أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-04
1451
التاريخ: 10-5-2016
18277
التاريخ: 2024-07-31
480
التاريخ: 15/12/2022
981
|
تكللت إنجازات الثورة الصناعية بظهور نمط الصناعة الحديثة في بداية القرن العشرين، التي تميزت بالتركيز الشديد للعمال في المصانع الكبيرة، وتقسيم العمل بين هؤلاء العمال، وتوافر رؤوس الأموال الكبيرة, مما اقتضى ضرورة إمداد هذه المصانع بكميات كبيرة من المادة الخام تتناسب مع القوة الجديدة المولدة التي تدير المصنع بالبخار في البدء ومن ثم بالبترول والكهرباء، كما اقتضى ذلك وجود أسواق واسعة لتصريف الإنتاج الكبير لهذه المصانع.
واستمرت الصناعة الحديثة في التطور بخطى وطيدة ومتعاظمة لتلبي متطلبات عالم يزداد سكانه بشكل كبير وتزداد وتتنوع حاجاتهم. والعلم والتكنولوجيا يتقدمان في الوقت نفسه بشكل عاصف يدفع الصناعة في مساراتها المعاصرة حيث النمو والازدهار والتطور الذي لا حدود له. فقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية تقدماً علمياً وتكنولوجياً في المجالات الإنتاجية كلها وغير الإنتاجية ليس له في سرعته مثيل، وقد أدى ذلك إلى انقلاب ثوري في الصناعة التي تشكل القطاع الأساسي في الإنتاج المادي. وقد اندفع النمو السريع للصناعة في ظل الثورة العلمية في اتجاهين أساسيين(1):
في الاتجاه الأول:
استمر التحسن والتطور التدريجي لأنواع الإنتاج التقليدي. ففي صناعة استخراج الفحم أدى استخدام المكننة وتطوير الاستخراج المكشوف إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، وفي صناعة الحديد والصلب أدى التوسع في استخدام محولات بسمر إلى إقامة أفران الصهر العملاقة التي تتراوح القدرة السنوية للفرن الواحد منها بين 5-7 مليون طن من الحديد سنوياً، وفي قطاع البترول والغاز أدى استخدام الحفارات العملاقة إلى التمكن من حفر آبار عميقة يزيد عمقها عن 5000م وكذلك إمكانية الحفر الأفقي وفي الأعماق السحيقة، كما أدى بناء المصافي الضخمة إلى إنتاج أكثر من 20 مليون طن سنوياً للمعمل الواحد.
أما ما حدث في الاتجاه الثاني:
فكان قفزة نوعية وانقلاباً ثورياً بكل معنى الكلمة. وقد شمل هذا الانقلاب أربعة قطاعات أساسية من قطاعات الصناعة:
1- قطاع تكنيك الإنتاج نفسه، حيث صارت تعد الأتمتة المتكاملة القائمة على استخدام الآلات الحاسبة الإلكترونية قاعدة هذا الانقلاب.
2- قطاع توليد الطاقة المحركة للاقتصاد المعاصر، حيث يرتبط هذا الانقلاب الثوري في المقام الأول بالطاقة الذرية.
3- قطاع إنتاج الخامات والمواد الأولية، حيث تمثل هذا الاتجاه في الانتقال التدريجي من استخدام المواد الطبيعية إلى استخدام المركبات الكيماوية الاصطناعية، الجديدة نوعاً والمصنعة طبقاً لمواصفات معلومة مسبقاً.
4- قطاع التكنولوجيا، حيث مكن هذا القطاع المتجدد باستمرار من ظهور عمليات جديدة في الصناعة كطريقة الصب المتصل، واستخدام النظائر المشعة وإنتاج الأقمشة غير المنسوجة.
لقد كانت التحولات الجوهرية في الصناعة التحويلية في ظروف الثورة العلمية – التكنولوجية هي تلك التي جرت في قطاع توليد الطاقة الكهربائية وقطاع صناعة بناء الآلات وقطاع الصناعات الكيماوية, فقد أصبحت صناعة توليد الكهرباء هي الأساس لإتمام الإنتاج ورفع إنتاجية العمل .
أما قطاع صناعة بناء الآلات فقد تطور بشكل كبير حيث ظهرت فيه صناعات لم تكن معروفة مثل إنتاج المعدات الكهربائية والإلكترونية للأجهزة الأتوماتيكية ومعدات توليد الطاقة ، وتطوير نماذج حديثة ومتطورة جداً من وسائل النقل بجميع أشكالها أما الصناعات الكيماوية فقد أمدت قطاع الصناعة بأنواع جديدة من السلع والمنتجات لم تكن معروفة سابقاً تعتمد أساساً على خامات البترول والغاز الطبيعي، فقد أصبحت الخيوط التركيبية تقدم 50% تقريباً من المواد الأولية اللازمة لصناعات المنسوجات، وكذلك المطاط الصناعي والمنتجات البلاستيكية التي أخذت يوماً بعد يوم تحل محل المعادن والخشب في معظم الصناعات التحويلية .
كل هذا أوجد حاجة ماسة للتجارة الدولية من أجل توفير المواد الأولية اللازمة للصناعة وبكميات كبيرة، وتسويق المنتجات الصناعية, فنمت التجارة الدولية بوتائر عالية جداً لم تعرفها المجتمعات البشرية من قبل ، حيث تعددت بشكل كبير السلع الصناعية الإنتاجية والاستهلاكية، الضرورية منها والكمالية، وتنوعت مطالب البشر نظراً لتطور مستواهم الاقتصادي وغناهم المادي الذي أدى إلى رفع قدرتهم الشرائية، فأصبحت تشارك في التجارة الدولية جميع السلع بدون استثناء وكذلك أخذت تشارك جميع دول العالم في التجارة الدولية . وقد توفر لذلك وسائل نقل متطورة جداً بأنواع متعددة تحمل كميات كبيرة جداً من البضائع ولمسافات طويلة بزمن قصير نتيجة تطوير سرعتها بشكل كبير، مما أدى إلى خفض تكاليف النقل بشكل كبير وكذلك إمكانية تأمين وصول المواد الأولية بشكل مستمر للمصانع والمواد المنتجة للأسواق، فأخذت قيمة المبادلات التجارية تنمو بشكل سريع حتى تجاوزت 10000 مليار دولار عام 1998م , وأصبحت العلاقات التجارية الدولية أكثر تشابكاً وأكثر تعقيداً، فكان لابد من ظهور منظمات تجارية واقتصادية دولية تضبط هذه العلاقات، فكان أن ظهرت التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية. وتكلل هذا الأمر بقيام منظمة التجارة العالمية.
__________
(1) محمود رمزي: جغرافية الصناعة والإنتاج الصناعي، مطبعة الاتحاد، دمشق، 1989، ص 18.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|