أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2015
2075
التاريخ: 4-12-2015
1867
التاريخ: 2023-07-23
1370
التاريخ: 4-12-2015
1255
|
كان هذا النوع من التفسير بحثاً وراء وحدات موضوعية هي ذوات محورية خاصة ، كان البحث عنها جميعاً أو أشتاتاً ، بحثاً حسب الحاجة إليها .. ومن ثم اختلفت وتنوعت ألوان هذا التفسير .. فمنها المقتصر على مسائل فقهية مستنبطة من القرآن ، ومنها المقتصر على مسائل الكلام أو الأخلاق أو السياسة والاجتماع ، ومنها المستوعب لجل المسائل ذوات التعلق بالحياة الحاضرة .. ونحو ذلك ..
غير أن المنهج الذي يسلكه المفسر هنا يختلف أساساً في لونين : قد يعمد الى مواضيع طُرحت بذاتها في القرآن ، فيحاول المفسر استخراجها واستجلاء أبعادها وحدودها من القرآن .. وأخرى يعمد الى مواضيع هي ضرورات الحياة الحاضرة فيعرضها على القرآن ، لغرض استجلاء نظرة القرآن بشأنها ومعرفة أبعادها وحدودها منه بالذات ..
وقد رجح الشهيد الصدر هذا اللون الثاني ، الذي هو محاولة لفهم وصفة القرآن بشأن معالجة أدواء هي حاضرة الحياة .. كما يترجح على النهج التفسيري العام الباحث عن مفاهيم القرآن حسب ترتيب السور والآيات ..
قال : لأن المفسر الموضوعي لا يبدأ عمله من النص ، بل من واقع الحياة ، يركز نظره على موضوع من موضوعات الحياة الفكرية أو الاجتماعية ويستوعب ما أثارته تجارب الفكر الإنساني حول ذلك الموضوع من مشاكل ، وما قدمه الفكر الإنساني من حلول ، وما طرحه التطبيق التاريخي من أسئلة ومن نقاط فراغ ، ثم يأخذ النص القرآني ، لا ليتخذ من نفسه بالنسبة الى النص دور المستمع والمسجل فحسب ، بل ليطرح بين يدي النص موضوعاً جاهزاً مشرباً بعدد كبير من الأفكار والمواقف البشرية ، ويبدأ مع النص القرآني حواراً (سؤال وجواب) : المفسر يسأل والقرآن يجيب ..
المفسر على ضوء الحصيلة التي استطاع أن يجمعها من خلال التجارب البشرية الناقصة ، من خلال أعمال الخطأ والصواب التي مارسها المفكرون على الأرض ، لابد ان يكون قد جمع حصيلة ترتبط بذلك الموضوع ، ثم ينفصل عن هذا الحصيلة ليأتي ويجلس بين يدي القرآن الكريم ، لا يجلس ساكتاً ليستمع فقط ، بل يجلس محاوراً ، يجلس سائلاً ومستفهماً ومتدبراً ، فيبدأ مع النص القرآني حواراً حول هذا الموضوع ، وهو يستهدف من ذلك أن يكتشف موقف القرآن الكريم من الموضوع المطروح والنظرية التي بإمكانه أن يستلهمها من النص من خلال مقارنة هذا النص بما استوعبه الباحث عن الموضوع من أفكار واتجاهات .
ومن هنا كانت نتائج التفسير الموضوعي نتائج مرتبطة : دائماً بتيار التجربة البشرية ، لأنها تمثل المعالم والاتجاهات القرآنية لتحديد النظرية الإسلامية بشأن موضوع من مواضيع الحياة .
ومن هنا أيضاً كانت عملية التفسير الموضوعي عملية حوار مع القرآن الكريم واستنطاق له ، وليس مجرد استجابة انفعالية ، بل استجابة فعالة وتوظيفاً هادفاً للنص القرآني في سبيل الكشف عن حقيقة من حقائق الحياة الكبرى .
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يتحدث عن القرآن الكريم .
" ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ، ولكن أخبركم عنه ؛ ألا إن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ونظم ما بينكم " (1) .
التعبير بالاستنطاق الذي جاء في كلام ابن القرآن ، أروع تعبير عن عملية التفسير الموضوعي بوصفها حواراً مع القرآن الكريم وطرحاً للمشاكل الموضوعية عليه بقصد الحصول على الإجابة القرآنية عليها (2) .
إذن كانت وظيفة التفسير الموضوعي دائماً في كل مرحلة وفي كل عصر أن يحمل المقولات التي تعلمها خلال تجربته البشرية ليضعها بين يدي القرآن ليحكم عليها بما يمكن لهذا المفسر أن يفهمه أن يستشفه أن يتبينه من خلال مجموعة آياته الشريفة .
إذن فهنا يلتحم مع القرآن ، كما يلتحم مع الحياة ، لأن التفسير يبدأ من الواقع وينتهي الى القرآن ، بوصفه القيم والمرجع الذي يحدد الاتجاهات الربانية بالنسبة الى ذلك الواقع ...
ومن هنا تبقى للقرآن حينئذ قدرته على القيمومة دائماً ، على العطاء المستجد دائماً ، قدرته على الإبداع كل آن ... لأن القرآن عطاء لا ينفد ومنحة لا تنضب ... بل يجري كما تجري الشمس والقمر ..
هذا بينما طاقات التفسير اللغوي – مثلاً – طاقات متناهية ومحدودة ، وليس هناك تجدد في مدلول لغوي ، ، ولو وجد فلا معنى لتحكيمه على القرآن .
إذن هذا العطاء الدائم المستجد في كل عصر وفي كل دور ، هي هذه المعاني التي لا تنتهي للقرآن ، والتي تكمن في هذا المنهج ، منهج التفسير الموضوعي للقرآن ، لأنا نستنطق القرآن والقرآن يجيب ، وإن في القرآن علم ما كان وعلم ما يكون ، وفيه دواء دائنا ونظم ما بيننا ، وفيه ما يمكن أن نستشف منه مواقف السماء تجاه تجارب الأرض مع الأبد ..
فمن هنا كان التفسير الموضوعي قادراً على أن يتطور ، على أن ينمو ، على أن يثري ..
لأن التجربة البشرية تثريه ، والدرس القرآني والتأمل القرآني على ضوء التجربة البشرية يجعل هذا الثراء محمولاً الى فهم إسلامي قرآني صحيح ، على مدى الأيام .. (3) .
____________________
1- نهج البلاغة ، خطبة رقم 158 .
2- المدرسة القرآنية ، ص19-21 .
3- المصدر نفسه ، ص22-24 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|