نيماتودا تعقد الجذور

Root-Knot Nematodes (Meloidogyne spp)

١- الأهمية الاقتصادية

تسبب الأنواع المختلفة من جنس Meloidogyne مرض تعقد الجذور Root-Knot علی الالاف من النباتات في جميع أنحاء العالم. وتعتبر نيماتودا تعقد الجذور أهم نيماتودا نباتية على الإطلاق ، كما يعتبرها الكثير من علماء أمراض النبات أحد أهم وأخطر خمسة مسببات مرضية اقتصادية في العالم. وتعود تلك الأهمية إلى عدة عوامل لعل من أهمها انتشارها الواسع في جميع أنحاء العالم ، ومداها العوائلي الواسع ، وكذلك تعاونها مع الأحياء الأخرى – وخاصة الفطريات والبكتيريا - في إحداث الكثير من الأمراض النباتية المركبة التي يصعب مكافحتها، بالإضافة إلى قدرتها على كسر مقاومة النباتات لبعض الأمراض الأخرى ، أو إضعاف النباتات وتهيئتها للإصابة بأحياء ثانوية غير قادرة على الإصابة وحدها. تسبب هذه النيماتودا خسائر اقتصادية فادحة للمحاصيل الزراعية، خاصة في المناطق الدافئة والأراضي الرملية، قد تصل إلى تلف كامل للمحصول. وتشكل نيماتودا تعقد الجذور جزءاً كبيراً ومهمًا في علم نیماتودا النبات، وقد تم وضع عدة مؤلفات خاصة بها، وقامت حولها عدة مشروعات بحثية كبيرة وطنية ودولية، لعل من أهمها المشروع الدولي (IMP) تحت إشراف البروفسور ساسر Sasser في الولايات المتحدة الأمريكية الذي شاركت فيه بضعة أقطار عربية.

٢- الوصف

تتميز الاناث عن الذكور واليرقات، حيث تتخذ الاناث الناضجة شكلا كمثريا بينما تحتفظ الذكور واليرقات بشكلها الدودي. ويستدق الطرق الأمامي للأنثى قليلاً ليشكل منطقة عنق ضيقة ورأسا متحركاً، ويبلغ متوسط طول جسمها حوالي ۷۰۰ ميكرون بقطر حوالي 400 ميكرون، كما يتميز المريء في الانثى بضخامة البصلة الوسطى وفي حجم غدده القاعدية. أما الذكور فهي دودية الشكل، ليس لها جراب تناسلي، وطولها حوالي 1400 ميكرون بقطر ۳۰ ميكرونا، بينما يلغ متوسط طول اليرقات 400 ميكرون بقطر 15 ميكرونا. يوضع البيض في كتل جيلاتينية تفرزها غدد المستقيم من فتحة الشرج، وتختوي كيس البيض الواحد علی 300-500 بيضة.

الشكل رقم (1). نيماتودا تعقد الجذور sp Meloidogyne

(أ) الذكر (ب) الجزء الأمامي للذكر (ج) الجزء الأمامي للأنثى (د) الطور البرقي الثاني (هـ) الجزء الخلفي للذكر (و) الأنثى.

.(عن: 1967 ،Taylor)

٣- المدى العوائلي

تصيب الأنواع المختلفة من هذه النيماتودا ما لا يقل عن 2500 نوع نباتي، تشمل جميع أنواع المحاصيل الاقتصادية المزروعة تقريباً، وكذلك الكثير من الأشجار ونباتات الزينة والحشائش. ويكاد لا يخلو أي نبات اقتصادي مزروع من الإصابة بواحد أو أكثر من أنواع هذه النيماتودا. وتعتبر نيماتودا تعقد الجذور غير متخصصة بصورة عامة، إلا أن هناك عددا محدودا من أنواعها (مثل M. ovalis, M. exigila). يعتبر متخصصا إلى حد ما، حيث يصيب عددا محدودا من نباتات معينة.

٤- الأنواع

يعرف حتى الآن ما لا يقل عن 80 نوعا من نيماتودا تعقد الجذور، بعضها منتشر في جميع أنحاء العالم ، والبعض الآخر يتركز في مناطق بيئية معينة . ولا يكاد يمر عام واحد – وخاصة في السنوات القليلة الماضية – دون اكتشاف بضعة أنواع جديدة منها.

وتعتبر الأنواع الأربعة التالية M. aremaria, M. hapla, M. javamica, M. incognita. هي الانواع الرئيسة والأكثر شيوعا في الأراضي الزراعية، حيث تشكل هذه الأنواع الأربعة أكثر من 95٪ من أنواع نيماتودا تعقد الجذور في الأراضي الزراعية في العالم. ويتبع النوع M. incognita أربع سلالات مرضية، بينما يتبع النوع M. arenaria سلالتان (الجدول رقم 1).

٥- التمييز بين الأنواع المختلفة

هناك عدة طرق تستخدم للتمييز بين الأنواع المختلفة من نيماتودا تعقد الجذور، بعضها يعتمد على الصفات المورفولوجية مثل النمط العجاني للأنثى، وشكل الرأس في الذكر، والشكل المورفولوجي للرمح. فيما يعتمد البعض الأخر على الصفات الوراثية كعدد الكروموسومات وطريقة التكاثر، أو الصفات الكيموحيوية، أو على القدرة الإمراضية للنوع على عوائل نباتية مفرقة. وتعتبر طريقة النمط العجاني للأنثى وطريقة العوائل المفرقة من أهم الطرق وأكثرها استخداماً.

أ) النمط العجاني  Perineal Pattern

النمط العجاني عبارة عن الشكل المورفولوجي لمؤخرة جسم الأنثى الذي يوضح شكل وترتيب تخطيط الكيوتيكل في هذه المنطقة من الجسم، بالإضافة الى نهاية الذيل، والفتحات الفازميدية ، والخطوط الجانبية للحقل الجانبي، وكذلك فتحتا الشرج والجهاز التناسلي (الشكل رقم 2). ويتميز كل نوع من انواع هذه النیماتودا بنمط عجاني ذي شكل خاص به، كما هو الحال في بصمات أصابع الإنسان.

يختلف كل نوع في الشكل العام للنمط العجاني (مستدير، بيضي، کمثري، قوسي)، وكذلك في وجود – أو عدم وجود تراكيب في منطقة الحقلين الجانبيين أو تنقيط حول نهاية الذيل. وكذلك في شكل تخطيط الكيوتيكل (ناعم، مستمر، متقطع، متموج، متعرج) بالإضافة إلى وجود – أو عدم وجود – أجنحة على جانب، آو كلا جانبي، النمط (الشكل رقم 2 أ- د).

يعتبر استخدام النمط العجاني في التمييز بين جميع الأنواع طريقة سريعة، لكنها طريقة تحتاج إلى مهارة فنية في عمل النمط، وخبرة في التمييز بين الأنماط، التي أحياناً ما تتشابه كثيراً، لكنها لا تميز بين السلالات داخل النوع الواحد. وهناك عدة محاولات حديثة لتحسين الطريقة وزيادة كفاءتها.

ب) اختبار العوائل المفرقة  Differential Host Test

وهو اختبار خاص لتمييز الأنواع الأربعة الشائعة M. hopla، و M. javanica , M. incognita , M. arenaria تم تطويره في جامعة ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الامريكية، ولذلك يسمى احيانا باختبار كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك يسمى أحياناً باختبار كارولينا الشمالية للعوائل المفرقة. ويعتمد هذا الاختبار على مدى قابلية إصابة – أو مقاومة – أصناف معينة، في ستة عوائل نباتية قياسية، للأنواع الأربعة الشائعة من نيماتودا تعتقد الجذور. وتشمل هذه العوائل أصنافاً معينة من كل من القطن، والتبغ، والفلفل، والبطيخ، والفول السوداني، وكذلك الطماطم. وعلى ضوء إصابة – أو عدم إصابة – هذه النباتات (متوسط عدد كتل البيض والعقد على الجذور) بالنيماتودا المختبرة يتم تعريفها بالمقارنة مع جدول قياسي (جدول رقم 1).

الشكل رقم (2). صور بالمجهر الضوئي توضح الأنماط العجانية لأربعة أنواع من نيماتودا تعقد الجذور. (أ) Meloidogune javanica ، ( ب) M. incognita ( ج)  M. hapla( د)  M. arenaria

.(عن: 1985، Eisenback)

الجدول رقم (1).الجدول القياسي لاختبار العوائل المفرقة للتمييز بين الأنواع الأربعة الشائعة من نيماتودا تعقد الجذور.

يتميز هذا الاختبار بأنه لا يحتاج إلى خبرة ومهارة فنية، كما أنه يميز أيضا بين السلالات المرضية المختلفة داخل النوع الواحد. فقد وجد أن النوع M. incognita يحتوي على أربع سلالات مرضية (حسب الإصابة على نباتات القطن والتبغ)، وكذلك يحتوي النوع M. Grendria على سلالتين (حسب الإصابة على الفول السوداني). إلا أن من عيوب هذا الاختبار اقتصاره على الأنواع الأربعة الشائعة (حديثاً أضيف النوع M. chiMoodl)، وكذلك طول الفترة اللازمة للحصول على نتائج يمكن مقارنتها بالجدول القياسي، حيث لابد من مرور شهر على الأقل بعد تلقيح النباتات بالنيماتودا للحصول على نتائج. كذلك فإن هذا الاختبار يعتبر أوليا لا يعتمد عليه وحده ، ويحتاج إلى تدعيمه بمعرفة الصفات المورفولوجية لنوع النيماتودا، كالنمط العجاني للأنثى وغيره من الصفات الأخرى.

٦- الأعراض

يعتبر وجود العقد الجذرية Galls على جذور النباتات المصابة من أهم الأعراض المميزة لهذا المرض (الشكلان 3،4). وحيث إن هناك بعض الأحياء الأخرى في التربة تسبب عقدا على الجذور، مثل بكتريا العقد الجذرية (الشكل رقم 5) وأنواع أخرى من النيماتودا الخارجية، لذلك يجب الحذر وعدم التسرع في الحكم علی الاصابة بنیماتودا تعقد الجذور من مجرد وجود عقد علی الجذور، وخاصة من جانب الشخص المبتدئ، بل يلزم فحص الجذور واستخلاص النيماتودا استكمالا للتشخيص. عادة ما تتميز العقد الجذرية المتسببة عن النوع M, halpa بانها صغيرة، تخرج منها جذور ثانوية، بينما تكون العقد في الأنواع الشائعة الأخرى عادة ضخمة وخشنة الملمس. ويتحول الجذر إلى اللون البني عند تقدم الإصابة، ويحدث تعفنا وتحللاً للأنسجة (الشكل رقم 4) نتيجة لاستعمارها بالكائنات المترممة في التربة، وفي هذه الحالة تصل كفاءة الجذر في امتصاص الماء والاملاح من التربة الى ادنى مستوى.

الشكل رقم (3). تعقد الجذور Root-knot نتيجة الإصابة بنيماتودا تعقد الجذور في الطماطم

الشكل رقم (4). إصابة متقدمة بنيماتودا تعقد الجذور على الطماطم. لاحظ تحلل أنسجة الجذر وغياب الجذور الثانوية والشعرية المغذية.

الشكل رقم (5). مقارنة العقد البكتيرية ( إلى اليمين) على جذور البقوليات الناتجة عن بكتيريا  Bradyrhizobiumوالعقد النيماتودية ( إلى اليسار ) الناتجة عن نيماتودا تعقد الجذور ( تأخذ أكياس البيض اللون الزهري عند صبغها بصبغة الفلوكسين ب ).

تتميز الأعراض التشرحية في الجذور بوجود بضع خلايا عملاقة Giant Cells في منطقة الأسطوانة الوعائية حول منطقة رأس النيماتودا (الشكل رقم 6)، وهي خلايا كبيرة الحجم ذات أنوية متعددة كبيرة، تعمل على إمداد النيماتودا بالغذاء.

أما الأعراض الظاهرية على المجموع الخضري فهي غير متخصصة، وتشمل ضعفاً عامًا في نمو النبات، يصاحبه عادة اصفرار الأوراق وأعراض تشبه نقص العناصر الغذائية، وكذلك الذبول خاصة في الظهيرة، كما يحصل نقص كبير في كمية المحصول الناتج ونوعيته.

وتعتبر مشاهدة العلامات المرضية، كوجود أكياس البيض على سطح العقد (وخاصة بعد صبغها) والإناث واليرقات داخل الجذور، من ضروريات عملية التشخيص.

الشكل رقم (6). قطاع عرضي في جذر مصاب بنيماتودا تعقد الجذور يوضح الخلايا العملاقة في منطقة الأسطوانة الوعائية حول رأس النيماتودا. لاحظ زيادة حجم هذه الخلايا وتعدد الأنوية فيها.

(عن:  APS Slide Collection)

٧- دورة حياة نيماتودا تعقد  الجذور

تضع الأنثى الناضجة البيض في كيس البيض الجيلاتيني (الشكل رقم 7)، الذي يبرز عادة إلى سطح الجذر. يتطور الجنين داخل البيضة إلى أن يصل إلى الطور اليرقي الأول، ثم يحدث له انسلاخ أول داخل البيضة، ويتكون الطور اليرقي الثاني. يفقس البيض عند توافر الحرارة والرطوبة المناسبتين، ويخرج الطور اليرقي الثاني النشط وهو الطور الوحيد القادر على الإصابة، ويخترق هذا الطور جذيرات النبات العائل عند القمة النامية للجذر عادة، ويتحرك خلال طبقة القشرة ليستقر بحيث يكون الطرف الأمامي لليرقة في اتصال مباشر مع الأسطوانة الوعائية للجذر. وتبدأ اليرقة في استحثات النبات لتكوين بضع خلايا عملاقة حول رأسها، ومن هذه الخلايا تستمد غذاءها، وفي هذه المرحلة يبدأ تكوين العقد الجذرية. تستمر اليرقات في التغذية ويزداد قطر جسمها ليتحول من الشكل الدودي إلى شكل السجق Sausage-Shape بعد حوالي 10-15 يوما من بداية التغذية. وفي هذه المرحلة تتوقف اليرقات عن التغذية، وتمر بثلاثة انسلاخات خلال بضعة أيام قليلة، ليتكون في النهاية الطور الكامل للإناث والذكور. تستعيد الذكور الشكل الدودي وتترك الجذور إلى التربة، حيث إن التكاثر في هذا الجنس غالبا ما يكون تكاثراً بكريا. أما الأنثى فتنضج وتتخذ شكلاً كمثريا وتبقى ساكنة، وتتغذى على الخلايا العملاقة وتضع البيض في أكياس جيلاتينية. تستغرق دورة الحياة في الفصول الدافئة حوالي 3-4 أسابيع، بينما تكون أطول في الفصول الباردة. وعموما يبلغ متوسط عدد الأجيال في السنة 7-10 أجيال متداخلة، وذلك بشرط وجود عوائل مناسبة طوال العام.

الشكل رقم (7). دورة حياة نيماتودا تعقد الجذور.

(أ) تطور الجنين داخل البيضة (ب) الطور اليرقي الثاني داخل البيضة (ج) الطور اليرقي الثاني بعد الفقس (د) الطور اليرقي الثاني (للأنثى) بعد بداية التغذية (لاحظ تحول الشكل من الدودي إلى شكل السجق، وكذلك بداية تكون الغدد التناسلية للأنثى). (هـ) الطور اليرقي الثالث، (و) الطور اليرقي الرابع للأنثى والذكر (♀) للأنثى (♂) وللذكر (ز) الطور الكامل للأنثى والذكر (لاحظ الشكل الدودي للذكر، والكمثري للأنثى مع كيس البيض).

.(عن 1978، Taylor and Sasser)