أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-7-2020
1281
التاريخ: 1-9-2016
1204
التاريخ: 15-7-2020
1224
التاريخ: 9-8-2016
1072
|
الحكومة:
من اهم اقسام التعارض غير المستقر ان يكون احد الدليلين حاكما على الدليل الآخر، كما في (لا ربا بين الوالد وولده) الحاكم على دليل حرمة الربا، فانه في مثل ذلك يقدم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم.
والحكومة تعبير عن تلك النكتة التي بها استحق الدليل الحاكم التقديم على محكومة، فلكي نحدد مفهومها لا بد ان نعرف نكتة التقديم وملاكه، وفي ذلك اتجاهان:
الاتجاه الاول: - لمدرسة المحقق النائيني (قدس الله روحه) وحاصله ان الاخذ بالدليل الحاكم انما هو من اجل انه لا تعارض في الحقيقة بينه وبين الدليل المحكوم، لانه لا ينفي مفاد الدليل المحكوم وانما يضيف اليه شيئا جديدا، فإن مفاد الدليل المحكوم مرده دائما إلى قضية شرطية مؤداها في المثال المذكور: انه إذا كانت المعاملة ربا فهي محرمة.
وكل قضية شرطية، لا تتكفل اثبات شرطها، ولهذا يقال: ان صدق الشرطية لا يستبطن صدق طرفيها.
ومفاد الدليل الحاكم قضية منجزة فعلية مؤداها في المثال نفي الشرط لتلك القضية الشرطية وان معاملة الاب مع ابنه ليست ربا، فلا بد من الاخذ بالدليلين معا.
وهذا الاتجاه غير صحيح لان دليل حرمة الربا موضوعه ما كان ربا في الواقع سواء نفيت عنه الربوية ادعاء في لسان الشارع أو لا، والدليل الحاكم لا ينفي صفة الربوية حقيقة وانما ينفيها ادعاء، وهذا يعني انه لا ينفي الشرط في القضية الشرطية المفادة في الدليل المحكوم بل الشرط محرز وجدانا، وبهذا يحصل التعارض بين الدليلين، فلا بد من تخريج لتقديم الدليل الحاكم مع الاعتراف بالتعارض.
الاتجاه الثاني: - وهو الصحيح وحاصله انه بعد الاعتراف بوجود التعارض بين الدليلين يقدم الدليل الحاكم تطبيقا لنظرية الجمع العرفي المتقدمة، لان الدليل الحاكم ناظر إلى الدليل المحكوم وهذا النظر ظاهر في ان المتكلم قد اعده لتفسير كلامه الآخر فيكون قرينة، ومع وجود القرينة لا يشمل دليل الحجية ذا القرينة، لان دليل حجية الظهور مقيد بالظهور الذي لم يعد المتكلم قرينة لتفسيره، فبالدليل الناظر المعد لذلك يرتفع موضوع حجية الظهور في الدليل المحكوم، سواء كان الدليل الحاكم متصلا او منفصلا، غير انه مع الاتصال لا ينعقد ظهور تصديقي في الدليل المحكوم اصلا وبهذا لا يوجد تعارض بين الدليلين اساسا، ومع الانفصال ينعقد ولكن لا يكون حجة لما عرفت.
ثم ان النظر الذي هو ملاك التقديم يثبت بأحد الوجوه التالية: الاول: - ان يكون مسوقا مساق التفسير بان يقول: اعني بذلك الكلام كذا.
ونحو ذلك.
الثاني: - ان يكون مسوقا مساق نفي موضوع الحكم في الدليل الآخر، وحيث انه غير منتف حقيقة فيكون هذا النفي ظاهرا في ادعاء نفي الموضوع وناظرا إلى نفي الحكم حقيقة.
الثالث: - ان يكون التقبل العرفي لمفاد الدليل الحاكم مبنيا على افتراض مدلول الدليل المحكوم في رتبة سابقة، كما في (لا ضرر) او (لا ينجس الماء ما لا نفس له) بالنسبة إلى ادلة الاحكام وادلة التنجيس.
وإذا قارنا بين الاتجاهين امكننا ان ندرك فارقين اساسيين:
احدهما: ان حكومة الدليل الحاكم - على الاتجاه الثاني - تتوقف على اثبات النظر، واما على الاتجاه الاول فيكون الدليل الحاكم بمثابة الدليل الوارد، وقد مر بنا في الحلقة السابقة انه لا يحتاج تقدمه على دليل إلى اثبات نظره إلى مفاده بالخصوص، بل يكفي كونه متصرفا في موضوعه.
والفارق الآخر: ان الاتجاه الثاني يفسر حكومة مثل (لا حرج) و (لا ضرر) و (لا ينجس الماء ما لا نفس له) لوجود النظر فيها، واما الاتجاه الاول فلا يمكنه ان يفسر الحكومة الا فيما كان لسانه لسان نفي الموضوع للدليل الآخر.
التقييد
إذا جاء دليل مطلق ودليل على التقييد فدليل التقييد على اقسام: القسم الاول: ان يكون دالا على التقييد بعنوانه، فيكون ناظرا بلسانه التقييدي إلى المطلق ويقدم عليه باعتباره حاكما ويدخل في القسم المتقدم.
القسم الثاني: ان يكون مفاده ثبوت سنخ الحكم الوارد في الدليل المطلق للمقيد، كما اذا جاء خطاب (اعتق رقبة) ثم خطاب (اعتق رقبة مؤمنة).
وفي هذه الحالة ان لم تعلم وحدة الحكم فلا تعارض، وان علمت وحدة الحكم المدلول للخطابين وقع التعارض بين ظهور الاول في الاطلاق بقرينة الحكمة وظهور الثاني في احترازية القيود، وحينئذ فان كان الخطابان متصلين لم ينعقد للأول ظهور في الاطلاق، لانه فرع عدم ذكر ما يدل على القيد في الكلام، والخطاب الآخر المتصل يدل على القيد، فلا تجري قرينة الحكمة لأثبات الاطلاق.
وان كان الخطابان منفصلين انعقد الظهور في كل منهما - لما تقدم في بحث الاطلاق من ان الاطلاق ينعقد بمجرد عدم مجيء القرينة على القيد في شخص الكلام - وقدم الظهور الثاني لانه قرينة بدليل إعدامه لظهور المطلق في فرض الاتصال، وقد تقدم ان البناء العرفي على ان كل ما يهدم اصل الظهور في الكلام عند اتصاله به فهو قرينة عليه في فرض الانفصال ويقدم بملاك القرينية.
وهناك اتجاه يقول: ان دليل القيد حتى لو كان منفصلا يهدم اصل الظهور في المطلق، وهذا الاتجاه يقوم على الاعتقاد بان قرينة الحكمة التي هي اساس الدلالة على الاطلاق متقدمة بعدم ذكر القيد ولو منفصلا، وقد تقدم في بحث الاطلاق ابطال ذلك.
القسم الثالث: ان يكون مفاده اثبات حكم مضاد في حصة من المطلق، كما اذا جاء خطاب (اعتق رقبة) ثم خطاب (لا تعتق رقبة كافرة) على ان يكون النهي في الخطاب الثاني تكليفيا لا ارشادا إلى مانعية الكفر عن تحقق العتق الواجب، والا دخل في القسم الاول.
وهذا القسم يختلف عن القسم السابق في ان التعارض هنا محقق على اي حال بلا حاجة إلى افتراض من الخارج، بخلاف القسم السابق فانه يحتاج إلى افتراض العلم من الخارج بوحدة الحكم.
ويتفق القسمان في حكم التعارض بعد حصوله إذ يقدم المقيد على المطلق في كلا القسمين بنفس الملاك السابق.
التخصيص:
اذا ورد عام - يدل على العموم بالأداة - وخاص، جرت نفس الاقسام السابقة للمقيد هنا ايضا، لان هذا الخاص تارة يكون ناظرا إلى العام، واخرى يكون متكفلا لإثبات سنخ حكم العام ولكن في دائرة أخص كما اذا قيل (اكرم كل فقير) وقيل (اكرم الفقير العادل)، وثالثة يكون الخاص متكفلا لإثبات نقيض حكم العام او ضده لبعض حصص العام كما اذا قيل (اكرما كل عالم) وقيل (لا يجب اكرام النحوي) او (لا تكرم النحوي).
ولا شك في ان الخاص من القسم الاول يعتبر حاكما ويقدم بالحكومة على عموم العام.
واما الخاص من القسم الثاني فمع عدم احراز وحدة الحكم لا تعارض ومع احرازها يكون الخاص معارضا للعموم هنا كما كان المقيد في نظير ذلك معارضا للإطلاق فيما تقدم.
واما الخاص من القسم الثالث فلا شك في انه معارض للعموم.
وعلى اي حال فلا خلاف في تقدم الخاص على العام عند وقوع المعارضة بينهما فان كان الخاص متصلا لم يسمح بانعقاد ظهور تصديقي للعام في العموم وان كان منفصلا اعتبر قرينة على تخصيصه فيخرج ظهور العام عن موضوع دليل الحجية لوجود قرينة على خلافه، وهذا على العموم مما لا خلاف فيه وانما الخلاف في نقطة وهي ان قرينية الخاص على التخصيص هل هي بملاك الأخصية مباشرة او بملاك انه اقوى الدليلين ظهورا فان ظهور الخاص في الشمول لمورده اقوى دائما من ظهور العام في الشمول له، وتظهر الثمرة فيما اذا كان استخراج الحكم من الدليل الخاص موقوفا على ملاحظة ظهور آخر غير ظهوره في الشمول المذكور إذ قد لا يكون ذلك الظهور الآخر اقوى، ومثاله ان يرد لا يجب اكرام الفقراء ويرد اكرم الفقير القانع فان تخصيص العام يتوقف على مجموع ظهورين في الخاص احدهما الشمول لمورده والآخر كون صيغة الامر فيه بمعنى الوجوب، والاول وان كان اقوى من ظهور العام في العموم ولكن قد لا يكون الثاني كذلك.
والصحيح ان الأخصية بنفسها ملاك للقرينية عرفا بدليل ان اي خاص نفترضه لو تصورناه متصلا بالعام لهدم ظهوره التصديقي من الاساس وهذا كاشف عن القرينية كما تقدم.
وهذا لا ينافي التسليم ايضا بان الاظهر إذا كانت أظهريته واضحة عرفا يعتبر قرينة ايضا وفي حالة تعارضه مع الظاهر يجمع بينهما عرفا بتحكيم الاظهر على الظاهر وفقا لنظرية الجمع العرفي العامة ثم ان المراد بالأخصية التي هي ملاك القرينية الأخصية عند المقارنة بين مفادي الدليلين في مرحلة الدلالة والافادة لا الأخصية عند المقارنة بين مفاديهما في مرحلة الحجية وتوضيح ذلك انه اذا ورد عامان متعارضان من قبيل يجب اكرام الفقراء ولا يجب اكرام الفقراء وورد مخصص على العام الاول يقول لا يجب اكرام الفقير الفاسق فهذا المخصص تارة نفرضه متصلا بالعام واخرى نفرض انفصاله.
ففي الحالة الاولى: يصبح سببا في هدم ظهور العام في العموم وحصر ظهوره التصديقي في غير الفساق وبهذا يصبح اخص مطلقا من العام الثاني وفي مثل ذلك لا شك في التخصيص به.
واما في الحالة الثانية: فظهور العام الاول في العموم منعقد ولكن الخاص قرينة موجبة لسقوطه من الحجية بقدر ما يقتضيه وحينئذ فان نظرنا إلى هذا العام والعام الآخر المعارض له من زاوية المدلولين اللفظيين لهما في مرحلة الدلالة فهما متساويان ليس احدهما اخص من الآخر، وان نظرنا إلى العامين من زاوية مدلوليهما في مرحلة الحجية وجدنا ان العام الاول اخص من العام الثاني لانه بما هو حجة لم يعد يشمل كل اقسام الفقراء فبينما كان مساويا للعام الآخر انقلب إلى الأخصية.
وقد ذهب المحقق النائيني إلى الاخذ بالنظرة الثانية وسمى ذلك بانقلاب النسبة، بينما اخذ صاحب الكفاية بالنظرة الاولى.
واستدل الاول على انقلاب النسبة بانا حينما نعارض العام الثاني بالعام الاول يجب ان ندخل في المعارضة غير ما فرغنا عن سقوط حجيته من دلالة ذلك العام لان ما سقطت حجيته لا معنى لان يكون معارضا.
ونلاحظ على هذا الاستدلال ان المعارضة وان كانت من شأن الدلالة التي لم تسقط بعد عن الحجية ولكن هذا امر وتحديد ملاك القرينية امر آخر لان القرينية تمثل بناء عرفيا على تقديم الاخص وليس من الضروري ان يراد بالأخص هنا الاخص من الدائرتين الداخلتين في مجال المعارضة بل بالإمكان ان يراد الاخص مدلولا في نفسه منهما فالدليل الاخص مدلولا في نفسه تكون أخصيته سببا في تقدم المقدار الداخل منه في المعارضة على معارضه بل هذا هو المطابق للمرتكزات العرفية لان النكتة في جعل الأخصية قرينة هي ما تسببه الأخصية عادة من قوة الدلالة ومن الواضح ان قوة الدلالة انما تحصل من الأخصية مدلولا واما مجرد سقوط حجية العام الاول في بعض مدلوله فلا يجعل دلالته في وضوح شمولها للبعض الآخر على حد خاص يرد فيه مباشرة فالصحيح ما ذهب اليه صاحب الكفاية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|