الإشعاع الذري واستخداماته السلمية

استخدام الأشعة الذرية في الزراعة ص 91

استفاد المجال الزراعي كثيرا من استخدام المواد المشعة حيث أنتجت كمية هائلة من البذور ذات الإنتاجية العالية من خلال استخدام الأشعة الذرية، وبخاصة أشعة غاما والأشعة السينية لإحداث طفرات في نوعية البذور من خلال تغيير التركيب الجيني لها، واستنباط أصناف جديدة تتميز بالإنتاجية العالية والمقاومة العالية للأمراض، وهناك أنواع أخرى تم استنباطها يمكن أن تزرع اعتمادا على الماء المالح مما يعطي الأمل في التوسع مستقبلا في الزراعة باستخدام مياه البحر دونما الحاجة إلى تحليتها، ومازالت الأبحاث الزراعية تجرى على قدم وساق في هذا المجال باستخدام المواد المشعة بغية الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة للتغلب على الفجوة الغذائية في العالم.

واستخدمت أيضا الأشعة النووية في مجال مكافحة الحشرات الضارة بالنباتات والمزروعات، ولقد كان لاستخدام المبيدات الحشرية بشكل عشوائي للقضاء على الحشرات الضارة مثل ذبابة الفاكهة وذبابة البطيخ ودودة القطن أضرار جسيمة أثرت في جودة التربة، وأدت إلى تلوث الماء والهواء والتربة مما يؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان والحيوان والنبات أيضا، كما أدت إلى القضاء على بعض أنواع الحشرات النافعة مثل دودة القز ونحل العسل، وموت بعض الحيوانات والطيور النافعة بسبب التسمم الذي أصابها مما دفع العلماء إلى التفكير في حلول بديلة نظيفة بيئيا. وكان أحد هذه الحلول الجيدة هو استخدام الحشرات العقيمة، ويتم الحصول على هذه الحشرات من خلال تعريض ذكورها في طور الشرنقة المتأخر لجرعات محددة من الإشعاع كافية لجعلها عقيمة، ويكون هذا الإشعاع عبارة عن أشعة غاما الصادرة من الكوبالت - 60 أو السيزيوم - 127، وعقب إنتاج تلك الحشرات العقيمة بعد تشعيعها ذريا تطلق في الحقول والمزارع فتتزاوج مع نظيراتها من الجنس الآخر دونما حدوث أي تكاثر، مما يؤدي بعد فترة زمنية إلى القضاء على هذا النوع من الحشرات. ولقد نجحت بالفعل بعض البلدان في القضاء على بعض هذه الآفات الزراعية، ومازال البحث العلمي في هذا المجال يعمل بكل جهد على أمل الحصول على أفضل النتائج الممكنة.

أما المحاصيل الزراعية المنتجة فقد حظيت هي الأخرى بفوائد كثيرة من استخدام المواد المشعة، حيث يتم تعقيمها عن طريق تعريضها لأشعة غاما من أجل قتل البكتيريا الضارة والميكروبات، مما يسهل حفظها لفترات زمنية طويلة من دون حدوث تلف لها . وعملية تشعيع المواد والمحاصيل الغذائية بأشعة غاما تتم على يد علماء متخصصين بجرعات معينة لا ينتج عنها أي اختلاف في كيمياء هذه المواد، مما يجعلها آمنة تماما للاستخدام الآدمي، ولا ينتج عنها أي تلوث إشعاعي للمحاصيل، حيث لا تمزج المواد المشعة بها، ولكن فقط يتم تعريضها تعريضا خارجيا للأشعة الذرية بينما تكون المحاصيل معزولة تماما.