أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2016
3301
التاريخ: 2-02-2015
4535
التاريخ: 2-02-2015
3333
التاريخ: 9-4-2016
3861
|
ولي الامام (عليه السلام) زياد بن عبيد الرومي ولاية البصرة من قبل عبد الله بن عباس ويتساءل الكثيرون من قدامى ومحدثين أنّه كيف أقرّ الإمام ولايته ولم يبادر إلى عزله مع أنّه ليس له أب شرعي يعرف به حتى قيل فيه زياد بن أبيه وقد ألحقه بنسبه معاوية بن أبي سفيان استنادا إلى شهادة أبي مريم الخمّار الذي هو من عهّار الجاهلية وقد شهد له بشهادة تندى لها الجبين وقد بنى عليها معاوية واعتبره أخا له لكن لا شرعي ؛ والتحقيق الذي يقتضيه النظر حسب القواعد الشرعية أنّ زيادا هو ابن عبيد الرومي فقد كانت امّه سميّة زوجة لعبيد وقد زنا بها أبو سفيان حسب شهادة أبي مريم والولد يلحق بأبيه عملا بالحديث النبوي : الولد للفراش وللعاهر الحجر وعليه فلا مجال لتلك الشبهة فهو ابن عبيد وليس ابنا لأبي سفيان.
وكتب الإمام (عليه السلام) مجموعة من الرسائل إلى زياد كان منها ما يلي :
الرسالة الاولى :
حدثت في البصرة فتنة أحدثها معاوية بعد شهادة البطل الخالد محمّد بن أبي بكر فقد أوعز إلى عبد الله الحضرمي أن يسير إلى البصرة ويطلب من أهلها التمرّد على حكومة الإمام ؛ لأنّ الكثيرين منهم يرون أنّ عثمان قد قتل مظلوما وقد هلك جمهور غفير منهم في ذلك وسار عبد الله يطوي البيداء حتى انتهى إلى البصرة وعرض على أهلها ما طلب منهم معاوية من التمرّد على الإمام (عليه السلام) فأجابه جمهور غفير منهم فخاف زياد منهم وكتب إلى ابن عباس يخبره بذلك وبادر ابن عباس فأحاط الإمام علما بأنّ جلّ أهل البصرة قد خلعوا يد الطاعة وفارقوا الجماعة فندب الإمام أهل الكوفة لمناجزة ابن الحضرمي فتكاسلوا عن إجابته فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي فقال له : أنا أكفيك هذا الخطب فأمره بالشخوص إلى البصرة وزوّده بهذه الرسالة إلى زياد : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى زياد بن عبيد سلام عليك.
أمّا بعد فإنّي بعثت أعين بن ضبيعة ليفرّق قومه عن ابن الحضرميّ فارقب ما يكون منه فإن فعل وبلغ من ذلك ما يظنّ به وكان في ذلك تفريق تلك الأوباش فهو ما نحبّ وإن ترامت الأمور بالقوم إلى الشّقاق والعصيان فانبذ من أطاعك إلى من عصاك فجاهدهم فإن ظهرت فهو ما ظننت عليك وإلاّ فطاولهم وماطلهم فكأنّ كتائب المسلمين قد أطلّت عليك فقتل الله المفسدين الظّالمين ونصر المؤمنين المحقّين والسّلام.
وانتهى أعين إلى البصرة وعرض رسالة الإمام على زياد فلمّا قرأها قال : إنّي لأرجو أن يكفيني هذا الأمر وبادر أعين إلى قومه فحذّرهم وخوّفهم فاستجابوا له فنهض بهم إلى ابن الحضرمي وجرت بينهما مناوشات ومجادلات كلامية وأراد زياد مناجزته إلاّ أنّه عدل عن ذلك ورفع إلى الإمام رسالة جاء فيها : أمّا بعد يا أمير المؤمنين! فإنّ أعين قدم علينا بجدّ ومناصحة وصدق يقين فجمع إليه من أطاعه من عشيرته فحثّهم على الطاعة وحذّرهم الخلاف ثمّ نهض بمن أقبل معه إلى من أدبر عنه فوافقهم عامّة النهار فهال أهل الخلاف تقدّمه ، وتصدّع عن ابن الحضرمي كثير ممّن كان يريد نصرته فكان كذلك حتى أمسى فأتى رحله فبيته نفر من هذه الخارجة المارقة فأصيب ; تعالى فأردت أن اناهض ابن الحضرمي فحدث أمر قد أمرت رسولي هذا أن يذكره لأمير المؤمنين وقد رأيت أنّ رأي أمير المؤمنين ما رأيت أن يبعث إليهم جارية بن قدامة فإنّه نافذ البصيرة ومطاع في العشيرة شديد على عدوّ أمير المؤمنين فإن يقدم يفرق بينهم بإذن الله والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .
ولمّا وردت الرسالة إلى الإمام دعا جارية بن قدامة وعرض عليه الأمر فاستجاب له ومضى يجدّ السير حتى انتهى إلى البصرة فقام بما عهد إليه فاستجاب له خلق من الأزد وثابوا إلى الطاعة ونبذ الخلاف.
وزوّد الإمام (عليه السلام) جارية بن قدامة بالرسالة التالية فقرأها على أهل البصرة وهي : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين سلام عليكم .
أمّا بعد فإنّ الله حليم ذو أناة لا يعجل بالعقوبة قبل البيّنة ولا يأخذ المذنب عند أوّل وهلة ولكنّه يقبل التّوبة ويستديم الأناة ويرضى بالإنابة ليكون أعظم للحجّة وأبلغ في المعذرة ؛ وقد كان من شقاق جلّكم ؛ أيّها النّاس ما استحققتم أن تعاقبوا عليه فعفوت عن مجرمكم ورفعت السّيف عن مدبركم وقبلت من مقبلكم وأخذت بيعتكم فإن تفوا ببيعتي وتقبلوا نصيحتي وتستقيموا على طاعتي أعمل فيكم بالكتاب والسّنّة وقصد الحقّ واقم فيكم سبيل الهدى ؛ فو الله! ما أعلم أنّ واليا بعد محمّد (صلى الله عليه واله) أعلم بذلك منّي ولا أعمل , أقول قولي هذا صادقا غير ذامّ لمن مضى ولا منتقصا لأعمالهم , فإن خطت بكم الأهواء المردية وسفه الرّأي الجائر إلى منابذتي تريدون خلافي فها أنا ذا قد قرّبت جيادي ورحّلت ركابي , وأيم الله لئن ألجأتموني إلى المسير إليكم لأوقعنّ بكم وقعة لا يكون يوم الجمل إليها إلاّ كلعقة لاعق وإنّي لظانّ ألاّ تجعلوا إن شاء الله على أنفسكم سبيلا , وقد قدّمت هذا الكتاب إليكم حجّة عليكم ولن أكتب إليكم من بعده كتابا إن أنتم استغششتم نصيحتي ونابذتم رسولي حتّى أكون أنا الشّاخص نحوكم إن شاء الله تعالى والسّلام .
وحوت هذه الرسالة دعوة الإمام (عليه السلام) أهل البصرة إلى السلم والطاعة ونبذ التمرّد وذكّرتهم بما أسداه عليهم من الإحسان بعد واقعة الجمل فقد غمرهم بلطفه فعفى عن مجرمهم ومسيئهم وأشاع الأمن في ديارهم ولم يقابلهم بالمثل وأنّهم إن أطاعوه فيعمل فيهم بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه ويحكم فيهم بالحقّ المحض والعدل الخالص كما هدّدهم أنّهم إذا ما استجابوا لنصيحته فسوف يقابلهم بالشدّة والصرامة ولا يدع أي ظلّ للخائنين والمجرمين .
هذا بعض ما حوته رسالة الإمام (عليه السلام) إلى أهل البصرة.
وكتب الإمام (عليه السلام) هذه الرسالة إلى زياد بعد ما بلغه أنّه يتكبّر على الناس ويكثر من الألوان المختلفة في طعامه وهذه رسالته : أمّا بعد فإنّ سعدا ذكر أنّك شتمته ظلما وهدّدته وجبهته تجبّرا وتكبّرا فما دعاك إلى التّكبّر وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : الكبر رداء الله فمن نازع الله رداءه قصمه ؛ وقد أخبرني أنّك تكثر من الألوان المختلفة في الطّعام في اليوم الواحد وتدّهن كلّ يوم فما عليك لو صمت لله أيّاما وتصدّقت ببعض ما عندك محتسبا وأكلت طعامك قفارا فإنّ ذلك شعار الصّالحين , أفتطمع وأنت متمرّغ في النّعيم تستأثر به على الجار والمسكين والضّعيف والفقير والأرملة واليتيم أن يحسب لك أجر المتصدّقين , وأخبرني أنّك تتكلّم بكلام الأبرار وتعمل عمل الخاطئين فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت وعملك أحبطت فتب إلى ربّك يصلح لك عملك واقتصد في أمرك وقدّم إلى ربّك الفضل ليوم حاجتك وادّهن غبّا فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : ادّهنوا غبّا ولا تدّهنوا رفها .
حكت هذه الرسالة التنديد بزياد لتكبّره وتجبّره على الناس واختياره للألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد وأنّه بذلك قد استأثر على الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى فأخذ ما أعدّه الله لهم في بيت مال المسلمين , هذا بعض ما حوته هذه الرسالة من القيم والآداب.
قام زياد بدور إيجابي في بعض أعمال فارس فضبطها ضبطا صالحا وجبا خراجها وحماها وعرف ذلك معاوية فورم أنفه فقام لخداعه وجلبه إليه وكتب إليه : أمّا بعد فإنّه غرّتك قلاع تأوي إليها ليلا كما تأوي الطير إلى وكرها وأيم الله لو لا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان ذلك منّي ما قاله العبد الصالح : {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37] , وكتب في أسفل الكتاب شعرا كان منه هذا البيت :
تنسى أباك وقد شالت نعامته إذ تخطب النّاس والوالي عمر
ولمّا ورد الكتاب على زياد قام خطيبا وقال : العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يهدّدني وبيني وبينه ابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه واله) وزوج سيّدة نساء العالمين وأبو السبطين وصاحب الولاية والاخاء في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان أما والله! لو تخطّى هؤلاء أجمعين إليّ لوجدني فحشا ضرّابا بالسيف.
وكتب إلى الإمام (عليه السلام) يخبره بما جرى وأرسل معه كتاب معاوية إليه فبعث الإمام (عليه السلام) هذه الرسالة : أمّا بعد فإنّي قد ولّيتك ما ولّيتك وأنا أراك لذلك أهلا وإنّه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيّام عمر من أمانيّ التّيه وكذب النّفس لم تستوجب بها نسبا وإنّ معاوية كالشّيطان الرّجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذره ثمّ احذره ثمّ احذره والسّلام .
وحذّر الإمام (عليه السلام) في هذه الرسالة زيادا من أضاليل معاوية وخداعه فقد حاول أن يلحق زيادا بنسبه وذلك شبهة لزنا أبيه بسميّة أمّ زياد والقصّة ممّا يندى له جبين الإنسانية ففيها فضيحة لأبي سفيان وسميّة ولكن معاوية لم يحفل بالعار في سبيل تدعيم أغراضه السياسية وبناء سلطانه وأخيرا فقد استجاب زياد لمعاوية وصار من أقوى أعوانه وأخذ يتتبّع شيعة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان بهم عالما فجعل يسمل أعينهم ويقطع ألسنتهم ويقتلهم على الظنّة والتّهمة وبهذا نطوي الحديث عن ولاية زياد للبصرة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|