أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2017
2187
التاريخ: 9-10-2018
2148
التاريخ: 25-11-2020
1881
التاريخ: 2024-03-27
990
|
...جاء الإسلام ليرفع رأس المرأة عاليا، ويمنحها الكرامة، وينظم لها حياتها على الصعيدين الاجتماعي، والمالي، فيهيب بها كبشر تتمتع بما يتمتع به الرجل من حقوق فعلى عاتقها تقع المهمة نفسها التي تقع على عاتق الرجل من كون كل منهما طرفاً في مسيرة انجاب الذرية والقيام بما يتطلبه البيت الزوجي من شؤون. ولقد بدأ الإسلام مع المرأة بتكريمها اجتماعياً من أول لحظة تمر بها من مراحل حياتها، فعالج مشكلة الابتعاد، عنها وما كانت عليه نظرة الكثير من القبائل العربية من الاحتقار، واعتبارها شؤما عليهم في هذه الحياة حتى كانوا يجهزون عليها فيدفنونها وهي حية ليتخلصوا منها، وليبعدوا شبحها عنهم. فقد ذكرت المصادر التاريخية : إن بني تميم وكندة وقبائل أخرى هم الذين كانت تجري عندهم مثل هذه العادات وان أول قبيلة وأدت من العرب هي : ربيعة، وذلك انهم اغير عليهم فنهبت بنت لأميرهم فاستردها بعد الصلح فتحيرت بين أبيها وبين من هي عنده، فاختارت من هي عنده وآثرته على أبيها وغضب وسن لقومه عملية (الوأد)، ففعلوه غيره منهم، ومخافة أن يقع لهم بعد ذلك مثل ما وقع وشاع هذا العمل بين العرب وغيرهم. وكان منهم من يأد البنت لكونها زرقاء أو شيماء، أو سوداء، او برشاء – مثل البرص- او كسحاء، وتشاؤما منهن بهذه الصفات (1). وجاء الإسلام ليوقف هذه الجريمة البشعة لينقذ هذه المسكينة من مخالب هذه الوحوش البشرية الكاسرة... واذا بصوت الإيمان ينطلق من جواب الكعبة المقدسة، ومن مكة المكرمة يجلجل لتردد صده شعاب الحرم لتسمع الدنيا بقوله تعالى:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ }[التكوير: 8، 9] وقد مهد القرآن الكريم لهذا السؤال بأن صور لهم يوم القيامة ذلك اليوم المخيف يوم الحساب الدقيق ليترك في النفوس أثرا تتحسس به فتترك ما هي عليه من التعدي على المرأة، وهي في أول الطريق يقول تعالى:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ *وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ }[التكوير: 1 - 9].
لقد أعطت هذه السورة الكريمة صورة حية عن يوم القيامة يوم الانقلاب الكبير، ذلك الانقلاب الكوني الشامل بما فيه من أجرام سماوية، وأرضية، الذي احال دوراته المنتظمة، ومشاهده المألوفة الى صورة مرعبة مخيفة. {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير: 1] فخمد ضوءها، وانطفأت منها هذه الشعلة الملتهبة التي هي مصدر الضوء في هذه الحياة. {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير: 2] فذهب بريقها، وانعدم ما فيها من لمعان. {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}[ التكوير: 3] فاذا بها في حركة سريعة، وسير حثيث تمر مر السحاب، ومن غير استقرار. {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: 4] ، وهي النوق الحبالى في شهرها العاشر، وهي من انفس الأموال عند العرب، وقد عطلت لأنها تركت من غير راع يرعاها لان أصحابها مشغولون عنها بأنفسهم، ولماذا لا يكون الامر كذلك؟ وقد قال القرآن الكريم عن ذلك اليوم مصورا انشغال الانسان بنفسه:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: 34 - 37].
{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير: 5] وهي الحيوانات النافرة الشاردة من الانسان تراها
محشورة قد خرجت عن وضعها الطبيعي المألوف. {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير: 6].
أي أضرمت بها النيران أو ملئت بالمياه، فكان لها على كلا التفسيرين المنظر المرعب. {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[التكوير: 7].وتزويجها في ذلك اليوم بما يتناسب والسياق القرآني للآيات المتقدمة... في عرضها للصور الموحشة هو تقاربها وتجمعها في مكان واحد مذهولة مدهوشة من الفزع بما فيها من جنسيات مختلفة، وملل متعدد. ووسط هذه المناظر وما يتلوها من مناظر أخرى لا تقل في الارعاب عن هذه الأهوال، تنجم عن ذلك الموقف مما يأخذ على الإنسان مسالك التفكير، ويتركه فريسة للهلع، والحيرة ما يشاهده من التغيير الكوني المخيف تقف الموؤدة، وهي كما قلنا البنت التي كانت تدفن حية لتسأل:{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير: 9] ؟ وبأي جرم نالت هذا العقاب الصارم، فحرمت الحياة وهي بعدها ما تزال في عمر الورد؟. كل هذه المناظر عرضها القرآن الكريم ليهول هذه الجريمة وليوقف بهذا التحذير مسيرة (الوأد)، ومن ثم ليحفظ للمرأة كرامتها. وحياتها ويخلصها من براثن العادات الكافرة الجائرة، وقد أولى الإسلام بعد هذه المرحلة عناية فائقة في رعاية بقية الجوانب الاعتيادية بإشراكها مع الرجل من عدم حرمانها من التعليم وما يعود عليها من النفع الثقافي، والعلمي، وقد عد الإسلام المرأة كالرجل امام القانون، والمقاييس الخاصة لها في الوصول الى مرحلة البلوغ الذي يؤهلها للقيام بأعباء التكاليف الشرعية، والاجتماعية كما هو الحال في جانب الرجل، تلك المرحلة التي تجعل من الأنسان اهلا للتصرف بكامل حريته، وارادته وبذلك تتم شخصيته المدنية تلك الشخصية التي تجعل كلا من الرجل والمرأة شخصا له مكانته في المجتمع العام بفارق بسيط تمليه الفوارق الطبيعية التي جعلت من هذا الانسان رجلا، ومن تلك امرأة. ولقد أهاب الإسلام بالمرأة فكرمها ايضاً عندما جعلها هي التي تتحكم في امر نفسها بالنسبة لاختيار شريك لها في حياتها، وحتى بعد وفاة زوجها جعل لها الحرية الكاملة في الاقتران بمن تشاء من دون ان يكون لاحد عليها أي امر، او نهي، فليست المرأة متاعا رخيصاً تتلاحقها الأيدي ليشبع فيها الرجل رغباته الطائشة، ويروي فيها شهواته. واذن فالإسلام قد كفل للمرأة حقوقها في المجتمع العام كبشر ومخلوق يتمتع في هذه الحياة بكامل الصلاحيات التي يتمتع بها الرجل. فهم على السواء مخلوقان له. وكما احتاجت الحياة الى (آدم) فكذلك هي محتاجة الى (حواء). وهنا يكمن سؤالان:
الأول : لماذا كل هذا الاحترام للمرأة؟ وقد أوضح القرآن الكريم الأسباب التي دعت بالشريعة المقدسة ان تحترم المرأة وتنهي عن الابتعاد عنها، فبين انها لا تختلف عن الرجل في اصل تكوينها فليس بين الجنسين ميزة في الذات، والحقيقة. قال سبحانه:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }[الروم: 21] ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[النساء: 1]. اذن فالرجل والمرأة مخلوقان من نفس واحدة وهي سكن له، ومستقر لنسله، وذريته، والصدر الدافئ لفراخه وهي في الوقت نفسه كائن موجود له أصالته في هذه الحياة، فكلاهما اصل في عملية النسل، وانجاب الذرية فقد اقتضت حكمة الله، وقاعدة الحياة ان تنشأ الحياة من زوجين ذكر وانثى، فالأنثى اصيلة في نظام الحياة أصالة الذكر، بل ربما كانت اشد أصالة لأنها المستقر، والسكن الذي يلجأ اليه الرجل. نعم امتاز الرجل ببعض الأمور كالقوامية، وكونه المنفق على المرأة، وفي الميدان لحكمة في هذا التمييز. إلا أن الرجل والمرأة على حد سواء عند الله وأمام القانون. قد عبر الله سبحانه وتعالى عن هذه الوحدة في قوله {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة: 187] ومن المعلوم ان اللباس هو الساتر للبدن، والواقي له من عوارض الطبيعة وقد عد الشارع المقدس الرجل والمرأة كلاهما ساترا للآخر، وواقيا له من عوادي الزمن. فكما يحتاج الانسان الى اللباس، وفي المجتمع المتحضر لا يتمكن من الانسلاخ عنه. فكذلك الرجل والمرأة يحتاج كل منهما الى الاخر، ولا يمكنه ان يعيش من دونه.
الثاني : هل هناك فارق بين الرجل والمرأة؟ ان الاسلام يدعم تكامل البشر، والاسلام لا يفرق بين الرجل والمرأة، فالإسلام لا يركز على جنس الرجل او جنس المرأة، بل انه يسعى الى تكامل البشر، انه يتحدث تارة عن الرجل، ويتحدث تارة أخرى عن المرأة، ويكرم المرأة حينا ويكرم الرجل حينا اخر، ذلك لانهما عنصرا الوجود البشري. ليس هناك أي تفاوت بينهما من الجانب البشري والالهي لذلك فانه في القرآن عندما يتحدث (عز وجل) عن الانسان الصالح والانسان السيء ويعطي مثلا عنهما، فانه يضرب مثلين من النساء فيقول :{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ }[التحريم: 10].
وحول الانسان المؤمن يضرب مثلا:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[التحريم: 11] فيعطي مثالا كاملا عن الطريق الخطأ والطريق الصحيح بذكر النساء، وفي مكان يتحدث عن الرجال. فالإسلام لا يركز على جنس المرأة والرجل بل يركز على الجنس البشري، والأخلاق البشرية على اظهار الطاقات الكامنة، وعلى اداء المهام الموكلة لكل جنس من الأجناس البشرية، لا بد من معرفة طبيعة كل منهما. والإسلام يعرف جيدا طبيعة الرجل وطبيعة المرأة والمطروح في الإسلام هو التعادل. اي رعاية العدالة المحض بين افراد البشر ومن جملة ذلك بين جنس المرأة والرجل، التعادل في الحقوق، لكن في بعض المجالات، قد نجد ان احكام المرأة تختلف عن احكام الرجل؛ لان طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل. لذا فان اكثر الحقائق واكثر واقعيات الفطرة والطينة البشرية حول المرأة والرجل موجودة في المعارف الإسلامية. ان المراجع للأصول الإسلامية الشرعية (القرآن والسنة) يرى بكل تأكيد المنطلقات التحريرية للنساء وعدم التفريق بين الرجل والمرأة، (فيما عدا صور التخصيص القليلة لغرض معين). لكن من المؤسف ان هناك مقولات تنطلق في المجتمع الإسلامي من دون دراسة وفهم، كالمقولة التي تقول إن النساء نواقص العقول اعتماداً على قول امير المؤمنين: (معاشر الناس، ان النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول. فأما نقصان ايمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في ايام حيضهن، واما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، واما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجل. فاتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر، ولا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر)(2) فيأخذها الناس ويبنون عليها ويتناقلونها، وكأنها مسلمة دينية. وفي هذا الصدد يقول احد العلماء: (المرأة لا تقل عن الرجل من حيث تركيبها العقلي، واحيانا تكون اقوى منه، لكن فهم المرأة يختلف عن فهم الرجل، ونوع أحاسيس المرأة يختلف عن أحاسيس الرجل، فكل واحد منهما قد أوجد لمهمة تناسبه، وقد اودع ذلك في وجود الأفراد. فعند مواجهة بعض المسائل العلمية ليس هناك تفاوت بين فكر المرأة والرجل، لكن هناك تفاوتا بينهما في طريق الحياة...) ربما توجب علينا اولا البحث في معنى كلمة "نقص" ودلالة استعمالها في هذا النص، وعلى من تعود في الحقيقة! فهل تعني كلمة "نقص" هنا ضد "كمال"؟ وهل مؤهلات الرجل والتشريع المتعلق به في النواحي المعروضة يعطيه الفرصة لكي يكون كاملاً؟! أو أنه يمنحه فرصة التفوق على المرأة وحسب؟.. أو ان النقص يعني الدونية الخلقية للمرأة ما يعني ان التكليف الشرعي للمرأة من دون تكليف الرجل فيتحقق العدل من حيث طبيعة التكليف لكل منهما ويظهر "خلل" في النص اذ ليس في ايمان المرأة " نقص" فالمرأة تؤدي تكليفها حسب، ولا جرم لها ولا ذنب في خلقها دون الرجل؟!
الحقيقة انه لو كان النقص عائدا على المرأة؛ أي المرأة هي التي تتحمل وزر ذلك او تبعاته، لوجب أن يكون نابعا من عمل ارادي حرا او فكر ذاتي حر، وهذا ما يخالف مضمون النص والادلة المتوافرة فيه !ّ فلا المرأة انتجت "نقصها" ولا هي من ارادته لنفسها..!
وبعد هذه النظرة الخاطئة لكلمة (نقص) أقول :
نلاحظ تمحور النص على ثلاثة محاور، أو أصول، هي :
• نقصان إيمان المرأة بدليل قعودها عن الصلاة والصيام أيام حيضها.
• نقصان عقل المرأة بدليل ان شهادة رجل واحد بشهادة امرأتين اثنتين.
• نقصان حظ المرأة بدليل ان حظ الذكر من الميراث كمثل حظ الانثيين.
وبتأمل عميق لكل أصل، وفحص دقيق للدليل المقدم لأثبات صحته، يتبين لنا الآتي :
1ـ لا يعد قعود المرأة "القسري" عن الصلاة والصيام في أيام حيضها نقص في إيمانها، وذلك لسببين:
الأول : إن النهي عن أدائها تلك الفروض في تلك الحالة أمر رباني، وبالتزامها لما تؤمر به ترتقي في سلم الارتقاء الروحي والديني، .. وكونها تقضي صيامها بعد طهورها ولا تقضي صلاتها – حسب ما يقرر الشرع- فان ذلك يعني اداءها تكليف الله لها خير اداء!.
الثاني : ان درجة التقوى، او ميزان التفاضل، لا يقاس بالكثرة او بالكم وانما بالطاعة والورع.. أي بالكيف!
2- لا تعني "معادلة" : شهادة رجل بشهادة امرأتين "القضائية" أي نقص في عقل المرأة او امتهان لها فمقياس كمال العقل او نقصانه لا يقوم على الشهادة أمام القاضي، ولا على عمل الذاكرة وحدها! فماذا عن الذكاء، وماذا عن التحليل..؟ هذا ان سلمنا جدلا بان المقصود بالآية الشريفة المستشهد بها : قدرة الرجل على التذكر وتحمل المسؤولية اكبر من قدرة المرأة..!
3- لا يعني اخذ الرجل لسهمين في الميراث مقابل سهم واحد للمرأة أي نقص في حظها، فلو كانا (أي الرجل والمرأة) متساويين في المهمات والواجبات الدنيوية واعطي الرجل اكثر من المرأة لجاز ان يقال ان ذلك نقص في حظ المرأة؛ اما في حال الزام الشرع الرجل بمهر المرأة والنفقة عليها والجهاد دون المرأة فان الامر يختلف تماما عن المنحى الذي يذهب اليه القائلون بنقص في المرأة بمعنى دونية المرأة بالمقارنة معه الرجل؛ أي: يتجلى العدل والمساواة في ذلك الميزان الشرعي الدقيق!.
اما عن المعنى الحقيقي لتلك الآيات المستشهد بها فهاكم بعض ألطافة (3).
قال العلامة السيد محمد حسين فضل الله في شرح قوله تعالى :{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[البقرة: 282].
اما السبب فقد يكون الاساس فيه هو قوة الجانب العاطفي الذي تقتضيه طبيعة الامومة التي تحتاج في تحمل مسؤولياتها واعبائها الثقيلة المرهقة الى رصيد كبير من العاطفة، كما تقتضيه طبيعة الانوثة التي توحي بالأجواء والمشاعر المرهفة التي تثير في الجو الزوجي الحنان والعاطفة والطمأنينة. ربما تتغلب العاطفة فتنحرف بالمرأة عن خط العدل في الشهادة وتضل عن الهدى، لا سيما اذا كان جو القضية المشهود بها يوحي بالمأساة في جانب المشهود عليه او المشهود له، فتتجه العاطفة الى مراعاة مصلحته من خلال الحالة المأساوية الخاصة التي تحيط به، فكان لا بد لها من امرأة مثلها تصحح لها الخطأ، وتذكرها المسؤولية، وتترك للحاكم المجال لممارسة حريته في الوصول الى الحق من خلال ذلك. وليس في القضية امتهان لكرامة المرأة، لان العاطفة ليس شيئا ضد القيمة في شخصيته، بل هي قيمة انسانية كبيرة. ولكن الله اراد لها ان تعيش الضوابط الداخلية والخارجية التي تحميها من الانحراف في الجانب الاقوى منها، على اساس الاحتياط للعدالة التي اراد الله للإنسان ان يبلغها في كل ما يحدث من قضايا وأوضاع على مستوى الفرد او المجتمع.
فنستدل من ذلك ان قول الإمام علي (عليه السلام) لا ينقص من قيمة المرأة وكمالها وعقلها وعلمها. وعلى الرغم من هذه الاهمية لهذا العنصر، الا ان التاريخ والحاضر قد ظلمها ولم يلتفت الى خطورة اثرها في المجتمعات؛ لان المجتمع في العصور القديمة وما يزال رغم تطور الحياة الفكرية فأنه لا ينظر اليها كونها عنصراً فعالاً له اهمية في نهوض المجتمع وتكامله.
______________
1ـ عادات الزوج وشعائره من سلسلة اقرأ/عدد 169 ص680.
2ـ نهج البلاغة الخطبة 80.
3ـ المرأة العلوية : www.ftatali.com.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|