مواضع قالوا فيها لحن : ( وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) (1) |
1354
05:50 مساءاً
التاريخ: 17-10-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1573
التاريخ: 27-11-2014
1528
التاريخ: 27-11-2014
1627
التاريخ: 27-04-2015
1844
|
قد تكرّر في القرآن أنّه نَزَل بلسانٍ عربيّ مُبين (2) وهو الظاهر البيان ميسَّر لا تعقيد فيه ولا إبهام {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان: 58] .
هذا مع العِلم بأنّ في القرآن آيات متشابهة ( مُغلقة الفهم مُبهَمة المعنى ) بشهادة القرآن ذاته ، حيث قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] ، وأخيراً {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] ، أمّا عامّة الناس فإنّهم مَحرومون عن فَهم هذا اللفيف من الآيات ، وأصبحت لا فائدة فيها عندهم سِوى تلاوتها جرياً على الأَلسن لا وعياً في القلوب !! (3) .
لكن تعرّضنا ـ عند الكلام عن متشابهات القرآن ـ (4) للإجابة على هذا السؤال وقُلنا : مُتشابه القرآن على نوعَين : أصلي وطارئ ، والطارئ ـ وهو الأكثريّة الساحقة من متشابهات القرآن ـ ما عَرَض له التشابه فيما بعد ولم يكن مُتشابهاً في أصله وعند نزوله ؛ وذلك من جرّاء تضارب الآراء وتخاصم أرباب الجَدل ، والذي ثار أُواره في مؤخّرة القرن الأَوّل ودام حتّى القرنَينِ الثاني والثالث ، وظهرت مَذاهب ومَشارب مُتنوّعة ومُتزاحمة بعضها مع بعض في تلك الفترة غير القصيرة ، كان صاحب كلّ مَذهب فكري يَعمَد إلى لفيفٍ من آيات وروايات ليؤِّولها إلى حيث مُرتآه الخاصّ ويُفسِّرها حسب رأيه ؛ دَعماً لعقيدةٍ ارتآها أو دفعاً لما سلكه خصماؤه ، وفي غُضون هذا التَدافع والتَخاصم كانت معالم الشريعة هي التي وقعت عُرضة الأهواء ومُتضارب الآراء ، وأصبح قسمٌ كبيرٌ من بيّنات الآيات والسُنَن مُتشابهاتٍ ، وقد أحاطت بها هالات من الإبهام والإجمال ، فصار ما كان مُحكماً بالأمس متشابهاً ، وما كان بيّناً مُستطرقاً طُرُق الظَلام ، هذا هو الحَدث الجليل الذي عاد بسيّئاته إلى حوزة الشريعة الغرّاء .
وهذا في أكثريّة النصوص التي تعرّضت لصفاته تعالى الجلال والجمال وشؤون الخَليقة والتدبير وما شابه .
أمّا المُتشابه الأصل فهو أقلّ القليل من آياتٍ تعرّضت لمعانٍ مُستجدّة على العرب ، هي ذوات مفاهيم رفيعة ومتوسّعة سِعة الآفاق ، كانت القوالب اللفظيّة ـ المُوضوعة عند العرب ـ تضيق عن حَملها والإيفاد بها ؛ ومِن ثَمّ جاءت في قوالب الاستعارة والتشبيه القاصرة ـ بطبيعة الحال ـ عن إفادة كمال المُراد ، وهذا من قصورٍ يعود إلى القابل ولا يَمسّ شأن الفاعل ، كما لا يخفى ، وقد قدّمنا الكلام عن تفاصيله .
أمّا ولِمَ أُودعت هذه اللُّمة من عديد آيات رفيعة المنال ضِمن نصوص القرآن الكريم وهي معروضة على العامّة لتكون بياناً للناس كافّة ؟ {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138] .
فيعود السبب إلى كونها ودائع أُودعت لدى هذه الأُمّة ؛ لتكون رصيداً لها وذُخراً وفيراً في مسيرة الشريعة الأبديّة ، كلّما تقدّم الزمان ظهرت منه آياتٌ بيّناتٌ لتُنير الدرب على مدى الأيّام .
إنّ لهذه الآيات إشعاعات تُشعّ بأطيافها متناسبةً مع الظروف والشرائط المؤاتية في كلّ زمان ، فيوماً حسب ظاهرها البدائي على حدّ تَرجمة الألفاظ ، ويوماً معاني أعمق فأعمق حسبما تتعمّق العقول وتنضج الأفكار ، وهذا من حِكمته تعالى حيث جَعَل من هذه الشريعة الخلود ، الأمر الذي لم يَجعل القرآن ـ حتّى في مِثل هذا المُتشابه من الآيات ـ يوماً مّا في موضع حَيرة للأُمّة لا يعقلون منه شيئاً ، نعم ، سِوى ما كان منه يحتاج إلى تدبُّر وتعمُّق نظر ومراجعة الآيات المُحكمات وهُنّ أُمّ الكتاب ( أي المرجع النهائي لحلّ المعضلات ) .
_____________
(1) النحل 16 : 103 .
(2) الشعراء 26 : 195 .
(3) هذه شُبهة أَوردها هاشم العربي في ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص379 .
(4) في المجلد الثالث من التمهيد .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|