أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2017
5956
التاريخ: 14-2-2017
8124
التاريخ: 24-2-2017
4929
التاريخ: 7-2-2017
7496
|
قال تعالى : {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء : 18].
[قال تعالى ] :{وليست التوبة} : التوبة المقبولة التي ينتفع بها صاحبها ﴿للذين يعملون السيئات﴾ أي المعاصي ويصرون عليها ويسوفون التوبة ﴿حتى إذا حضر أحدهم الموت﴾ أي أسباب الموت من معاينة ملك الموت وانقطع الرجاء عن الحياة وهو حال اليأس التي لا يعلمها أحد غير المحتضر ﴿قال إني تبت الآن﴾ أي فليس عند ذلك اليأس التوبة وأجمع أهل التأويل على أن هذه قد تناولت عصاة أهل الإسلام إلا ما روي عن الربيع أنه قال إنها في المنافقين وهذا لا يصح لأن المنافقين من جملة الكفار وقد بين الكفار بقوله ﴿ولا الذين يموتون وهم كفار﴾ ومعناه وليست التوبة أيضا للذين يموتون على الكفر ثم يندمون بعد الموت ﴿أولئك أعتدنا﴾ أي هيأنا ﴿لهم عذابا أليما﴾ أي موجعا .
وإنما لم يقبل الله تعالى التوبة في حال اليأس واليأس من الحياة لأنه يكون العبد هناك ملجأ إلى فعل الحسنات وترك القبائح فيكون خارجا عن حد التكليف إذ لا يستحق على فعله المدح ولا الذم وإذا زال عنه التكليف لم تصح منه التوبة ولهذا لم يكن أهل الآخرة مكلفين ولا تقبل توبتهم ومن استدل بظاهر قوله تعالى : ﴿أعتدنا لهم عذابا أليما﴾ على وجوب العقاب لمن مات من مرتكبي الكبائر من المؤمنين قبل التوبة فالانفصال عن استدلاله أن يقال إن معنى إعداد العذاب لهم إنما هو خلق النار التي هي مصيرهم فالظاهر يقتضي استيجابهم لدخولها وليس في الآية أن الله يفعل بهم ما يستحقونه لا محالة ويحتمل أيضا أن يكون ﴿أولئك﴾ إشارة إلى الذين يموتون وهم كفار لأنه أقرب إليه من قوله ﴿للذين يعملون السيئات﴾ ويحتمل أيضا أن يكون التقدير أعتدنا لهم العذاب إن عاملناهم بالعدل ولم نشأ العوف عنهم وتكون الفائدة فيه إعلامهم ما يستحقونه من العقاب وأن لا يأمنوا من أن يفعل بهم ذلك فإن قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء لا تتناول المشيئة فيه إلا المؤمنين من أهل الكبائر الذين يموتون قبل التوبة لأن المؤمن المطيع خارج عن هذه الجملة وكذلك التائب إذ لا خلاف في أن الله لا يعذب أهل الطاعات من المؤمنين ولا التائبين من المعصية والكافر خارج أيضا عن المشيئة لأخبار الله تعالى أنه لا يغفر الكفر فلم يبق تحت المشيئة إلا من مات مؤمنا موحدا وقد ارتكب كبيرة لم يتب منها .
وقال الربيع : إن الآية منسوخة بقوله : {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء : 48] لأنه حكم من الله والنسخ جائز في الأحكام كما جاز في الأوامر والنواهي وإنما يمتنع النسخ في الأخبار بأن يقول كان كذا وكذا ثم يقول لم يكن أو يقول في المستقبل لا يكون كذا ثم يقول يكون كذا وهذا لا يصح لأن قوله ﴿أعتدنا﴾ وارد مورد الخبر فلا يجوز النسخ فيه كما لا يجوز في سائر الأخبار .
____________________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 44-45 .
{ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} . إن اللَّه يقبل من تاب إليه ، على شريطة أن يتوب قبل أن تظهر له أمارات الموت ، أما من تاب ، وهو يساق إلى القبر فلا تقبل توبته ، لأنها توبة العاجز عما يئس من نواله .
وتسأل : وما ذا أنت صانع بما روي عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « من تاب قبل موته بساعة تاب اللَّه عليه ، وان الساعة لكثير ، من تاب ، وقد بلغت الروح هذه - مشيرا إلى حلقه - تاب اللَّه عليه ؟ .
الجواب : في هذه الرواية نظر ، لأمور :
الأول : إنها تخالف كتاب اللَّه ، وقد ثبت عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال :
« قد كثرت عليّ الكذابة في حياتي ، وستكثر بعد وفاتي ، فمن كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار ، فإذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب اللَّه ، فما وافق كتاب اللَّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللَّه فلا تأخذوا به » . ومن أجل هذا لا نأخذ بحديث قبول التوبة إذا بلغت الروح الحلقوم . . وغير بعيد إن حكام الجور في عهد الأمويين والعباسيين قد أوعزوا إلى بعض أذنابهم أن يضع لهم هذا الحديث ، ليحتجوا به أمام المحكومين بأن لهم مندوحة عند اللَّه ، مهما جاروا وأفسدوا . . فلقد كان لكل حاكم منهم حزمة من فقهاء السوء يبررون أعمالهم ، ويكيفون الدين طبقا لأهواء الشياطين .
الأمر الثاني : إن قبول التوبة عند الموت إغراء بارتكاب الذنب والمعصية . .
وهذا من عمل الشيطان ، لا من عمل الرحمن .
الأمر الثالث : إن اللَّه سبحانه إنما يقبل العمل من العامل إذا صدر منه عن إرادة وحرية كاملة . . وبديهة إن الإنسان إنما يكون حرا بالنسبة إلى العمل إذا كان قادرا على فعله وتركه معا ، أما إذا قدر على الفعل دون الترك ، أو على الترك دون الفعل فإنه يكون مسيرا لا مخيرا ، ومن هذا الباب التوبة عند الموت ، إذ المفروض ان التائب في هذه الحال يعجز عن اقتراف الذنب والمعصية ، تماما كما يعجز عنها من يقول غدا : { رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ - 12 الدخان } . فان قبل اللَّه التوبة ممن يساق إلى القبر فينبغي إن يقبلها ممن يعذب في النار . . والفرق تحكم . ولذا سوّى اللَّه بينهما ، وعطف أحدهما على الآخر ، حيث قال : {ولَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهُمْ كُفَّارٌ} أي إن اللَّه سبحانه لا يقبل التوبة أيضا من الذين يموتون على الكفر ، ولا يندمون إلا حين يرون العذاب يوم القيامة ، بل لا يقبلها منهم ، وهم في طريقهم إلى هذا اليوم ، كما دلت الآية 100 من سورة المؤمنين : { حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ومِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } .
أجل ، يجوز في نظر العقل أن يعفو جل وعز ويصفح عن المذنبين ، وان لم يتوبوا تفضلا منه وكرما . . ولكن هذا شيء ، وقبول التوبة عند الموت شيء آخر .
__________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 273-274 .
قوله تعالى : { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ } إلخ في عدم إعادة قوله : { عَلَى اللهِ } مع كونه مقصودا ما لا يخفى من التلويح إلى انقطاع الرحمة الخاصة والعناية الإلهية عنهم كما أن إيراد السيئات بلفظ الجمع يدل على العناية بإحصاء سيئاتهم وحفظها عليهم كما تقدمت الإشارة إليه.
وتقييد قوله : { يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ } بقوله : { حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ } المفيد لاستمرار الفعل إما لأن المساهلة في المبادرة إلى التوبة وتسويفها في نفسه معصية مستمرة متكررة ، أو لأنه بمنزلة المداومة على الفعل ، أو لأن المساهلة في أمر التوبة لا تخلو غالبا عن تكرر معاص مجانسة للمعصية الصادرة أو مشابهة لها.
وفي قوله : { حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ } دون أن يقال : حتى إذا جاءهم الموت دلالة على الاستهانة بالأمر والاستحقار له أي حتى يكون أمر التوبة هينا هذا الهوان سهلا هذه السهولة حتى يعمل الناس ما يهوونه ويختاروا ما يشاءونه ولا يبالون وكلما عرض لأحدهم عارض الموت قال : إني تبت الآن فتندفع مخاطر الذنوب ومهلكة مخالفة الأمر الإلهي بمجرد لفظ يردده ألسنتهم أو خطور يخطر ببالهم في آخر الأمر.
ومن هنا يظهر معنى تقييد قوله : { قالَ إِنِّي تُبْتُ } بقوله : { الْآنَ } فإنه يفيد أن حضور الموت ومشاهدة هذا القائل سلطان الآخرة هما الموجبان له أن يقول تبت سواء ذكره أو لم يذكره فالمعنى : إني تائب لما شاهدت الموت الحق والجزاء الحق ، وقد قال تعالى في نظيره حاكيا عن المجرمين يوم القيامة : { وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رؤوسهم عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12] .
فهذه توبة لا تقبل من صاحبها لأن اليأس من الحياة الدنيا وهول المطلع هما اللذان أجبراه على أن يندم على فعله ويعزم على الرجوع إلى ربه ولات حين رجوع حيث لا حياة دنيوية ولا خيرة عملية .
قوله تعالى : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } هذا مصداق آخر لعدم قبول التوبة وهو الإنسان يتمادى في الكفر ثم يموت وهو كافر فإن الله لا يتوب عليه فإن إيمانه وهو توبته لا ينفعه يومئذ ، وقد تكرر في القرآن الكريم أن الكفر لا نجاة معه بعد الموت ، وأنهم لا يجابون وإن سألوا ، قال تعالى : { إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } [البقرة : 162] ، وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ } [ آل عمران : 91 ] ، ونفي الناصرين نفي للشفاعة في حقهم كما تقدم في الكلام على الآية في الجزء الثالث من الكتاب .
وتقييد الجملة بقوله : { وَهُمْ كُفَّارٌ } يدل على التوبة للعاصي المؤمن إذا مات على المعصية من غير استكبار ولا تساهل فإن التوبة من العبد بمعنى رجوعه إلى عبودية اختيارية وإن ارتفع موضوعها بالموت كما تقدم لكن التوبة منه تعالى بمعنى الرجوع بالمغفرة والرحمة يمكن أن يتحقق بعد الموت لشفاعة الشافعين ، وهذا في نفسه من الشواهد على أن المراد بالآيتين بيان حال توبة الله سبحانه لعباده لا بيان حال توبة العبد إلى الله إلا بالتبع.
قوله تعالى : { أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً } اسم الإشارة يدل على بعدهم من ساحة القرب والتشريف ، والاعتاد : والإعداد أو الوعد .
__________________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 206-208 .
يقول تعالى : {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ...} وهو إِشارة إِلى من لا تقبل توبته .
وعلّة عدم قبول هذا النوع من التوبة واضحة ، لأن الإِنسان عند الإِحتضار في رحاب الموت تنكشف له الأستار ، فيرى ما لم يكن يراه من قبل ، فهو يرى بعد انكشاف الغطاء عن عينيه بعض الحقائق المتعلقة بالعالم الآخر ، ويشاهد بعينيه نتائج أعماله التي إِرتكبها في هذه الدنيا ، وتتخذ القضايا التي كان يسمع بها صفة محسوسة ، وفي هذه الحالة من الطبيعي أن يندم كل مجرم على جرمه وأفعاله السيئة ، ويفرّ منها فرار الذي يرى إقتراب ألسنة اللهب من جسمه.
ومن المسلم أن التكليف الإِلهي والإِختيار الرباني للبشر لا يقوم على أساس هذا النوع من المشاهدات والمكاشفات ، بل يقوم على أساس الإِيمان بالغيب ، والمشاهدة بعيني العقل والقلب.
ولهذا نقرأ في الكتاب العزيز أنّ أبواب التوبة كانت تغلق في وجه بعض الأقوام العاصية عند ظهور طلائع العذاب الدنيوي والنقمة العاجلة ، وللمثال نقرأ قول الله سبحانه عن فرعون إِذ يقول : {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس : 90 ، 91] .
كما يستفاد من بعض الآيات القرآنية (مثل الآية 12 من سورة السجدة) إِنّ العصاة يندمون عندما يشاهدون العذاب الإِلهي في الآخرة ، ولكن لات حين مندم ، فلا فائدة لندمهم في ذلك الوقت ، إِن هؤلاء أشبه ما يكونون بالمجرمين الذين إِذا شاهدوا أعواد المشنقة وأحسوا بالحبل على رقابهم ندموا على جرائمهم وأفعالهم القبيحة ، فمن الواضح أنّ مثل هذه التوبة وهذا الندم لا يعد فضيلة ، ولا مفخرة ولا تكاملا ، ولهذا لا يكون أي تأثير.
على أنّ هذه الآية لا تنافي الروايات التي نصت على إِمكان قبول التوبة حتى عند اللحظة الأخيرة من الحياة (2) ، لأن المراد في هذه الروايات هي اللحظات التي لم تظهر فيها بعد ملامح الموت وآثاره وطلائعه ، وبعبارة أُخرى لم تحصل لدى الشخص العين البرزخية التي يقف بها على حقائق العالم الآخر.
هذا عن الطائفة الأُولى الذين لا تقبل توبتهم ، وهم من يتوبون عندما تظهر أمام عيونهم ملامح الموت وتبدو عليهم آثاره.
وأمّا الطائفة الثّانية الذين لا تقبل توبتهم فهم الذين يموتون كفاراً ، إِذ يقول سبحانه : (ولا الذين يموتون وهم كفار).
ولقد ذكر الله سبحانه بهذه الحقيقة في آيات أُخرى في القرآن الكريم (3) .
وهنا يطرح سؤال وهو : متى لا تقبل توبة الذين يموتون كفاراً ؟
إِحتمل البعض أن لا تقبل توبتهم في العالم الآخر ، واحتمل آخرون أن يكون المراد من التوبة ـ في هذا المقام ـ ليس هو توبة العباد ، بل توبة الله ، يعني عود الله على العبد وعفوه ورحمته له.
ولكن الظاهر هو أنّ الآية تهدف أمراً آخر وتقول : إِن الذين يتوبون من ذنوبهم حال العافية والإِيمان ولكنهم يموتون وهم كفار لا تقبل توبتهم ولا يكون لها أي أثر.
وتوضيح ذلك : إِنّنا نعلم إِن من شرائط قبول الأعمال «الموافاة على الإِيمان» بمعنى أن يموت الإِنسان مؤمناً ، فالذين يموتون وهم كفار تحبط أعمالهم السابقة حتى الصالحة منها حسب صريح الآيات القرآنية (4) . وتنتفي فائدة توبتهم من ذنوبهم حتى إِذا تابوا حال الإِيمان في هذه الصورة أيضاً.
وخلاصة القول إِنّ قبول التوبة مشروط بأمرين.
الأوّل : أنّ تتحقق التوبة قبل أن يرى الشخص علائم الموت.
والثّاني : أن يموت وهو مؤمن .
ثمّ أنّه يستفاد من هذه الآية أيضاً إن على الإِنسان أن لا يؤخر توبته ، إِذ يمكن أن يأتيه أجله على حين غفلة ، فتغلق في وجهه أبواب التوبة ولا يتمكن منها حينئذ.
والملفت للنظر أن تأخير التوبة الذي يعبر عنه بالتسويف قد أردف في الآية الحاضرة بالموت حال الكفر ، وهذا يكشف عن أهمية التسويف وخطورته البالغة في نظر القرآن .
ثمّ يقول سبحانه في ختام الآية : (أُولئك إِعتدنا لهم عذاباً أليماً) ، ولا حاجة إِلى التذكير بأنّ للتوبة مضافاً إِلى ما قيل شرائط أخرى مذكورة في آيات مشابهة من الكتاب العزيز .
___________________
1- تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 70-72 .
2ـ وسائل الشيعة ، ج6 ، ص 86 ، باب 92 .
3- آل عمران ـ 91 ، البقرة ، 161 ، البقرة ، 217 ، محمّد 34 .
4ـ البقرة ، 217.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|