أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
1784
التاريخ: 6-4-2022
2203
التاريخ: 2024-02-20
992
التاريخ: 22-9-2016
2376
|
أن الخوف ممدوح إلى حد ، فإن جاوزه كان مذموما , و بيان ذلك : الخوف سوط اللّه الذي سوق به العباد إلى المواظبة على العلم و العمل ، لينالوا بهما رتبة القرب إليه تعالى و لذة المحبة و الأنس به ، و كما أن السوط الذي تساق به البهيمة و يأدب به الصبي ، له حد في الاعتدال.
لو قصر عنه لم يكن نافعا في السوق و التأديب ، و لو تجاوز عنه في المقدار أو الكيفية أو المبالغة في الضرب كان مذموما لأدائه إلى إهلاك الدابة و الصبي ، فكذلك الخوف الذي هو سوط اللّه لسوق عباده له حد في الاعتدال و الوسط ، و هو ما يوصل إلى المطلوب ، فإن كان قاصرا عنه كان قليل الجدوى ، و كان كقضيب ضعيف يضرب به دابة قوية ، فلا يسوقها إلى المقصد.
ومثل هذا الخوف يجرى مجرى رقة النساء عند سماع شيء محزن يورث فيهن البكاء ، و بمجرد انقطاعه يرجعن إلى حالهن الأولى ، أو مجرى خوف بعض الناس عند مشاهدة سبب هائل ، و إذا غاب ذلك السبب عن الحس رجع القلب إلى الغفلة.
فهذا خوف قاصر قليل الجدوى , فالخوف الذي لا يؤثر في الجوارح بكفها عن المعاصي و تقييدها بالطاعات حديث نفس و حركة خاطر لا يستحق أن يسمى خوفا , و لو كان مفرطا ربما جاوز إلى القنوط و هو ضلال : {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر : 56] , أو إلى اليأس و هو كفر : {لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف : 87] , و لا ريب في أن الخوف المجاوز إلى اليأس والقنوط يمنع من العمل ، لرفعهما نشاط الخاطر الباعث على الفعل ، وإيجابهما كسالة الأعضاء المانعة من العمل .
ومثل هذا الخوف محض الفساد و النقصان و عين القصور و الخسران و لا رجحان له في نظر العقل و الشرع مطلقا ، إذ كل خوف بالحقيقة نقص لكونه منشأ العجز، لأنه متعرض لمحذور لا يمكنه دفعه ، و باعث الجهل لعدم اطلاعه على عاقبة أمره ، إذ لو علم ذلك لم يكن خائفا ، لما مر من أن الخوف هو ما كان مشكوكا فيه ، فبعض أفراد الخوف إنما يصير كمالا بالإضافة إلى نقص أعظم منه ، و باعتبار رفعه المعاصي و إفضائه إلى ما يترتب عليه من الورع و التقوى والمجاهدة و الذكر و العبادة و سائر الأسباب الموصلة إلى قرب اللّه و أنسه ، و لو لم يؤد إليها كان في نفسه نقصا لا كمالا ، إذ الكمال في نفسه هو ما يجوز أن يوصف اللّه تعالى به ، كالعلم والقدرة و أمثالهما ، و ما لا يجوز وصفه به ليس كمالا في ذاته ، و ربما صار محمودا بالإضافة إلى غيره و بالنظر إلى بعض فوائده ، فما لا يفضى إلى فوائده المقصودة منه لإفراطه فهو مذموم ، و ربما أوجب الموت أو المرض أو فساد العقل ، و هو كالضرب الذي يقتل الصبي أو يهلك الدابة أو يمرضها أو يكسر عضوا من أعضائها.
وإنما مدح صاحب الشرع الرجاء و كلف الناس به ليعالج به صدمة الخوف المفرط المفضي إلى اليأس أو إلى أحد الأمور المذكورة.
فالخوف المحمود ما يفضى إلى العمل مع بقاء الحياة و صحة البدن و سلامة العقل ، فإن تجاوز إلى إزالة شي منها فهو مرض يجب علاجه ، و كان بعض مشائخ العرفاء يقول للمرتاضين من مريديه الملازمين للجوع أياما كثيرة : احفظوا عقولكم ، فإنه لم يكن للّه تعالى ولي ناقص العقل وما قيل : « إن من مات من خوف اللّه تعالى مات شهيدا ، معناه أن موته بالخوف أفضل من موته في هذا الوقت بدونه ، فهو بالنسبة إليه فضيلة ، لا بالنظر إلى تقدير بقائه و طول عمره في طاعة اللّه و تحصيل المعارف إذ للمرتقي في درجات المعارف و الطاعات له في كل لحظة ثواب شهيد أو شهداء فأفضل السعادات طول العمر في تحصيل العلم ، فكل ما يبطل العمر أو العقل و الصحة فهو خسران و نقصان.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|