الكيمياء الفراغية والايزومر الفراغي Stereochemistry and stereoisomerism

ذكرنا أن علم الكيمياء العضوية قد بنى على العلاقة بين البنية الجزيئية والخواص، ويسمى الفرع من العلم، الذي يتعامل مع البنية ثلاثية الأبعاد الكيميائية الفراغية (من الكلمة اليونانية ستيريو وتعني جامد).

يعد الايزومر الفراغي أحد مظاهر الكيمياء الفراغية. والمماكبات كما نذكر، مركبات مختلفة تملك الصيغة الجزيئية نفسها. يدعى النوع الخاص من المماكبات التي تختلف بعضها عن بعض، فقط، بالطريقة التي تتوجه فيها الذرات في الفراغ (ولكنها تتشابه من حيث ارتباط الذرات ببعضها) المماكبات الفراغية.

تختلف أزواج المماكبات الفراغية قليلاً في بنيتها وبالتالي في خواصها، ومن بين جميع القياسات الفيزيائية التي يمكن إجراؤها عليها، يوجد قياس واحد فقط يتضمن استعمال أداة خاصة ونوعاً غير عادي من الضوء، ويمكنه التمييز بينها. وعلى الرغم من التشابه الكبير بين هذه المماكبات، فإن وجودها يمدنا بواحدة من أهم الطرائق في دراسة آليات التفاعلات الكيميائية. وغالباً، ما يختار أحد هذه المماكبات للدراسة، لا لأنه يختلف عن المركبات العادية في كيميائية ثلاثية الأبعاد فحسب، بل لأنه يحضر بغية إيضاح ما تخبئه المركبات العادية. مرة أخرى، وبالرغم من التشابه الكبير، فإن أحد الزوجين المايزومرين يمكن أن يستخدم بوصفه مادة غذائية، أو مضاد حيوي، أو منشط قوي للقلب، في حين يكون المماكب الآخر عديم الفائدة.

كنا قد بدأنا دراستنا لفرع الكيمياء الفراغية يدعى التحليل التهايؤي  وسندرس كيف نتنبأ بوجود نوعين من المماكبات الفراغية يدعيان المتخايلات enantiomers واللامتخايلات (المماكبات الدياستيرية) diastereomers، وكيف نمثل ونعمم بُناها، وعموماً، كيف نقارن خواصها. وبعد ذلك سيتحول اهتمامنا عن ماهية هذه المماكبات الى كيفية تشكلها، وكيفية عملها وماذا يمكنها أن تعلمنا. ولكن الكيمياء الفراغية تخترق الكيمياء العضوية، وسنعود اليها مراراً وتكراراً عبر ما تبقى من الكتاب، وذلك لإغناء معرفتنا بمفاهيم أساسية في الكيمياء الفراغية، ومساعدتنا، ببساطة، على فهم كيف تجري التفاعلات الكيميائية.