تنص المادة 1603 من القانون المدني الفرنسي بأن البائع يقع عليه التزامان أساسيان ، التسليم والضمان، إذ يلتزم البائع بتسليم المبيع بذاته متى ورد على شيء معين بالذات ومطابق لما تم الاتفاق عليه ويلتزم بضمان ما يظهر في المبيع ن عيوب تجعله غير صالح للاستعمال الذي خصص له ، أي أن كلا" من الالتزامين يخضع لنظام قانوني يختلف عن الآخر(1). إلا أن القضاء الفرنسي حاول منذ بداية السبعينات من القرن الماضي التوسيع في مفهوم التسليم فأضاف إليه شرط المطابقة في محاولة لاستيعاب الأضرار الحاصلة من المنتجات ، ولمنح المشتري فرصة الحصول على التعويض ، والتخلص من قيود ضمان العيوب الخفية حيث قرر بأن المبيع يجب أن يكون مطابقاً للاستعمال المخصص له وإذا أخل البائع بهذا الالتزام ، فإن ذلك يستتبع قيام المسؤولية العقدية ، فمجرد القيام بتسليم مادة خالية من الصفة المطلوب توافرها فيه أو وجود عيب يجعله غير صالح للاستعمال المخصص له يستوجب قيام المسؤولية العقدية(2). وفرق الفقه الفرنسي بين الالتزام بالتسليم المطابق والالتزام بضمان العيب عن طريق إيجاد الفروق بين العيب وعدم المطابقة ، فالعيب هو تلف أو عطب يؤثر على حسن أداء الشيء لوظيفته في حين أن عدم المطابقة هو قيام البائع بتسليم شيء يختلف في جوهره أو أحد عناصره الأساسية عن الشيء المتفق عليه(3). وبالتالي فإن نطاق كل من دعوى التسليم ودعوى الضمان تختلف ، إذ أن الدعوى الأولى تنشأ عند عدم مطابقة المبيع لما هو محدد في العقد أما الثاني فإنه ينهض عند وجود عيب في المبيع ، ودعوى التسليم المطابق تنشأ بمجرد القيام بالتسليم إلا أنها تسقط بمجرد قبول المشتري المبيع ، أما دعوى الضمان فإنه ينشأ عندما يتبين للمشتري وجود عيب في المبيع(4). ثم بدأت المحاكم بعد أن كانت تفصل بين الدعويين بالاتجاه نحو الدمج بينهما على الرغم من اختلاف احدهما عن الاخر وفي مرحلة أخرى سمحت للمشتري أن يختار بينهما وأعطت الحق للقاضي في إعادة تكييف دعوى المشتري، وكل ذلك كان محاولة لتوفير الحماية للمشتري، إلا أن المحاكم عدلت عن هذا الاتجاه عندما تبين لها أن ذلك يؤدي إلى تعطيل نصوص قواعد  الضمان ( ضمان العيوب الخفية ).

__________________________

[1]-  J. Huet, op. cit, P. 191.

2-cit, P. 261. J. Ghestine, Laresponsabilite, op. cit, P. 55, J. Ghestin, confomite et garenties, op.

3- عامر قاسم ، مصدر سابق ، ص70.

4- د. جابر محجوب علي ، مصدر سابق ، ص97.