أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2019
1912
التاريخ: 27-3-2021
3384
التاريخ: 26/11/2022
1733
التاريخ: 17-1-2022
1618
|
الوساوس بأقسامها مشتركة في إحداث ظلمة و كدرة في النفس ، إلا أن مجرد الخواطر- أي (حديث النفس) و ما يتولد عنه بلا اختيار، كالميل و هيجان الرغبة - لا مؤاخذة عليهما ، ولا يكتب بهما معصية لعدم دخولهما تحت الاختيار، فالمؤاخذة عليهما ظلم ، و النهي عنهما تكليف بما لا يطاق ، و الاعتقاد و حكم القلب بأنه ينبغي أن يفعل هذا فيؤاخذ به لكونه اختياريا ، وكذا الهم بالفعل و العزم عليه ، إلا أنه إن يفعل مع الهم خوفا من اللّه و ندم عنه كتبت له حسنة ، و إن لم يفعل لمانع منعه لا لخوف اللّه سبحانه كتبت عليه سيئة.
والدليل على هذا التفصيل : أما على عدم المؤاخذة على مجرد الخاطر، فما روي في الكافي : «إنه جاء رجل إلى النبي ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) فقال يا رسول اللّه! هلكت.
فقال له هل أتاك الخبيث فقال لك من خلقك؟ , فقلت اللّه تعالى ، فقال لك : اللّه من خلقه؟ , فقال له: أي و الذي بعثك بالحق لكان كذا , فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم) ذاك و اللّه محض الإيمان».
و مثله ما روي : أن رجلا أتى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) فقال «يا رسول اللّه نافقت! فقال و اللّه ما نافقت! و لو نافقت ما أتيتني تعلمني ، ما الذي رابك؟ , أظن أن العدو الحاضر أتاك ، فقال : من خلقك؟ , فقلت : اللّه تعالى خلقني.
فقال لك : من خلق اللّه؟ , فقال : أي و الذي بعثك بالحق لكان كذا ، فقال : إن الشيطان أتاكم من قبل الأعمال فلم يقو عليكم ، فأتاكم من هذا الوجه لكي يستزلكم ، فإذا كان كذلك فليذكر أحدكم اللّه وحده».
و قريب منه ما روي : أن رجلا كتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) يشكو إليه لمما يخطر على باله ، فأجابه في بعض كلامه : «إن اللّه إن شاء ثبتك فلا يجعل لإبليس عليك طريقا , قد شكى قوم إلى النبي ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) لمما يعرض لهم لأن تهوى بهم الريح أو يقطعوا أحب إليهم من أن يتكلموا به ، فقال رسول اللّه : أ تجدون ذلك؟ , قالوا: نعم! قال : و الذي نفسي بيده إن ذلك لصريح الإيمان ، فإذا وجدتموه فقولوا : آمنا باللّه و رسوله و لا حول و لا قوة إلا باللّه»
وسئل الصادق (عليه السلام) عن الوسوسة و إن كثرت ، فقال , «لا شيء فيها، تقول لا اله الا اللّه».
وعن جميل بن دراج قال : قلت للصادق (عليه السلام) : إنه يقع في قلبي أمر عظيم ، فقال : «قل لا اله الا اللّه» ، قال جميل فكلما وقع في قلبي قلت لا اله الا اللّه ، فيذهب عني.
ومما يدل على عدم المؤاخذة عليه و على الميل وهيجان الرغبة إذا لم يكونا داخلين تحت الاختيار ما روى , أنه لما نزل قوله تعالى : {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] , جاء ناس من الصحابة إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) و قالوا كلفنا ما لا نطيق ، إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يجب أن يثبت في قلبه ، ثم يحاسب بذلك؟ فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) , «لعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل , سمعنا و عصينا ، قولوا , سمعنا و أطعنا ، فقالوا , سمعنا و أطعنا ، فأنزل اللّه الفرج بعد سنة بقوله تعالى : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
وما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله سبحانه : « {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ } [البقرة : 284] » , «إن هذه الآية عرضت على الأنبياء و الأمم السابقة فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، و قبلها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) و عرضها على أمته فقبلوها.
فلما رأى اللّه عز و جل منهم القبول على أنهم لا يطيقونها ، قال : أما إذا قبلت الآية بتشديدها و عظم ما فيها و قد عرضتها على الأمم السابقة فأبوا أن يقبلوها و قبلتها أمتك ، فحق علي أن أرفعها عن أمتك ، و قال عز من قائل : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة : 286] »
وما روي عن النبي ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) أنه قال « وضع عن أمتي تسع خصال : الخطأ ، و النسيان ، و ما لا يعلمونه ، و ما لا يطيقونه ، و ما اضطروا عليه ، و ما استكرهوا عليه ، و الطيرة و الوسوسة في التفكر في الخلق ، و الحسد ما لم يظهر بلسان أويد».
وما روي أنه سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل يجيء منه الشيء على حد الغضب يؤاخذه اللّه تعالى؟ , فقال عليه السلام «إن اللّه تعالى أكرم من أن يستغلق على عبده» ، و المراد من الغضب فيه الغضب الذي سلب الاختيار.
وبالجملة القطع حاصل بعدم المؤاخذة و المعصية على ما لا يدخل تحت الاختيار من الخواطر و الميل و هيجان الرغبة ، إذ النهي عنها مع عدم كونها اختيارية تكليف بما لا تطاق ، و إن لم ينفك عن إحداث خباثة في النفس.
وأما على أنه يكتب سيئة على الاعتقاد و اللهم بالفعل و التصميم عليه مع تركه لمانع لا لخوف من اللّه ، فهو أن كلا من الاعتقاد و الهم بالمعصية فعل من الأفعال الاختيارية للقلب ، و قد ثبت في الشريعة ترتب الثواب و العقاب على فعل القلب إذا كان اختياريا ، قال اللّه سبحانه : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء : 36] , و قال سبحانه : {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } [البقرة : 225] , وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «إنما يحشر الناس على نياتهم».
وقال ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل و المقتول في النار»، قيل : يا رسول اللّه هذا القاتل فما بال المقتول؟.
قال : «لأنه أراد قتل صاحبه».
وقال ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «لكل امرئ ما نوى».
والآثار الواردة في ترتب العقاب على الهم بالمعصية كثيرة ، و إطلاقها محمول على غير صورة الترك خوفا من اللّه ، لما يأتي من أنه في هذه الصورة تكتب بها حسنة ، و كيف لا يؤاخذ على أعمال القلوب مع أن المؤاخذة على الملكات الردية من الكبر و العجب و الرياء و النفاق و الحسد و غيرها قطعي الثبوت من الشرع ، مع كونها أفعالا قلبية ، و قد ثبت في الشريعة أن من وطأ امرأة ظانا أنها أجنبية كان عاصيا و إن كانت زوجته.
وأما على أنه يكتب حسنة على الترك بعد الهم خوفا من اللّه ، فما روي عن النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم ) أنه قال : «قالت الملائكة : رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة و هو أبصر فقال : راقبوه فإن عملها فاكتبوها عليه بمثلها ، و إن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها لأجلي».
وما روي عن الإمام محمد بن علي الباقر(عليهما السلام ) : «ان اللّه تعالى جعل لآدم في ذريته من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة ، و من هم بحسنة و عملها كتبت له عشرا ، و من هم بسيئة و لم يعملها لم تكتب عليه سيئة ، و من هم بها و عملها كتبت عليه سيئة» ، و قوله : «لم يكتب عليه» , محمول على صورة عدم العمل خوفا من اللّه.
لما تقدم من أنه إن لم يعملها لمانع غير خوف اللّه كتبت عليه سيئة.
وما روي عن الصادق (عليه السلام) انه قال : «ما من مؤمن إلا و له ذنب يهجره زمانا ثم يلم به و ذلك قوله تعالى : {إِلَّا اللَّمَمَ } [النجم: 32] , و قال : «و اللمم : الرجل يلم بالذنب فيستغفر اللّه منه» ، و قد وردت بهذا المضمون اخبار أخر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|