أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016
897
التاريخ: 5-9-2016
628
التاريخ: 4-9-2016
649
التاريخ: 6-9-2016
807
|
قد اختلفوا في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدم ثبوتها على اقوال ثلاثة ، التفصيل بين الالفاظ المتداولة الكثيرة الدوران وبين غيرها، بالثبوت في الاول دون الثاني.
وليعلم بان مورد النزاع في هذا البحث بين الفريقين نفيا واثباتا انما هو في المهيات المخترعة الشرعية كالصلاة والصوم والحج ونحوها، والا ففي المفردات كالركوع والسجود والقيام والقعود ونحوها وكذا المخترعات العرفية لا مجال لجريان هذا البحث والنزاع، إذ فيها لا يكون استعمال الشارع الفاظها الا في معانيها العرفية أو اللغوية كما في استعماله غيرها من الالفاظ المتداولة كالماء والتراب والحجر ونحوها، ومجرد اعتبار الشارع فيها بعض القيود عند الامر بها والبعث نحوها بالإيجاد بدال آخر عليه غير موجب لجريان النزاع فيها ايضا، إذ عليه لا يكون استعمال الشارع تلك الالفاظ الا في نفس معانيها العرفية أو اللغوية غايته انه في مقام المطلوبية افاد بعض القيود والخصوصيات فيها بدال اخر.
ومن ذلك البيان ظهر خروج المعاملات طر كالبيع والصلح والاجارة ونحوها عن حريم هذا النزاع حيث كان حقائقها عرفية امضاه الشارع، غايته انه اعتبر فيها بعض القيود الوجودية أو العدمية بدال آخر ككونه مقترنا بأمر كذا وفي حال عدم كذا.
وعليه فلا ينبغي عد ذلك تفصيلا في المسألة كما يظهر عن بعض حيث فصل بين العبادات والمعاملات إذ التفصيل المزبور فرع عموم النزاع وجريانه حتى في المخترعات العرفية كما هو واضح.
بل ومن هذا البيان ابتناء هذ النزاع وجريانه في العبادات ايضا على ان يكون حقائقها مستحدثة في شرعنا، والا فبناء على ثبوتها في الشرايع السابقة وكون الاختلاف فيها بين الشريعتين في خصوصيات الافراد نظير اختلافها بحسب حالات المكلفين كما ينبئ عنه غير واحد من الآيات من مثله قوله عز من قائل: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31] وقوله سبحانه لإبراهيم (عليه السلام) {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] وقوله سبحانه { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] تخرج ايضا عن حريم النزاع إذ عليه يكون الفاظها حقائق لغوية قد استعملها الشارع في معانيها المعهودة الثابتة في اللغة، غاية ما هناك انه (صلى الله عليه وآله ) بعض الشرائط والموانع فيها بدوال أخر.
واما ما قيل من ان مجرد ثبوت هذه المعاني قبل شرعنا ومعهوديتها عند العرف لا يقتضى معهوديتها عندهم بتلك الالفاظ الخاصة المستعملة فيها في شرعنا فيمكن حينئذ كونها حقيقة شرعية بوضع الشارع تلك الالفاظ الخاصة لتلك المعاني والمهيات المخصوصة وضعا تعيينيا أو تعينيا فان العبرة والمدار في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدم ثبوته انما هو على صيرورة تلك الالفاظ حقيقة في تلك المعاني والمهيات بوضعه (صلى الله عليه وآله) كانت تلك المعاني ثابتة قبل شرعنا ومعهودة عند العرف أو كانت حادثة في شرعنا، وعليه فلا يوجب مجرد ثبوت تلك المعاني في الشرائع السابقة كون الفاظها حقائق لغوية كي تخرج عن حريم النزاع ما لم يثبت ان تلك الالفاظ المستعملة فيها في لسان الشارع بعينها هي الالفاظ المستعملة فيها في عرف اللغة في سابق الزمان واما دعوى ان تلك الالفاظ بعينها هي الالفاظ المستعملة فيها في سابق الزمان فخال عن البرهان، حيث لا برهان يساعده ولا شاهد له غير ما يرى في الكتاب العزيز من اطلاق تلك الالفاظ فيه على تلك المعاني، وهو كما ترى مما لا شهادة فيه على ذلك، لان غاية ما يوجبه انما هي الدلالة على وجود سنخ تلك المهيات والمعاني في الشرائع السابقة واما انها مما يعبر عنها ايضا بتلك الالفاظ في ذلك الزمان فلا كما لا يخفى، فمدفوع بانه يكفى في الشهادة على ذلك ما في قوله سبحانه {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } [البقرة: 183] فانه لو لا معهودية حقيقة الصوم بمثل هذا اللفظ عند العرف لكان اللازم حينئذ اقامة البيان على ما هو المراد من الصوم إذ حينئذ كان المجال لسؤالهم من النبي(صلى الله عليه وآله) بانه أي شيء كان واجبا على الامم السابقة فصار واجبا علينا، وحينئذ فنفس هذا الاطلاق بضم عدم التعرض لتفسيره بالإمساك المخصوص اقوى شاهد على معهودية الصوم الذي كان واجبا على الامم السابقة بهذا اللفظ عند عرف اللغة. وعليه يتوجه الاشكال المزبور بانه بعد ثبوت تلك المعاني في الشرائع السابقة يكون الفاظها ايضا حقائق لغوية فيخرج عن حريم النزاع.
نعم لو اغمض عن هذه الجهة وقلنا بكون هذه المهيات مستحدثة في شرعنا أو كونها ثابتة في الشرائع السابقة ولكنها بغير تلك الالفاظ المستعملة فيها في لسان الشارع، لما كان مجال حينئذ لإنكار الحقيقة الشرعية، تارة بدعوى ان استعمال الشارع تلك الالفاظ فيها كان من باب المجاز ومعونة القرائن، واخرى كما عن الباقلاني - بدعوى ان استعمال الشارع تلك الالفاظ دائما كان في معناها اللغوي لا غير ولكنه افاد بعض الخصوصيات من الشرائط والموانع بدوال خارجية، فكان لفظ الصلاة مثلا في جميع الموارد في كلامه (صلى الله عليه وآله) مستعملة في الدعاء وافاد الخصوصيات من الترتيب والموالاة ونحوها من الشرائط والاجزاء والموانع بدوال أخر خارجية، وثالثة بغير ذلك ،إذ ذلك كله ينافيه ما عليه ديدن العقلاء في اختراعهم الماهيات، فان كل مخترع لماهية من الصدر الاول إلى الآن بنائه وديدنه على وضع لفظ مخصوص ايضا بإزاء ما اخترعه من الماهية لا انه يستعمل فيه اللفظ مجازا بلا وضع اسم خاص لما اخترعه، ومن المعلوم ايضا ان الشارع في مقام شارعيته واختراعه لتلك الماهيات أو امضائه لها بين رعيته ما جاوز هذه الطريقة المألوفة، حيث انه من المستبعد جدا ان يكون له في ذلك طريقة خاصة غير ما جرى عليه ديدن العقلاء، وإلا يلزم عليه البيان بكونه غير سالك لما هو طريقة العقلاء لكى لا يحملوا اللفظ الصادر منه عند خلوه عن القرينة على المعنى الشرعي مع انه (صلى الله عليه وآله) لم يقم بيانا على ذلك فكان نفس عدم بيانه لذلك كاشف كون جريه على طبق ديدن العقلاء فيثبت بذلك الوضع والحقيقة الشرعية.
واما الاشكال عليه بان صيرورة اللفظ حقيقة في معنى لسانه (صلى الله عليه وآله) لابد وان يكون بأحد الامرين، اما وضعه (صلى الله عليه وآله) ابتداء أو كثرة استعماله، وهما ممنوعان، اما الاول فلبعده غايته لانه لو كان لو صل الينا مع انه لم ينقل احد من المؤرخين انه (صلى الله عليه وآله ) قام يوم كذا في مجلس كذا وقال اني وضعت لفظ الصلاة للأركان المخصوصة، خصوصا مع وفور الدواعي على نقل ما يصدر منه (صلى الله عليه وآله ) واما الثاني فمن جهة احتياجه إلى مضي زمان طويل بنحو يصير اللفظ إلى حد الحقيقة، فمندفع بانه كذلك مع انحصار الوضع بما ذكر وليس كذلك، بل له طريق ثالث، وهو ان يتحقق بنفس الاستعمال الذي هو من قبيل الانشاء الفعلي نظير المعاطاة في المعاملات كما في قولك في مقام تسميتك ولدك جئني بولدي محمد، قاصدا تحقق العلقة الوضعية بنفس هذا الاستعمال، بل ومن ذلك ايضا ما للمصنفين في كتبهم من الاصطلاحات الخاصة، كالحاكم والمحكوم والوارد والمورود ونحو ذلك.
نعم لابد في ذلك من اقامة قرينة على وضعه كي لا يحتاج بعد ذلك إلى اقامة قرينة على المراد كما في المجاز.
وعدم كون مثل هذا الاستعمال حقيقة ولا مجازا غير ضمائر بالمقصود بعد عدم كونه ايضا من المستنكرات. وحينئذ لو ادعى القائل بالثبوت مثل هذا المعنى كان دعواه في محله حيث لا يرد عليه محذور، كما هو واضح.
ثم ان الثمرة بين القولين انما هي في الالفاظ المستعملة في لسانه (صلى الله عليه وآله) من دون تعويل على القرينة، فانه بناء على الثبوت يحمل على المعنى الشرعي وبناء على عدم الثبوت يحمل على المعنى اللغوي، فتدبر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|