المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

التوحيد
23-11-2014
مناطق زراعة القطن
12-4-2016
الإمام الصادق (عليه السلام) يسعى في طلب الرزق
2023-06-15
عود إلى أخبار الناصر
29/11/2022
Plasmacytoid
27-8-2019
حكم زكاة من اشترى شقصاً للتجارة بألف ثم صار يساوي ألفين
24-11-2015


نفي وتهجير عثمان للصحابي ابا ذر  
  
4120   11:15 صباحاً   التاريخ: 12-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج2 ، ص254-262
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في عهد الخلفاء الثلاثة /

أبو ذرّهو صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) وخليله وهو من الأسبقين للإسلام وكان من أزهد الناس في الدنيا ومن أقلّهم احتفالا بمنافعها وكان من ألصق الناس برسول الله (صلى الله عليه واله) فكان يأتمنه حين لا يأتمن أحدا من الصحابة ويسرّ إليه حين لا يسرّ أحدا من أصحابه وهو أحد الثلاثة الذين أحبّهم الله وأمر نبيّه بحبّهم كما أنّه أحد الثلاثة الذين تشتاق إليهم الجنّة ؛ ولمّا آل الحكم إلى عثمان واستأثرت بنو أميّة بمنافع الدولة وخيرات المسلمين هبّ أبو ذرّ إلى الانكار عليه وقد نهاه عثمان من نقده والانكار عليه فلم يمتنع ورأى أنّ ذلك ضرورة إسلامية وواجب عليه وكان أبو ذرّ يقف أمام الذين وهبهم عثمان الثراء العريض ويتلو عليهم قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة: 34] وغاظ ذلك مروان بن الحكم المنتفع الأوّل من حكومة عثمان فشكاه إليه فأرسل خلفه فنهاه فقال أبو ذرّ : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله؟ فو الله! لأن أرضي الله بسخط عثمان أحبّ إليّ وخير لي من أن أسخط الله برضاه , لقد أبى أبو ذرّ الذي تربّى بتعاليم الإسلام وأحكام القرآن أن يصانع عثمان ويقرّه على سياسته الملتوية التي اتّخذت مال الله دولا , وضاق عثمان ذرعا من أبي ذرّ الثائر العظيم الذي وعى الإسلام وآمن بقيمه وتعاليمه وراح عثمان يفتّش عن الوسائل التي يتخلّص بها من خصمه العنيد فاتّخذ القرار باعتقال أبي ذرّ في الشام  .

أبى أبو ذرّ أن يصانع عثمان ويساير خطواته ومخطّطاته ويجاريه بأي عمل من أعماله التي لا يقرّها الإسلام وكان من ذلك أنّ عثمان سأل حضّار مجلسه فقال لهم : أيجوز لأحد أن يأخذ من بيت المال فإذا أيسر قضاه؟ فانبرى كعب الأحبار فأفتاه بالجواز وصعب على أبي ذرّ أن يتدخّل كعب في شئون الإسلام وهو يهودي النزعة وقد شكّ في إسلامه فصاح به : يا ابن اليهوديّين أتعلّمنا ديننا؟ فثار عثمان وصاح بأبي ذرّ : ما أكثر أذاك لي! وولعك بأصحابي! الحق بمكتبك في الشام , وسيّره إلى الشام فلمّا انتهى إليها أفزعه ما رأى من منكرات معاوية وبدعه فقد رآه قد أطلق يديه في بيت المال يهبه لعملائه وينفقه على شهواته وملاذّه فأخذ ينكر عليه ذلك ويذيع مساوئ عثمان وبدعه وقد قال لمعاوية حينما قال : المال مال الله , فردّ عليه أبو ذرّ : المال مال المسلمين .

إنّ أموال الخزينة العامّة للمسلمين وليست لمعاوية حتى ينفقها على ملاذه وتدعيم سلطانه ولمّا بنى معاوية داره الخضراء أنكر عليه أبو ذرّ وقال له : يا معاوية إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة وإن كانت من مالك فهذا الإسراف , وأخذ الثائر العظيم يدعو المسلمين إلى الحذر واليقظة من السياسة الأموية التي أمعنت في اقتراف المنكر فكان يقول لأهل الشام : والله! لقد حدثت أعمال ما أعرفها والله! ما هي في كتاب الله ولا في سنّة نبيّه والله! لأرى حقّا يطفأ وباطلا يحيى وصادقا يكذّب وأثرة بغير تقى وصالحا مستأثرا عليه , وأخذ الوعي ينتشر بين أهل الشام فقد أوجدت دعوته هدى في النفوس واستطابتها العامّة لقد كانت دعوته إلى إنصاف المحرومين وتحريض الفقراء على استرجاع حقوقهم من الطغمة الحاكمة وخاف الطاغية معاوية أن تندلع عليه نار الثورة فنهى الناس عن مخالطته والاجتماع به وقال بعنف لأبي ذرّ : يا عدو الله! تؤلّب الناس علينا وتصنع ما تصنع!! فلو كنت قاتلا رجلا من أصحاب محمّد من غير إذن أمير المؤمنين يعني عثمان لقتلتك ؛ فردّ عليه البطل العظيم غير حافل بسلطانه قائلا : ما أنا بعدوّ الله ولا رسوله بل أنت وأبوك عدوّان لله ورسوله أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر , لقد صدق أبو ذرّ بمقالته فإنّ معاوية وأباه أبو سفيان لم يؤمنا بالله طرفة عين ، أظهرا الإسلام خوفا من السيف وأبطنا الكفر والكيد للإسلام ؛ وعلى أي حال فقد ظلّ أبو ذرّ يواصل نشاطه الديني والسياسي للتشهير بالحكم الأموي حتى فزع منه معاوية وخاف على سلطانه.

وكتب معاوية إلى عثمان يخبره بخطر أبي ذرّ على الشام ويطلب منه إخراجه إلى بلد آخر فأجابه عثمان وأمره بحمله على أغلظ مركب وأوعره حتى يلقى الجهد والعناء فأرسله معاوية مع جلاوزة نزعت من نفوسهم الرأفة والرحمة والشرف والكرامة فساروا به سيرا مزعجا ولم يسمحوا له أن يستريح من الجهد والعناء ومضوا في سيرهم لا يلوون على شيء حتى تسلّخت بواطن فخذه وكاد أن يموت , ولمّا انتهى إلى يثرب دخل على عثمان وهو منهوك القوى فاستقبله عثمان بالجفوة ومرارة القول قائلا : أنت الذي فعلت وفعلت؟, فأجابه أبو ذرّ بمنطق الحقّ قائلا : نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك يعني معاوية فاستغشني , فصاح عثمان به : كذبت ولكنّك تريد الفتنة وتحبّها وقد أنغلت الشام علينا , فوجّه إليه أبو ذر نصيحته قائلا : اتّبع سنّة صاحبيك يعني أبا بكر وعمر لم يكن لأحد كلام , فصاح به عثمان : ما لك لا أمّ لك .

فقال له أبو ذرّ بهدوء : والله! ما وجدت لي عذرا إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وثار عثمان فقال لمن حوله : أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب إمّا أن أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنّه فرّق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الإسلام , فثار الإمام (عليه السلام) من هذه الاستهانة التي قابل بها عثمان أبا ذرّ فقال له : يا عثمان سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ .

ولم يحفل هذا الثائر العظيم بعثمان وإنّما راح ينكر عليه بوحي من دينه ويندّد بسياسته الملتوية قائلا له : تستعمل الصبيان وتحمي الحمى وتقرّب أولاد الطلقاء؟ وأخذ يذيع بين المسلمين ما سمعه من النبيّ (صلى الله عليه واله) في ذمّ الأمويّين ومدى خطرهم على الإسلام قائلا : قال رسول الله : إنّ بني العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلا جعلوا كتاب الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا , وأصدر عثمان أمرا بمنع مجالسة أبي ذرّ وحرّم مخالطته والكلام معه لأنّه يقول الحقّ ويأمر بالعدل وينهى عن المنكر .

استمرّ أبو ذرّ في جهاده ينشر مساوئ الأمويّين ويذيع منكراتهم ويوقظ الجماهير فضاق عثمان به ذرعا فصمّم على أن ينفيه عن الأمصار الإسلامية  ويعتقله في أرض جرداء لا سكن فيها فأرسل شرطته خلفه فلمّا حضر عنده بادره أبو ذرّ منكرا وناقما على سياسته قائلا : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر هل رأيت هذا هديهم إنّك لتبطش بي بطش الجبّارين , فقطع عليه عثمان كلامه وصاح به : اخرج عنّا من بلادنا .

أتخرجني من حرم رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ فقال له : نعم وأنفك راغم . فقال له : اخرج إلى مكّة.

قال : لا ؛ قال له : الكوفة؟ فقال : لا , إلى الربذة حتى تموت فيها .

وأوعز شيخ الأمويّين عثمان إلى وزيره ومستشاره مروان بن الحكم بإخراج هذا الصحابي العظيم من مدينة الرسول (صلى الله عليه واله) ليقيم في أرض جرداء قد انعدمت فيها جميع وسائل الحياة فأخرجه الوزغ ابن الوزغ مهان الجانب محطّم الكيان وحرّم على المسلمين مشايعته وتوديعه فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

ولم تذعن الاسرة النبوية لأوامر عثمان بتحريم توديع أبي ذرّ فقد خرجت ومعها الصحابي الجليل عمّار بن ياسر لتوديع هذا الصحابي المضطهد وتلقي عليه نظرة الوداع ؛ ولمّا رآهم مروان وجّه خطابه وإنذاره إلى الإمام الحسن (عليه السلام) فقال له : ايه يا حسن! ألا تعلم أنّ عثمان قد نهى عن كلام هذا الرجل؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك , ولم يجبه الإمام بكلمة احتقارا له وثار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وحمل على مروان وضرب أذني دابته وصاح به :  تنحّ نحّاك الله إلى النّار , وولّى مروان منهزما فزعا إلى سيّده وابن عمّه عثمان يخبره بعصيان أهل البيت : أمره فاستشاط عثمان غيظا وورم أنفه .

وألقى الإمام (عليه السلام) على أبي ذرّ نظرة مشفوعة بالأسى والحزن وخاطبه بهذه الكلمات التي حدّدت أبعاد شخصيّة أبي ذرّ وألقت الأضواء على ثورته ضدّ الحكم الأموي قائلا : يا أبا ذرّ إنّك غضبت لله فارج من غضبت له إنّ القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فاترك في أيديهم ما خافوك عليه واهرب منهم بما خفتهم عليه ؛ فما أحوجهم إلى ما منعتهم وما أغناك عمّا منعوك! وستعلم من الرّابح غدا والأكثر حسّدا ولو أنّ السّماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثمّ اتّقى الله لجعل الله له منهما مخرجا! لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ ولا يوحشنّك إلاّ الباطل فلو قبلت دنياهم لأحبّوك ولو قرضت منها لأمّنوك , يا لها من كلمات ذهبية ألمّت بواقع أبي ذرّ الذي ثار في وجه الطغيان والاستبداد! فقد كانت ثورته إصلاحية استهدفت القضاء على الاستغلال ونهب ثروات الامّة , وقد مجّد الإمام ثورة أبي ذرّ التي خشيها الأمويّون وطلب منه أن يهرب بدينه ليكون بمنجاة من شرور الأمويّين .

وبادر ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) الإمام الحسن (عليه السلام) فصافح عمّه أبا ذرّ وألقى عليه هذه الكلمات : يا عمّاه لو لا أنّه ينبغي للمودّع أن يسكت وللمشيّع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف وقد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدّنيا بتذكّر فراغها وشدّة ما اشتدّ منها برجاء ما بعدها واصبر حتّى تلقى نبيّك وهو عنك راض , وألمّت هذه الكلمات بما يحمل الإمام الحسن من أسى بالغ على ما حلّ بعمّه أبي ذرّ من الخطوب التي كانت من أجل إحقاق الحقّ ورفع كلمة الإسلام .

وألقى الإمام الحسين (عليه السلام) نظرة الوداع على أبي ذرّ وخاطبه بهذه الكلمات : يا عمّاه إنّ الله تبارك وتعالى قادر أن يغيّر ما قد ترى إنّ الله كلّ يوم هو في شأن وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عمّا منعوك وأحوجهم إلى ما منعتهم فاسأل الله الصّبر واستعذ به من الجشع والجزع فإنّ الصّبر من الدّين والكرم وإنّ الجشع لا يقدّم رزقا والجزع لا يؤخّر أجلا .

وألقت هذه الكلمات الأضواء على ثورة أبي ذرّ التي كانت من أجل الصالح العامّ وحكت خوف الأمويّين منه فقد خافوه على مناصبهم وخافوه على الأموال التي اختلسوها من المسلمين .

وتقدّم الصحابي العظيم الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر وعيناه تفيض من الدموع فخاطب صاحبه وخليله أبا ذرّ بهذه الكلمات : لا آنس الله من أوحشك ولا آمن من أخافك أما والله! لو أردت دنياهم لآمنوك ولو رضيت أعمالهم لأحبّوك وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلاّ الرضا بالدنيا والجزع من الموت ومالوا إلى سلطان جماعتهم عليه والملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة ألا ذلك هو الخسران المبين .

وقابل أبو ذرّ الاسرة النبوية وعيناه تفيضان دموعا وخاطبهم بهذه الكلمات قائلا : رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله (صلى الله عليه واله) ما لي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم إنّي ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام وكره أن اجاور أخاه وابن خاله بالمصرين الكوفة والبصرة فأفسد الناس عليهما فسيّرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلاّ الله والله! ما اريد إلاّ الله صاحبا وما أخشى مع الله وحشة .

وتحرّكت راحلة أبي ذرّ تطوي البيداء حتى انتهت إلى الربذة ليموت فيها جوعا وفي يد عثمان ذهب المسلمين يصرفه على بني أميّة وآل أبي معيط ويحرمه على أبي ذرّ المصلح العظيم فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.