المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الرضاء عن القاصر  
  
3649   10:02 صباحاً   التاريخ: 10-5-2016
المؤلف : زينة غانم يونس العبيدي
الكتاب أو المصدر : ارادة المريض في العقد الطبي
الجزء والصفحة : ص175-183
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

كما نعلم أن القاصر هو من كان ناقص الأهلية أو فاقدها(1). فاذا كان المريض قاصراً، هل يستطيع أن يعبر عن إرادته  ورضاه في ابرام العقد الطبي وتنفيذه؟! وهل يفرض ذلك على الطبيب الاعتداد بارادته؟! ابتداءً لابد من أن نحدد موقف القوانين المقارنة من ذلك وموقف الفقه بهذا الخصوص فبالنسبة إلى موقف المشرع العراقي الذي خلا من تنظيم خاص للعقد الطبي فانه لانجد فيه نصوصاً خاصة بأهلية المريض بشأن ابرام العقد الطبي ومن ثم لم يحدد المشرع سناً معيناً لذلك وبالتالي فان مرجعنا سيكون هو القواعد العامة في القانون(2). فبالرجوع إلى نص المادة (96) من القانون المدني العراقي والتي نصت على ما يأتي: (تصرفات الصغير غير المميز باطلة وإن أذن له وليه) نجد أن أي تصرف قانوني يصدر من الصغير غير المميز يكون باطلاً أي بمعنى أن الصغير غير المميز لا يستطيع أن يعطي رضاءه في ابرام العقد الطبي ومن ثم لا يعتد برضاه في تنفيذه أيضاً، ومع هذا يبقى الطبيب ملتزماً باحترام إرادة المريض إذا كان قاصراً غير مميز وذلك من خلال احترام إرادة من يمثله(3).أي أن العقد الطبي في هذا الفرض سيبرم بين الطبيب وولي الصغير أو وصيه، وإذا ما تطلبت حالة الصغير المرضية القيام بعمل طبي جراحي على سبيل المثال فان هذا الأمر يقتضي الحصول على رضاء جديد كي يكون عمل الطبيب مشروعاً، والرضاء الذي يعتد به هو رضاء من يمثل الصغير (الولي أو الوصي) أيضاً، إلا أننا نرى أنه في الأحوال التي يكون مرض القاصر من النوع البسيط وكان لديه القدرة على التعبير عن إرادته في اختيار نوع معين من أنواع العلاجات المتعددة، يجب على الطبيب أن يأخذ ذلك بنظر الاعتبار كلما كان ممكناً. بهذا ووفقاً للقواعد العامة أن الصغير غير المميز يكون غير أهل قانوناً لاتخاذ القرارات التي تعنيه وليس بامكانه أن يعبر عن رضاه في ابرام العقد الطبي وتنفيذه، وحتى وان فعل فلا عبرة بذلك الرضاء، لذا فان العبرة ستكون برضاء الولي أو الوصي إذ يعتد برضاه عند ابرام العقد الطبي وعند تنفيذه. أما إذا كان الصغير مأذوناً، فهل يعتد برضاه في ابرام العقد الطبي وتنفيذه؟! لو رجعنا إلى نص المادة (99) من القانون المدني العراقي والتي نصت على ما يأتي: (الصغير المأذون في التصرفات الداخلة تحت الإذن بمنزلة البالغ سن الرشد). نجد انها اعتدت بتصرفات الصغير المأذون الداخلة تحت الإذن وعدتها بمثابة التصرفات الصادرة عن البالغ لسن الرشد، بمعنى أن هذا القاصر المأذون له بالإدارة لديه الأهلية القانونية في اتخاذ قراراته الطبية فيعتد برضاه في ابرام العقد الطبي، بل أكثر من ذلك إذ بامكانه أن يعطي رضاه أو رفضه عند تنفيذ العقد أيضاً، ولكن بما أن الإذن الممنوح لهذا القاصر هو إذن بادارة الأموال لا التصرف فيها، فان ما يتعلق بالتزامه بدفع أتعاب الطبيب المعالج لحالته يقتضي الأمر الاتصال بمن يمثله من اجل الموافقة على الجانب المالي في العقد. إذاً، فالقاصر المأذون يتمتع بحق ابرام العقد الطبي بنفسه مع الطبيب فضلاً عن مقدرته في التعبير عن رضاه عند تنفيذ العقد مع تحفظ حول دفع أتعاب الفحص. كما ذهب جانب من الفقه(4). إلى ضرورة التمييز بين القاصر الناقص الأهلية من عديمها، فأجاز لناقص الأهلية حق قبول العلاج أو رفضه على اعتبار أنه من الضروري التمييز بين التصرفات المالية التي لاتمس إلا الذمة المالية للشخص وقبول التدخل الطبي المنطوي على المساس بالجسم فتقوم مسؤولية الطبيب إذا باشر التدخل الطبي للقاصر المميز دون الحصول على رضاه. أما عن القاصر غير المميز فلا يعتد برضاه، إنما برضا من يمثله على اعتبار أن الأهلية اللازمة لقبول التدخل الطبي تختلف عن الأهلية اللازمة لمباشرة التصرفات القانونية، فالعبرة إذاً بقدرة الشخص الفعلية على قبول التدخل الطبي أو رفضه(5). وحتى ان عبر القاصر في هذا الفرض برضاءه في ابرام أو تنفيذ العقد الطبي فلا يعتد بذلك الرضاء. أما المشرع المصري فانه لم ينظم حالة قبول أو رفض القاصر للتدخل الطبي وإنما أشار فقط في نص المادة (38) من قانون أخلاقيات المهنة إلى أنه إذا أُستدعيَّ الطبيب بصورة مستعجلة لمعالجة قاصر وتعذر الحصول على موافقة وليه الشرعي، فعليه أن يقوم باجراء العملية دون أن يتحمل المسؤولية، إذ جاء في النص ما يأتي: (إذا استدعى الطبيب بصورة مستعجلة لمعالجة قاصر أو وتعذر الحصول على موافقة الولي الشرعي، فعليه أن يعمل على إجراء العملية المستعجلة الضرورية). وهذا جاء مطابقاً لموقف المشرع الأردني الذي هو الآخر لم ينظم حالة القصَّرْ وقدرتهم على التعبير عن إرادتهم بقبول التدخل الطبي أو رفضه، إذ جاء في المادة (18) من الدستور الطبي الأردني ما يأتي: (إذا طلب الطبيب بشكل طارئ لإسعاف مريض عاجل أو فاقد لقدرته ولم يتمكن من الحصول على الموافقة القانونية في الوقت المناسب فعليه أن يقوم بالمعالجة اللازمة) أما المشرع اللبناني فقد أشار في المادة (7) من قانون نقابة الأطباء إلى مبدأ عام يقضي بما يأتي: (على الطبيب أن يحترم إرادة المريض واذا كان وضع هذا المريض لايسمح بالتعبير عن آرائه فيجب إعلام ذويه إلا في الحالات الطارئة أو في حالة الاستحالة). إذ أنه لم ينظم حالة المريض القاصر وقدرته على قبول التدخل الطبي من عدمه. في حين أن المشرع الجزائري جاء بصيغة أفضل بكثير مما جاءت به التشريعات المقارنة، إذ نصت المادة (52) من مدونة أخلاقيات الطب على أنه: (يتعين على الطبيب أو جراح الأسنان المطلوب منه تقديم العلاج لقاصر ... أن يسعى جاهداً لإخطار الأولياء أو الممثل الشرعي ويحصل على موافقتهم ...). كما جاء في المادة (53) ما يأتي:  (يجب أن يكون الطبيب أو جراح الأسنان حامي الطفل المريض عندما يرى مصلحة هذا الأخير الصحية لا تحظى بالتفهم اللائق أو باعتبار المحيط لها).  وجاء في المادة (54) ما يأتي:  (يجب على الطبيب أو جراح الأسنان المدعو للاعتناء بقاصر أو ... إذا لاحظ أنهما ضحية معاملة قاسية أو غير إنسانية أو حرمان أن يبلغ بذلك الجهات المختصة). فالمشرع الجزائري احترم إرادة المريض القاصر وذلك من ثلاثة وجوه:

الأول: عندما ألزم الطبيب بالسعي جاهداً إلى إعلام من يمثل القاصر والحصول على موافقتهم بالتدخل الطبي.

الثاني: عندما جعل من الطبيب حامياً للطفل المريض ومسؤولاً عن صحته وتوفير الحماية الصحية الملائمة له، متى رأى أن صحته مهددة بالخطر متجاوزاً رضاء من يمثله وموافقته.

الثالث: يتمثل بمنح الطبيب حق تبليغ السلطات المختصة الإدارية أو الأمنية أو القضائية، إذا شعر أن القاصر غير قادر على التعبير عن إرادته، وأنه ضحية معاملة قاسية غير إنسانية ممنْ يمثله. فهذه النصوص كلها جاءت حماية للقاصر وصحته(6).

ونأمل من مشرعنا العراقي أن يحذو حذو المشرع الجزائري بهذا الخصوص، وأن يفرد نصاً ينظم حالة القاصر ورضاه بالعمل الطبي آملين أن يكون النص بالشكل الآتي:

(أ. يلتزم الطبيب باحترام إرادة مريضه القاصر في حالتين:

1. إذا كانت له قدرة فعلية على قبول التدخل الطبي أو رفضه.

2. إذا كان مرضه بسيطاً.

ب. وما عدا ذلك يلتزم الطبيب بالحصول على رضاء من يمثل القاصر عند ابرام العقد الطبي أو تنفيذه.

ج. يمكن للطبيب أن يكون حامياً للمريض القاصر إذا لاحظ أنه ضحية معاملة قاسية أو غير إنسانية على أن يقوم باخبار السلطات المختصة بذلك).

ان تنظيم هذه المسألة بالشكل المقترح أعلاه يعد أمراً ضرورياً وذلك للاعتبارات الآتية:

1. ان النص المقترح ألزم الطبيب باحترام إرادة مريضه القاصر إذا كان مأذوناً إذ يمكن الاعتداد بارادته سواءً في ابرام العقد الطبي وحتى في تنفيذه، أما في الأحوال التي لم يكن فيها مأذوناً فكأصل عام يجب الاعتداد برضاء من يمثله سواءً عند ابرام العقد أو عند تنفيذه، لكن يمكن أن يعتد الطبيب بارادة هذا القاصر في الأحوال التي يكون فيها مرضه بسيطاً كأن يخيره الطبيب بين زرق الإبر أو تناول الحبوب والأشربة لأن من تراوح عمره بين 7 إلى 14 سنة يمكن أن يخير بين أنواع العلاجات المختلفة.

2. في الفروض التي لا يستطيع فيها القاصر التعبير عن إرادته بالرضاء في ابرام العقد الطبي أو تنفيذه يلتزم الطبيب بالحصول على رضاء من يمثل القاصر.

3. للاعتبارات السامية التي تقوم عليها مهنة الطب ألزم النص المقترح الطبيب بأن يكون حامياً للقاصر غير القادر على التعبير عن ارادته متى كان ضحية معاملة قاسية وغير إنسانية ممنْ يمثله، إذ بامكان الطبيب أن يقوم باخبار السلطات الإدارية كدائرة رعاية القاصرين مثلاً، أو حتى إبلاغ السلطات القضائية بذلك حماية للقاصر وصحته وصحة المجتمع بأكمله.

إذ تعتبر الرعاية الصحية من أبرز الحاجات الأساسية التي يجب على المجتمع أن يوفرها لأطفاله وتتوقف حياة الطفل ومستقبله الصحي على هذه الرعاية، لأن الطفل المريض هو رجل عليل في المستقبل ولا يتمكن من استخدام طاقاته واستغلالها بكفاءة وفاعلية(7). أما عن موقف المشرع الفرنسي فيما يتعلق بالسلطة على القاصر في المجال الطبي فهو يختلف في الفترة السابقة على صدور القانون ذي الرقم (459) لسنة 1970 عن الفترة اللاحقة له؛ وعليه سوف نبين ذلك في نقطتين:

أولاً. موقف المشرع الفرنسي من حق القاصر بقبول التدخل الطبي أو رفضه قبل صدور قانون (459) لسنة 1970:

إذ لم يكن للقاصر قبل صدور هذا القانون أي حق في قبول التدخل الطبي أو رفضه علاجياً كان أم جراحياً، لأن للأب سلطة مطلقة على أبنائه تصل إلى حد تقرير الحياة والموت، إذ بامكانه أن يرفض خضوع أبنائه لأي تدخل طبي حتى لو كان التدخل أمراً ضرورياً لإنقاذ حياة الأبناء المعرضين للخطر وحتى لو عبرَّ الأبن عن إرادته برضاه بالتدخل الطبي(8). أي بمعنى أنه ليس بمقدور القاصر قبل صدور هذا القانون أن يعبر عن إرادته برضاه في ابرام العقد الطبي وتنفيذه. وأخذ بالموقف نفسه القضاء الأمريكي أيضاً، إذ قضت محكمة ولاية (Maine) الأمريكية في عام 1974 بما يفيد هذا المعنى في قضية تتلخص وقائعها(9). بأن عائلة أمريكية رزقت بطفل معوق بعين واحدة، ومصاب بالصمم، وعدم القدرة على ابتلاع الطعام، فطلب الطبيب من والده إجراء العملية له وعلى الفور من أجل أن يتمكن من تناول الطعام بطريقة طبيعية، إلا أن الأب رفض ذلك رفضاً قاطعاً مؤكداً رفضه حتى وإن أدى ذلك إلى وفاة الطفل فتوفي الطفل بالفعل بالرغم من أن المحكمة قد قررت إجراء العملية له. إن إعطاء السلطة المطلقة للأب على أبنائه في المسائل الطبية يُعد أمراً تعسفياً وقاسياً وغير ذي فائدة في كثير من الأحيان، لأنه قد يحتاج الابن إلى تدخل جراحي أو علاجي كما هو الحال في القرار المذكور أنفا لإنقاذ حياته، والعزوف عنه قد يفضي بحياته إلى الموت، فوفقاً لهذا الاتجاه يحق للأب رفض هذا التدخل بما له من سلطة مطلقة، لكن ألا يُعد ذلك أمراً منافياً للمنطق، ولحق الإنسان في الحياة؟!

ثانياً. موقف المشرع الفرنسي من حق القاصر بقبول التدخل الطبي او رفضه بعد صدور قانون (459) لسنة 1970:

ميَّز هذا القانون بين الحماية القانونية للذمة المالية للقاصر، وبين حماية شخص القاصر، التي تتم عن طريق سلطة الوالدين، إذ أصبح للوالدين سلطة على القاصر فيما يتعلق بقبول التدخل الطبي أو رفضه، إذ لم يقتصر ذلك على الأب وحده، وهذا أمر يبدو في غاية السهولة عندما يتفق الوالدان على قبول التدخل الطبي أو رفضه، لكن هل يشترط دائماً رضاء الوالدين على كل تدخل طبي مهما كانت طبيعته وخطورته؟! وما الحل الأمثل لو حصل اختلاف بين الوالدين في قبول التدخل الطبي أو رفضه؟! إذ قد تقبل الأم على سبيل المثال بالتدخل الطبي مقابل رفض الأب له؟! ان اشتراط رضا الوالدين معاً وبكل تدخل طبي يجري على القاصر يُعد إثقالاً لا مبرر له، فميز هذا القانون بين طبيعة التدخل الطبي، وخطورته فاذا كان التدخل الطبي بسيطاً ولا ينطوي على مخاطر تؤثر في صحة القاصر، فان الطبيب يستطيع بمثل هذا الفرض أن يكتفي برضاء أحد الوالدين أماً كانت أم أباً في ابرام العقد الطبي وتنفيذه، أما إذا كان العمل الطبي ينطوي على مخاطر كبيرة تمس جسم القاصر؛ فان ذلك يفرض على الطبيب الحصول على رضا الوالدين معاً، كما يدعو جانب من الفقه(10). إلى ضرورة الحصول على رضا الوالدين معاً في الأحوال التي تكون فيها خيارات لطريقة العلاج، لأن هذه الخيارات قد تؤدي إلى الخلاف بين الوالدين كما ينبغي الحصول على رضاء الوالدين معاً بالنسبة إلى الأعمال الطقوسية التي ترمز إلى الانتماء إلى ديانة أو مذهب معين كما هو الحال بالنسبة إلى الختان.  كما عالج هذا القانون الأحوال التي يختلف فيها الوالدان حول قبول العلاج أو رفضه نتيجة لاختلافهما حول تقدير ما تتطلبه مصلحة الصغير، كأن تقبل الأم مثلاً التدخل الطبي بينما يرفضه الأب؛ في هذا الفرض دعت أيضاً النقابة العامة للأطباء الفرنسيين إلى التزام الطبيب بالتصرف بحذر شديد ومن ثم الوصول إلى اتفاق بين الطرفين، واذا تعذر عليه ذلك يسمح للزوج الأكثر استعجالاً أن يرفع هذا الخلاف إلى قاضي شؤون الأسرة(11). فيقوم القاضي في هذه الحالة بدور المحكم، إذ يقوم أولاً بالإصلاح بين الوالدين ويحصل على اتفاقهما، وإذا تعذر عليه ذلك، يقوم بتعيين خبير يساعده بمهمته هذه؛ فاذا تعلق الخلاف على سبيل المثال بين علاجين على الخبير أن يبين مزايا ومخاطر كلا العلاجين بحيث يُّمكن الوالدين من خلال هذه المقارنة اختيار أحد العلاجين، واستبعاد الآخر فيصل في النهاية إلى التوفيق بين الطرفين(12). لكن هل يستطيع القاصر أن يرفض علاجاً وافق عليه الوالدان؟! لو رجعنا إلى نص الفقرة (الثانية) من المادة (43) من تقنين أخلاقيات المهنة الفرنسي التي تنص على أنه: (إذا كان عديم الأهلية قادراً على التعبير عن رأيه، فان الطبيب يجب أن يعتد بهذا الرأي في أقصى الحدود الممكنة). لوجدنا أن المشرع الفرنسي قد اعتد بارادة القاصر في أقصى الحدود الممكنة؛  لكن لا نعتقد أنه قد أجاز الاعتداد بارادة القاصر في الفروض التي قد تسيء إلى حالته الصحية، لذا فانه يمكن للطبيب أن يقهر إرادة القاصر عندما يكون رفض الأخير للعلاج سبباً لتعريضه للخطر ومن ثم سوف تسترد إرادة الوالدين هيمنتها وتؤخذ بعين الاعتبار، مع تجاهل إرادة القاصر ورفضه؛ وهذا ما أيده الفقه الفرنسي(13). إذ أجاز للطبيب وبموافقة الوالدين قهر إرادة القاصر متى كان رفض الأخير للعلاج سبباً لتعرض صحته للخطر. وقد أجاز قانون (459) لسنة 1970 للقاصر حق اللجوء إلى قاضي القاصرين وذلك عندما تكون صحته أو سلامته معرضة للخطر، أو عندما تكون ظروف تربيته قد اختلت بصورة خطيرة، أو قد يكون ضحية إهمال أو تقصير من جانب أسرته، أو قد يكون نزاع بينه وبين والديه بشأن العلاج فلا يجد ملاذاً للحصول على الحماية المطلوبة إلا عن طريق اللجوء إلى العدالة، وقد سهلَّ هذا القانون من إجراءات لجوء القاصر إلى العدالة، إذ إنه لا يحتاج إلى محامٍ، وإنما يتم ذلك بصورة مباشرة إذ يستمع القاضي إلى ملاحظاته وطلباته مباشرةً متى كان عمره وحالته يسمحان بذلك(14). هذا ما أكده القضاء الفرنسي، حيث قضت محكمة النقض الفرنسية الهيئة المدنية الأولى في 3 حزيران 1997 في قرارٍ لها مقتضاه إعطاء قاضي القاصرين الحق في إخضاع القاصر لإجراء الفحوصات الطبية التي يحتاج اليها بصورة مباشرة(15).  وهذا يقترب من أحكام المادة (54) من مدونة أخلاقية الطب الجزائري المذكورة آنفاً مع فارق بأن القانون الفرنسي أعطى الحق للقاصر نفسه اللجوء إلى العدالة، في حين أن المشرع الجزائري أعطى هذا الحق للطبيب المدعو للاعتناء بالقاصر، وسواءً كان الحق في اللجوء إلى العدالة من قبل القاصر نفسه، أم من قبل الطبيب المدعو للاعتناء بالقاصر؛ هو أمر جدير بالثناء ونأمل من مشرعنا العراقي أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار إذ بالامكان تعيين قاضٍ خاص بشؤون الأطفال ومستقل عن قاضي الأحوال الشخصية للبت بالمسائل المتعلقة بالقاصر وصحته.

_____________________________

[1]- ينظر تفصيلاً في تحديد معنى القاصر: د. عصمت عبد المجيد بكر، الأحكام القانونية لرعاية القاصرين، المكتبة الوطنية، بغداد، 1997، ص24.

2- لكن مشروع الدستور الطبي العراقي أشار في البند (رابعاً/ ف 3) منه إلى ما يأتي:

(....... أما في حالة فقدان وعي المريض أو كونه طفلاً غير راشد فيجب الحصول على موافقة أحد أفراد العائلة أو المعارف المسؤولين عنه).

فهذا النص اعتبر الطفل غير الراشد غير قادر على التعبير عن إرادته بقبول التدخل الطبي أو رفضه ومع هذا يلتزم الطبيب باحترام إرادته وذلك بالحصول على رضا أحد أفراد عائلته أو معارفه المسؤولين عنه إلا أن هذا النص لم يميز القاصر الناقص الأهلية من القاصر الفاقد لأهليته.

3- نصت المادة (102) من القانون المدني العراقي على ما يأتي: (ولي الصغير هو أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة أو الوصي الذي نصبته المحكمة).

4- د. مجدي حسن خليل، المصدر السابق، ص29 ؛ د. مصطفى عبد الحميد عدوي، المصدر السابق،
ص74 وما بعدها.

5- تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن بعض تشريعات الولايات المتحدة الأمريكية تقر بحق القاصر المميز في قبول العلاج أو رفضه، في حين أن البعض الآخر يقر بحق القاصر المميز في قبول أو رفض نوع معين من العلاج دون غيره، ولم تقر تشريعات ولايةDelaware  بحق القاصرين في قبول التدخل الطبي أو رفضه مادام أي من الوالدين موجود على قيد الحياة، هكذا نلاحظ أن موقف هذه التشريعات جاء متذبذباً، منها من يعترف بحق القاصر ومنها من ينكره، وآخرون يحصرون حق القاصرين في قبول أو رفض نوع معين من العلاج، بنظر د. هشام محمد فريد رستم، المصدر السابق، ص59.

6- المشرع اليمني لم ينظم مسألة رضا القاصر بالتدخل الطبي.

7- هذا ما أكدته المادة (24) من اتفاقية حقوق الطفل CRC:

ينظر تفصيلاً: غادة فؤاد مجيد المختار، حقوق الطفل في القانون العراقي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون/ جامعة صلاح الدين، 2001، ص148.

8- Louis Melennec, Op.Cit., P.32.

9- أشار إليه: د. مصطفى عبد الحميد العدوي، المصدر السابق، ص91 وما بعدها.

10- Domitille Duval, Arnould, Le Corps de lenfant sous le regard du droit, these, Paris II, L.G.D., 1994, perface G. Cornu, P.20.

11-  هذا ما أكدته المادة (375/ف 1) من القانون المدني الفرنسي لعام 2003 إذ نصت على ما يأتي:

(قاضي القاصرين مختص في كل ما يتعلق بتربية وثقافة وصحة القاصر وعليه أن يبذل قصارى جهده في التوفيق بين أفراد عائلة القاصر ووفقاً للإجراءات المختص بها).

2[1]- د. مجدي حسن خليل، المصدر السابق، ص32.  

13- V.G. Memeteau, Le Droit medical de la famille, in Le droit non-civil de la famille, P.U.F., 1993, P.239.

4[1]- هذا ما أكدته المادة (375/ف 2) من القانون المدني الفرنسي أيضاً، حيث نصت على ما يأتي:

(لقاضي القاصرين أن ينظر في المسائل المتعلقة بعناية القاصر كحقه بالرجوع إلى العدالة أو إلى المؤسسات الصحية والتربوية كحقه في ممارسة نشاط مهني معين).

5[1]- ينظر القرار في متن القانون المدني الفرنسي لعام 2003، ص267.

 

      

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .