أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2022
5438
التاريخ: 16-6-2019
2233
التاريخ: 19-3-2016
3460
التاريخ: 25-3-2016
3694
|
عمد عثمان إلى فرض أسرته وذوي قرباه على الاُمّة فجعلهم ولاة وحكّاماً على الأقاليم الإسلاميّة.
يقول المقريزي : وجعل عثمان بني اُميّة أوتاد خلافته ؛ ولم تتوفر فيهم المقدرة الإدارية أو القابلية على تحمّل مسؤولية الحكم فعرّضوا البلاد للويلات وأشاعوا فيها الفساد والجور ويقول المؤرخون : إنّه شجّع عمّاله على الاستفادة من بيت المال ؛ فأبو موسى الأشعري سمح لأحد عمّاله بالتجارة في أقوات أهل العراق ؛ ويرى السيد مير علي أن المسلمين تذمّروا من استبداد الحكام واغتصابهم الأموال .
أسند عثمان ولاية الكوفة إلى سعيد بن العاص فولاّه أمر هذا القطر العظيم بعد عزله الوليد بن عقبة ؛ لاقترافه جريمة شرب الخمر وقد استقبل الكوفيون واليهم الجديد بالكراهية وعدم الرضى ؛ لأنه كان شاباً مترفاً متهوّراً لا يتحرّج من المنكر.
يقول المؤرّخون : إنّه قال مرّة في رمضان : مَنْ رأى منكم الهلال؟ فقام الصحابي العظيم هاشم بن عتبة المرقال فقال : أنا رأيته ؛ فلم يعنَ به وإنما وجَه إليه منكر القول وأقساه قائلاً : بعينك هذه العوراء رأيته؟!
فالتاع هاشم وانبرى منكراً عليه قائلاً : تعيّرني بعيني وإنما فُقئت في سبيل الله! وكانت عينه اُصيبت يوم اليرموك ؛ وأصبح هاشم مفطراً ؛ عملاً بقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ؛ وفطر الناس لإفطاره وانتهى الخبر إلى سعيد فأرسل إليه وضربه ضرباً مبرحاً وحرق داره وقد أثار ذلك حفائظ النفوس ونقم عليه الناس ؛ لأنه اعتدى بغير حق على علم من أعلام الجهاد في الإسلام ؛ وكان سعيد في منتهى الطيش والغرور فقد اُثر عنه أنه قال : إنما السواد ـ يعني سواد الكوفة ـ بستان لقريش , وأثار ذلك عليه موجة من الغضب والاستياء ؛ فقد اندفع زعيم الأحرار مالك الأشتر راداً عليه قائلاً : أتجعل مراكز رماحنا وما أفاء الله علينا بستاناً لك ولقومك؟! والله لو رامه أحد لقرع قرعاً يتصأصأ منه.
وهكذا اتّخذ الحكم المنحرف الذي فرض على الاُمّة بقوة السيوف خيرات المجتمع بستاناً لقريش التي ناهضت الإسلام وناجزته الحرب , وانضم قرّاء المصر وفقهائهم إلى الزعيم مالك الأشتر مؤيدين مقالته ومنكرين على الوالي غروره وطيشه وغضب مدير شرطة سعيد فرد عليهم رداً غليظاً فبادروا إليه فضربوه ضرباً عنيفاً حتّى أغمي عليه وقاموا من مجلسه وأطلقوا ألسنتهم بنقده وذكر مثالب عثمان وسيئاته وأخذوا يذيعون سيئات قريش وجرائم بني اُميّة ورفع سعيد من فوره رسالة إلى عثمان أخبره فيها بشأن القوم فأجابه عثمان بأن ينفيهم إلى الشام وكتب في نفس الوقت رسالة إلى معاوية يأمره فيها باستصلاحهم , ولم يرتكب هؤلاء الأحرار إثماً أو فساداً ولم يقترفوا جرماً حتّى يقابلوا بالاضطهاد والنفي وإنما نقدوا أميرهم ؛ لأنه قال غير الحقِّ وشذّ عن الطريق القويم وقد منح الإسلام الحرية التامة لنقد الحاكمين والمسؤولين إذا شذّوا في سلوكهم وجاروا على رعيتهم وجعل هذه الحرية حقّاً ذاتياً لكلِّ مواطن وألزم الدولة برعايتها وتوفيرها للناس ؛ وعلى أي حال فقد قامت السلطة بإخراجهم بالعنف والقهر من أوطانهم وأرسلتهم إلى الشام فتلقّاهم معاوية وأمر بإنزالهم في كنيسة وأجرى لهم بعض الرزق وجعل يناظرهم ويعظهم ويحبّذ لهم مسالمة السلطة والرضى بسياستها إلاّ أنهم لم يستجيبوا له وأنكروا عليه ما قاله سعيد : من أن السواد بستان لقريش معلنين على أنه لا ميزة للقبائل القرشية على غيرها حتّى تختصّ بخيرات البلاد , ولما يئس منهم معاوية كتب إلى عثمان يستعفيه من بقائهم في الشام ؛ خوفاً من أن يفسدوا أهلها عليه فأعفاه عثمان وأمره بردّهم إلى الكوفة فلمّا عدوا إليها انطلقت ألسنتهم بالنقد في ذكر مثالب الاُمويِّين ومساوئهم ورفع سعيد أمرهم إلى عثمان ثانياً فأمره بنفيهم عن وطنهم إلى حمص والجزيرة فأخرجهم من وطنهم إلى حمص فقابلهم واليها عبد الرحمان بن خالد بأعنف القول وأقساه وسامهم سوء العذاب وأمعن في إرهاقهم والتنكيل بهم فكان فيما يقول الرواة : إذا ركب أمر بهم ليسيروا حول ركابه مبالغة في إذلالهم واحتقارهم ولما رأوا تلك القسوة أظهروا الطاعة والإذعان للسلطة وكتب إلى عثمان في شأنهم فأجابه إلى ذلك وأمره بردّهم إلى الكوفة ولما نزحوا عن حمص جعلوا طريقهم إلى يثرب لمقابلة عثمان فلما انتهوا إليها قابلوه وعرضوا عليه ما عانوه من التنكيل والإرهاق , ولم يلبثوا قليلاً حتّى فاجأهم سعيد فقد جاء في مهمّة رسمية إلى عثمان فوجد القوم عنده يشكونه ويسألونه عزله إلاّ أنّه أعرض عنهم ولم يستجب لهم وألزمهم بالانصياع إلى أوامر واليهم كما أمره أن يرجع ويزاول عمله , وقفل القوم قبله راجعين إلى مصرهم وقد سبقوه إليه فقاموا باحتلاله وأقسموا أن لا يدخله سعيد ما حملوا سيوفهم ثم خرجوا في جماعة مسلّحين بقيادة الزعيم مالك الأشتر حتّى انتهوا إلى الجرعة فرابطوا فيها ليحولوا بين سعيد وبين دخوله إلى الكوفة وأقبل سعيد فقاموا إليه وعنّفوه أشدّ العنف وحرموا عليه دخول مصرهم فولّى منهزماً إلى عثمان يشكوهم إليه ولم يجد عثمان بدّاً من عزله فعزله وولّى غيره مكانه على كره منه ؛ وعلى أي حال فإنّ عثمان قد نكل بالناقدين لسعيد بن العاص وهم قرّاء المصر وفقهاؤه ونفاهم عن أوطانهم من أجل شاب طائش متهوّر ؛ لأنه من اُسرته وذويه وكان ذلك من موجبات النقمة عليه لا في الكوفة وإنما في جميع الأقاليم الإسلاميّة التي انتهى إليها أمرهم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|