المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الوسائل الاختيارية لتسوية المنازعات  
  
2818   12:39 مساءاً   التاريخ: 6-4-2016
المؤلف : سمية رشيد جابر الزبيدي .
الكتاب أو المصدر : تسوية المنازعات الدولية المتعلقة بقانون البحار
الجزء والصفحة : ص6-15
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

 أعطت اتفاقية قانون البحار للدول الأطراف الحرية في اختيار أية وسيلة من وسائل التسوية السلمية للمنازعات، لتسوية المنازعات المتعلقة بتفسير أحكام هذه الاتفاقية أو تطبيقها. ويعتمد اختيار الوسيلة على الاتفاق بين الأطراف. ولعل التجديد الذي جاءت به اتفاقية قانون البحار، هو تأكيدها على أحقية الدول الأطراف في اختيار الوسيلة الملائمة في اكثر من نص قانوني ، وكذلك احترام التزامات الأطراف الأخرى – غير اتفاقية قانون البحار – لتسوية المنازعات، فلو كان الطرفان متفقين على تسوية منازعاتهم بوسائل معينة مثل التوفيق أو التحكيم أو غيرها من الوسائل، وكان هذا الالتزام منصوص عليه في اتفاقات ثنائية أو إقليمية، يصار إلى ذلك الاتفاق وليس إلى نصوص اتفاقية قانون البحار. ويبدو جلياً الجهد الذي بذل في المؤتمر الثالث لقانون البحار لإيجاد صياغة توفيقية لنصوص المعاهدة ترضي اغلب الدول المشاركة في المؤتمر، ولمنع تفاقم المنازعات ومحاولة حلها بالوسائل السلمية اعتماداً على إرادة الأطراف. ولقد افرد الفرع الأول من الجزء الخامس عشر من الاتفاقية، للقواعد العامة لتسوية المنازعات بوسائل من اختيار أطراف النزاع. وهي المواد من (279) إلى (285).  إذ نصت المادة (279) التي جاءت بعنوان الالتزام بتسوية المنازعات بالوسائل السلمية. على أن (تسوي الدول الأطراف أي نزاع بينها يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها بالوسائل السلمية، وفقا للفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، وتحقيقاً لهذا الغرض تسعى إلى إيجاد حل بالوسائل المبينة في الفقرة 1 من المادة 33 من الميثاق) ويتبين من هذه المادة ان المنازعات ذات الطبيعة القانونية هي التي تخضع للتسوية، ذلك لان هذه المادة أشارت إلى (المنازعات المتعلقة بتفسير هذه الاتفاقية أوتطبيقها) ومن المعلوم بان المنازعات إذا تعلقت بتفسير أحكام اتفاقية أو تطبيقها فانها تعد منازعات قانونية استناداً إلى المادة (36) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. بمعنى ان هذه المادة استبعدت المنازعات ذات الطبيعة السياسية(1). وأكدت على ما جاء في الفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة من التزام الأطراف بفض منازعاتهم الدولية على وجه لا يجعل السلم والأمن الدولي عرضه للخطر. أما الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتسوية تلك المنازعات فقد حددتها الفقرة 1 من المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، بأنها المفاوضات والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسويـة القضائية أو أن يلجئوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها(2).  وفي تعليق د. ساسي سالم الحاج على نطاق تطبيق هذه المادة ذكر ان (نص المادة (279) من الاتفاقية، لا ينطبق على المنازعات التي تكون إحدى المنظمات الدولية طرفاً فيها. وهذا الأمر يخلق صعوبات حقيقية في التطبيق العملي)(3). ويصعب قبول هذا الرأي لان المادة (279) تضع مبدأ عاماً لتسوية المنازعات بالوسائل السلمية التي يتفق الأطراف على اختيارها، فان كانت إحدى المنظمات طرفاً في النزاع فانها يجوز لها وبالاستناد إلى الفقرة 1 من المادة 7 من المرفق التاسع ان تختار أية محكمة لتسوية منازعاتها، أي يحق لها اللجوء إلى الوسائل الإلزامية حيث أشارت هذه الفقرة إلى ما يأتي (يجوز للمنظمة عند إيداع وثيقة تثبيتها الرسمي أو انضمامها، أو في أي وقت بعد ذلك ان تختار بواسطة تصريح كتابي واحدة أو اكثر من وسائل تسوية المنازعات المتعلقة بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها والمشار إليها في المادة 287 وهي محكمة قانون البحار ومحكمة العدل الدولية ومحكمة التحكيم ومحكمة التحكيم الخاص). واستناداً إلى هذه المادة إذا كان للمنظمة الحق في اختيار وسيلة تسوية المنازعات الإلزامية فمن باب أولى ان يكون لها الحق في اختيار أية وسيلة اختيارية قبل اللجوء إلى الوسائل الإلزامية(4). فضلاً عما تقدم فان المادة 285 من اتفاقية قانون البحار أشارت إلى (انطباق هذا الفرع – ويعني الفرع الأول من الجزء الخامس عشر الخاص بالوسائل الاختيارية – على أي نزاع يجب عملاً بالفرع 5 من الجزء الحادي عشر تسويته وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا الجزء، وإذا كان طرفاً في النزاع كياناً ليس بدوله طرف، انطبق هذا الفرع مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال) وهذا يعني انه يجوز للكيانات من غير الدول اللجوء إلى الوسائل الاختيارية. وعند مناقشة مشروع المادة 279 في المؤتمر الثالث لقانون البحار، تراءى للبعض ان النص على تسوية المنازعات وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من الميثاق والإشارة إلى المادة 33 منه يعتبر تكراراً لا حاجة له، طالما انه في حالة نشوب نزاع بين الأطراف لابد من العودة إلى هذه الوسائل التي ذكرها الميثاق. وفي حقيقة الأمر، ان الدول التي شاركت في المؤتمر الثالث لقانون البحار، رغبت برؤية إشارة واضحة في الاتفاقية إلى وجوب العودة إلى هذه الوسائل من خلال ذكرها في المادة الخاصة بتسوية المنازعات. ذلك ان هذا الالتزام بتسوية المنازعات، سبق ان جرى توضيحه في إعلان المبادئ التي تحكم قاع البحار وباطن أرضها خارج حدود الولاية الوطنية في الفقرة 15 منه والتي تقضي بإلزام (الأطراف في أي نزاع يتعلق بالنشاطات في المنطقة أو مصادرها، ان يسووا مثل هذه المنازعات بالوسائل المذكورة في المادة 33 من الميثاق، وان هذه الإجراءات لتسوية المنازعات يمكن ان يوافق عليها في النظام الدولي الذي سيتم إنشاءه)(5). علاوة على ما تقدم، فقد كانت هناك رغبة بالإشارة إلى إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1970 ، لأنه يحتوي على نصوص تفصيلية للالتزام المتعلق بالفقرة 3 من المادة 2 من الميثاق لان البند الخاص بمبدأ فض المنازعات بين الدول بالوسائل السلمية على وجه لا يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر كان ينص على ما يأتي (على كل دولة ان تفض منازعاتها الدولية مع الدول الأخرى بالوسائل السلمية على وجه لا يعرض السلم والأمن الدوليين ولا العدل للخطر. وعلى الدول، بالتالي، ان تلتمس تسوية منازعاتها الدولية تسوية مبكرة عادلة بطريقة المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية واللجوء إلى الوكالات والاتفاقيات الإقليمية أو غير ذلك من الوسائل السلمية التي تختارها. وعلى الأطراف في التماسهم مثل هذه التسوية ان يتفقوا على الوسائل السلمية التي تتلاءم وظروف النزاع وطبيعته. وعلى أطراف النزاع، عند الإخفاق في التوصل إلى حل بأية وسيلة من الوسائل السلمية واجب الاستمرار في تلمس تسوية النزاع بوسائل سلمية أخرى يتفق عليها فيما بينهم. وعلى الدول الأطراف في أي نزاع دولي، وسائر الدول كذلك، أن تمتنع عن إتيان أي عمل قد يؤدي إلى تفاقم الحالة بصورة تعرض صيانة السلم والأمن الدوليين للخطر، وعليها ان تتصرف وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها. ويجب ان تفض المنازعات الدولية على أساس المساواة في السيادة بين الدول ووفقاً لمبدأ حرية اختيار الوسائل، ولا يعتبر الالتجاء إلى إجراء للتسوية تتفق عليه الدول بحرية فيما يتعلق بالمنازعات، الحالية أو المستقبلية، التي تكون طرفاً فيها. أو قبول مثل هذا الإجراء، متنافيا مع مبدأ المساواة في السيادة.  وليس في مضمون الفقرات السابقة ما يخل بأحكام الميثاق المنطبقة، ولا سيما تلك المتعلقة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية أو أي تقييد لها)(6). ولقد انعكست رغبة الدول بوجود مثل هذه الإشارة إلى إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الأمم طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، في مشروع النص التفاوضي الذي وضعته مجموعة العمل غير الرسمية إذ وضعت النص بصياغتين مختلفتين:-الأولى (يجب على كل الأطراف المتعاقدة، ان تسوي أي نزاع فيما بينها يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها من خلال الوسائل السلمية المشار إليها في المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة). أما الصياغة الثانية كانت تشير إلى ما يأتي (بالرجوع إلى إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الأمم طبقا لميثاق الأمم المتحدة، فانه يجب على الأطراف المتعاقدة ان تسوي أي نزاع فيما بينها يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها بالوسائل السلمية وبشكل ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة.)(7).  ومن الجدير بالذكر انه تم الأخذ بالمقترح الأول لمجموعة العمل غير الرسمية، إذ نص التعديل الأول للنص الوحيد غير الرسمي للتفاوض على انه (يجب على الأطراف المتعاقدة ان تسوي أي نزاع بينهم يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها بالوسائل السلمية المشار إليها في المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة)(8). وعند مناقشة هذا النص في الهيئة العامة للمؤتمر اقترح مندوب الإكوادور ان لا تشير هذه المادة إلى 33 فحسب بل إلى المادة الثانية من الميثاق أيضاً. أما مجموعة "77" فقد أكدت أهمية هذه الإجراءات، إذ اقترح رئيس المجموعة النص الآتي بوصفه يحدد موقف المجموعة: (استناداً إلى أحكام الفقرة 3 من المادة 2 وأحكام المادة 33 من الميثاق، ترى مجموعة "77" ان الإجراءات التمهيدية المنصوص عليها في هذه الأحكام، يمكن الأخذ بها قبل أي دعوى تحكيمية، أو أي تسوية قضائية عملاً على الوصول إلى حل سلمي في حالة نشوء منازعات بين الدول تتعلق بتطبيق أو تفسير اتفاقية بشان قانون البحار، وينبغي ان تتم هذه الإجراءات التمهيدية في فترة زمنية معقولة)(9).  وهكذا تم تعديل أحكام النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض، وإضافة الفقرة 3 من المادة 2 من الميثاق إلى أحكام هذه المادة للتأكيد على ضرورة التزام الأطراف بحل منازعاتهم بالوسائل السلمية وتجنب استعمال القوة. وبناء على ما سبق نجد أن اتفاقية قانون البحار، أكدت في المادة الأولى من الجزء الخامس عشر، على التزام الأطراف بضرورة اللجوء إلى الوسائل السلمية وتركت لهم مطلق الحرية في اختيار أي وسيلة من الوسائل التي جاء ذكرها في المادة 33 من الميثاق، ولتأكيد هذا المبدأ فقد أشارت المادة (280) التي جاءت تحت عنوان تسوية المنازعات بأية وسيلة سلمية يختارها الأطراف على ذلك بالقول (ليس في هذه المادة ما يخل بحق أي من الدول الأطراف في ان تتفق في أي وقت على تسوية أي نزاع بينها يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها بأية وسيلة سلمية من اختيارها). واستناداً إلى هذه المادة، فان للأطراف الحرية في اختيار أية وسيلة لتسوية المنازعات بالاتفاق، ولم تقيد هذه المادة الدول الأطراف بزمن معين للاتفاق، وبعبارة أخرى يستوي ان يكون هذا الاتفاق قبل أو بعد أو أثناء نشوء النزاع. ويظهر من هذا النص حرص الاتفاقية على إعطاء إرادة الأطراف دوراً في اختيار أية وسيلة لتسوية المنازعات بقصد تجنب تفاقم المنازعات والحيلولة دون استخدام القوة، بغض النظر عن الوسيلة التي يتم اختيارها سواء أكانت توفيقاً، أو تحكيماً أو لجوءاً إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية لحل المنازعات. وإذا كان الأصل هو اللجوء إلى إجراءات الجزء الخامس عشر لتسوية أي نزاع يتعلق بتفسير الاتفاقية أو تطبيقها فان الاتفاقية نصت على استثناء معين، هو عدم تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في الجزء الخامس عشر من الاتفاقية في حالتين.

الأولى : اتفاق أطراف النزاع على وسيلة معينة من اختيارهم لتسوية النزاع.

والثانية : إذا اتفق الأطراف على مدة معينة لتسوية المنازعات، كأن يتفق الأطراف على عدم اللجوء إلى إجراءات الجزء الخامس عشر إلا بعد انقضاء مدة ثلاثة اشهر من بدء النزاع. في كلتا الحالتين لا يتم تطبيق الإجراءات التي نص عليها الجزء الخامس عشر من الاتفاقية. وهذا ما أكدت عليه المادة 281 التي جاءت تحت عنوان الإجراء الذي يتبع عند عدم توصل الأطراف إلى تسوية، إذ نصت على انه

(1- إذا كانت الدول الأطراف هي أطراف في نزاع يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها قد اتفقت على السعي إلى تسوية النزاع بوسيلة سلمية من اختيارها، لا تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الجزء إلا عندما لا يتم التوصل إلى تسوية باللجوء إلى هذه الوسيلة أو عندما لا يستبعد الاتفاق بين الأطراف أي إجراء آخر.

2- إذا كانت الأطراف قد اتفقت أيضاً على حد زمني، لا تنطبق الفقرة (1) إلا بعد انقضاء ذلك الحد الزمني).

 ومن الجدير بالذكر ان النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض لهذه المادة كان ينص على ما يأتي (إذا اتفق الأطراف المتعاقدون الذين هم أطراف في نزاع على تسوية هذا النزاع بوسيلة سلمية من اختيارهم، واتفقوا على وقت محدد لمثل هذه الإجراءات، لا ينطبق الإجراء المحدد في هذا الفصل إلا بعد انقضاء ذلك الحد الزمني، شريطة ألا يكون قد تم التوصل إلى تسوية، وألا يكون الاتفاق بين الأطراف مانعا من اتخاذ أي إجراء لاحق).(10). وعند عرض هذا النص للمناقشة في الهيئة العامة لمؤتمر قانون البحار، ثار جدل حوله وتساءل مندوب السلفادور عن حكم الحالة التي لا يذكر فيها الاتفاق حداً زمنياً معيناً، مقترحاً بغية تقليل استمرار قيام النزاع تخويل الأطراف حق تطبيق السابعة وهي خاصة بالتسوية الإلزامية(11).  ولقد أشار الأستاذ (Adede) في تعليقه على هذه المادة بقوله انه (عندما لا يوجد وقت محدد متفق عليه من قبل الأطراف، فيمكن تطبيق الإجراءات الإلزامية في أي وقت طبقا للمادة (7)، لان الرغبة الرئيسية هنا هي حماية الطرف الذي وافق بحسن نية على الإجراءات ضد القرار الذي يتخذه الطرف الآخر للتخلص من الإجراءات الاختيارية والتمسك بالإجراءات الإلزامية وفقا للاتفاقية)(12).  بمعنى ان الأستاذ (Adede) أجاب على التساؤل المطروح من مندوب السلفادور بأنه يمكن اللجوء إلى إجراءات التسوية الإلزامية وفقا للمادة (7) (13). على ان الجانب الصعب الذي أثير حوله النقاش كان بخصوص العلاقة بين النصوص الجديدة الخاصة بتسوية المنازعات الموجودة في اتفاقية قانون البحار، والالتزامات السابقة التي عقدها أطراف النزاع، ذلك ان دولاً عدة قد تكون ملزمة بإخضاع منازعاتها إلى التحكيم أو إلى التسوية القضائية (محكمة العدل الدولية أو غيرها من المحاكم الأخرى) أو ربما تكون الدول قد وافقت استناداً إلى نصوص معينة في الاتفاقية التي تعقدها، على تسوية مجموعة من منازعاتها بوسائل منصوص عليها في تلك الاتفاقية مثل التوفيق أو التحكيم ومنها على سبيل المثال الاتفاق بين الأطراف على تسوية المنازعات المتعلقة بالمحافظة على البيئة البحرية من التلوث باللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو إلى أي محكمة أخرى. والالتزام في الحالتين المذكورتين أعلاه يمكن ان يتداخل مع الالتزام المنصوص عليه في اتفاقية قانون البحار(14). ولم تغفل اتفاقية قانون البحار عن هذه المسألة، إذ جاءت المادة 282 لحل هذا الإشكال حيث أشارت إلى وجوب تطبيق الاتفاق بدلاً من الإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية قانون البحار. وجاء نص هذه المادة التي اتخذت لها عنوان الالتزامات بموجب الاتفاقات العامة أو الإقليمية أو الثنائية على ما يأتي (إذا كانت الدول الأطراف التي هي أطراف في نزاع يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها قد وافقت، عن طريق اتفاق عام أو إقليمي أو ثنائي أو بأية طريقة أخرى، على ان يخضع هذا النزاع، بناء على طلب أي طرف في النزاع، لإجراء يؤدي إلى قرار ملزم، ينطبق ذلك الإجراء بدلاً من الإجراءات المنصوص عليها في هذا الجزء، ما لم تتفق الأطراف على غير ذلك).  وهذا يعني ان اطرف النزاع، إذا قبلت من خلال اتفاق دولي آخر – غير اتفاقية قانون البحار- ، أو من خلال إعلان وفقا للنص الاختياري لذلك الاتفاق، اختصاص محكمة التحكيم أو محكمة العدل الدولية، فان الاختصاص يكون لتلك المحاكم، ويستبعد الإجراءات المنصوص عليها في الجزء الخامس عشر من اتفاقية قانون البحار. ومثال ذلك إذا وافق الأطراف على اختصاص محكمة العدل الدولية، بإعلان ذلك وفقا للمادة 36 من نظامها الأساسي، وكان ذلك في معاهدة متعددة الأطراف، مثل الاتفاقية الأوربية للتسوية السلمية للمنازعات الدولية، أو بمعاهدة ثنائية لتسوية المنازعات. فان محكمة العدل الدولية تكون ذات اختصاص في الحالات السابقة الذكر، ولكن إذا تمسك أحد الأطراف بالتحفظ فلا يكون للمحكمة ان تمارس اختصاصها في هذه القضية، ويصار إلى تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في الجزء الخامس عشر من اتفاقية قانون البحار(15).  وبالرجوع إلى المشروع الذي قدمته مجموعة العمل غير الرسمية فكان يشير إلى ما يأتي النص الأول (إذا قبل أطراف النزاع – وافقوا على اللجوء إلى الإجراءات التي تؤدي إلى صدور قرارات ملزمة – من خلال الاتفاقات العامة أو الإقليمية أو الخاصة أو بصكوك أخرى، الالتزام باللجوء إلى التحكيم أو التسوية القضائية، فان أي طرف في النزاع، سيكون مخولاً لإحالة النزاع إلى (هذه الإجراءات) أو إلى التحكيم أو التسوية القضائية وفقا لتلك الاتفاقيات أو الصكوك بدلاً من الإجراءات المحددة في هذه الاتفاقية). أما النص الثاني فكان يشير إلى ما يأتي (يجب ان لا تطبق نصوص هذه الاتفاقية المتعلقة بتسوية المنازعات، على النزاع الذي يكون فيه الأطراف ملزمين بمقتضى الاتفاقية أو الصكوك الأخرى، بإخضاعه إلى إجراءات أخرى تؤدي إلى قرارات ملزمة). والنص الثالث كان يشير إلى ما يأتي (بالرغم من أحكام أية اتفاقية أو صكوك أخرى نافذة بين الأطراف المتعاقدة، فانه، يجب عليهم (الأطراف المتعاقدة) تطبيق الأجراء الموضوع في هذه الاتفاقية على أي نزاع يتعلق بتفسيرها أو تطبيقها ما لم تتفق الأطراف على خلاف ذلك)(16).  وفيما يتعلق بهذه المقترحات الثلاثة المقدمة من لجنة العمل غير الرسمية، فان المقترح الأول حظى بالتأييد إذا جاءت صياغة مشروع النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض متأثرة به إذا نصت المادة (3) منه على انه (إذا كان الأطراف المتعاقدون، الذين هم أطراف في نزاع يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها، قد قبلوا عن طريق اتفاق عام أو إقليمي أو خاص أو أي صك آخر أو صكوك اخرى، التزاماً بتسوية هذا النزاع باللجوء إلى التحكيم أو التسوية القضائية، فان لأي طرف في النزاع إحالته إلى التحكيم أو التسوية القضائية، وفقاً لذلك الاتفاق، أو تلك الصكوك بدلا من اللجوء إلى الإجراء المحدد في هذا الفصل، ما لم يتفق على خلاف ذلك). وعند عرض هذا النص للمناقشة، نال تأييد معظم الوفود مثل "استراليا، فيجي، بنما، السلفادور" إلا ان بعض الوفود أبدت بعض التحفظ، فقد بين مندوب اليونان بأنه لا يؤيد الصياغة الحالية للمادة ، لأنها توسع بصورة كبيرة حق الأطراف في اختيار إجراءات تسوية المنازعات. أما مندوب المملكة المتحدة فقد ذكر " ان هذه المادة لا تعالج الحالة التي يلجأ فيها أحد طرفي النزاع إلى التسوية المذكورة في اتفاق عام او إقليمي أو خاص أو أي صك آخر، بينما يلجأ الطرف الآخر إلى إجراءات التسوية السلمية المذكورة في هذا الفصل" (17). ولم تنل هذه التحفظات التأييد فضلاً عما تقدم ان الاتفاقية أنشأت التزاماً على الأطراف بتبادل الآراء حول النزاع وطريقة تسوية، إذا نصت المادة (283) على انه (1- متى نشأ نزاع بين دول أطراف يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها، قامت أطراف النزاع عاجلاً بتبادل الآراء في أمر تسويته بالتفاوض أو غير ذلك.2- يقوم الأطراف بسرعة أيضاً بتبادل الآراء، كلما أنهى أي إجراء لتسوية النزاع دون الوصول إلى تسوية، أو تم التوصل إلى تسوية وتطلبت الظروف التشاور بشأن طريقة تنفيذ التسوية). ان اتفاقية قانون البحار، عندما أعطت للأطراف الحرية في اختيار أية وسيلة لتسوية المنازعات من دون ان تقيدهم بوسيلة معينة، فإنها ألزمت الأطراف باللجوء إلى المفاوضات لتبادل وجهات النظر حول طبيعة النزاع، والطريقة التي سيختارها الأطراف لتسوية المنازعات، إذ ان المفاوضات هي الوسيلة لتبادل الآراء بين الأطراف، وهي الطريقة الأساسية للوصول إلى تسوية الخلافات والتوفيق بين المصالح المختلفة للدول، ومهمة المفاوضات العمل على تجنب الخصوم استخدام العنف وإذا بدأ فيكون هدفها وضع نهاية له. وفي المفاوضات لابد من الوصول إلى الحد الأدنى للمصلحة العامة للأطراف، وإذا كانت هناك مفاوضات من دون ان تظهر مصلحة الأطراف، فان الغرض منها يكون عادة تضليلا لخصم معين أو لكسب الوقت. وهذا يعني إننا لا نفترض ان كل المفاوضات هدفها الوصول إلى اتفاق(18). ومهما يكن من الأمر فان هدف المادة 283 تشجيع الدول لتبادل وجهات النظر للوصول إلى اتفاق على وسيلة تسوية المنازعات، ومنع الانتقال فوراً من الإجراءات الاختيارية إلى الإجراءات الإلزامية، وإذا كانت هذه غاية المادة 283 فيجب ان لا يتخذ هذا النص ذريعة لتجنب التسوية الحقيقية لان هدف هذا النص تسهيل تسوية المنازعات وليس تجنبها(19). هذا وان صياغة المادة بهذا الأسلوب والذي يقتضي من الأطراف التعهد بإجراء المفاوضات في اقرب فرصة ممكنة وصولاً إلى اتفاق مشترك حول الإجراءات التي ستتخذ لتسوية المنازعات، قد قوبل بتحفظ من الدول المعادية لفكرة الإجراءات التي تؤدي إلى قرارات ملزمة دون موافقة صريحة من المدعى عليه. لذلك نجد ان المادة 283 رتبت التزاماً على الأطراف يتعلق بوسائل تسوية المنازعات، ولم ترتب عليهم التزاما بنتيجة تلك الإجراءات، بمعنى انه يجب على الأطراف اللجوء إلى المفاوضات. ولكن هذا لا يعني وضع حد للمنازعات وإنما تسهيل الوصول إلى تسويتها بطريقة مقبولة للجميع.  ومن المفيد في هذا الجانب ان نذكر ان الجزء الخامس عشر من الاتفاقية فسح المجال لوسائل اختيارية أخرى لتسوية المنازعات مثل التوفيق الذي عالجته المادة284(20).   أما عن مجال انطباق إجراءات الفرع الأول من الجزء الخامس عشر فقد نصت عليه المادة 285 بأنه ((ينطبق هذا الفرع على أي نزاع يجب عملاً بالفرع 5 من الجزء الحادي عشر تسوية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في هذا الجزء. وإذا كان طرفا في النزاع كيان ليس بدولة، انطبق هذا الفرع مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال)).  وتبرز أهمية هذا النص من انه يزيل الشك حول مدى انطباق هذا الفرع على المنازعات التي جاء ذكرها في الفرع (5) من الجزء الحادي عشر وهي المنازعات المتعلقة بالأنشطة التي تحدث في المنطقة الدولية، والمنازعات المتعلقة بتفسير الجزء الحادي عشر. ذلك ان الأنشطة في المنطقة الدولية قد تمارس من الدول أو من كيانات ليست بدول ونقصد بها المؤسسات الحكومية أو الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين أو السلطة الدولية أو المؤسسة(21). وبذلك يجوز لهذه الكيانات اختيار أية وسيلة لتسوية المنازعات التي قد تثار بصدد ممارستها لنشاطها قبل اللجوء إلى الوسائل الإلزامية المتاحة أمامها.

_____________________

[1]- د. ساسي سالم الحاج، قانون البحار الجديد بين التقليد والتجديد، الطبعة الأولى، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1987، ص641 .

2- نصت الفقرة (1) من المادة 33 من الميثاق بأنه (يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره ان يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر، ان يتلمسوا حله بادئ ذي بدء بطريقة المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو ان يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها).

3- د. ساسي سالم الحاج – مرجع سابق ص640 .

4- د. إبراهيم الدغمة، أحكام القانون الدولي لقاع البحار والمحيطات وباطن أرضها خارج حدود الولاية الوطنية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987 ص329 .

 

5- Louis B Sohn, Settlement of dispute arising out of the law of the sea convention, San Diego law Review, Vol. 12,1975, P 498.

6- قرار الجمعية العامة المرقم 2625 (د. 25) في 24/تشرين الأول/ 1970 .

7- للاطلاع على مشاريع هذه النصوص راجع     Louis B Sohn, op.cit, P 499.

8- A. O. Adede, prolegomena to the dispute settlement part of the law of the sea convention. N.Y.U.J.I & Pol., Vol. 10, No. 2, 1977, P 280.

9- أما مندوب سنغافورة فقد رأى بان يصاغ موقف المجموعة بصدد الإجراءات التمهيدية بالصورة الآتية (ان المنازعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق معاهدة قانون البحار، ينبغي ان تحل عن طريق الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، وعن طريق غيرها من الوسائل السلمية التي يختارها أطراف النزاع) ولقد أيد هذه الصياغة مندوبو العراق وكولومبيا وبيرو.

راجع مداخلة مندوب سنغافورة في التقرير السابع للوفد العراقي إلى المؤتمر الثالث لقانون البحار المنعقد في نيويورك للفترة من 1/3 – 7/5/1976 ص46.

 

0[1]- المادة (5) من المشروع النص الوحيد غير الرسمي، راجع تقرير الوفد العراقي للمؤتمر الثالث لقانون البحار في دورته الخامسة المنعقدة في نيويورك في 2 /8/1976 ، ص55 .

1[1]- المرجع السابق ص56 .

12- A. O. Adede, op.cit, P283.

 

3[1]- كان مشروع المادة 7 من النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض ينص على ما يأتي (أي إجراء لتسوية المنازعات منصوص عليه في الاتفاقية الحالية أو أي ملحق يجب أن يطبق فقط. حيث لا يتم التوصل إلى تسوية وفقا للفرع 1 وان يخضع إلى المادة 18). ومن المعلوم بان المادة 18 خاصة بالتسوية الإلزامية.

14- Louis B Sohn, op.cit, P 500.

15- Louis B Sohn, The role of arbitration in recent International multilateral treaties, V.J.I.L., Vol. 23, 1983, P184.

16- Louis B Sohn, Settlement of dispute arising out … op.cit, P 501.

7[1]- تقرير الوفد العراقي إلى المؤتمر الثالث لقانون البحار في دورته الخامسة ، مرجع سابق ص54-55 .

8[1]- انظر د. محمد نصر مهنا ود. خلدون ناجي معروف ، تسوية المنازعات الدولية، دار غريب للطباعة القاهرة بدون سنة طبع، ص35-36 .

[1]9- A. O. Adede, op.cit, P. 284.

 

20- سنوضح المنازعات التي تخضع للتوفيق الإلزامي والاختياري في المبحث الخاص به.

[1]2- أنظر المادة 187 من الاتفاقية.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .