المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Muller,s Method
21-11-2021
حسن الظن وسوء الظن بالله تعالى
28-09-2014
شجاعة المعصوم (عليه السلام) حالة عقلية
4-3-2019
Cerebrospinal Fluid (CSF) Analysis
15-2-2016
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى
21-06-2015
معنى كلمة ويل
29/11/2022


أبو تمَّام  
  
25811   11:54 صباحاً   التاريخ: 26-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج2، ص251-268
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

كان في جاسم من قرى حوران بالشام أسرة روميّة مسيحية رأسها رجل اسمه ثدوس أو ثيودوثيوس العطّار. في سنة 188 ه‍(804 م) ولد لثدوس هذا ابن عرفناه فيما بعد باسم «حبيب» . نزح ثدوس بأسرته من جاسم إلى دمشق و فتح فيها حانوت خمر. ثم أرسل ابنه حبيبا ليعمل عند حائك أو عند قزّاز (بائع قزّ، و هو الحرير) . و في دمشق نشأ حبيب و شبّ و رأى قوما يحنون عليه حسّنوا له الإسلام فاعتنقه، و قد بلغ سن الرشد في الأغلب. و يبدو أن حبيب بن ثيودوسيوس (أبا تمّام حبيب بن أوس، كما يعرف في تاريخ الأدب العربي) أراد أن يبتعد عن أهله الذين ظلّوا على النصرانية، فغادر دمشق إلى حمص و اتصل بأسرة عتيبة ابن عبد الكريم الطائيّ فمدحها و انتسب إليها بالولاء، فعرف من ذلك الحين باسم أبي تمّام الطائي. و لقي أبو تمام في حمص ديك الجنّ الشاعر و أخذ عنه الجودة في الرثاء و التشيّع الحسن.

في سنة 208 ه‍(823 م) رحل أبو تمّام إلى مصر طلبا للتكسّب فجعل يسقي الماء في المسجد الجامع-مسجد عمرو-و يستمع إلى ما يلقى في حلقاته من أمالي العلم و الأدب. في هذه الأثناء بدأ أبو تمّام حياته الشعرية بمدح عيّاش بن لهيعة الحضرميّ، و لكن لم يجد منه إلاّ مطلا فأخذ بهجوه. ثم اضطرب أمر مصر بنشوب العصبيّات فيها منذ سنة 210 ه‍(825 م) فعاد أبو تمام إلى الشام سنة 214 ه‍(829 م) . و في العام التالي مرّ المأمون بدمشق آئبا من غزو الروم فتعرّض له أبو تمّام بالمديح، و لكنّ المأمون أعرض عن أبي تمّام و وبّخه على ميله إلى العلويّين. فخاف أبو تمّام و اعتزل إلى شماليّ الشام و شماليّ العراق والى ارمينية و قضى معظم أوقاته في الموصل.

و في سنة 218 ه‍(833 م) توفّي المأمون و خلفه أخوه المعتصم، و كان نجم أبي تمّام قد بزغ و قصائده قد كثرت فاستدعاه المعتصم. و مكث أبو تمّام مدة يسيرة في بغداد ثم قصد خراسان ليمدح و اليها عبد اللّه بن طاهر. و في خراسان اتّصل أبو تمّام أيضا بالقادة أبي دلف العجليّ و حيدر (1) بن كاوس الأفشين و أبي سعيد محمد بن يوسف الثغريّ.

و لما تغلّب عبد اللّه بن طاهر على بابك الخرّميّ (222 ه‍-837 م) و قدم به أسيرا على المعتصم في سامرّا عاد أبو تمّام معه فوصلوا إليها كلّهم في صفر سنة 223 ه‍(أوائل 838 م) . و قد رافق أبو تمام المعتصم إلى غزو عمورية في منتصف سنة 223 ه‍(منتصف 838 م) . و لما عاد المعتصم إلى سامرا أنشده فيها أبو تمّام قصيدته: «السيف أصدق إنباء من الكتب» .

علا نجم أبي تمام بعد ذلك و عني به الحسن بن وهب رئيس ديوان الرسائل و أراد أن يوفّر عليه شيئا من التطواف فولاّه بريد الموصل. ثم إنّ أبا تمّام توفّي بعد ذلك بنحو عامين أو ثلاثة، سنة 232 ه‍(846 م) في الأغلب. و قبره في الموصل.

خصائصه الفنّيّة:

أبو تمّام شاعر على المذهب الشاميّ جزل الألفاظ متين التراكيب يتكلّف الصناعة المعنوية و الصناعة اللفظية مولع بالإغراب في تقصّي أوجه المعاني و في التشابيه و الاستعارات يملأ شعره بالإشارات التاريخية و الفلسفية و النحوية. و معانيه المخترعة كثيرة. و فنون أبي تمّام البارعة الرثاء ثم المديح، و له حكم كثيرة منثورة في ثنايا القصائد. و لأبي تمّام وصف و عتاب و هجاء و لكنها لا تداني شعره في الرثاء و لا في المديح. و كان أبو تمّام يجيد المدائح و المراثي في الاشخاص الذين كانوا له أصدقاء كبني حميد الطوسي أو الذين كان معجبا بهم لما قاموا به في سبيل العروبة و الإسلام كالمعتصم.

لأبي تمّام عدد من الكتب التي اختار فيها من أشعار القدماء و المحدثين أشهرها ديوان الحماسة. ألّف أبو تمام «الحماسة» و سمّاها بهذا الاسم في أثناء إحدى أوباته من عند عبد اللّه بن طاهر من خراسان، و قد نزل ضيفا على أبي الوفاء بن سلمة، في الجبال شرق العراق، في الشتاء: اتفق أن نزل ثلج عظيم سدّ الطرق فانتهز أبو تمّام الفرصة و عمل ديوان الحماسة من الدواوين الوفيرة التي كانت في مكتبة أبي الوفاء. و عني أبو تمّام باختيار الأبيات الجياد من القصائد المختلفة و أكثر من الاختيار لشعراء طيء. و لقد قبل النقّاد قول التبريزي: «إنّ أبا تمّام كان في اختياره الحماسة أشعر منه في شعره» . و يتألف ديوان الحماسة من أبواب هي: الحماسة، و بها سمّي الكتاب-المراثي-الأدب (الحكمة) -النسيب-الهجاء- الأضياف-المديح-السير و النعاس-الملح-مذمة النساء.

و لأبي تمّام أيضا كتاب الوحشيّات (أو الحماسة الصغرى) ، و تقسيمها كتقسيم «كتاب الحماسة» . و كذلك له كتاب الاختيارات من شعر الشعراء، كتاب الاختيار من شعر القبائل، كتاب الفحول.

المختار من شعره:

- من قلائد أبي تمّام في الأدب (الحكمة) :

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى... ما الحبّ إلاّ للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى... و حنينه أبدا لأوّل منزل

و إذا أراد اللّه نشر فضيلة... طويت، أتاح لها لسان حسود

لو لا اشتعال النار في ما جاورت... ما كان يعرف طيب عرف العود (2)

و طول مقام المرء في الحيّ مخلق... لديباجتيه، فاغترب تتجدّد (3)

فاني رأيت الشمس زيدت محبّة... إلى الناس، ان ليست عليهم بسرمد (4)

ليس الغبيّ بسيّد في قومه... لكنّ سيّد قومه المتغابي (5)

ينال الفتى من عيشه و هو جاهل... و يكدي (6) الفتى في دهره و هو عالم

و لو كانت الأرزاق تأتي على الحجى... هلكن، إذن، من جهلهنّ البهائم

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في الموطن الخشن (7)

- و قال أبو تمّام يرثي القائد جعفرا الخياط الطائيّ:

رحم اللّه جعفرا، فلقد كا (م) ن أبيّا، و كان شهما رحيما

مثّل الموت، بين عينيه، و الذ (م) ل، فكلاّ رآه خطبا عظيما

ثم ثارت به الحميّة قدما... فأمات العدى، و مات كريما

- و قال أبو تمّام يمدح عبد اللّه بن طاهر والي خراسان بقصيدة منها:

أعاذلتي، ما أخشن الليل مركبا... و أخشن منه في الملمّات راكبه (8)

ذريني و أهوال الزمان، أفانها... فأهواله العظمى تليها رغائبه (9)

فإنّ الحسام الهندوانيّ إنّما... خشونته ما لم تفلّل مضاربه (10)

و قلقل نأي من خراسان جأشها... فقلت: اطمئنّي، أنضر الروض عازبه (11)

و ركب كأطراف الأسنّة عرّسوا... على مثلها، و الليل تسطو غياهبه (12)

لأمر عليهم أن تتمّ صدوره... و ليس عليهم أن تتمّ عواقبه (13)

إليك جزعنا مغرب الملك، كلّما... وسطنا ملا صلّت عليك سباسبه (14)

إلى ملك لم يلق كلكل بأسه... على ملك، إلاّ و للذّلّ جانبه (15)

إلى سالب الجبّار بيضة ملكه... و آمله غاد عليه فسالبه (16)

إذا أنت وجّهت الركاب لقصده... تبيّنت طعم الماء ذو أنت شاربه (17)

سما للعلى من جانبيها كليهما... سموّ حباب الماء جاشت غواربه (18)

فنوّل حتّى لم يجد من ينيله... و حارب حتّى لم يجد من يحاربه (19)

ففي كل نجد في البلاد، و غائر... مواهب منه، و هي ليست مواهبه (20)

فو اللّه، لو لم يلبس الدهر فعله... لأفسدت الماء القراح معائبه (21)

و يا أيّها الساري فسر غير حاذرٍ... جنان ظلام، أو ردى أنت هائبه (22)

فقد بثّ عبد اللّه خوف انتقامه... على الليل، حتى ما تدبّ عقاربه (23)

-كان محمّد بن حميد الطوسي يقاتل بابك الخرّمي في جبال البدّ (خراسان) فكّر عليه رجال بابك فانهزم من كان معه فثبت هو ما أمكن الثبات ثم سار يطلب الخلاص، فرأى جماعة و قتالا، فقصدهم فرأى الخرّميّة يقاتلون طائفة من أصحابه، فلما رآه الخرمية قصدوه، لما رأوا عليه من حسن هيئته، فقاتلهم و ضربوا سيفه، ثم أكبّوا عليه فقتلوه» . فقال أبو تمّام يرثيه:

كذا فليجلّ الخطب، و ليفدح الأمر... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر (24)

توفّيت الآمال بعد محمّدٍ... و أصبح في شغل عن السفر السفر (25)

و ما كان إلاّ مال من قلّ ماله... و ذخرا لمن أمسى و ليس له ذخر (26)

و ما كان يدري مجتدي جود كفّه، إذا ما استهلّت، أنه خلق العسر (27)

ألا في سبيل اللّه من عطّلت له فجاج سبيل اللّه و انثغر الثغر (28)

فتى، كلما فاضت عيون قبيلة دما ضحكت عنه الأحاديث و الذكر (29)

فتى دهره شطران فيما ينوبه: ففي بأسه شطر و في جوده شطر (30)

فتى مات، بين الطعن و الضرب، ميتة تقوم مقام النصر إن فاته النصر (31)

و ما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب، و اعتلّت عليه القنا السمر (32)

و قد كان فوت الموت سهلا، فردّه اليه الحفاظ المرّ و الخلق الوعر (33)

و نفس تعاف العار حتى كأنما... هو الكفر يوم الروع، أو دونه الكفر (34)

فأثبت في مستنقع الموت رجله... و قال لها من تحت أخمصك الحشر(35)

غدا غدوة و الحمد نسج ردائه... فلم ينصرف إلا و أكفانه الأجر (36)

تردّى ثياب الموت حمرا، فما دجا... لها الليل إلاّ و هي من سندس خضر (37)

- فتح عمورية

خرج توفيل (ثيوفيلوس) امبراطور الروم إلى زبطرة، و هي بلدة ولد فيها المعتصم، و قيل: بل ولدت أمّه فيها، و سبى من أهلها و ارتكب فظائع هائلة. و رووا أن امرأة هاشمية صرخت، لمّا وقعت في السبي: وا معتصماه! اتّصل خبر ذلك بالمعتصم فتجهّز أعظم جهاز و قصد عمورية (منشأ الأسرة الرومية المالكة: الأسرة العمورية Amorian ) التي ينتسب إليها توفيل، (رمضان 223 ه‍-صيف 738 م) ، فتركها قاعا صفصفا. و كان أبو تمّام مع المعتصم، فلمّا عاد المعتصم إلى عاصمته سامرّا، سنة 224 ه‍، أنشده أبو تمّام هذه القصيدة:

السيف أصدق إنباء من الكتب... في حدّه الحدّ بين الجدّ و اللعب (38)

بيض الصفائح، لا سود الصحائف... في متونهنّ جلاء الشكّ و الريّب (39)

و العلم في شهب الأرماح، لامعة... بين الخميسين، لا في السبعة الشهب (40)

أين الرواية، بل أين النجوم، و ما... صاغوه من زخرف فيها و من كذب

تخرّصا، و أحاديثا ملفّقة... ليست بنبع إذا عدّت و لا غرب (41)

عجائبا، زعموا الأيام مجفلة... عنهن، في صفر الاصفار أو رجب

و خوّفوا الناس من دهياء مظلمة... إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذنب (42)

و صيّروا الأبرج العليا مرتّبة... ما كان منقلبا أو غير منقلب

يقضون بالأمر عنها، و هي غافلة... ما دار في فلك منها و في قطب

لو بيّنت قطّ أمرا قبل موقعه... لم تخف ما حلّ بالأوثان و الصّلب

فتح الفتوح تعالى ان يحيط به... نظم من الشعر أو نثر من الخطب

فتح تفتّح أبواب السماء له... و تبرز الأرض في أثوابها القشب

يا يوم وقعة عمّوريّة انصرفت... منك المنى حفّلا معسولة الحلب (43)

أبقيت جدّ بني الإسلام في صعد... و المشركين و دار الشرك في صبب (44)

أمّ لهم، لو رجوا أن تفتدى جعلوا... فداءها كلّ أمّ برّة و أب

و برزة الوجه قد أعيت رياضتها... كسرى، و صدّت صدودا عن أبي كرب (45)

من عهد إسكندر، أو قبل ذلك، قد... شابت نواصي الليالي و هي لم تشب

بكر فما افترعتها كفّ حادثةٍ... و لا ترقّت اليها همّة النوب (46)

حتى إذا مخض اللّه السنين لها... مخض البخيلة، كانت زبدة الحقب (47)

أتتهم الكربة السوداء سادرة... منها، و كان اسمها فرّاجة الكرب (48)

جرى لها الفأل برحا يوم أنقرةٍ... إذ غودرت وحشة الساحات و الرحب (49)

لما رأت أختها بالأمس قد خربت... كان الخراب لها أعدى من الجرب

كم بين حيطانها من فارس بطل... قاني الذوائب من آني دمٍ سرب (50)

بسنّة السيف و الخطّيّ من دمه... لا سنّة الدين و الإسلام، مختضب (51)

لقد تركت، أمير المؤمنين، بها... للنار يوما ذليل الصخر و الخشب (52)

غادرت فيها بهيم الليل و هو ضحى... يشلّه، وسطها، صبح من اللهب (53)

حتى كأنّ جلابيب الدجى رغبت... عن لونها، أو كأن الشمس لم تغب (54)

ضوء من النار، و الظلماء عاكفة... و ظلمة من دخان في ضحى شحب (55)

فالشمس طالعة من ذا، و قد أفلت... و الشمس واجبة في ذا، و لم تجب (56)

تصرّح الدهر تصريح الغمام لها... عن يوم هيجاء منها طاهر جنب(57)

لم تطلع الشمس فيه يوم ذاك على... بان بأهل، و لم تغرب على عزب (58)

ما ربع ميّة، معمورا يطيف به... غيلان، أبهى ربى من ربعها الخرب (59)

و لا الخدود و قد أدمين، من خجل... أشهى إلى ناظري من خدّها الترب

سماجة غنيت منا العيون بها... عن كلّ حسن بدا أو منظر عجب

و حسن منقلب تبدو عواقبه... جاءت بشاشته من سوء منقلب (60)

لو يعلم الكفر كم من أعصر كمنت... له المنيّة بين السّمر و القضب (61)

تدبير معتصم باللّه، منتقم... للّه، مرتقب في اللّه، مرتغب (62)

و مطعم النصر لم تكهم أسنّته... يوما، و لا حجبت عن روح محتجب (63)

لم يغز قوما، و لم ينهض إلى بلد... إلا تقدمه جيش من الرعب (64)

لو لم يقد جحفلا يوم الوغى، لغدا... من نفسه وحدها في جحفل لجب (65)

رمى بك اللّه برجيها فهدّمها... و لو رمى بك غير اللّه لم تصب (66)

من بعد ما أشّبوها واثقين بها... و اللّه فتّاح باب المعقل الأشب (67)

و قال ذو أمرهم لا مرتع صدد... للسارحين، و ليس الورد من كثب(68)

أمانيا سلبتهم نجح هاجسها... ظبى السيوف و اطراف القنا السلب (69)

ان الحمامين من بيض و من سمرٍ... دلوا الحياتين من ماء و من عشب (70)

لبّيت صوتا زبطريّا هرقت له... كأس الكرى و رضاب الخرّد العرب (71)

عداك حرّ الثغور المستضامة عن... برد الثغور و عن سلسالها الحصب (72)

أجبته معلنا بالسيف، منصلتا... و لو أجبت بغير السيف لم تجب (73)

حتى تركت عمود الشرك منقعرا... و لم تعرّج على الأوتاد و الطنب (74)

لما رأى الحرب رأي العين توفلس... و الحرب مشتقة المعنى من الحرب (75)

غدا يصرّف بالأموال جريتها... فعزّه البحر ذو التيار و الحدب (76)

هيهات! زعزعت الأرض الوقور به... عن غزو محتسب لا غزو مكتسب (77)

لم ينفق الذهب المربي بكثرته... على الحصى، و به فقر إلى الذهب (78)

ان الأسود، اسود الغاب، همّتها... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب (79)

ولىّ و قد ألجم الخطّيّ منطقه... بسكتة خلفها الأحشاء في صخب (80)

أحذى قرابينه صرف الردى و مضى... يحتثّ أنجى مطاياه من الهرب (81)

موكّلا بيفاع الأرض يشرفه... من خفّة الخوف لا من خفة الطرب (82)

ان يعد من حرّها عدو الظليم فقد... أوسعت جاحمها من كثرة الحطب (83)

تسعون ألفا كآساد الشرى نضجت... جلودهم قبل نضج التين و العنب (84)

يا ربّ حوباء لما اجتثّ دابرهم... طابت، و لو ضمّخت بالمسك لم تطب (85)

و مغضب رجعت بيض السيوف به... حيّ الرضى من رداهم ميّت الغضب (86)

و الحرب قائمة في مأزق لجج... تجثو الكماة به، صعرا، على الرّكب (87)

كم نيل، تحت سناها، من سنى قمر... و تحت عارضها، من عارض شنب (88)

كم كان، في قطع أسباب الرقاب بها... إلى المخدّرة العذراء من سبب (89)

كم أحرزت قضب الهنديّ، مصلتة... تهتزّ، من قضب تهتزّ في كثب (90)

بيض إذا انتضيت من حجبها رجعت... أحقّ بالبيض، أبدانا، من الحجب (91)

خليفة اللّه، جازى اللّه سعيك عن... جرثومة الدين و الإسلام و الحسب (92)

بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها... تنال إلاّ على جسر من التعب

إن كان بين صروف الدهر من رحم موصولة، أو ذمام غير منقضب (93)

فبين أيّامك اللاتي نصرت بها... و بين أيام بدر أقرب النسب (94)

أبقت بني الأصفر المصفرّ كاسمهم... صفر الوجوه، و جلّت اوجه العرب (95)

____________________

1) خيذر، في بعض الروايات.

2) العود خشب ذكي الرائحة (له رائحة طيبة شديدة) .

3) ان طول مكث (بقاء) الإنسان في بلده يجعل العيون تألفه فيبطل اهتمام الناس به، فإذا تغيب عن بلده مدة ثم رجع زاد اهتمام أهل بلده به لأنه سيبدو لعيونهم و كأنه شخص جديد. الديباجتان: الخدان.

4) السرمد: الدائم. -الناس يحبون الشمس لأنها تغيب و تطلع، و لأن غيوم الشتاء تسترها حينا فيشتاق الناس اليها و إلى حرارتها.

5) المتغابي: المتظاهر بالغباوة.

6) يكدي: يفتقر.

7) الموطن الخشن: أيام الشدة و الفقر.

8) العاذلة: التي تلوم الإنسان على فعل لا يرضيها. ما أخشن الليل-مركبا: ما أشق (أصعب) السفر في الليل (كناية عن الزمن الشديد القاسي) . الملمات: الاحداث الشديدة و المصائب.

9) ذريني (دعيني، اتركيني) و أهوال الزمان (مع أهوال الزمان) أفانها: أقاتلها و أقتلها (و أقتلها: أتغلب عليها واحدا بعد واحد) . تليها: تتبعها. الرغائب جمع رغيبة: الأمر المرغوب فيه.

10) خشونة السيف: مضاؤه و شدة الضرب به (القطع و القتل) . تفلل مضاربه: يتشقق حده فلا يقطع كما ينتظر من السيف. -اتركيني أقاسي الأهوال في السعي الى الغنى و المجد ما دمت شابا (كالسيف الذي لم يتشقق حده بعد) .

11) قلقل نأي من خراسان جأشها: أقلق بعد خراسان قلب (امرأتي، أو عاذلتي الشفيقة علي) . فقلت لها: اطمئني، أنضر الروض (أحسنه و أكثره عشبا-أكثر تكسبا للمال بالشعر) عازبة (البعيد عن المرعى لأنه لا يذهب اليه أناس كثيرون بقطعانهم-لا يذهب اليه شعراء كثيرون) .

12) الركب: الجماعة المسافرون معا. أطراف الاسنة: نصال الرماح (الحديدة التي في رأس الرمح) . عرسوا: قضوا الليل. على مثلها: على ابل مثل (أطراف الاسنة) . تسطو غياهبه: يشتد سواده فيغطي على كل شيء. -كنا نحو لا من طول السفر و مشاقه، و مع ذلك فقد كنا نقضي الليل على ظهور الابل (بدلا من أن ننزل مرة بعد مرة لننام و نأخذ قسطا من الراحة-كان سفرنا متصلا) ، و كذلك كانت الابل التي نركبها نحيلة من طول السفر و مشاقه.

13) صدوره: أوائله. عواقبه: نهايته، الغاية منه. -كنا في سفرنا الشاق نقصد أن نحقق هدفا، و لكننا لا نلام إذا لم يتحقق ذلك الهدف.

14) جزع: قطع. مغرب الملك: الأقطار الغربية من الخلافة العباسية. وسطنا: أصبحنا في وسط، وصلنا الى. ملا: الأرض الواسعة. السبسب: الأرض القاحلة. صلت عليك سباسبه: شكرتك الأرض التي كانت سباسب ثم أصبحت بفضلك عامرة.

15) الكلكل: المصدر. بأسه: بطشه. -اذا جار الزمان على انسان أذله.

16) الجبار: الملك العظيم. بيضه ملكه: عاصمة بلاده. . و البيضة كل شيء يدافع صاحبه عنه. آمله: الشخص الذي يأتي اليه يطلب معونة. غاد: آت باكرا (اذا جاء جاء باكرا) . سالبه: مستول على أمواله. -انه بقوته و بطشه يسلب الملوك ممالكهم، ثم هو حليم كريم اذا جاءه في الصباح الباكر شخص عادي يطلب منه معونة يسيرة أعطاه كل ما يملك (فكأنه سلبه كل شيء يملكه) .

17) ذو: الذي (بلهجة طيء، و هي مبنية على السكون، تلزمها الواو في جميع حالات الاعراب) . تبينت طعم الماء ذو أنت شاربه: أدركت أن الماء الذي ستشربه عذب (قبل أن تصل الى عبد اللّه بن طاهر تعلم سلفا أنك ستنال عنده حظوة و ستنال منه خيرا كثيرا) .

18) عباب الماء: الماء الكثير المتسع السطح. جاشت: هاجت، اضطربت. الغوارب جمع غارب: ما علا من المؤخر.

19) نول: أعطى.

20) النجد: ما ارتفع من الأرض، الهضبة. الغائر: ما انخفض من الأرض: الوادي (أي في كل مكان) . مواهب ليست منه و هي مواهبه: أنواع من الإحسان لم يفعلها هو و لكن فعلها أناس تعلموا فعلها منه، فكأنها أصبحت من فعله هو.

21) القراح: الخالص الصافي. معايبه: معايب الماء.

22) الساري: المسافر في الليل. حاذر: هائب، خائف. جنان ظلام: قلب الظلام، شدته.

23) لقد صارت العقارب تهاب سطوة عبد اللّه بن طاهر فلا تخرج من أوكارها لا نهارا و لا ليلا.

24) جل: عظم. الخطب: الشأن، الأمر (المصيبة) . الأمر: الحادث، الشأن. فدح: ثقل حتى يعجز الإنسان عن حمله أو احتماله. -إذا لم تكن المصيبة عظيمة كمقتل محمد بن حميد الطوسي فلا يقال لها: خطب جليل أو أمر فادح. لم يفض ماؤها: لم يكثر بكاؤها.

25) توفيت الآمال: فقد الناس الأمل في تحقيقها. و أضرب المسافرون عن سفرهم الذي كانوا قد عينوه في ذلك اليوم و في ما بعده.

26) كان مالا حاضرا للفقير، و ثروة مجموعة للذين سيحتاجون في المستقبل.

27) و كان اذا طلب أحد منه مالا أعطاه مبلغا كبيرا ينسيه أن في الدنيا فقرا.

28) اننا نحتسب في سبيل اللّه (نرضى ما شاءه اللّه من موت محمد بن حميد) رجلا عطلت له سبيل اللّه (توقف الجهاد بعد موته) . انثغر الثغر: أصبحت حدود البلاد الإسلامية مهددة (غير محروسة) . الفج: الطريق الواسع. الثغر: المكان الذي يخشى منه هجوم العدو.

29) فاضت عيون قبيلة دما: نزل بتلك القبيلة مصيبة. ضحكت عنه الأحاديث و الذكر: واسى تلك القبيلة بنفسه و ماله حتى يتحدث الناس بحسن أخلاقه و بكثرة كرمه.

30) ينوبه: يصيبه (يتعلق به) . -نصف أيامه في الحرب (الانتصار على الأعداء) و نصف أيامه في الكرم و الإحسان الى الناس. . . . . .

31) تقوم مقام النصر ان فاته النصر: ان الميتة النبيلة التي ماتها تعد نصرا أكبر من النصر العادي المألوف عند الناس.

32) ذلك لأنه لم يسقط في المعركة قتيلا الا بعد أن تشقق حد سيفه و بعد أن تكسرت رماح كثيرة و هو يقاتل بها.

33) قد كان من السهل عليه أن ينجو من الموت (و كان هو قد انصرف فعلا من المعركة، و لكنه عرف أن الخرمية يقاتلون جماعة من رجاله فرجع ليدافع عنهم، و كان وحده) . الحفاظ: الدفاع عن المحارم (عما يدخل في واجب الإنسان أن يدافع عنه من الدين و الشرف) . الوعر: الصعب. الخلق الوعر: الخلق المستقيم الذي لا يتزحزح صاحبه عن موقفه فيه و اعتقاده.

34) ورده أيضا الى الموت نفس تخاف أن يلزمه العار (العيب طول حياته) اذا لم ينجد بني قومه في القتال. و تخلف العربي عن نجدة أخيه في الحرب يعد كفرا، بل الكفر أقل منه.

35) فأثبت في مستنقع الموت رجله: أدرك أنه مقتول لأنه وحده و الأعداء كثيرون، فصمم على أن يموت و هو يقاتل. و قال، يا رجلي، الحشر (البعث من الموت و دخول الجنة) تحت باطنك: قريب جدا.

36) غدا غدوة (هجم هجمة واحدة) . و الحمد نسج ردائه (لأنه كان مخلصا في هجمته جادا فلم ينصرف) لم يتوقف عن هجمته لا و أكفانه الأجر (الا لما مات و نال أجر شهيد في سبيل اللّه، و الشهادة في سبيل اللّه تدخل صاحبها الجنة) .

37) تردى ثياب الموت حمرا: مات مقتولا (صبغ الدم الأحمر ثيابه) . دجا (اسودّ) لها الليل: جاء عليها الليل (صار الليل) . الا و هي من سندس خضر: الا أصبحت من حرير أخضر (دخل الجنة) . الثياب السندس الخضر من لباس أهل الجنة (سورة الكهف 18:31) .

38) في حد السيف (الحرب) فاصل بين الرصانة و الهزل (الحق و الباطل) : كان المنجمون في البلاط الرومي قد ذكروا للإمبراطور أن العرب لن يستطيعوا فتح عمورية قبل نضج التين و العنب، على ما تقول النجوم.

39) الحديد المصقول (السيوف: الحرب، القتال) لا الصفحات السود (المكتوبة بالحبر الأسود: الرسائل) تزيل الشك من النفوس في انتصار العرب.

40) المعرفة بانتصار أحد الجيشين على الآخر تأتي من العلم باستعمال الرماح (بالحرب) إذا التقى الخميسان (الجيشان) لا من العلم المزعوم بحركات الشهب السبعة (الكواكب السبعة السيارة) ، أي من فن التنجيم الخرافي.

41) التخرص: الكذب. النبع: شجر تصنع من أغصانه الرماح. و الغرب: شجر آخر. إن الذي زعمه منجمو الروم لا أصل له و لا يعتمد عليه (لا هو خشب تصنع منه الرماح و لا خشب يستعمل لأمور أخرى) .

42) دهياء: مصيبة. الكوكب الغربي ذو الذنب. قال ابن الأثير (6:194) : و فيها (في سنة 222 ه‍- 837 م) ظهر عن يسار القبلة كوكب له شبه الذنب، و كان طويلا جدا فهال الناس ذلك. هذا الكوكب المذنب المعروف باسم مذنب هالي، و هو يظهر في سمائنا مرة كل 76 سنة، و كانت آخر مرة ظهر فيها في الخامس من أيار (مايو) من عام 1910.

43) حفل: حافلة، مزدحمة، مملوءة. معسولة الحلب: لبنها حلو الطعم. -رجع الجيش الإسلامي من معركة عمورية منصورا محققة أمانيه (شبه الأماني بضروع الناقة المملوءة باللبن الحلو الطعم) .

44) دار الشرك: القسطنطينية (عاصمة الامبراطورية الرومية) . في صعد: في ارتفاع (سرور) . في صبب: في انحدار (حزن) .

45) البرزة: المرأة الجليلة تبرز للناس تحادثهم. شبه عمورية بالمرأة البرزة التي لم يستطع كسرى (يقصد: ملوك الفرس) و لا أبو كرب (بن حسان ملك اليمن؛ يقصد: ملوك اليمن) على كثرة حروب الفرس و اليمن و انتصارهم، أن يسيطروا عليها (و سيطر عليها العرب) -لم يقدر على فتح عمورية لا الفرس و لا اليمن (و لا غيرهم) و فتحها العرب بسهولة.

46) بكر: عذراء. افترع الجارية: دخل بها. -ان الاحداث الكبرى لم تستطع أن تؤثر في عمورية، و المصائب الشديدة لم تستطع الرقي إلى عمورية.

47) مخض اللبن: خضه حتى ينفصل الزبد منه. مخض البخيلة: أي بالغت في الخض حتى لم تدع في ماء اللبن شيئا من الزبدة. كانت زبدة الحقب: اجتمعت فيها (في عمورية) كنوز الدهور (ثم جاء المسلمون فظفروا بتلك الكنوز كلها) . و الاستعارة في هذا البيت من اختراع أبي تمام.

48) سادرة: حائرة. و (سادرة) حال، و صاحب الحال هنا (عمورية) . -المعنى: و عمورية حائرة متعجبة كيف استطاع المعتصم أن يفتحها. كان اسمها فراجة الكرب: كان الروم إذا خافوا خطرا من شيء احتموا بها لأنهم كانوا قد أعدوها لمثل ذلك، فجاءهم الآن الخطر منها نفسها.

49) الفأل: الأمل الحسن. البرح: الشؤم و النحس. الساحة و الرحبة (بكسر الراء و سكون الحاء، أو بفتح الراء و الحاء) : الأرض الواسعة المسكونة. وحشة الساحات و الرحب: خالية، مهجورة. يوم أنقرة: يوم معركة أنقرة و فتحها. غودرت: غادرها أهلها، هجروها، فروا منها. -لما سمع أهل عمورية بتخريب المعتصم لأنقرة أيقنوا أنه سيحل ببلدتهم ما حل بأنقرة فهربوا من بلدتهم.

50) قان: شديد الحمرة. آن: حار. سرب: سائل جار. كثرت فيها الفوارس القتلى من الروم، و كثرت الدماء حتى بلت ذوائب الفرسان (كان الفرسان يرخون ذوائبهم) .

51) على ان هذا القتل الذريع في الروم لم يكن بالقانون الإسلامي (لاختلاف الدين بين المتحاربين) بل بالقانون الطبيعي: قانون السيف و الرمح (لأن الروم اعتدوا على بلد إسلامي) .

52) لقد كثرت النار التي أوقدها العرب لإحراق البلد و اشتدت تلك النار حتى احترقت الصخور فيها بعد أن احترق الخشب.

53) يشله: يطرده. -كان ضوء النار يبدد ظلام الليل في عمورية المحترقة حتى كأن الصبح كان يطلع فيها في ذلك الحين.

54) جلابيب جمع جلباب: ثوب. رغب عن الشيء: تركه، كرهه. -كأن السواد لم يبق لونا لليل.

55) عاكفه: نازله، دائمة (الوقت ليل) . شحب: متغير اللون، قليل اللون (يخالطه بياض أو صفرة) .

56) أفلت: غربت. واجبة: غاربة. -ان اشتعال النار في الليل يوهمنا أن الشمس طالعة، و ان كثرة الدخان في النهار توهمنا أن الشمس غائبة.

57) بوغتت عمورية بالخراب، كما ينشق الغيم عن صفحة السماء (فجأة) . يوم هيجاء: حرب. طاهر لأن المسلمين خرجوا غازين في سبيل اللّه، فالقتال في عمورية كان حلالا لأنه رد على اعتداء الروم عليهم. جنب: لأن الدم سال فيه. و الشراح يفسرون «جنبا» على الحقيقة فيقولون: ان المسلمين أسروا نساء و تغشوهن.

58) بان: متزوج. الأهل: الزوجة. العزب: من لم يتزوج بعد. -لما دخل المسلمون المعركة (مع طلوع الشمس) لم يكن فيهم أحد متزوج، و لما انتهوا من المعركة (قبل غروب الشمس) لم يكن قد بقي أحد منهم بلا زوجة (كناية عن كثرة السبي من النساء خاصة) .

59) غيلان بن عقبة الشاعر المعروف بذي الرمة شغف بمية بنت طلبة و ظل يهيم في ديارها أملا في رؤيتها عشرين سنة. -ما كان منزل مية، و مية فيه، أحب الى غيلان من عمورية الخربة (بعد تلك الحروب) في نظر المسلمين.

60) كانت نتيجة المعركة ظفرا للمسلمين و سرورا لهم: سرور المسلمين جاء من انهزام الروم و نكبتهم.

61) السمر: الرماح. القضب جمع قضيب: السيف. -ان العرب كانوا قد صبروا طويلا على اعتداءات الروم.

62) ان الخليفة المعتصم معتصم باللّه (متكل في ما يعمل على اللّه) ، منتقم للّه (قد غزا الروم لأنهم نكثوا عهد اللّه بالسلام) ، مرتقب في اللّه (يعمل كل ما يعمل و هو حريص على ألا يخالف أوامر اللّه في شيء) ، مرتغب: راغب (في هذه الحرب) في ما يرضي اللّه و في ما يقربه الى اللّه.

63) النصل السيف. كهم: كل فلم يقطع. -قاتل بسيفه كثيرا و قتل كثيرين، و لم يكل سيفه و لا استطاع أحد أن يستتر عنه فلا يقتل.

64) يدخل الرعب من المعتصم على الاعداء قبل أن يصل المعتصم اليهم. في هذا البيت نظر الى الحديث الشريف: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد. . . و نصرت بالرعب مسيرة شهر (أو ما معناه) .

65) الجحفل: الجيش العظيم. اللجب: الصخب الكثير الأصوات (لكثرة الرجال و الخيل فيه) .

66) ان اللّه سخرك لتهديمها فاستطعت تهديمها، و لو أنك أردت من غزو عمورية عرضا من أعراض الدنيا من عند نفسك لما استطعت ذلك؛ راجع الآية الكريمة: {وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ، وَ لكِنَّ اَللّهَ رَمى} (8:17 سورة الانفال) .

67) أشب البلدة: بالغ في تحصينها. واثقين بها: مطمئنين الى أنها لا تفتح. و هذا صحيح، و لكن في هذه المرة لم يفتحها انسان مثلهم و لكن اللّه هو الذي أراد فتحها على يد المعتصم.

68) ذو أمرهم: رئيسهم. لا مرتع صدد: لا عشب قريب (لخيلهم) . و ليس الورد (استقاء الماء) من كثب (في مكان قريب) .

69) الهاجس: الفكر الذي يدور في النفس. الظبى جمع ظبة (بضم الظاء و فتح الباء) : حد السيف. طرف القناة: نصل الرمح. السلب جمع سلب (بفتح السين و كسر اللام) : الطويل، أو جمع سلوب: يسلب الناس أموالهم و أرواحهم. -ان ظفر المسلمين في القتال أفسد على الروم آمالهم و أمانيهم.

70) ان الحمامين (الموتين، القاتلين) من بيض (سيوف) و من سمر (رماح) هما الدلوان (الوسيلتان) للحياتين (سببا الحياة) من الماء و العشب.

71) لبيت صوتا زبطريا (راجع مقدمة القصيدة) . هرق: سكب (تخلى عن) . الكرى: النوم. الرضاب: الريق. الخرد: جمع خريدة: المرأة الجميلة. العرب جمع عريب (بفتح العين) : المرأة المتحببة الى زوجها. -تركت راحتك و نعيمك في سبيل نصرة المظلومين.

72) عداك: تعدى بك، تجاوزت، تركت. الثغور الأولى: البلدان التي يخشى منها مجيء العدو؛ حر الثغور: الحرب. المستضامة: المهضومة الحق، المظلومة. الثغور الثانية جمع ثغر الذي هو فم الإنسان. برد الثغور: ريق الثغور البارد (كناية عن النعيم مع النساء) . السلسال الحصب: الماء الصافي الذي يكون في المجاري الصخرية التي يكثر فيها الحصى (كناية أيضا عن اللهو مع النساء) .

73) منصلتا: مجردا من غمده (للقتال) . لو لم تحارب لما أخذت بحق أهل زبطرة.

74) عمود الشرك: قاعدة الروم في آسية الصغرى (عمورية) . -منعقر: متهدم. لم تعرج: لم تمل الى (لم تحفل) . الأوتاد و الطنب: قطع صغيرة من الخشب تشد بها أطراف الخيمة الى الأرض (كناية عن القرى التي كانت حول عمورية) .

75) الحرب (بفتح الحاء و الراء) : السلب.

76) جريتها: مجراها (مجرى الحرب) بطلب الصلح. عزه: غلبه. البحر (كناية عن جيش العرب الكبير) . ذو التيار: المتدافع المتوالي. الحدب: ذو الأمواج العالية (كان هجوم العرب و انتصارهم سريعين جدا حتى أنهما لم يتركا مجالا أمام ثيوفيلوس حتى يطلب فيه الصلح) . ذكر فنلايEveryman's))Byz.Emp (ص 147) أن ثيوفيلوس عرض على المعتصم 2400 ليبرة من الذهب (نحو 1100 كيلو) .

77) هيهات: ما أبعد ذلك! زعزعت الأرض الوقور به: ان الأرض الثقيلة الثابتة قد ارتجت بعنف تحت أقدام ثيوفيلوس لأن غزو المعتصم لبلاد الروم كان احتسابا في سبيل اللّه لا تكسبا للمال.

78) لو كان محتاجا الى المال لما أنفق في سبيل هذه الغزوة مالا أكثر عددا من حجارة بلاد الروم.

79) ان أسود الحرب (الابطال الحقيقيين) يقصدون قتل الابطال من أعدائهم لا سبي المتاع.

80) ولى: هرب. ألجم الخطي منطقه: أصبحت الرماح لجاما في فمه (منعته الهزيمة من الحق في الكلام) . تحتها الاحشاء في صخب: كان قلبه مضطربا بكلام يريد أن يقوله فلا يستطيع.

81) ترك خاصته الابطال المقربين اليه للموت ثم ركب أسرع خيوله ليهرب عليه.

82) موكلا بيفاع الأرض: كأنه وكيل على يفاع (مرتفعات) الأرض يقفز من واحد منها الى آخر (في أثناء هربه) ، ثم يشرفه (يعلو على اليفاع-المرتفع من الأرض) ليرى هل يتبعه أحد. ان الخوف قد جعله سريعا في ركضه لا الفرح و المرح.

83) عدا يعدو عدوا: ركض يركض ركضا. الظليم: ذكر النعام (و هو معروف بسرعة الجري) ان ثيوفيلوس معذور في هربه من ميدان المعركة بهذه السرعة لأنك أكثرت (ايها الخليفة المعتصم) النار فيها (أثرت عليه حربا شديدة لا قبل له باحتمالها) .

84) تسعون الفا من الروم كأسود الشرى (الجبال) المعروفة ببأسها. نضجت جلودهم: ماتوا حرقا في عمورية. راجع قوله تعالى: «كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا اَلْعَذابَ. . .» قبل نضج التين و العنب: قبل الصيف (الوقت الذي حدده منجمو امبراطور الروم و كهنته لامكان فتح عمورية) . عظم أبو تمام شأن الروم حتى يبين مدى شجاعة العرب. و قد ذكر فنلاي (ص 147) أن القتلى الروم كانوا ثلاثين ألفا سوى الاسرى.

85) الحوباء: النفس. لما اجتث دابرهم: لما قتل المحاربون الروم عن بكرة أبيهم. طابت: أصبحت مسرورة. ضمخت بالطيب: طليت بمادة زكية الرائحة. -كم من نفس قد سر صاحبها بهلاك هؤلاء الاعداء من الروم اكثر مما كانت تسر لو أن صاحبها دهن نفسه بالطيب.

86) غضب المعتصم لما بلغت اليه استغاثة الهاشمية و ما نال المسلمين في زبطرة (راجع مقدمة القصيدة) ، فلما قتل أولئك المعتدين عاد اليه رضاه و ذهب غضبه.

87) مأزق لجج: مكان ضيق (بمساحته و بازدحام المتقاتلين فيه) . جثا: ركع (على ركبتيه) صعرا: مائلين بأجسامهم الى الامام (من شدة القتال) . الكماة جمع كمي: البطل.

88) سناها: سنى الحرب (نيرانها) . سنى قمر: جمال امرأة (امرأة جميلة) . عارضها: عارض الحرب (اشتدادها. شبه اشتداد الحرب بالعارض من المطر المتلاحق) . عارض شنب: ناب أو ضرس بارد الريق (كناية عن المرأة الجميلة) . -أسر العرب في تلك الحرب عددا كبيرا من الروميات الجميلات.

89) أسباب الرقاب: عروق الرقبة. المخدرة العذراء: المرأة المصونة البكر. سبب: وسيلة. لم يكن الوصول الى تلك النساء الروميات ممكنا الا بقتل الابطال اليونانيين الذين اعتدوا على زبطرة التي كانت في حكم العرب.

90) القضب جمع قضيب: السيف الرقيق. الهندي: صنع الهند. مصلتة: مجردة من أغمادها. تهتز: يلوح بها المجاهدون العرب. قضب هنا جمع قضيب: الغصن المستقيم من الشجر (كناية عن المرأة ذات القوام الطويل الجميل) . تهتز: تتمايل من الجمال و الدلال. الكثب جمع كثيب و هو الرمل الملتف (كناية عن المرأة الضخمة الجسم) . -سبت سيوف العرب نساء جميلات (من الروم) .

91) بيض الاولى جمع أبيض: سيف. حجبها الاولى جمع حجاب: غمد السيف. انتضيت (السيوف) : سلت (أخرجت من أغمادها) . البيض الثانية جمع بيضاء: المرأة الجميلة. الحجب الثانية جمع حجاب: ستر المرأة (بيتها) . -ان السيوف التي انتصرت في موقعة عمورية أصبحت أحق بالنساء الروميات من بيوت الروميات (أصبح العرب أحق بنساء الروم من رجال الروم أنفسهم) .

92) الجرثومة الاصل. الحسب: العمل الجميل الكريم.

93) صروف الدهر: أحداثه الكبرى. رحم: قرابة. ذمام: عهد. منقضب: منقطع.

94) أيامك اللاتي نصرت بها (معركة عمورية) . بدر: معركة بدر (رمضان سنة 2 ه‍-624 م) أول معارك الإسلام ضد المشركين و التي فتحت باب النصر أمام المسلمين.

95) بنو الاصفر: الروم. المصفر: المعتل، المريض. كاسمهم: كاسم أبيهم، كأبيهم. صفر الوجوه: معتلين (مرضى على الحقيقة) مثل أبيهم الذي اكتسب اسمه من لون وجهه. جلت: بيضت، كرمت. هذه الموقعة (موقعة عمورية) جعلت أوجه الروم تصفر (تسود) و أوجه العرب تبيض. هذا البيت معقد و قاصر في التعبير قليلا، و يمكن أن يقرأ هكذا (لاحظ مكان الفاصلتين) : أبقت بني الاصفر المصفر، كاسمهم صفر الوجوه، و جلت أوجه العرب. ثم ان كلمة «أوجه» يمكن أن تكون منصوبة بالفعل «جلت» (و فاعل الفعل ضمير مستتر يرجع الى معركة عمورية) ، و يمكن أن تكون مرفوعة على الاستئناف: جلت أوجه العرب!





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.