أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
923
التاريخ: 1-8-2016
807
التاريخ: 23-8-2016
1290
التاريخ: 12-5-2020
1480
|
ولكي نعرف القاعدة العملية الاساسية التي نجيب في ضوئها على سؤال " هل يجب الاحتياط تجاه الحكم المجهول؟ " لا بد لنا أن نرجع إلى المصدر الذي يفرض علينا إطاعة الشارع، ونلاحظ أن هذا المصدر هل يفرض علينا الاحتياط في حالة الشك وعدم وجود دليل على الحرمة أو لا؟ ولكي نرجع إلى المصدر الذي يفرض علينا إطاعة المولى سبحانه لا بد لنا أن نحدده، فما هو المصدر الذي يفرض علينا إطاعة الشارع، ويجب أن نستفتيه في موقفنا هذا؟ والجواب أن هذا المصدر هو العقل، لان الانسان يدرك بعقله أن لله سبحانه حق الطاعة على عبيده، وعلى أساس حق الطاعة هذا يحكم العقل على الانسان بوجوب إطاعة الشارع لكي يؤدي إليه حقه، فنحن إذن نطيع الله تعالى ونمتثل أحكام الشريعة، لان العقل يفرض علينا ذلك لا لان الشارع أمرنا بإطاعته، وإلا لأعدنا السؤال مرة أخرى ولماذا نمتثل أمر الشارع لنا بإطاعة أوامره؟ وما هو المصدر الذي يفرض علينا إمتثاله؟ وهكذا حتى نصل إلى حكم العقل بوجوب الاطاعة القائم على أساس ما يدركه من حق الطاعة لله سبحانه على الانسان.
وإذا كان العقل هو الذي يفرض إطاعة الشارع على أساس إدراكه لحق الطاعة، فيجب الرجوع إلى العقل في تحديد الجواب على السؤال المطروح. ويتحتم علينا عندئذ أن ندرس حق الطاعة الذي يدركه العقل وحدوده، فهل هو حق لله سبحانه في نطاق التكاليف المعلومة فقط - بمعنى أن الله سبحانه ليس له حق الطاعة على الانسان إلا في التكاليف التي يعلم بها، وأما التكاليف التي يشك فيها ولا علم بها، فلا يمتد إليها حق الطاعة - أو أن حق الطاعة كما يدركه العقل في نطاق التكاليف المعلومة يدركه أيضا في نطاق التكاليف المحتملة بمعنى أن من حق الله على الانسان أن يطيعه في التكاليف المعلومة والمحتملة، فإذا علم بتكليف كان من حق الله عليه أن يمتثله وإذا احتمل تكليفا كان من حق الله أن يحتاط، فيترك ما يحتمل حرمته أو يفعل ما يحتمل وجوبه؟ والصحيح في رأينا هو أن الاصل في كل تكليف محتمل هو الاحتياط نتيجة لشمول حق الطاعة للتكاليف المحتملة، فإن العقل يدرك أن للمولى على الانسان حق الطاعة لا في التكاليف المعلومة فحسب، بل في التكاليف المحتملة أيضا، ما لم يثبت بدليل أن المولى لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التي تدعو إلى إلزام المكلف بالاحتياط.
وهذا يعني أن الاصل بصورة مبدئية كلما إحتملنا حرمة أو وجوبا هو أن نحتاط، فنترك ما نحتمل حرمته ونفعل ما نحتمل وجوبه، ولا نخرج عن هذا الاصل إلا إذا ثبت بالدليل أن الشارع لا يهتم بالتكليف المحتمل إلى الدرجة التي تفرض الاحتياط ويرضى بترك الاحتياط، فإن المكلف يصبح حينئذ غيره مسؤول عن التكليف المحتمل.
فالاحتياط إذن واجب عقلا في موارد الشك، ويسمى هذا الوجوب أصالة الاحتياط أو أصالة الاشتغال - أي إشتغال ذمة الانسان بالتكليف المحتمل - ونخرج عن هذا الاصل حين نعرف أن الشارع يرضى بترك الاحتياط.
وهكذا تكون أصالة الاحتياط هي القاعدة العملية الاساسية. ويخالف في ذلك كثير من الاصوليين إيمانا منهم بأن الاصل في المكلف أن لا يكون مسؤولا عن التكاليف المشكوكة، ولو احتمل أهميتها بدرجة كبيرة، ويرى هؤلاء الاعلام أن العقل هو الذي يحكم بنفي المسؤولية، لانه يدرك قبح العقاب من المولى على مخالفة المكلف للتكليف الذي لم يصل إليه، ولأجل هذا يطلقون على الاصل من وجهة نظرهم إسم " قاعدة قبح العقاب بلا بيان " أو " البراء ة العقلية " أي إن العقل يحكم بأن عقاب المولى للمكلف على مخالفة التكليف المشكوك قبيح، وما دام المكلف مأمونا من العقاب فهو غير مسؤول ولا يجب عليه الاحتياط.
ويستشهد لذلك بما استقرت عليه سيرة العقلاء من عدم إدانة الموالي للمكلفين في حالات الشك وعدم قيام الدليل، فإن هذا يدل على قبح العقاب بلا بيان في نظر العقلاء.
ولكي ندرك أن العقل هل يحكم بقبح معاقبة الله تعالى للمكلف على مخالفة التكليف المشكوك أو لا؟ يجب أن نعرف حدود حق الطاعة الثابت لله تعالى، فإذا كان هذا الحق يشمل التكاليف المشكوكة التي يحتمل المكلف أهميتها بدرجة كبيرة - كما عرفنا - فلا يكون عقاب الله للمكلف إذا خالفها قبيحا لانه بمخالفتها يفرط في حق مولاه فيستحق العقاب، وأما ما استشهد به من سيرة العقلاء فلا دلالة له في المقام لانه إنما يثبت أن حق الطاعة في الموالي العرفيين يختص بالتكاليف المعلومة، وهذا لا يستلزم أن يكون حق الطاعة لله تعالى كذلك أيضا إذ أي محذور في التفكيك بين الحقين والالتزام بأن أحدهما أوسع من الآخر. فالقاعدة الاولية إذن هي أصالة الاحتياط.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|