أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
3324
التاريخ: 23-10-2014
1919
التاريخ: 14-06-2015
2562
التاريخ: 5-11-2014
2001
|
أمّا من ذهب إلى إعجازه من حيث زال عنه الاختلاف والتناقض (1) ، واعتلّ لقوله بأنّ العادة لم تجر بأن يسلم الكلام الطويل- مع سرد القصص فيه والأخبار- من ذلك ، وأنّ في سلامة القرآن منه دلالة على أنّه من فعل اللّه تعالى.
والصّحيح الّذي لا إشكال فيه أنّ سلامة القرآن- مع تطاوله ، وتكرّر القصص فيه وضرب الأمثال- من الاختلاف أو التناقض (2) يدلّ على فضيلة عظيمة ورتبة جليلة ، ومزيّة على المعهود من الكلام ظاهرة؛ فأمّا أن ينتهي إلى الإعجاز وخرق العادة ، فبعيد ولا برهان لمدّعيه عليه ؛ لأنّا قد وجدنا النّاس يتفاوتون في السّلامة من هذه الأمور المذكورة تفاوتا شديدا ؛ ففيهم من يكثر في كلامه الاختلال والاضطراب ويغلب عليه ، وفيهم من يتحفظ فقلّ ذلك في كلامه .
فليس بمنكر أن يزيد بعضهم في التحفّظ والتصفّح لما يورده ، فلا يعثر منه على تناقض (3).
وليس يمكن أحدا أن يدّعي أنّ التحفّظ وإن اشتدّ ، والعناية وإن قويت ، فإنّ المناقضة والاختلاف غير زائل؛ فإنّه متى ادّعى هذا تعذّر عليه إيراد شبهة تعضد دعواه ، فضلا عن برهان.
ولو قيل لمن سلك هذه الطريقة : أرنا أوّلا- قبل أن ننظر فيما يمكن من الكلام المستأنف ، أو لا يمكن- أنّ جميع ما تنوّق فيه الحكماء من كلامهم ، وروّوا فيه من أمثالهم قد لحق جميعه التناقض والاختلاف ، حتّى أنّه لو لم يسلم شيء منه من ذلك لظهر بطلان قوله من قرب .
فإن قيل : أليس من البعيد أن يسلم الكلام الطويل بما ذكرناه ؟
قيل : لسنا نشكّ في بعد ذلك ، وإنّما كلامنا على القطع على تعذّره وإلحاقه بما يخرق العادات؛ فأمّا بعده فقد سبق إقرارنا به .
فإن قالوا : فقد قال اللّه عزّ وجلّ : {ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [سورة النساء : 82] ، وهذا نصّ صريح لصحّة ما ذهبنا إليه (4).
قيل لهم : إنّما علمنا بهذا القول أنّه لو كان من عند غيره لوجد فيه اختلاف كثير ، وقد تقدّم لنا العلم بكونه صدقا ودليلا ، من طريق ليس هو اعتبار زوال الاختلاف والتّناقض عنه . وكلامنا إنّما هو على من جعل وجه إعجازه وكونه دليلا زوال الاختلاف عنه ، وظنّ أنّه : (يركن من استدراك) (5) (6) ، وكذلك من جهة العادة واعتبارها. فليس القطع إذا- على ما ذكروه من طريق السّمع- بقادح في طريقنا.
والكلام على من جعل إعجازه صحّة معانيه واستمرارها على النظر وموافقتها للعقل ، يقرب من الكلام على من اعتبر زوال الاختلاف والمناقضة ؛ لأنّ كلّ ذلك إنّما يدلّ على الفضيلة وعلوّ المنزلة ، ويشهد بأنّ فاعله حكيم عليم. والإعجاز وخرق العادة غير هذا.
ولو لم يصرف اللّه تعالى العرب عن معارضة القرآن لبطل الإعجاز عندنا ، ولم يخرج القرآن من أن يكون على الصّفات الّتي ذكروها من صحّة المعاني ، وموافقة العقل.
وكذلك لو سلبه اللّه تعالى القدر من الفصاحة الّتي بان بها من الفصيح المعتاد- عند من ذهب إلى ذلك فيه- لوجب فيه جميع ما ذكروه من الصّفات ، ولاستحال خروجه عنها.
وهذا يكشف عن أنّ هذه المعاني إنّما وجبت فيه ، من حيث كان كلاما للحكيم ، وأنّه لا تأثير لها في الإعجاز؛ لوجودها مع زواله .
على أنّ جميع ما ذكروه من صحّة المعاني وملاءمة العقل ، حاصل في كلامه صلّى اللّه عليه وآله ، وواجب في أخباره ، وإن لم يجب فيها الإعجاز.
__________________
1. قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذخيرة/ 403- 404 : « وأمّا من ذهب في إعجازه إلى زوال الاختلاف عنه والتناقض مع طوله ، وادّعى أنّ ذلك ممّا لم تجر العادة في كلام طويل بمثله.
والذي يبطل قوله : إنّه لا شبهة في أنّ ذلك من فضائل القرآن ومن آياته الظاهرة ، لكنّه لا ينتهي إلى أن يدّعى أنّه وجه إعجازه وأنّ العادة انخرقت به؛ لأنّ الناس يتفاوتون في زوال الاختلاف والتناقض عن كلامهم. وليس يمتنع أن يزول عن الكلام ذلك كلّه ، مع التيقّظ الشديد والتحفّظ التامّ. فمن أين لمدّعي ذلك أنّ العادة لم تجر بمثله؟».
2. في الأصل : تناقض ، والأنسب ما أثبتناه.
3. في الأصل : تناقضه ، والمناسب ما أثبتناه.
4. قال المصنّف رحمه اللّه في كتابه الذخيرة/ 404 : « فأمّا قوله تعالى : { ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} فإنّما هو جهة؛ لعلمنا بالقرآن[ انّه] لو كان من عند غيره لكان فيه اختلاف ، وإنّما رددنا على من قال : إنّي أعلم ذلك بذلك قبل العلم بصحّة القرآن ، وجعله وجه إعجازه».
5. في الأصل : استدراك غير منقوطة- وهي غير مفهومة.
6. كذا في الأصل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|