المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

الأذان والإقامة
7-1-2020
الأمانة
22-9-2016
الفعل الرباعي
28-1-2023
من ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد
12-3-2021
يوستنيانوس وثيودورة.
2023-10-06
اتجاهات السكان والتحولات الاجتماعية والحضرية في الوطن العربي- السكان والتحضر
24-11-2019


لم يكن رسول الله يهتم بتعيين أولي الأمر من بعده في حياته وانما اوكل ذلك لاختيار المسلمين  
  
1429   10:58 صباحاً   التاريخ: 17-11-2016
المؤلف : السيد مرتضى العسكري
الكتاب أو المصدر : معالم المدرستين
الجزء والصفحة : ج1 - ص 276- 289
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / إمامة الائمـــــــة الاثني عشر /

 

[جواب الشبهة] :

إن أمر الإمامة بعد الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) كان من الأمور المهمّة الّتي لم تغب عن بال الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) و من كان حوله، بل كانوا يفكّرون فيه منذ البدء؛ فقد رأينا بيحرة من بني عامر بن صعصعة يشترط على رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) لإسلامهم أن يكون لهم أمر من بعد الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) ، ورأينا هوذة الحنفي يطلب من الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) منحه شيئا من الأمر.

وكذلك كان الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) - أيضا- يفكّر في الأمر من بعده و يدبّر له منذ أوّل يوم دعا إلى الإسلام، و أوّل يوم أخذ فيه البيعة لإقامة المجتمع الإسلامي.

أمّا تدبيره في أوّل يوم أخذ فيه البيعة لإقامة المجتمع الإسلامي، فقد كان ما رواه البخاريّ و مسلم في صحيحيهما، و النسائيّ و ابن ماجة في سننهما، و مالك في الموطّأ، و أحمد في المسند، و غيرهم في غيرها- و اللّفظ للأوّل- قال:

قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) على السمع و الطاعة في (العسر و اليسر) و المنشط و المكره. و أن لا ننازع الأمر أهله ... ‏ (1).

وعبادة هذا كان أحد النّقباء الاثني عشر على الأنصار يوم بيعة العقبة الكبرى‏‏ (2) حين قال النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) للنيف والسبعين من الأنصار الّذين بايعوه:

أخرجوا إليّ اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم. فأخرجوا من بينهم اثني عشر نقيبا، فقال رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) للنّقباء: أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء، ككفالة الحواريّين لعيسى بن مريم (عليهما السلام) ... ‏ (3).

إنّ عبادة بن الصّامت أحد أولئك النّقباء الاثني عشر روى من بنود البيعة الّتي بايعوا الرسول عليها: «أن لا ينازعوا الأمر أهله».

وإنّما أراد رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) من (الأمر) الوارد في هذا الحديث الصّحيح، و الّذي يذكر فيه أخذ البيعة من اثنين و سبعين رجلا وامرأتين من الأنصار أن لا ينازعوا الأمر أهله، هو الأمر الّذي تنازعوا عليه في سقيفة بني ساعدة‏ (4)، وأهل الأمر هم الّذين ذكرهم اللّه تعالى في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وإنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) وإن لم يشخص هنا وليّ الأمر من بعده، لأنّه لم يكن من الحكمة أن يعرّف وليّ الأمر من بعده و هو من غير قبيلة الأنصار، و لعلّ نفوس بعض المبايعين لم تكن تتحمّل ذلك يومئذ، غير أنه أخذ البيعة منهم أن لا ينازعوه حين يعيّنه لهم بعد ذلك.

و قد عيّن الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) وليّ الأمر من بعده و شخص وصيّه و خليفته في مجتمع أصغر من هذا المجتمع، و ذلك في أوّل يوم دعا الأقربين إليه للإسلام، كما رواه جمع من أهل الحديث و السير مثل: الطبري، و ابن عساكر، وابن الأثير، وابن كثير، والمتّقي، وغيرهم- واللفظ للأوّل‏‏ (5) - قال: عن عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) قال:

لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) : {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]. دعاني رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فقال لي :

يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، و عرفت أنّي متى أباديهم بهذا الأمر، أرى ما أكره، فصمتّ عليه، حتّى جاءني جبرئيل فقال: يا محمّد إن لا تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك. فاصنع لنا صاعا من طعام، و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسّا من لبن، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم و أبلّغهم ما أمرت به.

ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب، و حمزة، و العبّاس، وأبو لهب.

فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطّعام الّذي صنعت لهم، فجئت به. فلمّا وضعته تناول رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) حذية (أي: قطعة) من اللّحم فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصّحفة، ثمّ قال: خذوا بسم اللّه. فأكل القوم حتّى ما لهم بشي‏ء من حاجة، و ما أرى إلّا موضع أيديهم. و أيم اللّه الّذي نفس عليّ بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم. ثمّ قال: اسق القوم. فجئتهم بذاك العسّ، فشربوا منه حتّى رووا منه جميعا، و أيم اللّه إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلمّا أراد رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) أن يكلّمهم، بدره أبو لهب إلى الكلام فقال :

لشدّ ما سحركم صاحبكم. فتفرّق القوم و لم يكلّمهم رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فقال الغد: يا عليّ إنّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فعد لنا من الطّعام بمثل ما صنعت، ثمّ اجمعهم إليّ.

قال: ففعلت، ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطّعام، فقرّبته لهم ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتّى ما لهم بشي‏ء حاجة، ثمّ قال: اسقهم. فجئتهم بذاك العسّ، فشربوا حتّى رووا منه جميعا. ثمّ تكلّم رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فقال:

يا بني عبد المطّلب، إنّي و اللّه ما أعلم شابّا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به. إنّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، وقد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه. فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي و خليفتي فيكم؟

قال: فأحجم القوم عنها جميعا و قلت- و إنّي لأحدثهم سنّا، و أرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا-: أنا يا نبيّ اللّه أكون‏ وزيرك عليه. فأخذ برقبتي، ثمّ قال: إنّ هذا أخي و وصيّي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع.

كانت هذه الدعوة في السنّة الثالثة من البعثة، وهي أوّل مرّة أظهر فيها الرّسول( صلى الله عليه [ واله ] ) الدعوة إلى الإسلام، و شخّص فيها الإمام من بعده و عرّفه للأقربين إليه. وإنّما فعل ذلك هنا، ولم يفعله بعدها بعشر سنوات و يوم أخذ البيعة من الأنصار لإقامة المجتمع الإسلامي، لأنّ الإمام كان من غير قبائل الأنصار وكان بناء المجتمع عندهم على أساس قبلي، ولم يكن من الحكمة أن يأخذ البيعة منهم لمن يلي الأمر بعده وهو ليس من قبائل الأنصار، فاكتفى في ذلك المقام بأخذ البيعة منهم أن لا ينازعوه في الأمر.

وفي هذه المرّة شخّصه للأقربين إليه في محاورة شبيهة بمشاورة أصحابه في غزوة بدر، فإنّه مع علمه في غزوة بدر بعاقبة الأمر، كما أخبر بها أصحابه بعد الانتهاء من المشاورة و أراهم مصارع المشركين، مع ذلك استشارهم أوّل الأمر في ما يفعل، و كذلك فعل هنا، فإنّه مع علمه بالعاقبة و أنّ الّذي يقبل مؤازرته هو الإمام عليّ، مع ذلك علّق تعيين الوزير و الوصيّ والخليفة من بعده على قبول المؤازرة في التبليغ و ليتقدّم بالقبول أيّهم شاء، و لمّا أبى كلّهم ذلك، وبادر بالقبول ابن عمّه عليّ، أخذ برقبته و قال فيه ما مرّ و أمرهم بطاعته.

رأينا في ما مرّ بنا إلى هنا اهتمام الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) بأمر الإمامة من بعده:

يشخّصه في مكان، و يأخذ البيعة أن لا ينازعوه في مكان آخر، و يقابل طمع الطّامعين بالرفض في غيرهما.

ومن أجل أن ندرك مدى اهتمام الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) بأمر من يستخلفه من‏ بعده، ندرس في ما يأتي ما كان يعمله ( صلى الله عليه [ واله ] ) عند ما يغيب عن المدينة أيّاما معدودات في الغزوات، و كيف كان يعيّن خليفة عليهم من بعده.

ذكر من استخلف الرسول (صلى الله عليه واله) على المدينة في غزواته :‏

في السنة الثانية من الهجرة:

أذن لرسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) بالقتال في صفر من السنة الثانية، فغزا بالمهاجرين يعترض عيرا لقريش فبلغ ودّان والأبواء‏ (6).

أولا: استخلف سعد بن عبادة سيّد الخزرج من الأنصار خمس عشرة ليلة، مدة غيبته عن المدينة.

ثانيا: استخلف في غزوة بواط‏ (7) سعد بن معاذ من سادة الأوس من الأنصار في ربيع الأول.

ثالثا: استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوته لطلب كرز بن جابر الفهري- و كان أغار على سرح المدينة- فبلغ( صلى الله عليه [ واله ] ) سفوان و فاته كرز و السرح‏‏ (8).

رابعا: استخلف أبا سلمة المخزومي في غزوة ذي العشيرة، حين ذهب في جمادى الأولى أو الثانية يعترض عيرا لقريش ذاهبة إلى الشام ، ففاتته ، وكان‏ القتال ببدر في رجوعها من الشّام‏‏ (9).

خامسا: استخلف ابن أمّ مكتوم الضرير في غزوة بدر الكبرى، و غاب عن المدينة تسعة عشر يوما‏ (10).

سادسا: استخلف أبا لبابة الأنصاري الأوسي في غزوة بني قينقاع‏‏ (11).

سابعا: استخلف أيضا أبا لبابة في غزوة السويق ، و كان خروجه (صلى الله عليه واله) في طلب أبي سفيان حين أقبل في مائتي راكب ليبرّ بنذره أن لا يمسّ الطّيب والنّساء حتى يثأر لأهل بدر، و انتهوا إلى العريض فبلغهم خروج النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) فجعلوا يلقون جرب السويق تخفّفا، فسمّيت غزوة السويق‏‏ (12).

في السنة الثالثة:

ثامنا: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة قرقرة الكدر، و سار( صلى الله عليه [ واله ] ) للنّصف من المحرّم يريد سليم و غطفان- قبيلتين من قيس عيلان- فانجفلوا، و غنم من أموالهم، و رجع و لم يلق كيدا‏ (13).

تاسعا: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة فران، و غاب عن المدينة عشرة أيّام من جمادى الآخرة، فتفرّقوا و لم يلق كيدا‏ (14).

عاشرا: استخلف عثمان بن عفّان في غزوة ذي أمر بنجد، سار( صلى الله عليه [ واله ] ) يريد غطفان، فانجفلوا من بين يديه ولم يلق كيدا، وغاب فيها عن المدينة عشرة أيّام.

حادي عشر: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة أحد، و قاتل المشركين في سفح جبل أحد- على بعد ميل من المدينة- غاب فيها عن المدينة يوما واحدا.

ثاني عشر: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة حمراء الأسد - على بعد عشرة أميال من المدينة - سار في طلب أبي سفيان حين بلغه أنه يريد الكرّ على المدينة، ففاته أبو سفيان و من معه، فأقام فيها ثلاثة أيّام، ثم عاد إلى المدينة.

في السنة الرابعة:

ثالث عشر: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة بني النضير بناحية الغرس، حصرهم خمسة عشر يوما، ثم أجلاهم عنها‏ (15).

رابع عشر: استخلف عبد اللّه بن رواحة الأنصاري في غزوة بدر الثالثة ستّة عشر يوما، و أقام فيها ثمانية أيّام لموعد أبي سفيان إيّاهم في أحد أنه سيقاتلهم العام القادم في بدر، و خرج أبو سفيان من مكّة إلى عسفان، ثم عاد منها إلى مكة‏ (16).

في السنة الخامسة:

خامس عشر: استخلف في غزوة ذات الرقاع عثمان بن عفّان خمس عشرة ليلة و خرج لعشر خلون من المحرّم، فأجفلت العرب من بين يديه و لحقوا برؤوس الجبال و بطون الأودية‏ (17).

سادس عشر: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة دومة الجندل حين سار إلى أكيدر بن عبد الملك النصراني- و كان يعترض سفر المدينة و تجارتهم- فهرب و تفرّق أهلها، فلم يجد بها أحدا، فأقام أيّاما و عاد إلى المدينة و هي أوّل غزواته إلى الروم‏‏ (18).

سابع عشر: استخلف مولاه زيد بن حارثة في غزوة بني المصطلق على ماء المريسيع ثمانية عشر يوما، خرج فيها لليلتين خلتا من شعبان‏‏ (19).

ثامن عشر: استخلف في غزوة الخندق ابن أمّ مكتوم، و هو يقاتل الأحزاب دون الخندق من داخل المدينة في شهر شوّال أو ذي القعدة.

تاسع عشر: استخلف أبا رهم الغفاري في غزوة بني قريظة، و هم على بعض يوم من المدينة، حصرهم خمسة عشر يوما أو أكثر، بدأهم بسبع بقين من ذي القعدة‏ (20).

في السنة السادسة :

عشرين: استخلف في غزوة بني لحيان من هذيل، بالقرب من عسفان، ابن أمّ مكتوم، أربع عشرة ليلة و رجع و لم يلق كيدا‏ (21).

حادي وعشرين: استخلف ابن أمّ مكتوم، خمس ليال في غزوة ذي قرد، على ليلتين من المدينة‏ (22).

ثاني وعشرين: استخلف ابن أمّ مكتوم في غزوة الحديبية‏ (23).

في السنة السابعة:

ثالث وعشرين: استخلف سباع بن عرفطة في غزوة خيبر، و هي على بعد ثمانية برد من المدينة، و بعد فتح قلاعها عنوة و صلحا سار إلى وادي القرى فحصرهم أيّاما حتى افتتحها عنوة، ثمّ صالح أهل تيماء و هي على ثمانية مراحل من الشّام، و وادي القرى بينها و بين المدينة‏ (24).

رابع و عشرين: و استخلف أيضا سباع بن عرفطة في عمرة القضاء‏ (25).

في السنة الثامنة:

خامس وعشرين: استخلف على المدينة أبا رهم الغفاري في غزوة مكّة.

سادس وعشرين: سار بعد غزوة مكّة إلى هوازن لغزو حنين، و حنين واد إلى جانب ذي المجاز يبعد ثلاث ليال عن مكّة، وبقي- أيضا- أبو رهم واليا على المدينة في هذه الغزوة.

سابع و عشرين: واستخلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك- على بعد تسعين فرسخا من المدينة-.

وهي آخر غزواته، و كانت غزواته ثمانيا و عشرين غزوة إن اعتبرنا خيبر و وادي القرى غزوتين، و إلّا فهي سبع و عشرون غزوة.

رجعنا في ذكر أسماء من استخلفهم رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) على المدينة في غيابه عنها إلى التنبيه و الإشراف للمسعودي في ذكره التأريخ من السنة الثانية إلى السنة الثامنة من الهجرة، و قد يختلف في ذكر أسماء من ولّاه رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) على المدينة مع غيره أحيانا. أمّا ما ذكره في استخلاف الإمام عليّ على المدينة في غزوة تبوك فقد قال ذلك- أيضا- إمام الحنابلة في مسنده في ما رواه عن سعد بن أبي وقّاص؛ قال:

إنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه [ واله ] ) حين خرج في غزوة تبوك استخلف عليها عليّا (رض) على المدينة، فقال عليّ: يا رسول اللّه ما كنت أحبّ أن تخرج وجها إلّا و أنا معك. فقال: أو ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي‏‏ (26).

ويؤيد ذلك أيضا ما رواه البخاريّ في صحيحه في كتاب بدء الخلق باب‏ غزوة تبوك حيث روى عن سعد بن أبي وقاص أيضا أنّه قال:

إنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) خرج إلى تبوك و استخلف عليّا فقال: أ تخلفني في الصّبيان والنساء ؟ قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس نبيّ بعدي‏‏ (27).

وما رواه مسلم- أيضا- في صحيحه عن سعد بن أبي وقّاص أنّه قال:

سمعت رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) يقول له و قد خلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ: يا رسول اللّه خلّفتني مع الصّبيان و النساء؟ فقال له رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) : أ ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي‏ (28) .

هكذا لم يغب الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) في غزواته عن المدينة أيّاما معدودات دون أن يستخلف عليهم من يرجعون إليه مدّة غيابه عن المدينة، بل إنّه لم يغب يوما عن المدينة أو بعض يوم دون أن يستخلف عليهم من يرجعون إليه، كما كان الشأن في غزوة أحد، و كان جبل أحد على بعد ميل من المدينة، فإنّه( صلى الله عليه [ واله ] ) قد عيّن خليفته عليهم مدّة غيابه عنهم، بل و في غزوة الخندق أيضا حيث كان يقاتل في المدينة و استقرّ دون الخندق، عيّن لأهل المدينة المرجع لانشغاله عنهم في الحرب.

إذا كان هذا دأب الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) في غيابه عن المدينة بعض يوم، كذلك في حال انشغاله عنهم بالحرب داخل المدينة، فما ذا فعل لأمّته من بعده هو يتركهم أبد الدهر؟ هل تركهم هملا، و لم يعيّن لهم المرجع من بعده؟

_________________

(1) صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، ح 1، 4/ 163. و لفظ العسر و اليسر في صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية و تحريمها في المعصية، ح 41 و 42. وسنن النسائي، كتاب البيعة، باب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله. وسنن ابن ماجة، كتاب الجهاد، باب البيعة ح 2866. و موطأ مالك، كتاب الجهاد، باب الترغيب في الجهاد، ح 5. ومسند أحمد 5/ 314 و 316 و 319 و 321، و راجع 4/ 411 منه.

وترجمة عبادة بسير أعلام النبلاء 2/ 3. و تهذيب ابن عساكر 7/ 207- 219.

(2) بترجمة عبادة في الاستيعاب 2/ 412. و أسد الغابة 3/ 106- 8107.

(3) الطبري، ط. أوربا 1/ 1221.

(4) راجع نزاع الأنصار القبلي مع المهاجرين في فصل السقيفة و بيعة أبي بكر، بأول الكتاب.

( 5) تاريخ الطبري ط. أوربا 3/ 1171- 1172. و ابن عساكر تحقيق المحمودي ج 1 من ترجمة الإمام. و تاريخ ابن الأثير 2/ 222. و شرح ابن أبي الحديد 3/ 263. و في تاريخ ابن كثير 3/ 39، و قد حذف الألفاظ و قال: كذا و كذا. و كنز العمال للمتقي، 15/ 100 و 115 و 116 منه، و في ص 130: يكون أخي و صاحبي و وليّكم بعدي. و السيرة الحلبية نشر المكتبة الإسلاميّة ببيروت 1/ 285.

( 6) الأبواء: قرية من أعمال فراض على بعد 23 ميلا من المدينة، فيها قبر آمنة أمّ النبيّ (صلى الله علي واله).

و ودّان: قرية على مرحلة من الجحفة بينها و بين الأبواء ستّة أميال. معجم البلدان.

( 7) بواط: من جبال جهينة من طريق الشام، و بين بواط و المدينة ثمانية برد، و برد: جمع البريد و يبلغ البريد: اثني عشر ميلا. في معجم البلدان بمادة بواط.

يبدو جليا مراعاة رسول اللّه (صلى الله علي واله) في الغزوتين الأوليين مشاعر الأنصار القبلية حين استخلف في الأولى سيّد الخزرج و في الثانية سيّدا من الأوس.

( 8) كانت هذه الغزوة أيضا في ربيع الأول و بعد بواط. و سفوان: واد بناحية بدر.

كرز بن جابر بن حسل الفهري: قتل يوم الفتح مع رسول اللّه(صلى الله علي واله). راجع جمهرة أنساب العرب لابن حزم في ذكر نسب بني محارب بن فهر، و بترجمته من الإصابة.

( 9) ذو العشيرة كما في التنبيه، بناحية ينبع يبعد عن المدينة تسعة برد.

و أبو سلمة: عبد اللّه بن عبد الأسد، أمه برة عمّة الرسول(صلى الله علي واله) و ابنة عبد المطّلب. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة. حضر بدرا و خرج في أحد و مات منه في جمادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة. راجع ترجمته في أسد الغابة.

( 10) خرج الرسول(صلى الله علي واله) من المدينة لثلاث خلون من شهر رمضان و وقع القتال يوم الجمعة السابع عشر منه.

( 11) قال أهل السيرة: لمّا قدم اليهود المدينة نزلوا السافلة منها، فاستوخموها فأتوا العالية فنزل بنو النضير بطحان و نزلت بنو قريظة مهزورا- و هما واديان يهبطان من حرة هناك- فاتّخذ بنو النضير الحدائق و الآطام و أقاموا فيها، و أقاموا بها إلى أن غزاهم النبيّ(صلى الله علي واله) وأخرجهم منها. راجع مادة:( بطحان) و( مهزور) من معجم البلدان.

وأبو لبابة: بشير أو رفاعة بن عبد المنذر، اشتهر بكنيته، أحد النقباء في بيعة العقبة، راجع ترجمة بشير و رفاعة و أبي لبابة في أسد الغابة.

( 12) العريض: وادي المدينة. معجم البلدان، مادة:( عريض).

( 13) قرقرة الكدر: ناحية معدن بني سليم ممّا يلي حارة العراق إلى مكّة و هي على بعد ثمانية أيام من المدينة. معجم البلدان، مادة:( قرقرة). سار إليها النبيّ في النصف من المحرم.

( 14) فران: معدن بني سليم بناحية الفرع من المجاز. معجم البلدان و لسان العرب، مادة:

( فران).

( 15) كانت منازل بني النضير من اليهود ببئر غرس بقبا و ما والاها، و قبا: قرية على ميلين من المدينة، و أصله اسم بئر هناك عرفت القرية به. معجم البلدان، مادة:( غرس) و( قبا).

( 16) عبد اللّه بن رواحة الأنصاري الخزرجي: كان نقيب بني الحارث في بيعة العقبة. شهد المشاهد مع رسول اللّه(صلى الله علي واله) و كان أحد الأمراء الثلاثة الّذين استشهدوا في مؤتة. ترجمته في الاستيعاب و أسد الغابة.

( 17) ذات الرقاع: جبل قريب من النخيل ممّا يلي السعد و الشقرة مختلفة ألوانه فيه بقع حمر و سود و بيض. راجع ترجمة الغزوة من التنبيه و الإشراف للمسعودي.

( 18) دومة الجندل: كانت حصنا مبنيا بالجندل في متّسع من الأرض خمسة فراسخ، و هي على سبع مراحل من دمشق، بينها وبين مدينة الرسول(صلى الله علي واله) خمس عشرة ليلة. راجع مادة : (دومة) بمعجم البلدان و ترجمة الغزوة في التنبيه و الإشراف للمسعودي، ذكر السنة الخامسة.

( 19) ماء المريسيع: على طريق الفرع و الفرع ثمانية برد من المدينة.

( 20) أبو رهم؛ كلثوم بن الحصين: أسلم بعد قدوم النبيّ(صلى الله علي واله) المدينة، شهد أحدا فرمي بسهم في نحره فبصق عليه النبيّ(صلى الله علي واله) فبرأ. انظر ترجمته في أسد الغابة.

( 21) بنو لحيان، نسبهم في جمهرة أنساب ابن حزم ط. مصر سنة 1382، ص 196- 198.

وعسفان بين مكّة و المدينة، اختلفوا في تعيين موضعه. معجم البلدان، مادة : (عسفان).

( 22) ذي قرد: من طريق خيبر، و كان عيينة بن حصن الفزاري أغار على لقاحه و هو بالغابة و هي على بريد من المدينة أو أكثر. فخرج(صلى الله علي واله) يوم الأربعاء لثلاث أو لأربع خلون من شهر ربيع الأول فاستنقذ بعضها و عاد إلى المدينة. التنبيه و الإشراف، ذكر السنة السادسة.

( 23) خرج الرسول(صلى الله علي واله) يوم الاثنين هلال ذي القعدة للعمرة فصدّه المشركون عن دخول مكّة، فأقام بالحديبية على تسعة أميال من مكّة، ثمّ وقع الصلح بين الرسول و قريش على أن يعتمر في السنة القادمة.

( 24) سباع بن عرفطة الغفاري: استعمله النبي على المدينة لمّا سار إلى خيبر و تيماء. ترجمته بأسد الغابة.

( 25) سار النبي(صلى الله علي واله) لستّ ليال خلون من ذي القعدة.

( 26) مسند أحمد 1/ 177

( 27) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب غزوة تبوك 3/ 58.

( 28) صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عليّ بن أبي طالب، ح 32، و راجع أيضا مسند أبي داود الطيالسي 1/ 29. و حلية الأولياء لأبي نعيم 7/ 195 و 196. و مسند أحمد 1/ 173، 182، 184، 330 و 4/ 153. و تاريخ بغداد للخطيب 11/ 432.

وخصائص النسائي ص 8 و 16. و طبقات ابن سعد 3/ ق 1/ 15.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.