المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



عبد الملك بن هذيل  
  
4125   08:52 صباحاً   التاريخ: 24-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص218-219
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-06-2015 2376
التاريخ: 10-6-2021 2846
التاريخ: 2024-12-04 202
التاريخ: 10-04-2015 2471

هو أبو مروان عبد الملك بن هذيل، كان أبوه هذيل بن خلف بن رزين من أكابر جند البربر، و في أول الفتنة بقرطبة سمت نفسه إلى اقتطاع كورة السهلة بين طليطلة و سرقسطة، و تم له ذلك بالاتفاق مع أمراء البلدتين بحسن سياسته و تدبيره. و مرّ بنا أنه أول من أفرط من ثمن القينات من أمراء الطوائف و أنه اشترى قينة بثلاثة آلاف دينار كانت أديبة تحسن الغناء مع معرفة بالطب و التشريح و علم الطبيعة و اللعب بالسيوف و الخناجر المرهفة، و ابتاع لها هذيل قينات مغنيات مشهورات بالتجويد فكانت ستارته أرفع ستائر أمراء الطوائف. و الستارة عندهم تعنى المسرح الذي كانت تغني و ترقص عليه القينات مع العود و غيره من آلات الطرب. و في هذه البيئة نشأ عبد الملك نشأة فيها كثير من اللهو و العناية بالشعر، فكان طبيعيا أن تتفتح فيها ملكته. و توفي أبوه سنة 4٣6 فخلفه على السهلة، و يقول الفتح بن خاقان إنه كان غيثا في النّدى، و ليثا في العدا» بينما يقول ابن الأبار إنه «كان-مع شرفه و أدبه-متعسفا على الشعراء، متعسرا بمطلوبهم من ميسور العطاء» و يقول ابن بسام: «كان له طبع يدعوه فيجيبه، و يرمي ثغرة الصواب عن قوسه فيصيبه» . و ظل على إمارة السهلة حتى تغلب على ما بيده ابن تاشفين و توفى سنة 4٩6 و كانت له نجدة و فيه شجاعة، و كان يختلط بجنده و يتحبب إليهم حتى إنه كان لا يمتاز منهم في مركب و لا ملبس. و له وقائع مع النصارى مشهورة، و ربما كانت مطالب هذه الوقائع من أموال للسلاح و إعداد هي التي اضطرته إلى عدم الاتساع في النوال على الشعراء لا عن شحّ و بخل، و لكن عن حاجة للأموال و اضطرار، و قد تدل على ذلك دعوته للجود في بعض شعره قائلا:

اهدم بناء البخل و ارفض له     من هدم البخل بنى مجده
لا عاش إلا جائعا نائعا     من عاش في أمواله وحده
و هو يدعو على البخيل الشحيح الذى يقيض يده عن العطاء للناس و لا يشركهم في أمواله أن يعيش جائعا نائعا أو ظامئا و بعبارة أخرى فقيرا بائسا. و كان موقفه كريما من ابن طاهر حين سلبه ابن عمار مرسية-كما مرّ بنا-فقد كتب إليه يسأله أن ينزل عنده و أن يقاسمه خاصّ ضياعه و أملاكه، و إن شقّ عليه ذلك لبعد السهلة و برد هوائها فإنه يهبه بلدة من بلدانها الجنوبية، هي شنتمرية و يقف طاعتها عليه و تصريف أمورها بيديه، و من قوله مفاخرا:

شأوت آل رزين غير محتفل    و هم-على ما علمتم-أفضل الأمم
قوم إذا سئلوا أغنوا و إن حربوا   أفنوا و إن سوبقوا جازوا مدى الكرم (1)
جادوا فما يتعاطى جود أنملهم     مدّ البحار و لا هطّالة الدّيم
و ما ارتقيت إلى العليا بلا سبب    هيهات هل أحد يسعى بلا قدم
فمن يرم جاهدا إدراك منزلتي     فليحكني في النّدى و السّيف و القلم
و مبالغة منه مسرفة أن يقول عن أسرته من آل رزين إنها أفضل الأمم، و هو يصفهم- و يصف نفسه معهم-بالكرم الفياض، و يقول إنه لم يرتق مصعدا إلى ذروة العلياء إلا بجوده و بأسه و قلمه و ما يدونه من جيد المنظوم و المنثور. و يقول:

أنا ملك تجمّعت في خمس    كلّها للأنام محى مميت
هي ذهن و حكمة و مضاء     و كلام في وقته و سكوت
و هو يفتخر بذكائه و حكمته و شجاعته، و أنه يصمت حين ينبغي الصمت و لا يتكلم إلا حين يطلب الكلام و حينئذ يكون الكلام نافذا ماضيّا كالسهام المصمية. و روى له ابن بسام مقطوعة ذم فيها ذما شديدا من يتناولون الناس بالسخرية و الإزراء عليهم و ثلبهم بينما هم في الدرك الأسفل من الدناءة و الغباء، كما روى له مقطوعة ثانية يعجب فيها من رهبته أمام عيون صاحبته و ما تسلّه من ألحاظها بينما لا يخشى السيوف في القتال و لا يرهبها، يقول:

إذا سلّت الألحاظ سيفا خشيته      و في الحرب لا أخشى و لا أتوقّع
و لعل في كل ما قدمت ما يشهد لعبد الملك بن هذيل بأنه كان على حظ غير قليل من الفضل و النبل و الشيم الكريمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) حربوا: طعنوا. جازوا: قطعوا و تعدّوا.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.