أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016
1376
التاريخ: 18-8-2016
2108
التاريخ: 14-3-2022
2834
التاريخ: 2024-02-21
849
|
هو عرفان النعمة من المنعم ، وحمده عليها ، واستعمالها في مرضاته . وهو من خلال الكمال وسِمات الطِّيبَة والنُبل ، وموجبات ازدياد النِّعَم واستدامتها .
والشكرُ واجبٌ مقدّسٌ للمنعم المخلوق ، فكيف بالمنعم الخالق ، الذي لا تُحصى نَعماؤه ولا تُعدّ آلاؤه .
والشكر لا يجدي المولى عزّ وجل ، لاستغنائه المطلق عن الخلق ، وإنّما يعود عليهم بالنفع لإعرابه عن تقديرهم للنِّعَم الإلهيّة ، واستعمالها في طاعته ورضاه ، وفي ذلك سعادتهم وازدهار حياتهم .
لذلك دعَت الشريعة إلى التخلّق بالشكر والتحلّي به كتاباً وسنّة : قال تعالى : {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } [البقرة : 152].
وقال عزّ وجل : {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ} [سبأ : 15].
وقال تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم : 7] وقال تعالى : {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ : 13].
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( الطاعم الشاكر له مِن الأجر ، كأجر الصائم المُحتَسِب ، والمُعافى الشاكر له مِن الأجر كأجر المبتلى الصابر ، والمُعطى الشاكر له مِن الأجر كأجر المحروم القانع ) (1) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن أعطى الشكر أُعطِيَ الزيادة ، يقول اللّه عزّ وجل : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم : 7] (2) .
وقال ( عليه السلام ) : ( شكرُ كلّ نِعمة ، وإنْ عظُمَت ، أنْ تحمِد اللّه عزَّ وجلّ عليها ) (3) .
وقال ( عليه السلام ) : ( ما أنعَم اللّه على عبدٍ بنعمةٍ بالغةً ما بلَغت فحَمدُ اللّه عليها ، إلاّ كان حمَدُ اللّه أفضل مِن تِلك النعمة وأوزَن ) (4) .
وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( تقول ثلاث مرّات : إذا نظرت إلى المُبتَلَى مِِن غير أنْ تُسمِعه : الحمدُ للّه الذي عافاني ممّا ابتلاك به ، ولو شاء فعل . قال : مَن قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبداً ) (5) .
وقال الصادق ( عليه السلام ): ( إنّ الرجل منكم ليشرب الشربة مِن الماء ، فيوجب اللّه له بها الجنّة ، ثمّ قال : إنّه ليأخذ الإناء ، فيضعه على فيه ، فيسمّي ثُمّ يشرب ، فينحّيه وهو يشتهيه فيحمد اللّه ، ثُمّ يعود ، ثُمّ ينحّيه فيحمد اللّه ، ثُمّ يعود فيشرب ، ثُمّ يُنحّيه فيحمد اللّه فيُوجب اللّه عزّ وجل له بها الجنّة )(6) .
أقسام الشكر:
ينقسم الشكر إلى ثلاثة أقسام : شكر القلب , وشكر اللسان , وشكر الجوارح , ذلك أنّه متى امتلأت نفس الإنسان وعياً وإدراكاً بعِظَمِ نِعم اللّه تعالى ، وجزيل آلائه عليه ، فاضت على اللسان بالحمدِ والشكر للمنعم الوهّاب .
ومتى تجاوبت النفس واللسان في مشاعر الغبطة والشكر ، سرى إيحاؤها إلى الجوارح ، فغدت تُعرب عن شكرها للمولى عزّ وجل بانقيادها واستجابتها لطاعته .
من أجل ذلك اختلفت صوَر الشكر ، وتنوّعت أساليبه :
أ - فشُكر القلب : هو تصوّر النعمة ، وأنّها مِن اللّه تعالى .
ب - وشُكر اللسان : حمد المنعم والثناء عليه .
ج - وشُكر الجوارح : إعمالها في طاعة اللّه ، والتحرّج بها عن معاصيه : كاستعمال العين في مجالات التبصّر والاعتبار ، وغضّها عن المحارم ، واستعمال اللسان في حسن المقال ، وتعفّفه عن الفحش ، والبذاء ، واستعمال اليد في المآرب المباحة ، وكفّها عن الأذى والشرور .
وهكذا يجدر الشكر على كلّ نعمة مِن نِعَم اللّه تعالى ، بما يلائمها من صور الشكر ومظاهره :
فشُكر المال : إنفاقه في سُبُل طاعة اللّه ومرضاته .
وشُكر العِلم : نشره وإذاعة مفاهيمه النافعة .
وشُكر الجاه : مناصرة الضُّعَفاء والمضطهدين ، وإنقاذهم من ظلاماتهم . ومهما بالغ المرء في الشكر ، فإنّه لن يستطيع أنْ يوفّي النعم شُكرها الحق ، إذ الشكر نفسه مِن مظاهر نعم اللّه وتوفيقه ، لذلك يعجز الإنسان عن أداء واقع شكرها : كما قال الصادق ( عليه السلام ) : ( أوحى اللّه عزّ وجل إلى موسى ( عليه السلام ) : يا موسى ، اشكرني حقَّ شُكري . فقال : يا رب ، وكيف أشكرك حقّ شكرك ، وليس مِن شكرٍ أشكرك به ، إلاّ وأنتَ أنعمت به عليّ . قال : يا موسى ، الآن شكَرتَني حين علِمت أنّ ذلك منّي ) (7) .
فضيلة الشكر :
من خصائص النفوس الكريمة تقدير النعَم والألطاف ، وشكر مسديها ، وكلّما تعاظمت النِعم كانت أحقّ بالتقدير ، وأجدَر بالشكر الجزيل ، حتّى تَتَسامى إلى النعم الإلهيّة ، التي يقصُر الإنسان عن تقييمها وشكرها .
فكلّ نظرةٍ يسرحها الطرف ، أو كلمةٍ ينطق بها الفم ، أو عضوٍ تحرّكه الإرادة ، أو نَفَسٍ يردّده المرء ، كلّها مِنَحٌ ربّانيّة عظيمة ، لا يثمنّها إلاّ العاطلون منها .
ولئن وجَب الشكر للمخلوق فكيف بالمُنعِم الخالق ، الذي لا تُحصى نعماؤه ولا تقدّر آلاؤه .
والشكر بعد هذا مِن موجبات الزلفى والرضا من المولى عزّ وجل ، ومضاعفة نِعَمه وآلائه على الشكور .
أمّا كفران النعم ، فإنّه مِن سِمات النفوس اللئيمة الوضيعة ، ودلائل الجهل بقيم النعم وأقدارها وضرورة شكرها .
أنظر كيف يخبر القران الكريم : أنّ كُفران النعَم هو سبب دمار الأُمم ومحق خيراتها : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل : 112] .
وسئل الصادق ( عليه السلام ) : عن قول اللّه عزّ وجل : {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } [سبأ : 19].
فقال : ( هؤلاء قومٌ كانت لهم قُرى متّصلة ، ينظر بعضهم إلى بعض ، وأنهارٌ جارية ، وأموالٌ ظاهرة ، فكفروا نِعَم اللّه عزّ وجل ، وغيّروا ما بأُنفسهم مِن عافيةِ اللّه ، فغيّر اللّه ما بِهم مِن نعمةٍ وإنّ اللّه لا يُغيّر ما بقومٍ ، حتّى يُغيّروا ما بأنفسهم ، فأرسل اللّه عليهم سيل العَرمِ ففرّق قُراهم وخرّب ديارهم ، وذهَب بأموالهم ، وأبدَلهم مكان جنّاتهم جنّتين ذواتَي أُكل خمط وأثل وشيءٍ من سِدرٍ قليل ، ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلاّ الكفور )(8) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) في حديث له : ( إن قوماً أفرغت عليهم النعمة ، وهُم ( أهل الثرثار ) ، فعمدوا إلى مُخ الحنطة فجعلوه خُبز هجاء فجعلوا ينجون به صبيانهم ، حتّى اجتمع مِن ذلك جبَل ، فمرّ رجلٌ على امرأة وهي تفعل ذلك بصبيٍّ لها ، فقال : ويحكم ، اتّقوا اللّه لا تُغيّروا ما بكم مِن نعمة ، فقالت : كأنّك تخوّفنا بالجوع، أما مادام ثرثارنا يجري فإنّا لا نخاف الجوع .
قال : فأسف اللّه عزّ وجل ، وضعف لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض ، قال فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوه، ثُمّ احتاجوا إلى ذلك الجبَل فإنّه كان ليقسم بينهم بالميزان ) .
وعن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أسرَعُ الذنوب عقوبة كُفران النِّعَم ) .
كيف نتحلّى بالشكر :
إليك بعض النصائح لاكتساب فضيلة الشكر والتحلّي به :
1 - التفكّر فيما أغدقه اللّه على عباده من صنوف النِّعَم ، وألوان الرعاية واللطف .
2 - ترك التطلّع إلى المُترفين والمُنعّمين في وسائل العيش ، وزخارف الحياة ، والنظَر إلى البؤساء والمعوزين ، ومَن هو دون الناظر في مستوى الحياة والمعاش ، كما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ): ( وأكثر أنْ تنظر إلى مَن فُضِّلْتَ عليه في الرِّزق ، فإنّ ذلك مِن أبواب الشُكر).
3 - تذكّر الإنسان الأمراض ، والشدائد التي أنجاه اللّه منها بلُطفه ، فأبدله بالسقم صحّة وبالشدّة رخاءً وأمناً .
4 - التأمّل في محاسن الشُكر ، وجميل آثاره في استجلاب ودّ المنعِم ، وازدياد نِعَمه ، وآلائه وفي مساوئ كُفران النِّعم واقتضائه مقت المُنعِم وزوال نِعَمه .
_____________________
1 ، 2 ، 3- الوافي : ج 3 , ص 67 , عن الكافي .
4- الوافي : ج 3 , ص 69 , عن الكافي .
5- البحار : م 15 , ج 2 , ص 135 , عن ثواب الإعمال للصدوق .
6- البحار : م 15 , ج 2 , ص 131 , عن الكافي .
7- الوافي : ج 3 , ص 68 , عن الكافي .
8- الوافي : ج 3 , ص 167 , عن الكافي.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل قائد الفرقة الرابعة الشرطة الاتحادية
|
|
|