يوجد هذا النمط من الزراعة جنوبي القارة في نطاق يحف بالبحر المتوسط من ناحية الشمال وتتسم درجة الحرارة هنا بالاعتدال معظم شهور السنة حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة في احر شهور السنة على سبيل المثال 80ف في أثينا، بينما تصل في ابرد شهور السنة الى 48ف في أثينا، وتنخفض درجة الحرارة عن ذلك كثيرا في المناطق الجبلية المرتفعة، وتعد هذه المناطق شبه رطبة اذ تسقط عليها كميات محدودة من الامطار تتراوح كميتها السنوية بين 10 – 40 بوصة تسقط معظمها خلال اشهر الشتاء اذ تتصف اشهر الصيف بالجفاف، لذلك ينتشر هنا نوعان من الزراعة هما الزراعة الجافة والزراعة المعتمدة على الري الصناعي.

وتتباين مظاهر السطح في أقاليم زراعة البحر المتوسط حيث تنتشر فيها الأراضي السهلية والجبلية على السواء، وقد حالت المرتفعات دون تأثير هذه الأقاليم بكتل الهواء البارد التي تتأثر بها الأقاليم المجاورة، حيث حالت المرتفعات الالبية في اوربا دون وصول كتل الهواء البادر الهابة من الشمال الى نطاق إقليم البحر المتوسط في جنوبي القارة، وقد نجح الانسان هنا في زراعة سفوح بعض المرتفعات بعد تحويلها الى مدرجات، كما ان بعض المرتفعات في هذه الأقاليم لها فائدة خاصة في الزراعة اذ تذوب الثلوج المتجمعة على قممها خلال فصلي الربيع والصيف وتنحدر في مجاري مائية تستغل في ري بعض الزراعات وخاصة خلال اشهر الصيف الجاف.

وتتباين كثافة السكن في أقاليم زراعة البحر المتوسط حيث تتراوح بين 25 – 200 نسمة في الكيلو متر المربع، وتعد السهول الفيضية التي تعتمد الزراعة فيها على مياه الري كالحوض الأدنى لنهر ابرو وحوض نهر الوادي الكبير في اسبانيا، وسواحل تركيا واليونان اكثف جهات هذه الأقاليم سكانا، وينتشر استخدام الآلات البسيطة في العمليات الزراعية في بعض جهات جنوبي اوربا، بينما تستخدم الآلات الميكانيكية، والاسالي الحديثة في الزراعة في جهات أخرى.

وتنتشر هونا زراعة المحاصيل الشتوية معتمدة على مياه الامطار، ويعد القمح اهم محاصيل الحبوب في هذه الأقاليم، وتتركز زراعته في المناطق السهلية، بينما يحتل الشعير المركز الثاني من حيث الأهمية بعد القمح وتنتشر زراعته في المناطق الأقل مطرا وفي النطاقات المضرسة حيث يمكنه النمو بنجاح، كما يزرع الفول والخضروات بأصنافها المختلفة على السفوح الجبلية وفي السهول الفيضية وان كانت الأخيرة اكثر ملائمة لهذه الانواع من المحاصيل، ويعد البرسيم من المحاصيل الشتوية الهامة في مناطق واسعة بإقليم البحر المتوسط وخاصة في الجهات  المروية.

وجدير بالذكر انه يتبع في النطاقات التي تقل فيها كمية الامطار نظام معين في زراعة الأرض بهدف المحافظة على التربة اذ ان استمرار زراعة الأرض في النطاقات قليلة المطر هنا يفقد التربة رطوبتها لذا تتطاير ذراتها مع الرياح، وللتغلب على ذلك تتبع دورات زراعية خاصة تزرع بمقتضاها قطعة الأرض مرة واحدة كل عامين او ثلاثة أعوام حسب نظام الدورة مما يعطي التربة الزراعية الفرصة لاختزان مياه الامطار والاحتفاظ برطوبتها تمهيدا لزراعتها بعد ذلك. وفي الصيف تزرع المحاصيل التي تعتمد على مياه الري نظرا لجفاف هذه الفترة من السنة، لذا تنتشر زراعة الذرة والخضروات والأرز، ويعد المحصول الأخير اهم المحايل الصيفية في هذه الأقاليم، وتعد إيطاليا واسبانيا من اهم الدول المنتجة للأرز وأكثرها انتاجا خارج النطاق الموسمي. ورغم جفاف أقاليم زراعة البحر المتوسط تنتشر زراعة المحاصيل الشجرية كالزيتون والموالح والكروم والبلوط الفليني والمشمش واللوز والجوز والتين والبندق التي استطاعت مقاومة الجفاف بعدة طرق سبق الإشارة اليها عند دراسة النبات الطبيعي في اوربا.