أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2016
![]()
التاريخ: 11-8-2016
![]()
التاريخ: 30-8-2016
![]()
التاريخ: 3-9-2016
![]() |
ينبغى قبل كل شيء أن نكون واضحين تماما فيما تعنى المادية الجدلية بكلمة مادية". إن ما نعيه بصفة عامة من هذه الكلمة من حيث استخدامها الشائع في الكتابات وحتى العلمية هو المفهوم القائل بأن جميع الظواهر الطبيعية بما فيها التطور البشرى تماثل ماكينة، وهذا الرأى تطلق عليه المادية الجدلية عبارة المادية الميكانيكية أو آلية ميكانيكية mechanism"، وهو رأى محل معارضة شديدة جدا. وإذا أمعنا النظر في معنى كلمة مادية" في الكتب الرسمية للمادية الجدلية نجد تقريبا ما يأتي: "تعنى "المادية" مفهوماً مفاده أن العلم يتحدث عن عالم مستقل تماما عن الأهواء عالم لا هو مخلوق روحاني تبعاً لمذهب هيجل، ولا هو مخلوق لوعى فردى تبعا للمثالية الذاتية عند بركلى.
وبينما يحقق هذا الشكل ببساطة السمة الموضوعية للمبادئ العلمية، فهو لا يتيح لنا استنتاج أي شيء محدد من تعريف مفهوم المادى. ولكن إذا لاحظنا إلى أي مدى يطبق هذا التعريف عمليا نجد الآتى: إن جميع المقترحات العلمية ينبغي أن تكون في صياغات لا تتضمن سوى الكلمات والمصطلحات الواردة في الصياغات التي تصف الوقائع المنظورة، فحين تصف عملية أو ظاهرة ما، فإن الوصف لا يكون مفيدا للعلم إلا إذا غطى جميع وجوهها المنظورة وبصفة خاصة، لا ينبغى المبالغة من جانب واحد في الدور الذي تلعبه العوامل النفسية، فمن شأن ذلك أن يؤدى إلى "المثالية"، ونسوق مثالاً من أحد كتب المادية الجدلية، فإذا قيل إن محطة توليد الطاقة العملاقة على نهر الدنيبر، والمعروفة باسم محطة الدنيبر ستروي، هي نتاج خطط هندسية، فإن وصف الموضوع يكون مثالياً متحيزاً، وأما الشخص المادى "فمن شأنه أن يصف المسألة بقوله بجانب خطط المهندسين هناك دور حاسم يقوم به النظام الاجتماعي الجديد المنبثق عن الثورة الشيوعية والظروف الجديدة للعمال، إلخ. فالمادية الجدلية تطلق لفظ "المادة" على كل شيء فى العالم يوصف من خلال تعبيرات "المثل لكل الفاعلين". ولا يعنى ذلك أن المادة تتسم ف فعلاً بالخواص التي نسبتها لها ميكانيكا نيوتن أو حتى الفيزياء الأحدث منها . إن مثل هذا الرأى ينتمى للمادية الميكانيكية. وتبعاً للمادية الجدلية فإن كل مبحث عن العالم يستخدم تعبيرات المثل لكل الفاعلين هو مبحث عن المادة. فخواص المواد لا تتكشف إلا من خلال تطور العلم، ولا يمكن إدراكها أبداً بشكل کامل مادام هناك قوانين جديدة ينبغي اكتشافها .
هذا المفهوم يقترب جدا من الرأى القائل بأن العلم أساسه لغة المثل لكل الفاعلين التي وصفها نويراث وكارناب بدقة عالية بأنها اللغة الفيزيائية physicalistic. وعلى غرار الفيزيائية تكون القضايا البيولوجية والسيكولوجية فيزيائية بالمعنى الأشمل"، ومن ثم ترى المادية الجدلية أن المقترحات المتعلقة بتطور الحياة بل وبتاريخ البشر، هي صياغات عن المادة. ولكن مثلما أن الفيزيائية لا تزعم إمكان اختزال السيكولوجيا إلى فيزياء فعلية، فإن المادية الجدلية لا تفيد بأن التنمية الاجتماعية للجنس البشرى يمكن اختزالها إلى قوانين المادة التى اكتشفتها الفيزياء بل إنها لا تستبعد إمكان أن نستقى من السوسيولوجيا نفسها قوانين جديدة للمادة. ولكن المادية الجدلية تنشد وضع قوانين للمادة تصلح للفيزياء وكذلك البيولوجيا والسوسيولوجيا (علم الاجتماع، ولهذا الغرض استغلت القوانين الثلاثة التي صاغها هيجل لعمليات الفكر، ومنها وضع قوانين للطبيعة الحية والجامدة لاعتقاده بأن العالم برمته هو نتاج الفكر، فعمد ماركس وإنجلز إلى قلب تعاليم هيجل رأساً على عقب واتخذا قوانينه الثلاثة الجدلية في الفكر كقوانين للمادة، وبذلك أسما المادية الجدلية. أما القوانين الثلاثة فهى وحدة المتضادات unity of opposites" الانتقال من الكم إلى الكيف سلب السلب negation of negation . بيد أنها مازالت في رأينا ترتدي ثوب المثالية، وكثيراً ما يكون تطبيقها العملي قهرياً جداً، ومن نتائجها نشأ ما أطلق عليه "ل. روچييه (1). ذات مرة اسم التصوف السوفييتي". وبهذه القوانين الثلاثة للجدليات dialectics والتي منشؤها المثالية كثيرًا ما تنحرف المادية الجدلية عن جادة الطريق المؤدى إلى تحقيق خواص المادة من خلال طرق البحث المضبوط. واليوم هناك صراع جاد من داخل المادية الجدلية ضد مسعى تتفيه الجدليات.
وكثيرا ما تساعد هذه المبادئ غير المحددة نوعاً على تنسيق المادة التجريبية في مجالات مازالت في دور التطوير إلى حد ما مثل السوسيولوجيا، ولكن عند تطبيق هذه المبادئ في علوم تستند إلى مبادئ تنسيق أفضل منها سرعان ما تتكشف أوجه النقص فيها. وبسبب قوانين الجدلية هذه، تحمل المادية الجدلية في طياتها أصل المثالية، وحتى في الاتحاد السوفييتى لابد للمادية الجدلية من الصراع المستمر مع الحيودات المثالية التي أطلق عليها مؤخرًا اسم المثالية المنشفية menshevizing idealism" نسبة إلى حزب سياسى يدعى المناشفة. وتخوض المادية الجدلية حرباً على جبهتين" مع المثالية والميكانيكية (الآلية) دون القدرة على تحديد الحدود الفاصلة بوضوح بينها وبين هذين الحيدين.
فلو أن المادية الجدلية شنت هذه الحرب ذات الجبهتين بصفة مستمرة لكان عليها أن تتخلى عن بريق المثالية الهيجيلية التي تمثل الرأى المتطرف لأهمية القوانين الجدلية الثلاثة، ولكان عليها من جهة أخرى أن تتجنب وصف المادة بأنها شيء موجود بصورة موضوعية - وهذا أيضاً يشكل مفهوماً مثالياً، عند التدقيق - والتحدثت بدلاً من ذلك
عن قضايا المثل لكل الفاعلين. ولكانت بذلك قد اقتربت أكثر وأكثر من المفهوم الذي تمثلة التجريبية المنطقية لاسيما لدى جماعة فيينا. فهذه الفرق تشن نفس الحرب ذات الجبهتين ضد فلسفة المدارس المثالية وضد الاعتقاد بأن ميكانيكا نيوتن في صورتها الأصلية هي أساس العلم برمته.
وإذا كانت المادية الجدلية لا ترى فى رأينا أهمية تذكر لقوانين الديالكتيك (الجدل) بالنسبة لبناء مفهوم حديث للعلم، فإننا مع ذلك نعترف بأن شيئًا ما فيما تسميه "التفكير الديالكتيكي" يتفق تماماً مع أفكارنا . هذا التفكير الديالكتيكي" جسده لينين في ملاحظاته على أعمال هيجل بأنه ببساطة تفكير له من المرونة ما لا يجعلنا نتسمك بقالب محدد وإنما ينشئ بذاته قالبًا جديدا يناظر المرحلة القائمة من تطور العلم. وهذا النمط من التفكير الديالكتيكي يهم أيضاً التجريبية المنطقية.
|
|
"إنقاص الوزن".. مشروب تقليدي قد يتفوق على حقن "أوزيمبيك"
|
|
|
|
|
الصين تحقق اختراقا بطائرة مسيرة مزودة بالذكاء الاصطناعي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تطلق النسخة الحادية عشرة من مسابقة الجود العالمية للقصيدة العمودية
|
|
|