أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2015
1004
التاريخ: 6-5-2020
641
التاريخ: 7-4-2016
898
التاريخ: 6-5-2020
681
|
الأسباب، والتفاعلات، والأكسدة والاختزال
«لقد كسروا أولا المادة الخام إلى قطع صفيرة ونظفوها بأيديهم ... ثم رتب الفحم والمادة الخام في كومات صغيرة وفي طبقات متتالية ... وبهذه الطريقة ... يتحول الفحم إلى حامض الكربونيك ثم إلى أكسيد الكربون، فالغرض من استخدامه هو اختزال أكسيد الحديد، أو بكلمات أخرى التخلص من الأوكسجين».
جول فيرن في كتابه «الجزيرة الفامضة» ١٨٧٠
«من دون شك ثمة خطأ قوي حدث بدرجة قوية وفعالة مما جعل أجنة الحقيقة تنقطع أنفاسها: فالتنقيب عن الذهب أصبح في الوقت نفسه قضية مواد، وها هو جسد الكيمياء يستعد كي تعود إليه روحه من جديد، فقد وُلد لافوازيه».
جورج إيوت في رواية «ميدل مارش» ١٨٧١
يغازل الإلكترون، تماما مثل العاشق المتقلب، أية نواة يجدها أكثر جاذبية بل قد يطير إليها بسرعة فائقة. وقد شاهدنا في التجربة الأخيرة، «الكيمياء المنضبطة«، الإلكترونات وهي تترك الحديد مختالة بنفسها لتنضم إلى فوق أكسيد الهيدروجين. وصحيح أن الإلكترونات كانت راضية بأن تظل مع الحديد مادام لا يوجد ما هو أفضل منه على مقربة منها، لكنها فضلت الذهاب بعيدا في حال وجود فوق أكسيد الهيدروجين، وبكلمات أخرى تتوقف درجة ارتباط الحبيب بمحبوبته، أي الإلكترون بالنواة على البيئة المحيطة: فأيون الحديدوز هو حديد فقد إلكترونين، وأيون الحديديك هو حديد فقد ثلاثة إلكترونات. وقد تحول مركب أمونيا الحديدوز الأخضر إلى أمونيا الحديديك الأحمر لأن فوق أكسيد الهيدروجين يتصرف مثل إسفنجة تمتص الإلكترونات.
وعندما يفقد العنصر إلكترونات، يقال إنه تأكسد، وفي هذا حالة التفاعل موضع نقاشنا، يكون للقب تأثير ذو مغزى، فالأوكسجين يركز جهوده على الحديد ليأخذ إلكتروناته، لكن اسم»الاكسدة»، يعتبر تسمية خاطئة في تفاعلات أخرى، فلا يشترط وجود الأوكسجين لحدوث عملية الاكسدة، فعلى سبيل المثال: ارتد نظارتك الواقية، وخذ مشبك الأوراق المعدني (وليس البلاستيكي)، فك ثنية المشبك وضع طرفه المفكوك في محلول كبريتات النحاس، يكتسب المشبك طبقة نحاسية لامعة في غضون خمس دقائق. في هذه الحالة الخاصة تكتسب أيونات النحاس في المحلول الإلكترونات المفقودة من معدن المشبك وتتحول إلى معدن النحاس، وهو تبادل للإلكترونات يحدث دون حاجة إلى الأوكسجين.
وعندما يكتسب عنصر إلكترونا يقال إنه اختزل. ويصف أول اقتباس في بداية هذا الفصل المقتبس عن جول فيرن مثل هذه العملية: استخلاص الحديد من خام الحديد. ويعد انصهار المعادن من أولى التفاعلات الكيميائية المنظمة التي يمكن التحكم فيها (ربما بعد الطبخ وصناعة الفخار والرسم والتخمر)، وعملية انصهار المعادن هي العملية التي أطلق من أجلها مصطلح الاختزال على عملية اكتساب الإلكترونات، وذلك لأن المعدن المنصهر عن المادة الخام يزن أقل من وزنه قبل الاستخدام، بمعنى أن وزنه قد اختزل.
وتوجد معظم الفلزات الموجودة في الطبيعة في حالة امتزاج مع لافلز أو الأوكسجين أو الكبريت أو الكلور، وهذه المعادن مركبات في حالتها الخام وليست معادن نقية، ويفصل الفلز عن اللافلز في أثناء عملية الانصهار من طريق تسخين المعدن مع مادة تتمتع بقدرة على جذب اللافلز أكبر من قدرته على جذب الفلز، وفي حالة العملية التي وصفها جول فيرن يكون اللافلز هو الأوكسجين والمادة الثانية التي لها قدرة عالية على جذب الأوكسجين هي الكربون، الذي يدخل في تشكيل الفحم النباتي، وغالباً تكون الأوكسيدات مثل ثاني أكسيد الكربون في الحالة الغازية التي تتصاعد تاركة وراءها الفلز النقي، وبفهم التركيب الذري ندرك أن الفلز اكتسب إلكترونات في أثناء عملية الاختزال من خام إلى فلز، من ثم أصبح الاختزال هو الاسم الذي يطلق على عملية اكتساب الإلكترونات. ويدعى اختبار الفحم»أكسدة« لأن الكربون يختلط مع لافلز لينقله بعيدا، وفي معظم الأوقات يكون هذا اللافلز هو الأوكسجين. ويفقد الكربون إلكترونات على المستوى الذري، لذا أصبح فقد الإلكترونات معروفا »بالأكسد». وأصبحت الخصائص المميزة لتفاعلات الاختزال والأكسدة هي أن العنصر المختزل هو الذي يكتسب إلكترونات والعنصر المؤكسد الذي يفقد إلكترونات، وهو اصطلاح يمكن تضمينه بإيجاز في العبارة الآتية:»ألاكسدة» هي فقد إلكترونات، والاختزال هو المحتساب إلكترونات». وحينما يكون هناك أكسدة لا بد أن يصاحبها اختزال، بمعنى أنه يجب أن يوجد زوجا التفاعل معاً، فلا يمكن أن تفقد إلكترونات دون أن تذهب هذه الإلكترونات إلى مكان ما.
وتعد محاليل كبريتات النحاس وخلات الحديد المعدة طبقا للوصفات المذكورة في »قائمة المشتريات والمحاليل» أمثلة على تفاعلات الأكسدة والاختزال؛ إذ يفقد فلز النحاس في محلول كبريتات النحاس إلكترونين ليصبح أيون cu2+، من ثم فهو متأكسد. والدخان الذي يتكون من مركبات النيتروجين والأوكسجين الموجود في نترات الصوديوم يختزل إلى مركبات النيتروجين والأوكسجين المتطايرة، وفي محلول خلات الحديد، يتأكسد الحديد الموجود في الصوف الفولاذي إلى أيون fe2+ (تذكر أن رمز الحديد fe) المأخوذ عن الكلمة اللاتينية ferrum).
والإلكترونات التي يفقدها الحديد يكتسبها الهيدروجين في الخل ليشكل فقاعات غاز الهيدروجين التي قد تكون قد لاحظتها في محلول خلات الحديد.
ويمكن إجراء إثبات مقنع لحقيقة أن معظم الفلزات التي توجد في الطبيعة توجد في شكل مخاليط (مع لافلزات) عن طريق جولة على شاطئ أو في منطقة صخرية حيث يجد المرء الرمال والصخور بكافة الأشكال والألوان، لكن إذا كان المرء محظوظا بما يكفي فإنه يجد قطعاً من الفلزات النقية، ويستحيل أن نجد فلزات نقية. لكن من الممكن العثور على كتل ذهبية نقية كما حدث في فترة التهافت على ولاية كاليفورنيا التي حدثت بعد اكتشاف الذهب فيها. ولكن مثل هذه الاكتشافات يندر حدوثها وهو الأمر الذي يعطي المادية الثمينة. وقد كانت الرغبة في تحويل أكثر الفلزات شيوعا إلى ذهب هي أحد أهداف الخيمياء (وهي ممارسة قديمة غير نظامية للكيمياء بزغت في الإسكندرية بمصر ثم في أوربا في العصور الوسطي). وقد اعتقد الخيميائيون أنه إن كان بمقدورهم اكتشاف وصفة كيميائية صحيحة، فسوف يتمكنون من تحويل الفلزات الأخرى إلى ذهب، استنادا على التحويل الغني بالألوان مثل الذي شاهدناه في تجربتنا »الكيمياء المنضبطة«. وقد أشار جورج إليوت إلى »التنقيب» في الاقتباس ببداية هذا الفصل من كتاب «ميدل مارش»، وأشار إلى أن الخيميائيين قد فشلوا في العثور عل طريقة لصنع الذهب، لكن جهودهم قادت إلى الكثير من الاكتشافات الجوهرية مثل اكتشاف الأوكسجين باعتباره عنصرا نقيا، وقد قام بهذا الاكتشاف العديد من العلماء في الوقت ذاته تقريبا، وكان من بينهم أنطوان لافوازيه، الكيميائي الفرنسي الذي أشار إليه جورج اليوت على أنه روح الكيمياء. وفي حين ولد لافوازيه ليكون روح الكيمياء، فإنه أعدم على المقصلة في الثورة الفرنسية! قد تكون هناك متعة للكيمياء لكن لا يمكن أن تنطبق هذه الكلمات دائما على السياسة!
وكما توضح جولتنا السريعة منذ كيمياء ما قبل التاريخ إلى الثورة الفرنسية، فقد لعبت تفاعلات الأكسدة والاختزال المتزاوجة دورا مستمرا في تاريخ البشرية، وفي دراستنا عن كيمياء ما قبل التاريخ، التي استغرقت جملة واحدة لم وهي الجملة السابقة) لم نذكر تفاعل الأكسدة والاختزال الخاص بإشعال النيران ذي الأهمية القصوى، ولكننا سنضمنه الآن لأنه قد اتضح أن الاحتراق هو أكثر تفاعلات الأكسدة والاختزال شهرة وفي الوقت نفسه أكثرها تمتعا بسمعة سيئة!
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|