أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2016
1695
التاريخ: 5-8-2016
1312
التاريخ: 29-8-2016
1762
التاريخ: 30-8-2016
1665
|
هل الإرادة دخيلة فيما وضع له اللفظ ، أو لا ؟ ومآله إلى أنّ مثل لفظ «زيد» هل وضع لمجرّد المعنى فقط، أو وضع للمعنى المقيّد بكونه مراداً؟ ذهب بعضهم إلى عدمه وأنّ الموضوع له هو المعنى من حيث هو هو، كما يستفاد هذا من تهذيب الاُصول أيضاً. ولكن المحقّق الحائري(رحمه الله) في درره ذهب إلى الثاني وأنّ الإرادة داخلة في الموضوع له وتبعه بعض أعاظم العصر.
واستدلّ المحقّق الخراساني(رحمه الله) للعدم باُمور ثلاثة:
الأمر الأوّل: ما مرّ منه من أنّ قصد المعنى على أنحائه من مقوّمات الاستعمال ويكون خارجاً عن الموضوع له والمستعمل فيه، ولا يخفى أنّ إرادة اللافظ في المقام ليست شيئاً وراء لحاظ المعنى.
الأمر الثاني : إنّه يستلزم التجريد ولزوم التصرّف في عامّة الألفاظ لأنّ المتّصف بالقيام في «زيد قائم»، مثلا هو زيد الخارجي لا زيد المراد الذهني، والمتّصف بالثقل في «الحجر ثقيل» إنّما هو الحجر الخارجي لا الذهني، فلابدّ من تصرّف في معنى زيد والحجر وتجريدهما عن قيد الإرادة حتّى يصحّ حمل القيام والثقل وإسنادهما إليهما.
الأمر الثالث: إنّه يلزم كون وضع عامّة الألفاظ عامّاً والموضوع له خاصّاً، لأنّ إرادة اللافظ لو كانت جزء الموضوع له أو كان قيده كان الموضوع له جزئيّاً ذهنيّاً وخاصّاً لأنّه لا مجال لتوهّم أخذ مفهوم الإرادة فيه بل المدّعى أخذ مصاديقها.
أقول: الإنصاف أنّ هذه المسألة ترجع بحسب الحقيقة إلى المبنى الذي اختاروه في البحث عن حقيقة الوضع، فمن ذهب هناك إلى أنّ حقيقة الوضع التعهّد والالتزام فيمكن له القول بكون الإرادة دخيلة في الموضوع له، لأنّ التعهّد ملازم للإرادة، ومن ذهب إلى أنّ حقيقة الوضع تخصيص اللفظ بإزاء المعنى كما هو المختار فلازم كلامه القول بعدم أخذها فيه.
ولكن قد يقال: إنّ هنا طريقاً آخر لإثبات كون الإرادة دخيلة في الموضوع له، وهو أنّ العلّة الغائيّة من وضع الألفاظ هو انتقال المرادات، والعلّة تضيّق المعلول وتحدّده ويكون هذا التضييق من قبيل القضيّة الحينيّة لا الشرطيّة، فيكون قيد «حين الإرادة» دخيلا في معنى اللفظ، أي اللفظ وضع للمعنى حين كون مراداً.
واستشكل عليه في التهذيب بأنّا لا نسلّم الصغرى، وهي أنّ غاية وضع الألفاظ انتقال المرادات، لأنّ الغاية في الوضع هو بيان الواقعيات الخارجيّة، وإرادة المعنى تكون مرآة للخارج وآلة للنيل إلى الواقع(1).
أقول: التحقيق أنّ النزاع في المسألة أشبه شيء بالنزاع اللّفظي لأنّه إن كان المراد من دخالة الإرادة دخالتها في الموضوع له فلا يقول بها أحد حتّى تصل النوبة إلى البحث والنزاع، وإن كان المراد أنّ المقصود من وضع الألفاظ هو تبيين المرادات، والإرادة دخيلة في غاية الوضع ولو مرآة إلى الخارج، فهذا ممّا لا مجال لإنكاره.
إن قلت: إنّ مقتضى تضييق المعلول بالعلّة دخالة الإرادة في الموضوع له. قلنا: العلّة المضيّقة للمعلول ليست هي العلّة الغائيّة بل هي العلّة التامّة... فيوجد المعلول بتأثير علّته التامّة، وأمّا العلّة الغائيّة فهي من المعدّات، ولهذا لا يوجب تضييق المعلول في الكثير من الموارد، نظير ما إذا قصدت المسجد والدخول فيه للصّلاة ولكن بعد الدخول تلوت القرآن أو استمعت إلى الخطيب مثلا، كما أنّه كذلك في الصنائع المخترعة، فتكون المعلولات المخترعات فيها أعمّ من عللها الغائيّة الابتدائيّة لمخترعيها فتترتّب عليها آثار اُخرى غير ما قصدها المخترعون كما هو ظاهر على الخبير، كما أنّه كذلك في كثير من المباحث الاُصوليّة، فتكون الغاية فيها تبيين الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة ولكن تترتّب عليها آثار اُخرى في الألفاظ الواردة في الوصايا والأوقاف الخاصّة والعامّة وغيرها.
بقي هنا شيء:
وهو بيان المراد من الكلام المنقول عن الشّيخ الرئيس والمحقّق الطوسي(رحمه الله)من «أنّ الدلالة تابعة للإرادة».
وقال المحقّق الخراساني(رحمه الله) في توضيح كلامهما: إنّ الدلالة على قسمين: تصوّريّة وتصديقيّة، فإنّه تارةً يكون إطلاق اللفظ موجباً للانتقال إلى المعنى اللغوي، واُخرى للانتقال إلى مراد المتكلّم، ثمّ قال: الدلالة التصديقيّة تابعة للإرادة، فلا ينتقل السامع إلى المراد إذا صدر اللفظ من المتكلّم سهواً كما إذا صدر من وقوع حجر على حجر، فدلالة اللفظ على المعنى التصديقي تابعة للإرادة تبعيّة مقام الإثبات للثبوت. ثمّ قال: وعليه يحمل كلام العلمين.
أقول: أوّلا: كيف يمكن أن تتوقّف دلالة اللفظ على مراد المتكلّم على كشف إرادة المتكلّم، مع أنّه لا حاجة إلى اللفظ بعد كشف الإرادة فإنّه تحصيل للحاصل؟
ثانياً: إنّا نحتاج في الدلالة التصديقيّة إلى اُمور أربع، ومع تحقّقها تتحقّق الدلالة التصديقيّة، ولا حاجة إلى كشف إرادة المتكلّم بالخصوص:
أوّلها: كون المتكلّم في مقام البيان.
ثانيها: عدم نصب القرينة على الخلاف.
ثالثها: كون المتكلّم عاقلا شاعراً.
رابعها: ثبوت الأصل العقلائي، وهو تطابق الإرادة الاستعماليّة مع الإرادة الجدّية، ومع اجتماع الثلاثة الاُولى تتحقّق الدلالة التصديقيّة الاستعماليّة، وبعد انضمام الأمر الرابع إليها تتحقّق الدلالة التصديقية الجدّية، وعليه فلا حاجة إلى كشف كون المتكلّم مريداً.
اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ مرادهما من كون الدلالة تابعة للإرادة ليس شيئاً وراء ذلك، والمراد أنّ دلالة اللفظ على مراد المتكلّم تفصيلا فرع العلم الإجمالي بكونه في مقام بيان مراده، فالدلالة تتبع الإرادة بهذا المعنى، ولكن هذا يتفاوت مع ما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) كما لا يخفى، وعلى كلّ حال فهو أمر معقول.
________________
1. راجع التهذيب: ص35 ـ 36، طبع مهر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|