المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8195 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24
نظرية ثاني اوكسيد الكاربون Carbon dioxide Theory
2024-11-24
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24

المرأة التي لا يتميز لها صفة الدم
2024-10-08
زراعة شتلات البرقوق بالمكان المستديم
2023-05-20
الرياء
3-10-2016
احكام الارضين المفتوحة
2024-06-24
استخدام الالياف
14-4-2018
منطقة التساقط الإشعاعي fallout area
26-3-2019


تعارض العموم والمفهوم  
  
5233   12:42 مساءاً   التاريخ: 30-8-2016
المؤلف : السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
الكتاب أو المصدر : أجود التقريرات
الجزء والصفحة : ص 499-504
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016 1686
التاريخ: 31-8-2016 2553
التاريخ: 5-8-2016 1424
التاريخ: 9-8-2016 1806

إذا تعارض العموم والمفهوم  ففي تقديم المفهوم عليه وعدمه خلاف وقبل الخوض في تحقيق ذلك لابد من تمهيد مقدمة وهي ان المفهوم ينقسم إلى المفهوم الموافق والمفهوم المخالف والمراد بالأول هو ما إذا توافق المفهوم والمنطوق في الايجاب أو السلب كما ان المراد بالثاني هو ما اذا تخالف المفهوم والمنطوق في ذلك ثم ان المفهوم الموافق يكون على نحو الاولوية تارة على نحو المساواة اخرى (والاول) انما يتحقق فيما إذا كانت الاولوية من المدركات العقلية واما إذا كانت عرفية كما في قوله تعالى ولا تقل لهما اف الدال على حرمة ضرب الوالدين مثلا بالدلالة العرفية فالمدلول خارج عن المفهوم وداخل (1) في المداليل اللفظية العرفية (واما الثاني) فهو يتحقق غالبا فيما إذا كانت علة الحكم منصوصة ونعنى به ما إذا كانت العلة المذكورة فيه واسطة في العروض لثبوت الحكم للموضوع المذكورة في القضية بان يكون الموضوع الحقيقي هو العنوان المذكور في التعليل ويكون ثبوته للموضوع المذكور من جهة انطباق ذلك العنوان عليه كما في قضية لا تشرب الخمر فانه مسكر فانها ظاهرة في ان موضوع الحرمة فيها انما هو عنوان المسكر وحرمة الخمر انما هي من جهة انطباق ذلك العنوان عليه فيسرى الحكم حينئذ إلى كل مسكر فلا تبقى للخمر خصوصية في الحكم المذكور في القضية واما إذا كانت العلة المذكورة في القضية واسطة في الثبوت ومن قبيل دواعي جعل الحكم على موضوعه من دون أن تكون هو الموضوع في الحقيقة كما في قضية لا تشرب الخمر لإسكاره فانها ظاهرة في ان موضوع الحرمة فيها انما هو نفس الخمر غاية الامران الداعي إلى جعل الحرمة عليها انما هو اسكارها فلا يسرى الحكم إلى غير الموضوع المذكور في القضية مما يشترك معه في العلة المذكورة فيها إذ يحتمل (2) حينئذ ان تكون في خصوص العلة المذكورة في القضية خصوصية داعية إلى جعل الحكم على الموضوع المذكور فيها وان لا تكون هذه الخصوصية موجودة في غيرها مما يشترك معها في الحقيقة والعنوان فإذا احتمل في خصوص اسكار الخمر مثلا خصوصية داعية إلى جعل الحرمة عليها لم يمكن الحكم بحرمة غيرها مما يشترك معها في اثر الاسكار وهذا الذي ذكرناه هو الميزان في تسرية الحكم من الموضوع المذكور في القضية إلى غيره وعدمها (وقد يتحقق المفهوم) بالمساواة في غير منصوص العلة فيما إذا احرز مناط الحكم المذكور في القضية من الخارج يقينا فيحكم بسراية الحكم إلى كل مورد تحقق فيه مناط الحكم وهذا القسم نادر التحقق جدا إذ الغالب في مناط الحكم ان لا يكون قطعيا وإذا لم يكن المناط قطعيا كانت تسرية الحكم من موضوعه إلى غيره داخلة في القياس المعلوم عدم حجيته إذا عرفت ذلك فالكلام يقع تارة في المفهوم الموافق واخرى في المفهوم المخالف.

(اما الكلام) في المفهوم الموافق فهو يقع تارة في المفهوم الموافق على نحو الاولوية واخر في المفهوم الموافق على نحو المساواة (اما المفهوم) الموافق على نحو الاولوية فربما يقال فيه (3) بان المعارض للعام ان كان هو نفس المفهوم بمجرده فلا بد من تقديم المفهوم عليه مطلقا سواء كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه ام كانت بالعموم والخصوص على الاطلاق فان رفع اليد عن المفهوم مع عدم التصرف في المنطوق مع ان المفروض لزومه له بنحو الاولوية امر غير ممكن واما رفع اليد عن المنطوق والتصرف فيه مع عدم كونه معارضا للعموم فلا وجه له وعليه فيتعين التصرف في العموم وتخصيصه بغير مورد المفهوم لا محالة (ولكن التحقيق) ان المفهوم إذا كان معارضا للعموم امتنع ان لا يكون المنطوق معارضا له ايضا والسر فيه ان دليل الحكم الثابت في المنطوق كما انه يثبت حكما آخر بالأولوية كذلك الدليل الدال بعموم على نفى الحكم الثابت بالمفهوم يدل على نفى الحكم الثابت بالمنطوق على نحو الاولوية ايضا ضرورة ان ثبوت الملزوم كما يستلزم ثبوت لازمه كذلك نفى اللازم يستلزم نفى ملزومه فترجع المعارضة بين المفهوم والعموم بالأخرة إلى المعارضة بين المنطوق والعموم وعليه فان كان المنطوق اخص مطلقا من العموم كما إذا ورد لا تكرم الفساق وورد اكرم فساق خدام العلماء الدال بمفهومه على وجوب اكرام العلماء انفسهم فلا محالة يقدم المفهوم على العموم ولو كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه والوجه في ذلك انه لا يمكن التصرف في المفهوم نفسه من دون التصرف في المنطوق على ما مر بيانه كما انه لا يمكن التصرف في مفروض الكلام في المنطوق لكونه اخص فينحصر الامر بالتصرف في العموم وابقاء المفهوم على عمومه فيكون المقام من جملة الموارد التي لابد فيها من تقديم احد العامين من وجه لأجل وجود المرجح فيه على الاخر الفاقد للترجيح كما إذا كان فرض ان الباقي تحت احد العامين بخصوصه على فرض تخصيصه بالعام الاخر بمقدار يستهجن التخصيص إلى ذلك المقدار فان ذلك يكون مرجحا له وموجبا لتقد مه على الاخر (واما إذا كانت) النسبة بين المنطوق والعموم ايضا نسبة العموم من وجه كما إذا كان المنطوق في مفروض المثال اكرم خدام العلماء فان قدم حينئذ المنطوق على العموم في مورد التعارض ودخل بذلك الخادم الفاسق للعالم في موضوع وجوب الاكرام كان المفهوم الثابت بالأولوية القطعية مقدما على العموم ايضا واما إذا قدم العموم على المنطوق وخرج الخادم الفاسق عن موضوع وجوب اكرام خدام العلماء واختص الوجوب بإكرام الخدام العدول لم يثبت الاولوية الا وجوب اكرام العدول من العلماء دون فساقهم هذا هو حق القول في المفهوم بالأولوية.

(واما المفهوم) الموافق على نحو المساواة فيظهر الحال فيه على قسميه مما ذكر في المفهوم الموافق على نحو الاولوية فانه إذا كانت النسبة بين منطوق الكلام المستفاد منه المفهوم وماله العموم نسبة العموم والخصوص مطلقا قدم المفهوم على العمومات ولو كانت النسبة بين انفسهما نسبة العموم والخصوص من وجه واما إذا كانت النسبة بين المنطوق وماله العموم نسبة العموم من وجه فيأتي فيه التفصيل المتقدم (واما المفهوم المخالف) فالنسبة بينه وبين العام المعارض له قد تكون نسبة الحاضر إلى العام وقد تكون نسبة أحد العامين من وجه إلى العام الاخر (اما الاول) اعني به ما إذا كان المفهوم اخص من العام فالمستفاد من ظاهر كلام الشيخ العلامة الأنصاري (قدس سره) التفصيل فيه بين ما إذا كان العموم غير آب عن التخصيص فيقدم المفهوم عليه وما إذا كان آبيا عنه فيقدم العموم على المفهوم ولأجل ذلك بنى (قدس سره) على تقدم عموم العلة في اية النبأ المستفاد منها المنع من اتباع غير العلم على مفهوم الاية الدال على حجية خير العادل فان قبح اصابة القوم بجهالة غير قابل لان يختص بمورد دون مورد واما بالنسبة إلى بقية العمومات الناهية عن العمل بالظن فقد بنى (قدس سره) على تقدم المفهوم عليها وخروج خبر العادل الواحد لأجل حجيته عن موضوع تلك العمومات اعني به الظن وعدم العلم بالواقع وانت خبير بما في كلا مه (قدس سره) صدورا وذيلا وذلك لأنه كما يمكن ان يقال ان قبح اصابة القوم بجهالة غير قابل للتخصيص كذلك يمكن ان يقال ان قوله تعالى ان الظن لا يغنى من الحق شيئا غير قابل للاختصاص بمورد مخصوص وكما ان دليل حجية خبر العادل يخرج خبر العادل عن موضوع الآيات الناهية عن العمل بالظن فلا يكون العمل به عملا بالظن ولذلك يكون مفهوم اية النبأ حاكما على تلك الآيات كذلك الدليل المزبور يخرج خبر الواحد عن موضوع العلة المذكورة في اية البناء فلا يكون العمل به موجبا لإصابة القوم بجهالة فيكون المفهوم حاكما على عموم العلة أيضا (واما توهم) ان عموم العلة يمنع من انعقاد ظهور الكلام في المفهوم لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينة (فهو مدفوع) بان صلوح للقرينية انما يتحقق في غير موارد الحكومة واما في موارد الحكومة كما في المقام فيستحيل ذلك لان صلوح دليل المحكوم لان يكون قرينة على دليل الحاكم انما يتوقف على تحقق موضوعه ومن الواضح ان دليل الحاكم يرفع موضوع دليل المحكوم فلا يعقل كونه قرينة على دليل الحاكم وعليه فظهور الاية في المفهوم يمنع من كون العمل بخبر العادل من اصابة القوم بجهالة فكيف يمكن أن يكون عموم العلة مانعا من انعقاد ظهور الكلام في المفهوم (ومن هنا) يظهر بطلان التفصيل في المقام بين ما إذا كان العموم متصلا بما له المفهوم وما إذا كان منفصلا عنه فيلتزم بتقديم العموم وبكونه مانعا من انعقاد ظهور الكلام في المفهوم في فرض اتصال العموم بماله المفهوم وبتقديم المفهوم على العموم في فرض انفصالهما لانعقاد ظهور الكلام في المفهوم في هذا الفرض وكونه اخص مما له العموم على الفرض (وجه الظهور) (4) هو ما عرفت من ان اتصال العموم بالكلام يستحيل ان يكون مانعا من انعقاد ظهوره في المفهوم فان ظهور الكلام في المفهوم وان كان كظهوره في العموم محتاجا إلى جريان مقدمات الحكمة كما عرفت سابقا الا ان جريان مقدمات الحكمة في طرف المفهوم سابق في الرتبة على جريانه في طرف العموم فيكون حاكما عليه وبيانا له وقد عرفت آنفا ان احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية المانع من انعقاد الظهور في الكلام انما يتحقق في غير موارد الحكومة واما في موارد الحكومة فلا محالة يكون الدليل الحاكم مقدما على دليل المحكوم وان كان دليل المحكوم متصلا به في الكلام لعدم صلوحه لكونه قرينه على دليل الحاكم (بيان ذلك) ان احتياج ظهور الكلام في المفهوم إلى جريان مقدمات الحكمة انما هو لإثبات انحصار قيد الحكم بما ذكر في المنطوق وعدم دخل شيء آخر في ذلك الحكم لا منضما إلى القيد المذكور في الكلام ولا بد لا عنه واما كون القيد المذكور فيه راجعا إلى الحكم لا إلى موضوعه الذي هو المناط في ظهور الكلام في المفهوم كما عرفت في بحث المفاهيم فالإطلاق اجنبي عنه وانما يثبت ذلك بظهور وضعي ومن الواضح ان اطلاق متعلق العموم لا يصلح ان يكون مانعا من الظهور الوضعي ليرفع اليد به عن المفهوم ويلتزم برجوع القيد إلى ناحية الموضوع فبعد الفراغ عن ظهور القضية في حد نفسها في المفهوم لا يبقى اشكال في تقدمه على العموم وكونه مبينا لدائرة متعلقه (وان شئت قلت) ان تقدم العموم على المفهوم لا بد من أن يكون اما من جهة كشفه عن رجوع القيد إلى ناحية الموضوع واما من جهة اثباته عدلا له بان لا يكون شرط الحكم منحصرا بما هو مذكور في القضية كما قيل بذلك في ما إذا كان التعارض بين قضيتين لكل منهما مفهوم في نفسه الذي تقدم الكلام فيه مفصلا ومن الواضح ان اطلاق متعلق العموم غير قابل لان يثبت به شيء من هذين الامرين اما عدم كونه قابلا لأثبات رجوع القيد إلى الموضوع ليترتب عليه عدم ثبوت المفهوم للكلام فلما عرفت من ان رجوع القيد إلى نفس الحكم في القضايا التي لها مفهوم لابد من ان يستند إلى ظهور وضعي ومعه لا تجرى مقدمات الحكمة في متعلق العموم واما عدم كونه قابلا لإثبات عدل للشرط المذكور في الكلام فلان دليل حكم العام انما يكون ناظرا إلى اثبات الحكم لأفراد العام ليس الا واين ذلك من اثباته عدلا للشرط المذكور في القضية الشرطية فلا يقاس المقام بتعارض القضيتين الشرطيتين الذي قيل فيه بتقييد مفهوم كل منهما بمنطوق الاخر الراجع إلى اثبات عدل لكل من الشرطين المذكورين في القضيتين (واما الثاني) اعني به ما إذا كانت نسبة المفهوم المخالف إلى العام نسبة العموم من وجه فالحكم فيه هو الحكم في بقية موارد التعارض بالعموم من وجه فلا يتقدم احدهما على الاخر من دون مرجح خارجي (5)

_________________
(1) قد تقدم من شيخنا الاستاد قدس سره الاعتراف بأن المفهوم داخل في المداليل اللفظية فلا وجه لما افاده في المقام من خروج ما إذا كانت الاولوية عرفية من المفهوم الموافق بالأولوية.

(2) لا يخفى ان هذا الاحتمال انما هو على خلاف ما هو المرتكز في اذهان العرف من دوران كل حكم مدار علته ومن ان العلة المذكورة في الكلام هي بنفسها علة للحكم مع قطع النظر عن خصوصية قيامها بالموضوع المذكور في القضية ضرورة انه لا يشك اهل العرف في ان المستفاد من قوله عليه السلام ان الله لم يحرم الخمر لاسمه وانما حرمه لإسكاره انما هي حرمة كل مسكر من دون دخل لقيام الاسكار بالخمر في الحكم بالحرمة اصلا هذا مع انه لو كان احتمال دخل خصوصية المورد في الحكم مانعا من انعقاد ظهور الكلام في دوران الحكم مدار علته المذكورة فيه لجرى ذلك فيما إذا كان تعليل النهى عن شرب الخمر بكونه مسكرا إذ من المحتمل فيه ايضا أن يكون في صدق المسكر على خصوص الخمر خصوصية تقتضي حرمته ولا تكون هذه الخصوصية موجودة في غيره وبالجملة لا نشك في ان ما يستفاد عند اهل العرف من قضية لا تشرب الخمر لأنه مسكر بعينه هو المستفاد من قضية لا تشرب الخمر لإسكاره فان كان المستفاد من الاولى ثبوت الحرمة لكل مسكر كما هو الظاهر كان المستفاد من الثانية هو ذلك وان لم يكن المستفاد من الثانية عموم الحكم لكل مسكر لم يستفد عمومه لكل مسكر من القضية الاولى ايضا وعليه فلا وجه لما افاده شيخنا الاستاد قدس سره من التفصيل وجعل العلامة المذكورة في الكلام من قبيل الواسطة في العروض في احد القسمين ومن قبيل الواسطة في الثبوت في القسم الاخر .

(3) لو تم هذا القول ابرى بينه في المفهوم الموافق على نحو الاولوية لجرى ذلك بعينه في المفهوم الموافق على نحو المساواة ايضا والملاك فيهما من جهة التقديم على العموم على تقدير صحته شيء واحد فلا وجه للتفكيك بينهما في البحث والتكلم في حكم معارضة المفهوم الموافق على نحو الاولوية للعام تارة والتكلم في حكم معارضة المفهوم الموافق على نحو المساواة اخرى .

(4) توضيح ذلك ان المفهوم إذا كان له حكومة على نفس دليل العام كما في مورد الاية المباركة الدالة على حجية خبر العادل على التقريب المتقدم فلا ينبغى الشك في تقدم المفهوم على العام حتى على القول بعدم احتياج التمسك بالعموم إلى اجراء مقدمات الحكمة في متعلق العموم كما هو الصحيح لان دليل العام وان كان متكفلا بإثبات الحكم لكل فرد من افراد العام الا انه غير متكفل بإثبات كون شيء ما مصداقا للعام وعدمه فشمول الحكم الثابت بذلك الدليل لشيء يتوقف على كون ذلك الشيء في نفسه فردا للعام مع قطع النظر عن ثبوت الحكم له و من الواضح ان ظهور القضية في المفهوم في موارد الحكومة يمنع من كون مورد المفهوم  فردا للعام فكيف يعقل ان يكون شمول حكم العام له مانعا من انعقاد الظهور في المفهوم و ان شئت قلت ان جواز التمسك بعموم العام لإثبات حكم العام لمورد ما يتوقف على كون ذلك المورد في نفسه فردا للعام وبما ان المفروض هو توقف كون مورد المفهوم فردا للعام على عدم المفهوم يمتنع كون عموم العام مانعا من انعقاد الظهور في المفهوم لأنه يستلزم الدور وحينئذ لا فرق في تقدم المفهوم على العام بين كون العام متصلا بماله المفهوم في الكلام و كونه منفصلا عنه واما إذا لم يكن المفهوم حاكما على نفس دليل العام كما هو الحال في قوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء بالإضافة إلى قوله عليه السلام خلق الله الماء طهور الا ينجسه شيء الا ما غير طعمه أو ريحه فوجه تقديم المفهوم الخاص على العام هو ان المفهوم وان لم يكن حاكما على العام بنفسه الا انه بدليل حجيته حاكم على اصالة العموم لا محالة لان الخاص بما انه في نفسه قرينة على العام يكون التعبد به تعبدا بعدم ارادة الظهور من العام وقد ذكرنا فيما تقدم ان اصالة الظهور الجارية في القرينة تكون حاكمة على اصالة الظهور الجارية في ذي القرينة ولو كان ظهور القرينة في نفسه اضعف من ظهور ذي القرينة وعليه فيتقدم المفهوم الخاص على العام المتصل بماله المفهوم والعام المنفصل عنه بملاك واحد من دون فرق في ذلك بين كون عموم العام وضعيا وكونه مستفادا من مقدمات الحكمة ومن ما ذكرناه يظهر وجه صحة ما افاده شيخنا الاستاد قدس سره من ان دليل العام غير صالح لان يثبت به عدل للشرط المذكور في القضية الشرطية فتدبر جيدا .

(5) وقد مر ان من جملة المرجحات كون دلالة احد العامين مستندة إلى الوضع دون الاخر و عليه فإذا كانت دلالة العام على العموم وضعية يتقدم العام على المفهوم وترفع اليد بذلك عن المفهوم في مورد الاجتماع وذلك لما حققناه من عدم احتياج التمسك بالعموم إلى اجراء مقدمات الحكمة وتوقف دلالة الكلام على المفهوم على جريانها نعم إذا قلنا باحتياج التمسك بالعموم إلى ذلك ايضا كما عليه شيخنا الاستاد قدس سره أو فرض طرف معارضة المفهوم عاما غير وضعي لا بد في تقديم احدهما على الاخر من التماس مرجح خارجي كما افيد.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.