المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
احكام الاموات
2025-04-14
الأمور التي تحرم على المجنب
2025-04-14
الاغسال المندوبة
2025-04-14
الاستنجاء
2025-04-14
الاحداث التي توجب الغسل او الوضوء
2025-04-14
اقسام الطهارة
2025-04-14



الاتجاه المؤيد لاختصاص الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية  
  
88   12:49 صباحاً   التاريخ: 2025-04-13
المؤلف : اسعد كاظم وحيش الصالحي
الكتاب أو المصدر : التنظيم القانوني لأبرام الاتفاقيات الدولية لدى الدولة الاتحادية
الجزء والصفحة : ص91-98
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

نادى بعض من الفقه بمنح الوحدات الاتحادية الاختصاص بإبرام الاتفاقيات الدولية ، واحتج اصحاب هذا الاتجاه ، بأن إذا ما منحت الدولة الاتحادية لوحداتها ممارسة بعض مظاهر الشؤون الدولية ، فإن هذا المنح لا يمكن ان يهدم البناء الداخلي للدولة الاتحادية المانحة لهذا الاختصاص (1).
ومن الاسباب التي دعا اليه انصار هذا الاتجاه لغرض منح الوحدات الاتحادية الاختصاص بإبرام الاتفاقيات الدولية ، التزايد الهائل في حجم المعاملات الدولية خلال النصف الثاني من القرن الماضي ، بفعل التغيرات التي طرأت على العالم في مجالات الحياة ، فقد أدت تلك التغيرات بدورها الى إنشاء معاملات تجارية دولية متنامية واتصالات بشرية عبر الحدود، وكان نتيجة لذلك ان الوحدات الاتحادية في العديد من الدول الفيدرالية أصبحت أكثر انخراطا في النشاطات الدولية ، لأن ممارستها لمسؤولياتها اصبحت متأثرةً بشكل متزايد بالعولمة ، أي بتعبير آخر إن العولمة دفعت بالوحدات الاتحادية بأن تصبح من اللاعبين على النطاق الدولي (2).
فضلاً عن ذلك ، لابد ان تكون هناك موازنة بين المستلزمات الدستورية والدولية ، عندما يتم تنظيم العلاقة بين السلطة الاتحادية والوحدات بشأن إبرام الاتفاقيات الدولية ، وذلك لأن التوفيق سيولد وحدة القرار على الصعيدين الدولي والداخلي للدولة الاتحادية ، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تقييد سلطة الاتحاد في إبرام الاتفاقيات الدولية عندما تتناول موضوعات تقع ضمن نطاق الاختصاص الدستوري للوحدات الاتحادية، بقيد استشارة الوحدات وضمان موافقتها قبل الإعراب النهائي للدولة الاتحادية عن الالتزام بالاتفاقية على النطاق الدولي ، أو منحها صلاحية في إبرام الاتفاقيات الدولية وضمن ميادين محددة (3). وفي واقع الحال ، ان هذا الاتجاه من الفقه قد اختلف في تبيان الاساس القانوني للوحدات الاتحادية الذي ترتكز عليه في إبرام الاتفاقيات الدولية، خصوصاً إن اتفاقية فينا لم تحسم هذه المسألة ، إذ كان ذلك مبعثا للتساؤل ، هل تتمتع الوحدات الاتحادية بالشخصية القانونية الدولية التي تؤهلها لإبرام الاتفاقيات الدولية، وإذا كان الأمر كذلك ، كيف تكتسب تلك الشخصية القانونية وهي ليست بشخص من اشخاص القانون الدولي ؟
ام أن الأساس القانوني يكمن في دستور الدولة الاتحادية، بوصف الاخير مصدر لجميع الصلاحيات والاختصاصات ؟ لقد انشطر الفقه المؤيد بإزاء هذه المسألة لتحديد الأساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية إلى اتجاهين .
ذهب الاتجاه الأول الى ربط اختصاص الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية بالشخصية القانونية الدولية ، وظهرت عدة آراء في هذا الصدد، فثمة رأي يذهب إلى القول : بأن صفة الشخص تُضفى تبعا لإحكام القانون الدولي العام على كل من يتصل بنحو مباشر بقواعد القانون الدولي، ويكون صالحا للتمتع بحقوقه ، وتحمل التزاماته الدولية ، وله الحق في الادعاء امام القضاء الدولي، ومن ثم كل من ينشى علاقة قانونية في إطار قواعد القانون الدولي العام يكون مؤهلا للتمتع بتلك الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية ، وفي الوقت ذاته يصدق عليه وصف الشخص والتمتع بالشخصية القانونية الدولية ، و الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الوحدات الاتحادية هي بدورها منشئة للحقوق والالتزامات (4).
والحقيقة ان هذا الراي لا يمكن الركون اليه ، وذلك لأن الشخصية القانونية هي سبب لخلق التصرفات القانونية ومنها إبرام الاتفاقيات الدولية على الصعيد الدولي ، وليست هي نتيجة لتلك التصرفات مثلما أعتمد عليه هذا الرأي في ربط الشخصية القانونية الدولية بالحقوق والالتزامات المتولدة عن إبرام الاتفاقيات الدولية من قبل الوحدات الاتحادية ، لذا فأن هذا الراي تنقصه الدقة، لان علينا ان نبحث في اساس وجود الحق وليس في ذاته، لتسويغ حق الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية .
ويذهب رأي فقهي اخر الى أنّ الدولة بلا شك تُعد شخصاً من اشخاص القانون الدولي العام ، فيكون لها القدرة على الاعتراف بالطرف الآخر بالشخصية القانونية الدولية ، سواء كان هذا الطرف دولة لها استقلالها الذاتي على الصعيدين الداخلي والخارجي، أو كانت وحدة من الوحدات الداخلية ، وذلك لأن الدولة المعترفة لها السيادة الكاملة ، والحرية التامة ، في ان تلتزم مع اية جهة سواء كانت من اشخاص القانون الدولي العام ام لا ، وهذا الاعتراف بعد اعترافا بالأمر الواقع ، ويمنحها الشخصية القانونية الدولية (5).
ولا يمكن التعويل على هذا الراي في تحديد الأساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية ، لان الاعتراف حسب الراي الراجح في الفقه الدولي ، هو كاشف للشخصية القانونية الدولية وليس منشئا لها ، اضف الى ذلك ، ان الاخذ بهذا الراي سوف يوصلنا الى نتيجة مؤداها: إن الدول التي تتعامل مع الوحدات الاتحادية وتعترف بها ، بحسب منطوق هذا الراي ، سوف يكسبها هذا التعامل الشخصية القانونية الدولية ، ولكن ما هو الحال بالنسبة للدول التي لا تتعامل مع تلك الوحدات ، الجواب وبكل تأكيد ، سوف لا يمنحها ذلك الوصف ، وعلى أساس ذلك ، أن الوحدة الواحدة على وفق الرأي المتقدم سوف تتمتع بالشخصية القانونية ولا تتمتع في الوقت نفسه ، وهذا خلاف المنطق والواقع ، لأن الاخيرة صفة تلازم الشخص القانوني متى ما توافرت عناصرها .
فيما حاولوا فقهاء اخرون ربط الشخصية القانونية للوحدات الاتحادية بالسيادة (6) بوصفها أساساً قانونياً لحق الوحدات في الدولة الاتحادية في أبرام الاتفاقيات الدولية ، ومن انصار هذا الرأي كل من الفقهاء
( اوبنهايم وتوكوفيل ولاوتر باخت وويتز) ، فهؤلاء الفقهاء نادوا بأن السيادة في الدولة الاتحادية قابلة للتجزئة، ومن ثم يمكن ان تتمتع كل من الدولة الاتحادية ووحداتها بالشخصية القانونية (7) ، إذ يذهب الفقيه اوبنهايم الى القول: (الآن) اذا ما تم الاعتراف بالدولة الفيدرالية وكما هي دولة جنبا الى جنب مع دولها الاعضاء ، يكون واضحا بأن السيادة يجب ان تقسم بين الدولة الفيدرالية في يد والدول الاعضاء في اليد الاخرى .....) ، وفي الاتجاه نفسه يؤكد توكوفيل بأن ( السيادة في الولايات المتحدة الامريكية مقسومة بين الاتحاد والولايات ...) (7) .
وبمقتضى هذا الرأي من الفقهاء ان الاساس القانوني لاختصاص وحدات الدولة الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية يكمن في امتلاكها الشخصية القانونية ، والمرجع في ثبوت تلك الشخصية هي السيادة في الدولة الاتحادية ، بكونها قابلة للتجزئة ما بين الاتحاد ووحداته ، أي يتمتع كل من الجانبين بالسيادة في نطاق اختصاصهما ، وذلك لأن السيادة مجموعة من الاختصاصات والسلطات يتم توزيعها بين الجانبين ، ومن ثم تمنح الوحدات الاتحادية الاختصاص بإبرام الاتفاقيات الدولية استنادا الى امتلاكها جزء من السيادة التي تؤهلها لإثبات الشخصية القانونية لديها (8) .
إلا ان هذا الرأي أخذ عليه اكثر من مأخذ ، إذ أن السيادة ليست حقاً عيناً حتى يمكن ان يقسم بين الاتحاد ووحداته ، ومن ثم يمكن ان تمتلك الوحدات الاتحادية الشخصية القانونية للظهور في الميدان الدولي، وليست هي مجموعة من الاختصاصات المستقلة لكل من الاتحاد ووحداته ، بل هي صفة تتعلق بتنظيم تلك الاختصاصات في الدولة الاتحادية ، ولهذا فإن معظم الفقهاء يرفضون تبني هذا الرأي في تحديد الأساس القانوني للوحدات الاتحادية في إبرامها الاتفاقيات الدولية ، ومن بينهم الفقيه ( كاري دي ما لبرج ) الذي يرى بأن لا خيار الا بين أمرين ، أما ان تكون السيادة والشخصية القانونية للدولة الاتحادية فتصبح في حكم الدولة الموحدة ، أو على العكس من ذلك ان تكون للوحدات الاتحادية فتصبح في عداد الدولة المتعاهدة (9).
كذلك من بين الانتقادات الموجهة إلى هذا الرأي ، قيل انه يتعارض مع المفهوم القانوني للسيادة ، وذلك لأن الاخيرة تعني السمو والعلو وعدم الخضوع لأية إرادة اخرى في مباشرتها لاختصاصاتها الداخلية والدولية ، وهذا الوصف لا يمكن ان ينطبق على وحدات الدولة الاتحادية في مباشرتها للاختصاصات الدولية، إذ انها تخضع لبعض القيود في مباشرتها تلك الاختصاصات (10).
ويضيف روسو، إن الاعتراض الحقيقي على هذا الرأي ينطلق من المركز القانوني للدولة الاتحادية، إذ يبقى للسلطة الاتحادية المركز الاقوى في كل الانظمة الفيدرالية في مباشرتها لاختصاصاتها على النطاق الداخلي والخارجي ، أي بتبعية صلاحيات الوحدات للسلطة الاتحادية ، وهذا الوضع يتميز بعدم المساواة بين كل منهما من ناحية توزيع تلك الصلاحيات (11) .
ويمكن القول: ان الرأي المتقدم لا يمكن الاستناد عليه في تحديد الاساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية ، اذ اننا لو سلمنا بذلك لوصلنا الى نتيجة ، وهي ان نكون امام شخصيتين دوليتين في آن واحد في دولة واحدة، وهذا مالا ينسجم مع المنطق القانوني، لتحول شكل الدولة من الشكل الفيدرالي الى الشكل الكونفدرالي، كذلك ان الشخصية القانونية الدولية محددة في اشخاص معدودين في إطار القانون الدولي وهم الدول والمنظمات الدولية والفاتيكان ، من دون الوحدات الاتحادية في الدولة الفيدرالية ، أضف الى ذلك ، ان ما تمارسه الوحدات الاتحادية من اختصاصات هو تقسيم وظيفي وليس تقسيما للسيادة ، وذلك لأن الاخيرة لا تقبل التجزئة، بالإضافة الى كونها تعني السمو وعدم الخضوع لأي قيد في مباشرتها للاختصاصات ، وبالرجوع الى الدول التي منحت وحداتها صلاحية إبرام الاتفاقيات الدولية ، نجدها احاطت تلك الوحدات بقيود ، أي ان الوحدات في مباشرتها لهذا الاختصاص ليست مستقلة استقلالاً تاماً ، فكيف يمكن ان تمنح الشخصية القانونية عن طريق السيادة المجزأة وهي تخضع لقيود من السلطة الاتحادية ؟ .
ويذهب رأي آخر، إلى ان السيادة التي ثبت الشخصية القانونية للوحدات الاتحادية التي تؤهلها لإبرام الاتفاقيات الدولية ، هي السيادة المتزامنة في الدولة الاتحادية وليست السيادة المُجزأة ، بمعنى ان السيادة التي تخلق الشخصية القانونية تكون مشتركة في جميع اجزاء الدولة الاتحادية ، لأن العلاقة بين السلطة الاتحادية والوحدات هي علاقة تعاونية لا إخضاعيه ، ومن ثم على السلطات الاتحادية ان تعمل على وفق إرادة وحداتها ، ويركن هؤلاء إلى القول بأنّ : الشخصية القانونية مرتبطة بالصلاحية الدولية في الدولة
الاتحادية ، فإن كانت الوحدات الاتحادية قد كلفت الاتحاد بمباشرة الشؤون الدولية ، فلن تتمتع بالشخصية القانونية عندئذ الوحدات الاتحادية ، بل يتمتع الاتحاد بمفرده ، في حين اذا كان العكس ، أي ان الوحدات قد احتفظت بجزء من الصلاحية الدولية حينئذ تعد تلك الوحدات متمتعة بالشخصية القانونية الدولية التي تؤهلها لإبرام الاتفاقيات الدولية (12).
والحقيقة إن هذا الراي لم يقدم دليلا علميا بكون الشخصية القانونية للوحدات الاتحادية مرجعها السيادة المتزامنة ، فضلاً عن أنه لا يختلف عن الرأي المتقدم من ناحية تحديده للأساس القانوني لإبرام الاتفاقيات الدولية للوحدات الاتحادية ، لذلك ينطبق عليه ما على الراي المتقدم من إنتقادات .
اما وجهة نظر الاتجاه الثاني من الفقهاء ، عند بحثهم الأساس القانوني لتمتع الوحدات الاتحادية بإبرام الاتفاقيات الدولية ، إذ يرى هذا الاتجاه أنّ الأساس القانوني لتلك الوحدات يأتي من دستور الدولة الاتحادية وخذه ، أي ان وجهة نظر القانون الدولي العام فيما يتعلق بإشكالية صلاحية وحدات الدولة الاتحادية في هذا الشأن محددة في الاطار الدستوري المتبع في الدولة الاتحادية ، وعلى أساس ذلك ، اذا ما منح الدستور الاتحادي للوحدات الاتحادية صلاحية الدخول في العلاقات الدولية ، عندئذ يحق لتلك الوحدات استخدام تلك الصلاحية، سواء كانت واسعة جدا مثلما يمنحه الدستور السوفيتي ( السابق ) أو كانت تلك الصلاحية مقيدة بضوابط دستورية ، كما هو الشأن في الدستور السويسري ودستور الامارات العربية والمانيا الاتحادية، وفي كلتا الحالتين يستند موقف القانون الدولي العام على دستور الدولة الاتحادية في تحديد الأساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية في إبرامها الاتفاقيات الدولية (13) .
وإذا كان هؤلاء الفقهاء قد اتفقوا على أن الاساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية بإبرام الاتفاقيات الدولية محدد في الاطار الدستوري للدولة الاتحادية ، إلا أنهم قد اختلفوا في ما بينهم ، هل هذا التفويض الدستوري ، يمنح تلك الوحدات الاتحادية الشخصية القانونية ، ام معنى ذلك انها صلاحية دولية منحت بموجب تفويض دستوري، بحيث يعطيها اهلية قانونية من دون الشخصية القانونية ؟ .
للإجابة على هذا التساؤل ، لقد ذهب بعض من الفقه مثل (ايفان برينيه وبرنارد واكونيل وستينبيرجز) ، الى ان الدستور الاتحادي إذا ما منح الوحدات في الدولة الاتحادية الاختصاص بإبرام الاتفاقيات الدولية ، يجعلها تتمتع بشخصية قانونية محدودة ، وتكون الى مدى معين اشخاص للقانون الدولي العام (14) ، ويضيف بعضهم الآخر: أن الإتحاد الفيدرالي له مركز قانوني خاص في مباشرة الاختصاصات الدولية ، الأمر الذي يكسبه الشخصية القانونية الدولية ، أما الاختصاصات الممنوحة للوحدات الاتحادية فتكون على سبيل الاختصاصات التكميلية ذات الطابع الدولي ، ومن ثم فإن الاتحاد الفيدرالي لا يجرد الوحدات الاتحادية تماما من الشخصية القانونية الدولية ، وان كان يحرمها من صفة الدولة ، لذا فهي شبه دول ذات شخصية دولية ناقصة، تجعلها تتمتع ببعض اختصاصات السيادة الخارجية بموجب التفويض الدستوري الصادر لها من الدولة الاتحادية (15)
ولا نتفق مع . توفرت عناصرها بمعيار المخاطبة ، ولو رجعنا الى القانون الدولي العام لوجدناه يخاطب الاتحاد ولا هذا الراي ، إذ ان الشخصية القانونية تتحدد على وفق قواعد القانون الدولي العام إذا ما يخاطب الوحدات الاتحادية كي تكسب الشخصية القانونية الدولية ، فضلاً عن ذلك ان الشخص على وفق منظور القانون الدولي لابد ان يتمتع بالإرادة الشارعة اي ارادة خلق القواعد القانونية ، وهذه الارادة لا تتوفر في الوحدات الاتحادية ، لأنها مقيدة من حيث طبيعة الاتفاقيات التي يحق للوحدات إبرامها اذا ما فوضها الدستور الاتحادي .
فيما يذهب جانب آخر من الفقه - ونحن نؤيده - إلى أن الاختصاصات الدولية الممنوحة لوحدات الدولة الاتحادية بموجب الدستور الاتحادي لا يجعل منها مالكة الشخصية القانونية الدولية ، لأنها تخضع في مباشرتها لهذه الاختصاصات الدولية للقواعد القانونية الداخلية ، أي ان هذا الحق يجد أساسه القانوني في القانون الداخلي وليس في القانون الدولي ، وعلى اثر ذلك فأن الاتحاد هو وحده من يملك الشخصية القانونية الدولية ، وذلك لأنه يظهر كوحدة واحدة في نطاق القانون الدولي العام ، وينتج عن ذلك، أن الوحدات الاتحادية لا يمكن ان تتمسك بقواعد القانون الدولي العام لغرض المحافظة على امتيازاتها ، وهذا المفهوم ينسجم مع نظام الدولة الاتحادية لأنها ترتكز على مقومات النظام الدستوري وليس على قواعد القانون الدولي (16).
مما تقدم يمكن القول : ان الأساس القانوني لاختصاص الوحدات الاتحادية في إبرام الاتفاقيات الدولية يأتي عن طريق تفويض دستوري للوحدات الاتحادية بمباشرة ذلك الاختصاص ، الا ان ليس مؤدى ذلك ان هذا التفويض يكسبها الشخصية القانونية الدولية ، بل ان هذا التفويض يمنحها اهلية محدودة كالمنظمات الدولية او الدول ناقصة السيادة بموجب الوثيقة الدستورية التي تحدد مركزها القانوني ، لان هذا الاختصاص منح بموجب الدستور ويمكن تجريده بقوة الدستور ايضاً ، فضلاً عن ذلك ان هذا الاختصاص يتحدد بقيود دستورية تؤكدها السلطة الاتحادية ، وكل ذلك انعكاس الى ان الاختصاص يجد سنده في الدستور الاتحادي وذلك لأنه القانون الاسمى في البلاد الذي يجب ان تخضع له دساتير الوحدات كافة ، والقوانين المحلية للوحدات الاتحادية ، ومجمل القول أن اختصاص الوحدات الاتحادية بإبرام الاتفاقيات الدولية صلاحية دولية منحت بموجب تفويض دستوري يكسبها الاهلية القانونية الناقصة، من دون الشخصية القانونية الدولية ، وذلك لأن الاخيرة محل لأشخاص القانون الدولي ، فضلا عن ذلك ان هذه الصلاحية يستطيع الدستور الغاءها أو تعديلها في اي وقت يشاء ، لأنه من يملك المنح يملك المنع .
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد، أن بعض من الفقه يذهب الى القول بأن الدستور الاتحادي غير كافٍ وحده لمنح الوحدات صلاحية إبرام الاتفاقيات الدولية ، بل يجب ان يصاحبه اعتراف من لدن المجتمع الدولي ، حتى يمكن للوحدات مباشرة ذلك الاختصاص ، إلا أن هذا الرأي اخذ عليه اكثر من مأخذ ، فمن ناحية ، أن منح الوحدات صلاحية الإبرام يكون بموجب الدستور الاتحادي، اي ان اهلية مباشرة الحقوق على الصعيد الدولي مصدرها دستور الدولة ، ومن ثم لا تتوقف تلك الاهلية على الاعتراف بل يتوقف الاعتراف عليها ، ومن ناحية اخرى ان اشتراط الاعتراف لممارسة هذه الصلاحية يتيح من دون شك للدول الاخرى التدخل في شؤون الدول الاتحادية ، على اساس نظرتها الى التقسيم الخاص للصلاحيات بين الاتحاد والوحدات ، ولعل هذا كان وراء الغاء الفقرة الثانية من المادة الخامسة من مشروع اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 (17) .
مما تقدم يتضح ، ان مسألة منح الوحدات الاتحادية إبرام الاتفاقيات الدولية من عدمها ، هي مسألة ذات طبيعة داخلية يحددها الدستور، وهي في الوقت نفسه ذات صلة بظروف كل دولة على حده .
ويمكن القول : إن إبرام الاتفاقيات الدولية في الدولة الاتحادية ، يجب ان تكون الافضلية في ادارتها بيد السلطة الاتحادية ، لما تملكه الاخيرة من شخصية قانونية ، فضلاً عن امتلاكها الخبرات في هذا المجال ولما تمارسه من تأثير اكبر في الصعيد الدولي، ونفوذ واسع من الناحية السياسية والاقتصادية من الوحدات الاتحادية ، فضلاً عن ذلك ان ممارسة الوحدات الاتحادية للاختصاصات الدولية قد تترتب عليه جوانب سلبية تتمثل في احتمال اتخاذ تلك الوحدات مواقف متباينة اتجاه القضايا الدولية ، كذلك ان الاطراف الاجنبية تفضل التعامل مع قانون واحد يحكم تصرفاتهم الدولية ، ولا يحبذون التعامل مع جهات متباينة ، لذلك لا يمكن وضع قاعدة عامة في هذا الشأن ، بل يجب الرجوع الى ظروف كل دولة على حده ، مع التأكيد على التمييز بين الاتفاقيات الدولية ذات الطابع الاستراتيجي والأخرى التي لا تحمل هذا الوصف، إذ يمكن جعل الاخيرة من اختصاصات الوحدات مع الابقاء على الافضلية للدولة الاتحادية بحقها على ممارسة الرقابة على تلك الاتفاقيات المبرمة من وحداتها ، لغرض التأكد من مراعاتها المصلحة العامة للدولة الاتحادية .
___________
1- اشار اليه د. مفيد محمود شهاب ، ( الدولة الفيدرالية في القانون الدولي ) ، بحث منشور في المجلة المصرية للقانون الدولي ، الجمعية المصرية للقانون الدولي ، المجلد الأول ، القاهرة ، 1969 ، ص 239.
2- هانزج . ما يكلمان، تأملات مقارنة على العلاقات الخارجية في الدول الفيدرالية ، حوارات حول العلاقات الخارجية في الدول الفيدرالية ، الجزء الخامس ، ترجمة مها بسطامي ، منتدى الاتحادات الفيدرالية والرابطة الدولية لمركز الدراسات الفيدرالية ، كندا، 2007، ص3 -4
3- ينظر ، حسن عزبه العبيدي، تنظيم المعاهدات في دساتير الدول، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد ، 1988 ، ص64.
4- د. معروف عمر کول ود جلال كريم رشيد الجاف ( اتفاقية التعاون بين الجمهورية الفرنسية واقليم كردستان العراق - دراسة تحليلية مقارنة )، مجلة القانون والسياسة ، كلية القانون والسياسة، جامعة صلاح الدين ، العدد (10) ، السنة (9) ، 2011 ، ص76.
5- مشار اليه عند د. حفيظة السيد حداد ، العقود المبرمة بين الدول والاشخاص الاجنبية ، بيروت ، 2003، ص692. من الجدير بالذكر ان السيادة ذات طبيعة مركبة ، أي يمكن ان ننظر اليها على المستوى الداخلي والخارجي ، وهي تحمل في الوقت نفسه معنين المعنى السياسي، ويقصد به السلطة العليا في الدولة واستقلالها في ادارة شؤونها الخارجية ، ومعنى قانوني ويراد به مجموعة من السلطات والاختصاصات التي تخولها في حدود القواعد القانونية أهلية مباشرة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، لذلك فأن السيادة حسب مفهومها القانوني مرادف للأهلية .د. صلاح حسن الربيعي ، افكار أولية في السيادة ، مكتبة الغفران للخدمات الطباعية ، بغداد، 2006، ص 90.
6- د. صالح جواد الكاظم، مباحث في القانون الدولي ( هل ينبغي منح اجزاء الدولة الاتحادية صلاحيات تعاهديه )، ط 1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، 1991 ، ص 235.
7- د. محمد عمر مولود ، الفيدرالية وامكانية تطبيقها في العراق ، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، 2009، ص 90.
8- ينظر، د. احمد ابراهيم على الورتي : النظام الفيدرالي بين النظرية والتطبيق (دراسة مقارنة ) ، التفسير للنشر والاعلان ، اربيل ، 2008 ، ص 88 - 89
9- د. مفيد محمود شهاب، مرجع سابق، ص 232 وايضا د. حامد سلطان احكام القانون الدولي العام في الشريعة الاسلامية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1974، ص 623.
10- د. الشافعي محمد بشير ، القانون الدولي العام في السلم والحرب ، منشاة المعارف، الاسكندرية ، 1974، ص 119.
11- اشار اليه د. خالد قباني ، اللامركزية ومسألة تطبيقها في لبنان ، تقديم سليم حمص ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيرو ت، 1981 ص 154
12- اشار اليه د. صلاح جبير البصيصي (إبرام المعاهدات الدولية في الدولة الفيدرالية ) ، بحث منشور في مجلة القانون والسياسة، كلية القانون والسياسة ، جامعة صلاح الدين ، عدد خاص ، 2010، ص 257
13- ينظر، د. ابراهيم احمد شلبي : مبادئ القانون الدولي العام، الدار الجامعية، من دون مكان طبع ، 1986، ص 263 264. وايضا د. أ . ن طلالايف: قانون المعاهدات الدولية النظرية العامة) ، مطبعة العاني، بغداد، 1986، ص 80 ود. محمد طلعت الغنيمي ، بعض الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي العام (قانون الامم ) ، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 1974، 343-344
14- اشار اليه اياد ياسين حسين ، المفاوضات الدولية ودورها في حل المنازعات الدولية في اطار القانون الدولي العام ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة، جامعة صلاح الدين ، 2008، ص 132.
15- د. حسن الجلبي ، القانون الدولي العام ( اصول القانون الدولي ) ، ج 1 ، مطبعة شفيق، بغداد ، 1964 ود. محمد سامي عبد الحميد ، اصول القانون الدولي ( الجماعة الدولية)، ج1، ط6، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 2000، ص 165، الهامش رقم (12).
16- د. عبد العزيز محمد سرحان ، القانون الدولي العام ( النظريات العامة ونظرية القانون في القانون الدولي العام ) ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1991، 248 - 249 ود. محمد هماوندی ، الفيدرالية والحكم الذاتي واللامركزية الادارية الاقليمية، (دراسة نظرية مقارنه ، ط2، مطبعة وزارة التربية ، اربيل ، 2001، ص198-199. و د. الشافعي محمد بشير ، القانون الدولي العام في السلم والحرب ، منشاة المعارف، الاسكندرية ، 1974 ، ص 119.
17- د. صالح جواد الكاظم، مباحث في القانون الدولي ( هل ينبغي منح اجزاء الدولة الاتحادية صلاحيات تعاهديه )، ط 1 ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، 1991 ، ص 238.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .