أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
383
التاريخ: 19-1-2016
312
التاريخ: 19-1-2016
376
التاريخ: 19-1-2016
283
|
إذا رأى الهلال أهل بلد ، ولم يره أهل بلد آخر ، فإن تقاربت البلدان كبغداد والكوفة ، كان حكمهما واحدا : يجب الصوم عليهما معا ، وكذا الإفطار ، وإن تباعدتا كبغداد وخراسان والحجاز والعراق ، فلكلّ بلد حكم نفسه ، قاله الشيخ (1) ، وهو المعتمد ، وبه قال أبو حنيفة ، وهو قول بعض الشافعية ، ومذهب القاسم وسالم وإسحاق (2) ، لما رواه كريب أنّ أمّ الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام ، قال : قدمت الشام فقضيت بها حاجتي واستهلّ عليّ رمضان ، فرأينا الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني عبد الله بن عباس وذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال؟ فقلت : ليلة الجمعة ، فقال : أنت رأيته؟ قلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية ، فقال : لكنّا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدّة أو نراه ، فقلت : أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ قال : لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله (3).
ولأنّ البلدان المتباعدة تختلف في الرؤية باختلاف المطالع والأرض كرة ، فجاز أن يرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ، لأنّ حدبة (4) الأرض مانعة من رؤيته ، وقد رصد ذلك أهل المعرفة ، وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب القريبة لمن جدّ في السير نحو المشرق وبالعكس.
وقال بعض الشافعية : حكم البلاد كلّها واحد ، متى رئي الهلال في بلد وحكم بأنّه أول الشهر ، كان ذلك الحكم ماضيا في جميع أقطار الأرض ، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت ، اختلفت مطالعها أو لا ـ وبه قال أحمد بن حنبل والليث بن سعد (5) ، وبعض علمائنا ـ لأنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية ، وفي الباقي بالشهادة ، فيجب صومه ، لقوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة: 185].
وقوله عليه السلام : ( فرض الله صوم شهر رمضان ) (6) وقد ثبت أنّ هذا اليوم منه.
ولأنّ الدّين يحلّ به ، ويقع به النذر المعلّق عليه.
ولقول الصادق عليه السلام : « فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه » (7).
وقال عليه السلام ، في من صام تسعة وعشرين ، قال : « إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية ، قضى يوما » (8).
ولأنّ الأرض مسطّحة ، فإذا رئي في بعض البلاد عرفنا أنّ المانع في غيره شيء عارض ، لأنّ الهلال ليس بمحل الرؤية.
ونمنع كونه يوما من رمضان في حق الجميع ، فإنه المتنازع ، ولا نسلّم التعبّد بمثل هذه الشهادة، فإنّه أول المسألة.
وقول الصادق عليه السلام محمول على البلد المقارب لبلد الرؤية ، جمعا بين الأدلّة.
ونمنع تسطيح الأرض ، بل المشهور : كرؤيتها.
أ ـ اختلفت الشافعية في الضابط لتباعد البلدين ، فبعضهم اعتبر مسافة القصر (9).
وقال بعضهم : الاعتبار بمسافة يظهر في مثلها تفاوت في المناظر ، فقد يوجد التفاوت مع قصور المسافة عن مسافة القصر ، للارتفاع والانخفاض ، وقد لا يوجد مع مجاوزتها لها ، وهذا لا قائل به (10).
وبعضهم اعتبر ما قلناه وضبطوا التباعد : بأن يكون بحيث تختلف المطالع ، كالحجاز والعراق، والتقارب : بأن لا تختلف ، كبغداد والكوفة (11).
ومنهم من اعتبر اتّحاد الإقليم واختلافه (12).
ب ـ لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر الى بلد بعيد لم ير الهلال فيه في يومه الأول ، فإن قلنا : لكلّ بلدة حكمها ، فهل يلزمه أن يصوم معهم أم يفطر؟ وجهان : أحدهما : أنّه يصوم معهم ـ وهو قول بعض الشافعية (13) ـ لأنّه بالانتقال الى بلدهم أخذ حكمهم ، وصار من جملتهم.
والثاني : أنّه يفطر ، لأنّه التزم حكم البلدة الاولى ، فيستمرّ عليه ، وشبّه ذلك بمن اكترى دابة لزمه الكراء بنقد البلد المنتقل عنه.
وإن عمّمنا الحكم سائر (14) البلاد ، فعلى أهل البلدة المنتقل إليها موافقته إن ثبت عندهم حال البلدة المنتقل عنها إمّا بقوله ، لعدالته ، أو بطريق آخر ، وعليهم قضاء اليوم الأول.
ج ـ لو سافر من البلدة التي يرى (15) فيها الهلال ليلة الجمعة إلى التي يرى (16) فيها الهلال ليلة السبت ، ورئي هلال شوّال ليلة السبت ، فعليهم التعييد معه وإن لم يصوموا إلاّ ثمانية وعشرين يوما ، ويقضون يوما.
وعلى قياس الوجه الأول لا يلتفتون الى قوله : رأيت الهلال ، وإن قبل في الهلال قول عدل.
وعلى عكسه لو سافر من حيث لم ير فيه الهلال الى حيث رئي ، فيعيّدوا التاسع والعشرين من صومه ، فإن عمّمنا الحكم ، وقلنا : حكمه حكم البلد المنتقل اليه ، عيّد معهم ، وقضى يوما ، وإن لم نعمّم الحكم وقلنا : إنّه بحكم البلد المنتقل عنه ، فليس له أن يفطر.
د ـ لو رئي الهلال في بلد ، فأصبح الشخص معيّدا ، وسارت به السفينة ، وانتهى الى بلدة على حدّ البعد ، فصادف أهلها صائمين ، احتمل أن يلزمه إمساك بقية اليوم حيث قلنا : إنّ كلّ بلدة لها حكمها ، وعدمه ، لأنّه لم يرد فيه أثر ، ويجزئه اليوم الواحد ، وإيجاب إمساك بعضه بعيد.
ولو انعكس الحال ، فأصبح الرجل صائما ، وسارت به السفينة الى حيث عيّدوا ، فإن عمّمنا الحكم أو قلنا : إنّ حكمه حكم البلدة المنتقل إليها ، أفطر ، وإلاّ فلا.
وإذا أفطر ، قضى يوما ، لأنّه لم يصم إلاّ ثمانية وعشرين يوما.
[و] لو رئي الهلال في البلد رؤية شائعة ، واشتهر وذاع بين الناس الهلال ، وجب الصيام إجماعا ، لأنّه نوع تواتر يفيد العلم.
ولو لم يحصل العلم ، بل حصل ظنّ غالب بالرؤية ، فالأقوى : التعويل عليه كالشاهدين ، فإنّ الظنّ الحاصل بشهادتهما حاصل مع الشياع.
__________________
(1) المبسوط للطوسي 1 : 268.
(2) فتح العزيز 6 : 271 ـ 272 ، المهذب للشيرازي 1 : 168 ، المجموع 6 : 273 و 274 ، حلية العلماء 3 : 180 ، المغني 3 : 10 ، الشرح الكبير 3 : 7.
(3) صحيح مسلم 2 : 765 ـ 1087 ، سنن الترمذي 3 : 76 ـ 77 ـ 693 ، سنن أبي داود 2 : 299 ـ 300 ـ 2332 ، سنن النسائي 4 : 131 ، سنن الدار قطني 2 : 171 ـ 21 ، سنن البيهقي 4 : 251.
(4) الحدبة : ما أشرف من الأرض وغلظ وارتفع. لسان العرب 1 : 301.
(5) فتح العزيز 6 : 272 ، المجموع 6 : 273 و 274 ، حلية العلماء 3 : 181 ، المغني 3 : 10 ، الشرح الكبير 3 : 7.
(6) صحيح البخاري 3 : 31 ، سنن النسائي 4 : 121 ، سنن البيهقي 4 : 201 نقلا بالمعنى.
(7) التهذيب 4 : 157 ـ 158 ـ 439 ، الاستبصار 2 : 64 ـ 206.
(8) التهذيب 4 : 158 ـ 443.
(9) فتح العزيز 6 : 273 ـ 275 ، والمجموع 6 : 273.
(10) فتح العزيز 6 : 273 ـ 275 ، والمجموع 6 : 273.
(11) فتح العزيز 6 : 273 ـ 275 ، والمجموع 6 : 273.
(12) فتح العزيز 6 : 273 ـ 275 ، والمجموع 6 : 273.
(13) فتح العزيز 6 : 277.
(14) « سائر » منصوب بنزع الخافض.
(15) الأنسب في الموضعين : رئي.
(16) الأنسب في الموضعين : رئي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|