أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2016
![]()
التاريخ: 23-10-2016
![]()
التاريخ: 2025-03-19
![]()
التاريخ: 23-10-2016
![]() |
تطلق كلمة " النفس " في اللغة ويراد بها مجموعة القوى الكامنة في الإنسان ، فتشمل قوى الغرائز ، والقوى العاقلة ، المدركة ، وقوة الحياة ( الروح ) ولهذا فقد يقال أن التفريق بين المعطى العقلي والمعطى النفسي خطأ لأن العقل قوة من قوى النفس فمعطياته جزء من معطياتها .
غير أن لكلمة النفس استعمالين آخرين ، فهي تارة تطلق على ما يقابل الروح كما تقول : إن نفس النائم غائبة عن جسده ولكن روحه حاضرة في جسده . قال الله عز وجل : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ، والتي لم تمت في منامها ، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) 42 الزمر.
وتارة تطلق كلمة النفس على ما يقابل العقل تقول : هذا أمر نفسي وهذا أمر عقلي ، ويقصد بالأمور النفسية في هذا الاستعمال المشاعر الانفعالية في مقابل الرؤية العقلية المحضة .
ولما كان هذا الاستعمال للنفس والعقل اصطلاحا سائدا في وقتنا الحاضر جرينا عليه في هذا الفصل وقصدنا بالمعطيات النفسية من الصلاة : الحصيلة الشعورية ، وبالمعطيات العقلية : الحصيلة الإدراكية المحضة بقطع النظر عما تنتجه من إنفعالات شعورية .
وأهم العطاء الإدراكي الذي تقدمه الصلاة إلى العقل نوعان : تصعيد درجة اليقين العقلي بالإسلام ، وتركيز المنهج العقلي أو العقلائية في الوعي والسلوك .
اليقين العقلي ودور الصلاة فيه:
درجات اليقين العقلي:
يجب أن نميز في اليقين أي يقين بين ناحيتين : إحداهما القضية التي تعلق بها اليقين ، والأخرى درجة التصديق التي يمثلها اليقين . فحين يوجد في نفسك يقين بأن جارك قد مات ، تواجه قضية تعلق بها اليقين وهي : أن فلانا مات ، وتواجه درجة معينة من التصديق يمثلها هذا اليقين ، لأن التصديق له درجات تتراوح من أدنى درجة للاحتمال إلى الجزم ، واليقين يمثل أعلى تلك الدرجات ، وهي درجة الجزم الذي لا يوجد في إطاره أي احتمال للخلاف .
وإذا ميزنا بين القضية التي تعلق اليقين بها ودرجة التصديق التي يمثلها ذلك اليقين، أمكننا أن نلاحظ أن هناك نوعين ممكنين من الحقيقة والخطأ في المعرفة البشرية.
أحدهما : الحقيقة والخطأ في اليقين من الناحية الأولى ، أي من ناحية القضية التي تعلق اليقين بها والحقيقة والخطأ من هذه الناحية مردهما إلى تطابق القضية التي تعلق بها اليقين مع الواقع وعدم تطابقها ، فإذا كانت متطابقة فاليقين صادق في الكشف عن الحقيقة ، وإلا فهو مخطئ .
والآخر : الحقيقة والخطأ في اليقين من الناحية الثانية ، أي من ناحية الدرجة التي يمثلها من درجات التصديق ، فقد يكون اليقين مصيبا وكاشفا عن الحقيقة من الناحية الأولى ولكنه مخطئ في درجة التصديق التي يمثلها، فإذا تسرع شخص وهو يلقي قطعة النقد ، فجزم بأنها سوف تبرز وجه الصورة نتيجة لرغبته النفسية في ذلك ، وبرز وجه الصورة فعلا ، فإن هذا الجزم واليقين المسبق يعتبر صحيحا وصادقا من ناحية القضية التي تعلق بها ، لأن هذه القضية طابقت الواقع ، ولكنه رغم ذلك يعتبر يقينا خاطئا من ناحية درجة التصديق التي اتخذها بصورة مسبقة ، إذ لم يكن من حقه أن يعطي درجة للتصديق بالقضية " إن وجه الصورة سوف يظهر " أكبر من الدرجة التي يعطيها للتصديق بالقضية الأخرى " إن وجه الكتابة سوف يظهر ".
وما دمنا قد افترضنا إمكانية الخطأ في درجة التصديق ، فهذا يعني إفتراض أن للتصديق درجة محددة في الواقع طبع مبررات موضوعة ، وأن معنى كون اليقين مخطئا أو مصيبا في درجة التصديق : إن درجة التصديق التي اتخذها اليقين في نفس المتيقن تطابق أو لا تطابق الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية للتصديق .
ولنأخذ مثالا آخر : نفترض أننا دخلنا إلى مكتبة ضخمة تضم . مائة ألف كتاب ، وقيل لنا أن كتابا واحدا فقط من مجموعة هذه الكتب قد وقع نقص في أوراقه ، ولم يعين لنا هذا الكتاب . ففي هذه الحالة إذا ألقينا نظرة على كتاب معين من تلك المجموعة فسوف نستبعد جدا أن يكون هو الكتاب الناقص ، لأن قيمة احتمال أن يكون هو ذاك هي : 1 / 000 ، 100 ، ولكن إذا افترضنا أن شخصا ما تسرع وجزم على أساس هذا الاستبعاد بأن هذا الكتاب ليس هو الكتاب الناقص ، فهذا يعني: أن اليقين الذاتي قد وجد لديه ، ولكننا نستطيع أن نقول بأنه مخطئ في يقينه هذا ، وحتى إذا لم يكن هذا الكتاب هو الكتاب الناقص حقا فإن ذلك لا يقلل من أهمية الخطأ الذي تورط فيه هذا الشخص ، وسوف يكون بإمكاننا أن نحاجه قائلين : وما رأيك في الكتاب الآخر وفي الكتاب الثالث . . وهكذا ؟ فإن أكد جزمه ويقينه الذاتي بأن الكتاب الآخر ليس هو الناقص أيضا ، وكذلك الثالث . . وهكذا ، فسوف يناقض نفسه ، لأنه يعترف فعلا بأن هناك كتابا ناقصا في مجموعة الكتب ، وإن لم يسرع إلى الجزم في الكتاب الثاني أو الثالث طالبناه بالفرق بين الكتاب الأول والثاني . وهكذا ، حتى نغير موقفه من الكتاب الأول ، ونجعل درجة تصديقه بعدم نقصانه لا تتجاوز القدر المعقول لها ، فلا تصل إلى اليقين والجزم .
فهناك إذن تطابقان في كل يقين : تطابق القضية التي تعلق اليقين بها مع الواقع ، وتطابق درجة التصديق التي يمثلها اليقين مع الدرجة التي تحددها المبررات الموضوعية .
ومن هنا نصل إلى فكرة التمييز بين اليقين الذاتي واليقين الموضوعي ، فاليقين الذاتي هو التصديق بأعلى درجة ممكنة سواء كان هناك مبررات موضوعية لهذه الدرجة أم لا ، واليقين الموضوعي هو التصديق بأعلى درجة ممكنة على أن تكون هذه الدرجة متطابقة مع الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية . أو بتعبير آخر : إن اليقين الموضوعي هو أن تصل الدرجة التي تفرضها المبررات الموضوعية إلى الجزم .
وعلى هذا الأساس قد يوجد يقين ذاتي ولا يقين موضوعي كما في يقين ذلك الشخص الذي يرمي قطعة النقد ويجزم مسبقا بأن وجه الصورة سوف يبرز ، وقد يوجد يقين موضوعي ولا يقين ذاتي ، أي تكون الدرجة الجديرة وفق المبررات الموضوعية هي درجة الجزم ولكن إنسانا معينا لا يجزم فعلا ، نظرا إلى ظرف غير طبيعي يمر به .
وهكذا نعرف : ، أن اليقين الموضوعي له طابع موضوعي مستقل عن حالة النفسية والمحتوى السيكولوجي الذي يعيشه هذا الإنسان أو ذاك فعلا ، أما اليقين الذاتي فهو يمثل الجانب السيكولوجي من المعرفة . من كتاب الأسس المنطقية للاستقراء " .
لشهيد الإسلام السيد محمد باقر الصدر ص 358 361 .
|
|
"إنقاص الوزن".. مشروب تقليدي قد يتفوق على حقن "أوزيمبيك"
|
|
|
|
|
الصين تحقق اختراقا بطائرة مسيرة مزودة بالذكاء الاصطناعي
|
|
|
|
|
مكتب السيد السيستاني يعزي أهالي الأحساء بوفاة العلامة الشيخ جواد الدندن
|
|
|