المباني الدينية التي أقيمت في عهد أحمس الثاني (مقاصير (عين المفتلا) |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2024-02-22
![]()
التاريخ: 2024-08-06
![]()
التاريخ: 2024-05-27
![]() |
من أهم المباني الدينية التي يرجع عهد إقامتها إلى عصر الملك «أحمس الثاني» المقاصير التي كشف عنها في «عين المفتلا». وهذا الشكل يبشر في الواقع بوجود آثار كثيرة في تلك الجهة في المستقبل، فقد كشف الأثري «ستيندورف» عن جدار منقوش في عام 1900م، ثم كشف بعده الأثري «أحمد فخري» عن بقية جدران المبنى وهي مقصورة، ثم تابع أعمال الحفر حتى كشف عن ثلاث مقاصير أخرى بالقرب من الأولى، وكل هذه المقاصير يرجع عهدها إلى الأسرة السادسة والعشرين. وكان قد أقامها كلها الكاهن الثاني «لآمون» المسمى «زدخنسوف عنخ» وأسرته. ويتضح من فحص تصميم هذه المقاصير أنها كانت جزءًا من مبنى واحد عظيم لا يزال مدفونًا تحت الأرض. وتدل شواهد الأحوال على أن جوار «عين المفتلا» كان مركز العاصمة أو جزءًا منها.
وتقع المقاصير على مسافة قريبة من قرية «القصر» الحالية، ويلحظ هنا أن كل المقاصير الأربعة مقامة من قطع من الحجر واللبنات. والمقاصير الثلاث الأُوَل مبنية جدرانها بالحجر، وكانت نقوشها الغائرة ملونة، أما الرابعة فمبنية باللبنات. ومما يؤسف له أن أحجار هذه المقاصير قد نزعت منها، واستعملت في أغراض أخرى على يد الأهالي:
المقصورة الأولى: هذه المقصورة أكبر المقاصير الأربع حجمًا، وتحتوي على قاعتين وحجرتين صغيرتين خاليتين من النقوش، ويلاحظ أن الفرعون «أمسيس» قد مثل على واجهة المقصورة في حضرة الإله «حرسفيس» (حرشف)، وفي الجهة الأخرى من الواجهة مثل الملك يقدم قربانًا لحور الذي مثل برأس صقر.
وفي القاعة الأولى يشاهد الحاكم «شن خنسو» يتبع سيده «أحمس»، وكلاهما يقدمان قربانًا لثلاثة عشر إلهًا، ممثلة على الجدار الشمالي، ويشاهد الملك في أقصى الجدار الغربي يقدم للآلهة، ويحمل على يده طبقًا عليه أربعة رغفان، كما يوجد أمامه مائدة قربان محملة بالمواد الغذائية. والآلهة الذين يقدم لهم هم: (1) الإله «ماحسا» برأس أسد. (2) الإلهة «باست». (3) الإله «آمون». (4) الإلهة «موت» (وتُسمى عين رع). (5) الإله «خنسو». (6) الإله «حرسفيس» برأس كبش عليه قرص الشمس. (7) الإلهة «حتحور» سيدة الأرضين. (8) الإله «تحوت» نزيل الواحة البحرية. (9) الإلهة «نحم عاوا»، وهي زوج «تحوت». (10) الإله «آمون» الذي ينير «طيبة» والإله العظيم نزيل الواحة البحرية. (11) الإلهة «موت» سيدة الأرضين. (12) الإله «أنوبيس» المشرف على مقصورته ورب السماء. (13) الإلهة «أزيس» الأم العظيمة المقدسة.
وأهم منظر في القاعة الثانية يشاهد على الجدار الغربي، وقد مثل فيه الملك يقدم القربان لثمانية آلهة وهم: «أوزير». (2) «أزيس»، (3) «نفتيس»، (4) «حور»، (5) الإلهة «سشات» إلهة الكتابة، وقد لقبت هنا سيدة الأرضين، (6) الإلهة «تحوت» نزيل الواحة البحرية، (7) الإلهة «نحم عاوا» زوج «تحوت»، (8) الإله «حا» صاحب الغرب (إله الصحراء وهو خاص بهذه الجهة).
المقصورة الثانية: وتعتبر أصغر المقاصير الأربع. ويشاهد على واجهتها الملك «أمسيس» يقدم قربانًا لإله في صورة إنسان وبرأس صقر. هذا ويشاهد في الصف الأسفل من الواجهة الإله «أوزير» قاعدًا، وأمامه باني المقصورة وهو «زدخنسوف-عنخ» يصلي، وقد نقش أمامه وفوقه ثمانية أسطر عمودية جاء فيها ألقابه، وهي: إن الخادم الممتاز لدى سيده، والأمير الوراثي، وحاكم الواحة، ومثبت العين السليمة، والكاهن الثاني، والكاهن الثالث، وكاهن الإلهة «موت»، وكاهن «خنسو»، وكاهن «خنسو الطفل» (؟) وكاهن «منتو»، ومربي «خنسو الطفل»، وكاتب المعبد الكبير في نوبته الشهرية، وكاهن «أوزير»، وكاهن الإله «سكر فكا»، وكاهن «أزيس»، وكاهن «حور» وكاهن «مين»، مربي «حوربوخراد»، وكاهن «أوزير» وكاهن «أوزير حب»، وكاهن «آمون» ملك الأرضين نزيل الواحة، وكاهن «حتحور»، قد أحضر إلى المحصول: «زدخنسوف عنخ» ابن الأمير الوراثي حاكم الواحات مثبت (العين السليمه) «بديسي» بن «بد آمون» بن «حور حب خنو» بن «ون حر عنخ وننفر» بن «ون حر» المشرف على خزانة بيت «آمون»، والأمير الوراثي حاكم الواحة «شبن خنسو».
وكذلك يشاهد في الصف الأعلى من الجدار الشرقي مناظر دينية متعلقة بالمناظر، التي على هذا الجدار من الخلف، وأهم ما يلفت النظر فيها هو ما نشاهده على الجدار الخلفي، وهو صورة كبيرة للإله «أوزير» محنطًا ونائمًا على أفعى. وفي الصف الأسفل من هذا الجدار من الداخل يشاهد الأمير «زدخنسوف عنخ»، يتعبد لصور عدة آلهة كان هو كاهنها، وقد ذكرناها فيما سبق. هذا ويشاهد على الجدار الخلفي مناظر دينية ظهر فيها الإله «أوزير» تنعاه زوجه وأخته «أزيس»، ثم يلي ذلك منظر يمثل حمل «أزيس» في ابنها «حور»، ثم إعادة «أوزير» للحياة ثم ذهابه إلى عالم الآخرة؛ ليكون حاكمها.
المقصورة الثالثة: تقع قبالة الأولى على مسافة أمتار منها، ومعظم مبانيها قد انتزع واستعمل في أماكن أخرى، وتحتوي على حجرة واحدة لها مدخن، وما بقي من زينتها ونقوشها قليل جدًّا، غير أن ما بقي منها يوحي بأنها كانت مخصصة لعبادة الإله «بس»، وهذا الإله كان يعبد منذ عهد الدولة الحديثة، ويقوم بدور هام في حياة الموسيقاريين.
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الإله كان من الآلهة المحليين في بلاد «كوش»، وقد وجدت في معبد «جبل برقان» أعمدة عليها صور هذا الإله (1)، وترجع إلى عهد الأسرة الخامسة والعشرين، وهذا الإله هو رمز للفرح والسرور عند المصريين. ويطيب لنا أن نذكر هنا أنه لم يكن مشوه الخلق كما يظهر في الصور، بل هو في الواقع يمثل إلها قزمًا وحسب. وهذا يذكرنا بالأقزام الذين كانوا يقومون منذ الدولة القديمة برقصة خاصة دينية، كما كان ملوك مصر في الدولة يأمرون بإحضارهم من أواسط أفريقيا للتسلية (2)، ولا نزاع في أن هذه المقصورة ترجع إلى عهد الأسرة السادسة والعشرين، ولا نعلم لأي غرض خاص أقيمت، ولكن تدل شواهد الأحوال على أنها كانت للإله «بس». هذا وقد وجد على الجزء الجنوبي من الجدار الشرقي في الصف الأسفل ستة من أسماء ممالك الأقواس التسعة، وقد تحدثت عن هذه الأقوام ببعض التفصيل في غير هذا المكان (3).
إلا أبوابهما فقد بنيت بالحجر، ويرجع عهدها إلى عصر الملك «أحمس الثاني»، وقد أقامها الكاهن «زدخنسوف عنخ». وقد نقش جانبا البوابة بمتون في أربعة صفوف ضاع الصف الأول منها. ويشاهد في الصف الأعلى الملك «أحمس» واقفًا على اليمين مقدمًا إناء لإله في صورة آدمي، وفي الصف الثاني نشاهد «أحمس» في حضرة.
المقصورة الرابعة: هذه المقصورة تحتوي بأقل تقدير على حجرتين أقيمتا باللبنات الإله «خنوم»، وقد نقش أمام الملك لقبه واسمه ونقش أمام الإله «خنوم»: الإله «خنوم» رب السماء، ضيف «الفنتين».
وفي الصف الثالث مثل الملك في حضرة الإله «حرشف»، الذي مثل برأس كبش ومعه النقش: «حرشف» الإله العظيم، ويلفت النظر أن هذين الإلهين كانا خاصين بالماء مما يتفق وطبيعة الواحة. فالأول هو إله الشلال، والثاني وهو «حرشف» يعني «الذي على بحيرته»، وهو إله جهة «الفيوم»، حيث توجد «بحيرة موريس» ويعبد بوجه خاص في «أهناسيا المدينة».
ونقوش الجانب الأيسر ممزقة ولم يبقَ منها كثير، ويشاهد في الصف الأسفل «زدخنسوف عنخ» يقدم قربانًا إلى إله قد هشمت صورته، وقد نقش فوق صورة «زدخنسوف عنخ» أربعة أسطر جاء فيها: «الأمير الوراثي»، وحاكم المدينة … والكاهن الثاني للإلهة «نخبيت»، وكاهن «أوزير» «زدخنسوف عنخ» بن مثيله «بديسي» والذي أنجبته «نعس».
وكذلك نجد أن البوابتين المصنوعتين من الحجر، وهما المؤديتان إلى الحجرة الثانية قد نقشتا بحروف غائرة. وهنا كذلك يشاهد الملك يقدم قربانًا، ولكن النقش مهشم. وفي الصف الأسفل نشاهد الإله «تحوت» على اليمين، والإله «حور» على اليسار وهما يقومان بعملية التطهير، ونقش أمام «تحوت»: «تحوت»، المزدوج العظمة رب «الأشمونين» والإله العظيم رب السماء … إنك تطهر، إنك تطهر، إنك تطهر. ونقش أمام «حور»: «بحدتي» الإله العظيم رب السماء صاحب الريش ذي الألوان المختلفة، والذي يخرج من الأفق مثل «رع» معطى الحياة.
ومما سبق يتضح لنا أن هذه المقاصير الأربع قد بنيت في عهد الفرعون «أحمس الثاني»، غير أنها لم تُبْنَ في وقت واحد. وأقدمها هي الأولى التي كشف عن جزء منها الأستاذ «ستيندورف»، حيث نجد الأمير «زدخنسوف عنخ» يلعب دورًا ثانويًّا في نقوشها، وكانت الأولوية لأخيه «شبن خنسو»، الذي كان يقوم بوظيفة الحاكم للواحة البحرية. ولم تسمح لنا النقوش القليلة التي بقيت لنا على جدران المقصورة الثالثة بتحديد وقت إقامتها على وجه التأكيد. ومن نقوش المقصورة الرابعة والأخيرة نفهم أن «زدخنسوف عنخ» كان حاكم الواحة عند إقامتها، كما كان يحمل لقب الكاهن الثاني. وتدل نقوش المقصورة الثانية على أن «زدخنسوف عنخ» قد أقامها وهو في قمة مجده، فقد ذكر لنا على جدرانها سلسلة من ألقابه التي لم نجدها في المقاصير الأخرى، والواقع أنه كان وقتئذ حاكم الواحة البحرية، وكاهن الآلهة كلها التي ذكرت على جدران هذه المقاصير، سواء أكانوا وافدين زوارًا على الواحة البحرية، أم كانوا آلهة أصليين يعبدون فيها، وليس هناك من شك — إذا صدقنا ما تركه لنا من نقوش — في أنه كان رئيس كل الكهنة هناك. وتدل شواهد الأحوال على أنه كان في يده سلطة كبيرة ومال وفير لإقامة هذه المقاصير، وكذلك لإقامة معبد «البويطي» وغيره من الآثار التي تحمل اسمه، وعلى أية حال فإن الواحة البحرية قد شهدت أمجد عصر لها في عهد الملك «أحمس الثاني» وحاكمها «زدخنسوف عنخ».
وقد كان أعظم لقب يتحلى به هذا الحاكم هو الكاهن الثاني، وهذا اللقب بالنسبة للواحات يعد لقبًا غامضًا. والواقع أن هذا اللقب المجرد على التعريف كان يعتبر لقب الكاهن الثاني «لآمون»، كما جرت العادة بالنسبة لهذا العصر. فقد كان الكاهن الأكبر لهذا الإله يسكن «طيبة». ويلحظ كذلك أن «زدخنسوف عنخ» قد لقب نفسه كذلك الكاهن الثالث، دون أن يذكر الإله الذي هو كاهنه. ولا نزاع في أن لقب كاهن من أي درجة، سواء أكانت الدرجة الأولى أم الثانية أم الثالثة أم الرابعة دون ذكر اسم الإله كان يعود على «آمون»، الذي كانت عبادته هي العبادة السائدة في هذا العهد، وبخاصة بعد أن بث الكوشيون عبادته بصورة بارزة، وأصبح لسلطان طائفته نفوذ عظيم كان لا بد أن تخضع له ملوك الأسرة الساوية على الرغم من مقاومتهم الفاشلة في إطفاء جذوتها، التي كانت متأججة في كل البلاد. ومما يؤكد أن المقصود هنا هو الإله «آمون» أنه بعد ذكر الكاهن الثاني والكاهن الثالث، جاء أنه كاهن الإلهة «موت»، ثم كاهن الإله «خنسو» وهما المتممان لثالوث «آمون» الذي كان مقر عبادته «طيبة». هذا وينطبق هذا الوضع كذلك عند ذكر مدينة «طيبة»، فإنها أحيانًا تذكر بلفظة «المدينة» وحسب، ويعني ذلك مدينة «طيبة». والأمر الذي يلفت النظر هنا أن الآلهة الذين كانوا يعبدون في هذه الواحة قد بلغ عددهم العشرات، وقد كان صاحبنا «زدخنسوف عنخ» يقوم بوظيفة الكاهن لمعظم هؤلاء الآلهة.
ونظرة فاحصة في أسماء هؤلاء الآلهة تكشف لنا عن أمرين هامين؛ الأمر الأول: أن الرياسة العظمى كانت في «طيبة»، وليست في «سايس»، وبخاصة عندما نعلم أن الإلهة «نيت» لم تذكر إلا مرة واحدة في نقوش المقاصير والمعابد، وذلك على الرغم من أن الملك الذي أقيمت في عهده كان يدعى «أحمس» بن «نيت»، وهذا برهان على تغلب عبادة «آمون» وسيادتها في هذا العهد.
هذا بغض النظر عن عبادة «أوزير» الذي كان يعد إله الآخرة في كل زمان ومكان، وقد جاء اسمه في هذه المقاصير بصور مختلفة. ولا ننسى أن اسم حاكم البحرية كان مركبًا تركيبًا مزجيًّا مع «خنسو» بن «آمون»، كما كان «بدعشتر» ابن عمه كاهنًا «لخنسو»؛ أي لابن «آمون». أما الآلهة الآخرون فإن عبادتهم كانت مشتركة في كل البلاد طولًا وعرضًا. والظاهر أن عبادتهم في الواحات كان القصد منها التقرب إليهم بصلاة خاصة بطبيعة الواحات، ولإظهار نفوذ وعظمة باقي هذه المقاصير، وبخاصة أنه كان الحاكم هناك. والواقع أنه كانت هناك آلهة خاصة تتفق وطبيعة الواحات، فمثلًا كانت هناك عبادة الإله «حا» إله الغرب وهو خاص بالصحراء، كما كانت هناك عبادة الآلهة المائية مثل الإله «خنوم» والإله «حرشف»، والأول هو إله «الشلال» والثاني إله «الفيوم» و«أهناسيا المدينة» ومعناه المشرف على بحيرته؛ أي «بحيرة قارون» كما كانت هناك عبادة الإلهتين «مرتي»؛ أي النيل الجنوبي والنيل الشمالي، ومنهما تأخذ الواحات مياهها الأرضية التي تتفجر عيونها نهرًا.
أما عبادة الإله «أوزير» وانتشارها في المقابر بصورة بارزة فيرجع إلى اتصال الواحات منذ الأسرة الثامنة عشرة «بالعرابة المدفونة»، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل (4).
......................................................
1- راجع مصر القديمة الجزء الحادي عشر.
2- راجع مصر القديمة الجزء العاشر.
3- راجع مصر القديمة الجزء التاسع.
4- راجع ما كتبناه عن بفنفدينيت الطبيب الأول، والمشرف على الخزانة في عهد «أحمس الثاني» في هذا الكتاب.
|
|
لشعر لامع وكثيف وصحي.. وصفة تكشف "سرا آسيويا" قديما
|
|
|
|
|
كيفية الحفاظ على فرامل السيارة لضمان الأمان المثالي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تجري القرعة الخاصة بأداء مناسك الحج لمنتسبيها
|
|
|