أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-9-2016
245
التاريخ: 23-9-2016
440
التاريخ: 23-9-2016
326
التاريخ: 23-9-2016
229
|
التقية في اللغة مصدر بمعنى التحفظ يقال تقى يتقى من باب علم تحفّظ واتقى يتقى اتقاء وتقية وتقوى، تحفظ وتوقي، والتاء في التقوى مبدلة عن الواو، فالمصادر الثلاثة بمعنى التحفظ والتوقي، فالتقية في الفقه مطلق التحفظ عن الضرر كان من غضب اللّه تعالى وسخطه، بامتثال أوامره ونواهيه، أو من الحرّ والبرد، بلبس ثوب ونحوه، أو من المرض، باستعمال دواء أو تناول غذاء.
وهي في الاصطلاح عبارة عن التحفظ عن العامة خوفا منهم على نفسه أو ماله أو متعلقة، بالإتيان بما يوافق مذهبهم وإن كان محرما أو باطلا على مذهبه أو كان لا يريد الإتيان به، قولا كان أو فعلا عباديا أو غير عبادي. فهي بمعناها الاصطلاحي قسم خاص من معناها اللغوي وهو مطلق الاضطرار إلى الفعل أو القول.
فتحقق ماهية التقية تتوقف على أمور أربعة المتقي وهو المكلف، وما به الاتقاء وهو القول أو الفعل الموافق لمسلك الغير غير الموافق لمذهبه، والمتقي عنه وهو الشخص أو الأشخاص الذين يخاف منهم، والمتقي منه وهو الضرر المخوف منه، ويحتمل شمول المعنى الاصطلاحي للاتقاء عن الكافر إذا اضطر الإنسان إلى العمل على وفق مذهبه بل هذا هو ظاهر الآية الشريفة. ويشمل ما به الاتقاء كل قول وفعل اقتضته الضرورة: كالتكلم بما يوافق معتقدهم، والإفتاء لأهل ملتهم على وفق مسلك أئمتهم، والوضوء مع غسل الرجلين، أو المسح على الحاجب، أو على الخفين، أو الصلاة خلف الفاسق، أو متكتفا، أو مع التأمين بعد الفاتحة، أو الإتيان بصلاة المغرب مع غيبوبة الشمس، أو الإفطار قبل الغروب الحقيقي، أو الإتيان بحج الإفراد والقران مع كون فرضه التمتع، أو الوقوف بعرفة يوم الثامن من ذي الحجة، وفي المشعر ليلة التاسع منه، والإتيان بأعمال يوم النحر يوم التاسع منه، أو شرب المسكر أو الخمر أو الحضور في مجلس شربهما، أو السماع للغناء وآلات الطرب ونحو ذلك.
هذا ما يتعلق بموضوعها وأما الحكم فقد ذكروا في ذلك أمورا منها: أن التقية تنقسم إلى واجبة ومحرمة بل قالوا إنها تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة فالواجبة منها ما يترتب الضرر على تركها من قتل أو إتلاف مال ولم يترتب عليه عدا مصلحة طبع الفعل أو الترك كالاضطرار إلى شرب المسكر أو الصلاة في الميتة. وهذا نظير سائر موارد الاضطرار إلى ترك واجب أو فعل حرام.
والتقية المحرمة هي الاضطرار إلى قتل نفس محرمة فإن اللّه تعالى شرع التقية لحقن الدماء فإذا بلغت الدم فلا تقية. وكذا إذا كانت المصالح المترتبة على الترك أقوى من الضرر المرتب عليه أو كانت المفاسد المترتبة على العمل بها أقوى من ذلك الضرر كما إذا اضطر العالم الذي له مكانة في أعين الناس ومنزله في قلوبهم إلى شرب الخمر بحيث لو شرب تجرّؤوا إلى شربه أو شكّوا في حرمته أو ترددوا في أصل المذهب مثلا، ولعل ترك التقية من بعض أصحاب الأئمة كان كذلك، كميثم التمار، وحجر بن عدي، ورشيد الهجري (رضوان اللّه عليهم) وقد لا تكون المفسدة بهذه المثابة فتكون حينئذ راجحة وقد تكون مساوية أو مرجوحة ومنه يعلم التقية المستحبة والمباحة والمكروهة.
وفي رسالة التقية للشيخ الأعظم (قدّس سرّه) أن المستحب ما كان فيه التحرز عن معارض الضرر بأن يكون تركه مفضيا إلى حصول الضرر كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المباشرة في بلادهم، فإنه ينجرّ غالبا إلى حصول المباينة الموجب لتضرره منهم، وظاهره فرض القطع بحصول الضرر فيما يأتي، كما ان ظاهره جواز ارتكاب الحرام حينئذ كذلك.
ومنها أنه ما هو المرفوع بعروض عنوان التقية على الفعل ؟ فإنهم ذكروا ان هنا أمورا قابلة للرفع :
الأول: الأحكام التي يكون الفعل أو الترك المتقي به متعلقا لهما كالحرمة المتعلقة بشرب المسكر والوجوب المتعلق بقراءة السورة بعد الحمد في الصلاة.
الثاني: الأحكام التي يكون الفعل أو الترك موضوعا له كوجوب الحد المترتب على شرب الخمر والمسكر، ووجوب الكفارة المترتب على الإفطار قبل الغروب، والظاهر أنه لا إشكال في ارتفاع كلا القسمين من الحكم مع الاضطرار لعموم أدلة الاضطرار المطلق وخصوص أدلة التقية.
الثالث: الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية ونحوها فيما إذا تعلقت التقية بمركب عبادي ذي قيود كالصلاة فاضطر إلى الإخلال بأجزائها وقيودها، فمن ذاهب إلى عدم ارتفاع شيء من تلك الأمور بالتقية بدليل أنه لا يعقل الاضطرار بالعبادة فإنها عبارة عن أفعال مشروطة بنية التقرب، فلها صورة هي الأفعال ومادة هي النية، والاضطرار متعلق بصورتها فقط فللمتقي الإتيان بالصورة بدون النية ويدفع الضرر فتبقى العبادة على ذمته فيعيدها أو يقضيها، وعليه فليس له قصد التقرب بما أتى لكونه حينئذ تشريعا محرما مع علمه بعدم كونه عبادة مطلوبة فيجب على المتقي صورة الوضوء مع غسل الرجلين وصور الصلاة بعده وليس له نية التقرب بهما، ولا حرمة لتفويت الواقع إذا اضطر إليه، ولا بد لهذا القائل أن يحمل أدلة الأمر بالعبادة تقية على إتيان الصورة إذ هي التي يتعلق بها الاضطرار، وهؤلاء هم القائلون ببطلان العبادة تقية إذا خالفت واقعها.
ومن ذاهب إلى ارتفاع الجزئية والشرطية ونحوهما بالتقية كما في سائر موارد الاضطرار فيبقى أصل العمل على مطلوبيّته بل يكون العمل الخاص الذي هو مورد التقية بدلا عن الواقع لان ذلك هو المستفاد من أدلة التقية.
تنبيهان:
الأول أن الأصحاب استثنوا من وجوب التقية موارد:
أولها: التقية في قتل النفس فلا يجوز قتل النفس المحترمة حفظا لنفسه أو ماله فإنه قد صرح في النصوص بأن التقية إنما شرعت ليحقن بها الدم فإذا بلغت الدم فلا تقية.
ثانيها: إذا لم يترتب على تركها إلّا ضرر يسير وهذا خروج موضوعي.
ثالثها: المسح على الخفين وشرب المسكر ومتعة الحج، والظاهر اختصاص ذلك بالمعصوم، فإن في صحيح زرارة ثلاثة لا أتقي فيهن من أحد ولذا استفاد زرارة أيضا من عبارة الإمام اختصاص ذلك به عليه السلام فلو خاف أحد على نفسه وجبت عليه التقية فيها.
رابعها: التبري عن مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام لما ورد من أنه يجب مد العنق حينئذ للسيف وترك التبري، لكن الظاهر كما عرفت جواز ترك التقية حينئذ لا وجوبه.
التنبيه الثاني : ذكروا أن أدلة التقية على قسمين :
الأول: ما دل على حكم مطلق الاضطرار، كان للتحفظ عن الحوادث التكوينية أو عن الكفار أو عن العامة، نظير قوله تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وقوله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وقوله لا ضرر ولا ضرار وقوله رفع عن أمتي ما اضطروا إليه وقوله لا شيء مما حرمه اللّه إلّا وقد أحله اللّه عند الاضطرار.
والثاني: ما دل على خصوص التقية عن العامة كقوله التقية ديني، وقوله لا دين لمن لا تقية له، وقوله أي شيء أقر لعيني من التقية إن التقية جنة المؤمن، وقوله التقية ترس المؤمن، وحرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، وقوله اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية، وقوله من لم تكن له تقية وضعه اللّه، وقوله ما عبد اللّه بشيء أحب إليه من الخبإ قلت وما الخبإ قال التقية ، وقوله التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|