما عناصر متباينة, كنعانية وحورية, وحثية وغير ذلك من المغامرين الأفاقين والعصابات الصحراوية التي لا ارض لها, كما هو حالهم اليوم. أما التاريخ من وجهة نظر اليهود, فيزعم أن هناك ثلاث هجرات رئيسية مرت بهم، وهي: هجرة ابراهيم الخليل (عليه السلام). وهجرة اقترنت مع هجرة الآراميين في القرن الرابع عشر قبل الميلاد ودخول الهكسوس إلى مصر. والهجرة الثالثة تتمثل في خروجهم من مصر بقيادة موسى ويوشع في حدود 1290 ق.م . وقد بينت الوثائق المسمارية التي اكتشفت في منتصف القرن الماضي زيف الكثير مما كتبوه عن أنفسهم وأنه مستنسخ عن تاريخ الأمم السابقة.
أما من الناحية الاجتماعية والدينية, فقد كانت هذه الجماعات تعيش حياة بدائية مرتحلين من مكان إلى آخر طلباً للماء والكلأ لمواشيهم برئاسة شيخ القبيلة. وفي هذه الفترة من التاريخ وقبل نزول الديانة اليهودية على العبرانيين, فإنهم كانواً قوماً وثنيين يعبدون الصخور والماشية والضأن وأرواح الكهوف كما عبدوا الأفعى لأنها تمثل الحكمة والخلود (2), إلا أن ديانتهم الوثنية لم تترق كثيراً , فكانوا لا يعرفون اليوم الآخر والجنة والنار .
ومن أعيادهم المشورة (عيد المظال أو عيد الحصاد), وفيه كانوا يسكنون تحت أغصان الأشجار لمدة اسبوع يجتمعون ويقدمون العطايا لخدام الله والفقراء والغرباء ويقصون الأحاديث عن تاريخهم . ومن أعيادهم أيضاً (خدمة الفصح) وهو اجتماع يتم في منتصف الليل يتناولون خلاله الطعام, ثم يصغون بصمت إلى تلاوة قصة الدم المرشوش والملاك المهلك والخروج العظيم من أرض العبودية, وكان يدعى إليه الآباء والابناء فقط ويقام في اورشليم (3) .
وقد اهتم العبرانيون بالتربية اهتماماً كبيراً فهي القوة التي استطاعت أن تبقي عاداتهم واعتقاداتهم على مر العصور, على الرغم من تشردهم في بقاع الأرض . وقد مرت بمرحلتين أساسيتين (4) :
المرحلة الأولى : التربية الدينية والقومية :
لقد كانت التربية لدى العبرانيين في العصور الأولى تربية اسرية منزلية, فلا نجد لديهم قبل ظهور الديانة المسيحية أي أثر لمدارس عامة للصغار على الأقل, بل كانت حياة الاسرة هي قوام هذا المجتمع البدائي الذي كان يجهل معنى الدولة والرئيس. ولا يتخذ رئيساً إلاّ الاله. فكان الطفل يربى على الإخلاص للإله (يَهْوَه) , ولم يكن هناك معلومات كثيرة يتعلمها, بل كان يتعلم القواعد الخلقية والمعتقدات الدينية عن طريق المثال والقدوة, ولا عجب في ذلك فالإنسان الكامل عند العبرانيين هو التقي الفاضل الذي يبلغ هذا المثل الأعلى الذي سنّه الاله نفسه في التوراة . إذ قال (كونوا قدّيسين مثلما أنا قديس, أنا ربكم الخالد). أما النظام فكان قاسياً كما تدل على ذلك نصوص عديدة في التوراة. وقد كان ضرب الأطفال جائزاً بل واجباً. وكان الفتيان وحدهم يتعلمون القراءة والكتابة, أما الفتيات فكن يتعلمن الشؤون المنزلية و..., ومن هنا فالتربية الفكرية لدى العبرانيين القدامى كانت ثانوية, أما العمل الرئيسي في نظرهم فهو التعليم الخلقي والديني والتربية القومية .
المرحلة الثانية : تقدم التعليم العام .
لقد اختلفت أحوال التربية عند العبرانيين بعد ظهور الديانة المسيحية, وزاد اهتمامهم بالتربية الفكرية كثيراً, فأصبحت التربية عامة تهدف إلى تعليم الأطفال شؤون الثقافة والفكر, بعد أن كانت قاصرة على تعليم المبادئ الخلقية الطيبة, والعادات الدينية المقدسة. فقد حاول اليهود الانتقام لأنفسهم من انتشار الدين المسيحي وذلك عن طريق الثقافة والعلم. وتحقيقاً لهذا الغرض فقد فرض الكاهن اليهودي جوزيا بن جامالا (Jose' Ben Gamala) على كل مدينة إنشاء مدرسة, تحت طائلة العقوبة والحرمان لمن يمتنع. وقد أوجب على كل مدينة يخترقها نهر دون أن يكون هناك جسر قوي يعبر عليه ضرورة إنشاء مدرسة في الضواحي, ويتضح مدى اهتمام اليهود بإنشاء المدارس في هذه المرحلة من الفقرة الواردة في التلمود: (إذا لم يجاوز عدد الأطفال خمسة وعشرين, قاد المدرسة معلم واحد, و إذا جاوز هذا العدد, فعلى المدينة أن تؤجر مساعداً له, و إذا جاوز الأربعين لزمها معلمان).
وقد كان الطفل العبراني يدخل المدرسة في سن السادسة, يتعلم فيها القراءة والكتابة وشيئاً من التاريخ الطبيعي, وكثيراً من الهندسة والفلك, أما الطريقة المتبعة في تعليم القراءة والكتابة فهي الطريقة الشرقية, أي الحفظ والتكرار الآلي الرتيب, كما هو الحال في الكتاتيب, وكان الأطفال يستعملون التوراة في تعليمهم, كما كان المعلمون يهتمون باللفظ الصحيح, وتكرار الشرح كثيراً, وتقديم النصائح الخلقية في دروس القراءة.
أما طريقة التدريس في هذه المرحلة فقد كانت جذابة ومشوقة . والنظام كان ليناً بعض الشيء ويقول التلمود (عاقب الأطفال بإحدى يديك, وداعبهم بكلتيهما) ومع ذلك فقد سمحوا باستخدام العقاب البدني لمن جاوز الحادية عشرة من الأطفال, إذ يجوز حرمانهم من تناول الخبز أو الضرب .
أما ما يؤخذ على التربية العبرانية, إنها اختلفت عن التربية الشرقية في جانب مهم وأساسي فالذي يميز التربية الشرقية عامة هو: روح المحافظة والجمود والحد من حرية الفرد للألوهية المشخصة, أما العبرانيون فقد اهتموا بنمو الشخصية الحميمة مع الإله والمسؤولية الفردية تجاهه.
كما تميزوا بالحقد والحسد وضيق النظرة لكل من عداهم من أفراد الجنس البشري, أما في
النواحي الأخرى كتنظيم المدارس ومناهج الدراسة وأساليب التدريس فلم يشذوا عن الطابع الشرقي .
_____________
1ـ عامر سليمان وزميله : محاضرات في التاريخ القديم . المرجع السابق ص360 – ص364.
2ـ وول ديورانت : قصة الحضارة , ترجمة محمد بدران ج2 ص331 .
3ـ السيد ألن هوايت: التربية الحقيقية , بيروت , دار الشرق الأوسط للطبع والنشر 1970 ص47 – 49 .
4ـ عبد الله عبد الدايم: التربية عبر التاريخ , المرجع السابق ص29 – 32 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|