أقرأ أيضاً
التاريخ: 20/9/2022
1194
التاريخ: 6-4-2016
2280
التاريخ: 2024-09-04
244
التاريخ: 25/9/2022
1776
|
لقد كانت صعوبة وضع تعريف جامع وشامل للارهاب ولم تزل عقبة كبيرة على طريق الجهود المبذولة لوضع حد وحل حاسم وعلاج نهائي لهذه الظاهرة0ولقد عبر الكثير من الباحثين في مختلف المجالات عن هذه الصعوبة بعبارات كثيرة فاعتبر الارهاب بذلك منطقة مظلمة من مناطق السلوك البشري ومن اعقدها ، ولقد امتدت هذه الصعوبة لتلقي بظـلالها على جهود الامم المتحدة ومن قبلها عصبة الامم في مكافحة الارهاب ،فلم يتم الاتفاق على تعريف محدد وشامل للارهاب، نتيجة لخلافات الدول الاعضاء فيها حول التعريف ،أو نظراً لاختلافات الدول نفسها او عقول افرادها ،فهو مصطلح غامض وهناك العديد مـن المعاني التي يمكن ان يشملها، ويستخدم لاضفاء اللوم على طرف بالمقارنة مع طرف اخر(1).
اسباب الاشكالية والصعوبة
تعددت الاراء حول الاسباب التي ادت الى اثارة مثل هذه الصعوبة حول تعريف الارهاب والذي يعد الخطوة الاولى على طريق التوصل الى حل جذري لهذه المشكلة ، فالبعض يرجع صعوبة التعريف الى ممارسات الدول الاكثر قوة ،كما يعتبر البعض الارهاب على المستوى الدولي مظلة ينطوي تحتها عدد من الجرائم المعرفة تماما ،ومن ثم تختلف نظرة القانون الدولي الجنائي له عن نظرة القوانين الوطنية ، في حين يرجع البعض هذه الصعوبة الى تشعب الارهاب وتعدد اشكاله واهدافه وتناقضها، وتعدد البواعث والدوافع لارتكاب هذه الجريمة، كما يرى البعض في اختلاط الارهاب بصورة اخرى من العنف ،وضرورة ادخال عناصر خارجية عنه تمثل الاراء المتباينة حول شرعية وعدم شرعية التنظيمات ونشاطها ،اسبابا اخرى تبرر هذه الصعوبة ،كما ان التفرقة بين الاهداف والوسائل تشكل نقطة حاسمة في مسألة التعريف0(2). ويرجعها البعض-الصعوبة- الى حقيقة ان الموقف الدولي متردد من هذا الامر-أي تعريف الارهاب-،حيث عمدت بعض الدول الى خلط الاوراق ،واعتبارها نضال الشعوب من اجل تقرير المصير بالاعتماد على القوة المسلحة ارهابا 0 اضافة الى ان بعض الدول ترى في ان تعريف الارهاب يضر مباشرة بمصالح حيوية لها ،حيث انها تنفذ جزأً هاماً من مخططاتها في الخارج بوسائل ارهابية ، فكان لجوء الولايات المتحدة الامريكية الى تقديم تعريفات متنوعة تتصف بانعدام الموضوعية القانونية كباعث لها للوقوف بوجه أي تعريف مقبول عموماً على الساحة الدولية ،دليلاً على هذا الامر، فعـلى سبيل المثال ، فقد اماط "روبرت فريدلاندر" اللثام عن انه طيلة فترة عهد ادارة ريغان التي جعلت من مكافحة الارهاب حجر الزاوية في سياستها الخارجية منذ اليوم الاول للادارة في الحكم ، كان موقف وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب المشاور القانوني في وزارة الخارجية موقف المعارض بشدة لادخال أي تعريف للارهاب ، محلياً ودولياً، في صلب القانون(3). كما يرى الاستاذ الدكتور محمد عزيز شكري بأن عدم وجـود تعريف لاعمال الارهاب الداخلي وعقوبة خاصة بها في تشريعات غالبية الدول ينفي وجود توصيف "جريمة" للارهاب ،وتجعل بالتالي من الصعب الاستفادة من المبادئ العامة للقانون التي اقرتها الامم المتحدة "بمعناها الوارد في المادة (38 ) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية كمصدر من مصادر القانون الدولي العام، للقول بوجود جريمة دولية للارهاب مستقلة عن غيرها من الجرائم وبالتالي التوصل إلى تعريف محدد للارهاب الدولي (4). ويرى اخرون ان تعريف الارهاب محاط باربع مشكلات ، الاولى تتعلق بالاجابة على سؤال من يكون مصدر ارهاب من؟ هل الدولة هي التي ترهب الفرد او الجماعات او الدول الاخرى،ام الافراد والجماعات هي التي مصدر لإرهاب الدولة ، والمشكلة الثانية تكمن في الخلط بين الارهاب وحروب التحرير ، والثالثة هي التعرف على الجوانب الدولية للارهاب ، والرابعة هي الجانب التأريخي له، فالارهاب وجد كـشكل جنائي منذ عدة قرون ،الا ان اهداف الارهابيين وتكتيكاتهم قد تغيرت في الوقت الحاضر(5). ولقد كانت المحاولات اليائسة على المستوى الدولي لوضع تعريف محدد للارهاب على مدى العقود السابقة هي دليل صعوبة التعريف ، لاختلاطه في كثير من الاسباب بظاهرتي العنف والتطرف، وارتباطه في اذهان الكثيرين بديانات اوجنسيات محددة ، وتجاوزه لحدود الدول ليتخذ ابعاداً اقليمية ودولية، حيث تدعمه العديد من الدول ،كما ان العمليات الارهابية لا تخضع لمعايير او قواعد معينة مثل باقي العمليات الاجرامية سواء فـي وقت السلم او الحرب(6). ولابد من الاعتراف هنا ان الغلبة كانت للسياسة الدولية في التاثير بعدم وجود تعريف واضح ومحدد للارهاب ، بحيث استطاعت ان تكبح جماح القوانين ، وتعطل اعمالهم متيحة الفرصة امام بعض الدول ان تكيف ما يحصل على الساحة الدولية على طريقتها الخاصة ، لتصف بعض الاعمال على انها ارهاب ،وبعضها الاخر على انه دفاع عن النفس ، او دفاع استباقي، مدخلة على معجم المصطلحات القانونية تعابير جـديدة لم يكن يعرفها من قبل، فتجد هذه الدول لنفسها مبررات طالما يتمتع بها الطرف الاقوى في ايـة علاقة دولية (7). ويبدو ان اخراج موضوع الارهاب مع غيره من المواضيع التي تم استبعادها حالياً من نطاق الافعال التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 م بعـد ان كان موجوداً في كل المشاريع المطروحة لاعتماد النظام الاساسي للمحكمة ، ما هو الا دليل على هذا الاتجاه، وليبقى نضال الشعوب من اجل تقرير المصير والحرية هي نقطة الخلاف بين دولة معتدية ومن يساندها ، ودول يعتدى على حقها ولا تجد مـسانداً لها الا قرارات دولية يطلق عليها "قرارات الشرعية الدولية " والتي لا حول لها ولا قوة (8).
النتائج المترتبة على صعوبة التعريف
كان من اهم النتائج المترتبة على صعوبة تعريف الارهاب سواء على المستوى الدولي او على المستوى الوطني، ما يلي:-
ارجاء بلورة الجهود الدولية المتصلة لوضع اتفاقية عالمية لمكافحة تلك الجرائم0
اختلاط الامور وتبرير اعمال الارهاب نفسها باعتبارها ارهاباً مضاداً اوكفاحاً للقضاء على الارهاب 0 الانتقائية والعشوائية في وصف الافراد والجماعات والدول بالارهاب ، وفقاً للاهواء والمصالح السياسية لكل طرف ، حيث يصعب اعتبار الارهاب جريمة في ظل غياب تعريف له وفقاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات0
شيوع القول بأن الارهابي-في نظر البعض-محارب من اجل الحرية، وفي نظر البعض الاخر مجرم0 اختلاط الارهاب بصور العنف السياسي الاخرى كالجرائم السياسية والحروب بأنواعها، سواء كانت حروباً تقليدية او حروب تحرير او عصابات ، وكذلك مع صور الاجرام المنظم والعابر للحدود ، ومع العصيان والانقلابات(9).
ضرورة التعريف
ان تعريف ظاهرة الارهاب ووضعها في اطر صحيحة ،له من الاهمية الكثير سواء من الناحية النظرية او العملية، فمن الناحية النظرية تتمثل اهمية التعريف في ازالة اللبس والغموض حول ظاهرة تتداولها العديد من المؤسسات البحثية ، وجريمة تنص عليها معظم القوانين الوطنية والعديد من المعاهدات والاتفاقات الدولية ، كما انه بهذا التعريف يتحدد اطار البحث ومجاله ، ويمكن تمييز الارهاب عن غيره من مظاهر العنف الاخرى باعتباره عنفاً من نوع خاص او له خصائص معينة تميز الارهاب عن غيره ، كما ان غياب تعريف واضح ودقيق يمكن ان يؤدي إلى مفهوم واسع وعام للارهاب الدولي، وهذا يمكن ان يسفر عن تفسيرات خاطئة واثار سلبية نتيجة تطبيقه على افعال وانشطة لا صلة لها بفكرة الارهاب، وهذا ما يوجب البحث عن تعريف للارهاب الدولي يحول دون الخلط بينما هو فعل ارهابي بحت، وما هو عمل او نشاط يستهدف استئصاله(10). اما من الناحية العملية فالأهمية تتمثل في ان التعريف يُمكن من دفع الجهود الدولية إلى الامام نحو تبني الدول- على المستوى الداخلي لكل منها وعلى المستوى الدولي – استراتيجيات ثابتة وموحدة لعلاج هذه الظاهرة ،بل للقضاء عليها من جذورها ، وتوحيد المعاملة بالنسبة لمن يتهمون بارتكاب الارهاب. فتوسع الظاهرة – الارهاب الدولي – وشمولها عدداً متزايداً من الدول ،وتزايد عدد الضحايا والخسائر المادية الناجمة عن ذلك ، يخلقان مصلحة مشتركة وملحة تدفع الدول إلى تعريف يمثل الحد الادنى في الامل من الاتفاق ، وهناك سوابق في تأريخ مناهضة جوانب بالغة من الارهاب الدولي استطاع المجتمع الدولي فيها التوصل إلى اتفاق على تجاوز الحد الادنى منه ، ومن هذه السوابق الاتفاق الدولي لمناهضة ارتهان الاشخاص(11). كما تتضح ضرورة التعريف في انه يمكن كل دولة من تطبيق تشريعها بصورة مستمرة وبدون تمييز ،كما تكون الدولة عرضة للجزاءات من المجتمع الدولي اذا هي استخدمت الارهاب لتحقيق منفعة اقتصادية او سياسية ، تتدرج من قطع العلاقات الدبلوماسية ، مروراً بالحظر الاقتصادي ،وصولاً إلى العمل العسكري – كما يمكن في ظل هذا التعريف المفقود – انشاء محكمة دولية تشرف على تطبيق المعاهدات الدولية المعنية بهذه الظاهرة (12).
____________________________
1-د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ، ص 47-48.
2- د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ،ص 48- 49
3- د. أمل يازجي د- محمد عزيز شكري ، مصدر سابق، ص 94 –95.
4-نفس المصدر ، ص 100- 101
(5).Cerlinsten Roland D. and others، terrorism and criminal justice ، Lexington books ، 1978 ، p.105
6- إكرام بدر الدين: ظاهرة الإرهاب السياسي على المستوى النظري،دار الثقافة العربية ، القاهرة ،1991 ، ص20 .
7- د. امل اليازجي – د. محمد عزيز شكري ، مصدر سابق ،ص60 .
8- نفس المصدر ، ص60.
9-انظر:د.امام حسانين خليل ،مصدر سابق،ص50.
د.اسماعيل الغزال: الارهاب والقانون الدولي ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، ط1، 1990 ، ص10-11.
0[1]- انظر: د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 51.
- نعمة علي حسين ،مصدر سابق ، ص 46-47 .
1[1] - نفس المصدر ، ص46 –47 .
2[1] - د. امام حسانين خليل ، مصدر سابق ،ص 47.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|