المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6544 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معرفة المنكر من الحديث
2025-03-09
معرفة الشاذ
2025-03-09
معرفة التدليس وحكم المدلّس
2025-03-09
مقابر خيل الملك (شبكا)
2025-03-09
أسرة الملك (شبكا)
2025-03-09
النهضة في العهد الكوشي (الدراما المنفية أو تمثيلية بدء الخليقة) (1)
2025-03-09

الإستجابة السائدة بين الأشخاص الخجولين
28-8-2021
(قوى فاندرفالز)قوى الاستقطاب Dipole Forces
15-10-2017
الحسين بن علي القمي.
15-6-2017
حساسية للبطيخ Melon Allergy
26-1-2019
أحمس بن أبانا.
2024-03-24
النقل والانتقال - الدوافع والأسباب - الدوافع الاجتماعية
31-7-2022


اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ مَشيئَتكَ بِأَمضاهَا ، وَكُلُّ مَشيئَتِكَ ماضِيةٌ , اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِمشيئَتكَ كُلِّهَا  
  
68   02:11 مساءً   التاريخ: 2025-03-08
المؤلف : السيد روح الله الموسوي
الكتاب أو المصدر : شرح دعاء السحر
الجزء والصفحة : ص97-108
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / أدعية وأذكار /

لا أراك ممّن يحتاج إلى مزيد توضيح أو كثرة تشريح أو تلويح وتصريح لمقام المشيئة ، بعد الرجوع إلى ما سبق والتدبّر فيما مرّ بما استحقّ ؛ ولكنّ البيان لا يغني من العيان ؛ لقصور العبارة وفتور الإشارة ، وكَلّ البيان ولَكَن اللسان ، ولا يمكن الوصول بهذه الحقائق إلّا مع العبور على ملابس الرقائق ؛ ولا يتيسّر إلّا بسلب العلائق الدنيوية وشدّ الرحال إلى باب أبواب الإنسانية ، والخروج عن جميع مراتب الأنانية وترك الشهوات النفسانية ؛ فإنّ شهود مقام الإطلاق لا يمكن إلّا بترك القيود ، والوصول إلى باب الإِرسال لا يتيسّر إلّا بإلقاء الحدود .

فاجتهد يا حبيبي لأن تكون شهيداً لمقامك ؛ فإنّ الشهيد يكون سعيداً ، وتعشّق وجه حبيبك ؛ فإنّ من مات من العشق فقد مات شهيداً ([1]) .

فهل يمكن الوصول إلى طور القرب إلّا بخلع نعلي الشهوة والغضب ، وترك الهوى والانقطاع إلى حضرة المولى ؛ فإنّه الوادي المقدّس والمقام الشامخ الأقدس ؛ والمتلبّس بالألبسة الجسمانية والمتردّي برداء الهيولى الظلمانية لا يمكنه شهود مقام المشيئة الإِلهية وكيفية سريانها ومضيّها وبسطها وإطلاقها .

فليعلم - بتوفيق اللَّه - أنّ سلسلة الوجود من عوالم الغيب والشهود ، من تعيّنات المشيئة ومظاهرها ، ونسبتها إلى جميعها نسبة واحدة ، وإن كانت نسبة المتعيّنات إليها مختلفة . وهي أوّل الصوادر على طريقة العرفاء الشامخين رضوان اللَّه عليهم ([2]) ، وسائر المراتب موجودة بتوسّطها ؛ كما في رواية « الكافي » عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « خلق اللَّه المشيئة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة » ([3]) .

بل التدقيق في مضمون الرواية الشريفة والتحقيق عند أصحاب السرّ والحقيقة وأرباب السلوك والطريقة [ هو ] أن لا موجود في المراتب الخلقية إلّا المشيئة المطلقة الإِلهية . وهي الموجودة بالذات والمجرّدة عن كلّ التعيّنات والتعلّقات ، ولها الوحدة الحقّة الظلّية ظلُّ الوحدة الحقّة الحقيقية . وأمّا التعيّنات فلم تستشمّ رائحة الوجود ، بل كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً ([4]) ، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ([5]) و كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ([6]).

فهذا القرطاس الذي أكتب عليه ، والقلم الذي أسطر معه ، والعضلة المسخّرة لهما ، والقوّة المنبثّة فيها ، والإرادة المنبعثة عن الشوق المنبعث عن العلم القائم بالنفس ، كلُّها من شؤون المشيئة الإِلهية وظهوراتها ؛ والتعيّنات اعتبارية خيالية ؛ كما قال الشيخ الكبير : « العالم خيال في خيال » ([7]) فلا ظهور إلّا ظهورها ولا شأن إلّا شأنها ، وهذا معنى شمول المشيئة وسريان الوجود وإطلاق الهويّة الإلهية وبسط الرحمة ومقام الإلهية .

هداية : تحقيق في المشيئة الإلهية

وإذ تحقّق لك أنّ الموجودات على مراتبها العالية والسافلة وتخالفها في الشرف والخسّة ، وتغايرها في الأفعال والذوات وتباينها في الآثار والصفات ، يجمعها حقيقة واحدة إلهية هي المشيئة المطلقة الإِلهية ، والموجودات بدرجاتها المختلفة وطبقاتها المتفاوتة مستهلكة في عين المشيئة ، وهي مع غاية بساطتها وكمال وحدتها وأحديتها كلّ الأشياء ، وبالتكثّر الاعتباري لا ينثلم وحدتها بل يؤكّدها ، وينفذ نورها في الأرضين السفلى والسماوات العليا ، ولا شأن لحقيقة من الحقائق إلّا شأنها ولا طور إلّا طورها ؛ وتحقّق لك أن لا عصيان في الأمر التكويني ، وإن من شيء إلّا وهو مسخّر تحت كبريائه ، وإذا أراد اللَّه لشيء أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ([8]) بلا تأبٍّ عن الوجود وقدرة على التخطّي والعصيان ، وكلّ الماهيات مؤتمرات بأمره ، مخذولات تحت سلطنته : ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ([9]) ؛ وتدبّرت في خلق السماوات والأرض وآمنت بصنوف الملائكة السماوية والأرضية وصفوفها وطوائف جيوش اللَّه - كلّ ذلك بشرط الخلوص التامّ عن الأنانية ، وكسر أصنام كعبة القلب بتجلّي الولاية العلوية ، وخرق الحجب الظلمانية : « تو خود حجاب خودى حافظ از ميان برخيز » ([10]) ، ينكشف لك حقيقة نفوذ المشيئة الإلهية ومضيّها وبسطها وإحاطتها ، ويتحقّق لك حقيقة خلق اللَّه الأشياء بالمشيئة ، وأنْ لا واسطة بين المخلوقات وخالقها ، وأنّ فعلَه مشيئتُه وقولَه وقدرته وإرادته إيجادُه ، وبالمشيئة ظهر الوجود ، وهي اسم اللَّه الأعظم ؛ كما قال محيي الدين : « ظهر الوجود ببسم اللَّه الرحمن الرحيم » ([11])، وهي الحبل المتين بين السماء الإِلهية والأراضي الخلقية ، والعروة الوثقى المتدلّية من سماء الواحدية . والمتحقّق بمقامها والذي أفقه أفقها ، هو السبب المتّصل بين السماء والأرض وبه فتح اللَّه وبه يختم ، وهو الحقيقة المحمّدية والعلوية - صلوات اللَّه عليهما - وهي خليفة اللَّه على أعيان المهيات ، ومقام الولاية المطلقة والإضافة الإشراقية التي بها شروق الأراضي المظلمة ، والفيض المقدّس الذي به الإفاضة على المستعدّات الغاسقة ، وماء الحياة الساري : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ([12]) ، والماء الطهور الذي لا ينجّسه شيء من الأرجاس الطبيعية والأنجاس الظلمانية والقذارات الإمكانية . وهو نور السماوات والأرض : اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ([13]) ؛ ولها المقام الإِلهية : وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ([14]) ؛ وهي الهيولى الأولى ومع السماء سماء ومع الأرض أرض ؛ وهي المقام القيّومية المطلقة على الأشياء : ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ([15])؛ ونفس الرحماني : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ([16]) ؛ والفيض المنبسط ، والوجود المطلق ، ومقام قاب قوسين ومقام التدلّي ، والأفق الأعلى ، والتجلّي الساري ، والنور المرشوش ، والرقّ المنشور ، والكلام المذكور ، والكتاب المسطور ، وكلمة « كن » الوجودي ، ووجه اللَّه الباقي : كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ * وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ([17])؛ إلى غير ذلك من الألقاب والإشارات : عباراتنا شتّى وحسنك واحد * وكلٌّ إلى ذاك الجمال يشير ([18])، ونعم ما قيل : ألا إنّ ثوباً خيط من نسجِ تسعة * وعشرين حرفاً من مَعاليه قاصر ([19]).

نور مشرقي

واعلم ، هداك اللَّه إلى الطريق المستقيم وجعلك من المؤمنين والموقنين ، أنّ المشيئة وإن كانت مقام ظهور حقيقة الوجود وهي مشهودة لكلّ عين وبصيرة بل لكلّ مدرك من المدارك ، ولا مدرك ومشهود إلّاهي ولا ظهور إلّا ظهورها ، فهي مع ذلك محجوبة في ملابس التعيّنات ، مجهول كنهها مخفيّة حقيقتها ، حتّى أنّ ظهور الحقائق العلمية في مدارك العلماء بها ؛ وهي نفسها غير معلومة لهم ، ولا منكشفة عندهم بحسب الحقيقة والكنه ؛ وإن كانت مشهودة بحسب الهويّة والوجود ، ولم تكن مشهودة لكلّ أحد بإطلاقها وسريانها وبسطها وفيضانها ، بل الشهود بقدر الوجود ، والمعرفة بقدر مقام العارف .

فما لم يخرج السالك عن حبّ الشهوات الدنيوية وسجن الطبيعة الموحشة الهيولانية ، ولم يطهّر قلبه بماء الحياة من العلوم الروحانية ، و [ كان ] لنفسه بقيّة من الأنانية ، لم يمكنه شهود جمال المحبوب بلا حجاب وعلى حدّ الإطلاق .

فالقاطنون في هذا المنزل الأدنى والدرك الأسفل والأرض السفلى ، والساكنون في هذه القرية الظالم أهلها والبلد الميّت سكّانها لا يتجلّى لهم الحقّ إلّا من وراء ألف ألف حجاب من الظلمة والنور ، متراكمة بعضها فوق بعض ؛ « فإنّ اللَّه تعالى خلق ألف ألف عالم وألف ألف آدم وأنتم في آخر العوالم وأسفلها » ([20]) ؛ وأنّ له سبعين ألف حجاب من نور ، وسبعين ألف حجاب من ظلمة ([21]) .

والمستخلصون عن هذه السجون وقيودها والطبيعة وحدودها ، والمتنزّهون عن قذارة الهيولى الجسمانية وهيئاتها ، وظلمة عالم المادّة وطبقاتها ، الواصلون إلى عالم الملكوت يشاهدون من وجهه وجماله وبهائه أكثر من هؤلاء ألف ألف مرّة ؛ ولكنّهم أيضاً في حجب نورانية وظلمانية.

والمتجرّدون عن هيئات عالم الملكوت وتعلّقاته وضيق عوالم المثال والخيال ، والقاطنون في البلد الطيّب ومقام القدس والطهارة ، يشاهدون من البهاء والجمال والوجه الباقي لذي الجلال ما لا عين رأت ولا اذُن سمعت ، ولا وهم أحاط به ، ولا فكر حام حوله ، ولا عقل بلغ إليه ، من الأسرار والأنوار والتجلّيات والكرامات ، ولكنّهم أيضاً في حجب التعيّنات والمهيّات .

والواصل إلى باب الأبواب والمشاهد لجمال المحبوب بلا حجاب ، والمتحقّق بمقام الولاية المطلقة هم الذين خرجوا عن الدنيا والآخرة وتجرّدوا عن الغيب والشهادة ، ولم يخلطوا العمل الصالح بالسّيّء .

چون دم وحدت زنى « حافظ » شوريده حال * خامهء توحيد كش بر ورق انس وجان ([22]) بيني وبينك إنّي ينازعني * فارفع بلطفك إنّي من البين ([23]) وهو مقام استهلاك جهة الخلقي في وجه الربّي ، وخلع نعلي الإمكان والتعيّن .

ولا مقام فوق هذا إلّا مقام الاستقرار والتمكين والرجوع إلى الكثرة مع حفظ الوحدة ؛ فإنّه أخيرة منازل الإنسانية ، و « ليس وراء عبّادان قرية » ([24]) . وللإشارة إلى هذا المقام ورد : « أنّ لنا مع اللَّه حالات هو نحن ونحن هو وهو هو ونحن نحن » ([25]) . فالوحدة في عين الكثرة والكثرة في عين الوحدة . ونسب إلى النبي - صلّى اللَّه عليه وآله - أنّه قال : « كان أخي موسى عينه اليمنى عمياء ؛ وكان أخي عيسى عينه اليسرى عمياء ؛ وأنا ذو العينين » ([26]) .

تحصيل إشراقي : في حقيقة الأمر بين الأمرين فإذا بلغ السالك إلى اللَّه والمجاهد في سبيله إلى ذاك المقام ، وتجلّى عليه الحقّ في مظاهر الخلق مع عدم الاحتجاب عن الحقّ والخلق ؛ بل بنحو الوحدة في ملابس الكثرة والكثرة في عين الوحدة ، ينفتح عليه أبواب من المعرفة والعلوم والأسرار الإلهية من وراء الرسوم ؛ منها حقيقة الأمر بين الأمرين التي وردت من لدن حكيم عليم على لسان الرسول الكريم وأهل بيته - عليهم السلام - من الربّ الرحيم ، فإنّ فَهمَ هذه الحقيقة ودَرك سرّها وحقيقتها لا يتيسّر إلّا لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ([27]) ، فإنّه يرى بعين البصيرة والتحقيق ، بلا غشاوة التقليد وحجاب العصبية ، أنّ كلّ موجود من الموجودات بذواتها وقواها الظاهرية والباطنية من شؤون الحقّ وأطواره وظهوراته وتجلّياته .

وهو - تعالى وتقدّس - مع علوّ شأنه وتقدّسه عن مجانسة مخلوقاته وتنزّهه عن ملابسة التعيّنات ، وأ نّه في المظاهر الخلقية ظاهر في مرآة العباد و هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ ([28]) كذلك الأفعال والحركات والتأثيرات كلّها منه في مظاهر الخلق ، فالحقّ فاعل بفعل العبد ، وقوّةُ العبد ظهور قوّة الحقّ :

وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ([29]) ، فجميع الذوات والصفات والمشيئات والإرادات والآثار والحركات من شؤون ذاته وصفته وظلُّ مشيئته وإرادته وبروزُ نوره وتجلّيه ؛ وكلٌّ جنوده ودرجات قدرته ؛ والحقّ حقّ والخلق خلق ؛ وهو تعالى ظاهر فيها وهي مرتبة ظهوره.

ظهور تو ، به من است ووجود من ، از تو * ولستَ تَظهر لولاي ، لم أكن لولاك ([30])

فمن نسب الفعل إلى الخلق وعزل الحقّ عنه ([31]) بزعم التنزيه والتقديس ، فهو قاصر وظالم لنفسه وحقّه ، محجوب عن الحقّ ، مطرود عن الربّ ؛ تنزيهه وتقديسه تقصير وتحديد وتقييد ؛ فهو داخل في قوله : الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ عاكف في الكثرات بلا توحيد .

ومن نسبه إلى الحقّ مع عدم حفظ الكثرة ([32]) فهو ضالّ بتجاوزه عن الاعتدال ، داخل في [ قوله ] : الضَّالِّينَ .

والصراط المستقيم والطريق المستبين ، الخروج عن التعطيل والتشبيه ، وحفظُ مقام التوحيد والتكثير وإعطاء حقّ الحقّ والعبد .

فعند ذلك ينكشف للعبد أنّ ما أصابه من حسنة فمن اللَّه ، وما أصابه من سيّئة فمن نفسه ([33]) ؛ فإنّ السيّئة من سوء الاستعداد ونقصان الوجود وهما قسط العبد .

والحسنة من الخيرات والجهات الوجودية ، وهي قسط الربّ . وينفتح له سرّ قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ([34]) ؛ فإنّ القابل من التجلّي الغيبي ؛ كما قال محيي الدين : « والقابل لا يكون إلّا من فيضه الأقدس » ([35]) . ويصير على بصيرة من الأخبار المتكاثرة في الباب ([36]) .

وليس في هذا المختصر مقام الشرح والتفصيل ؛ ومن أراد أن يتّضح له الأمر على تفصيله فعليه بالرجوع إلى مسفورات أساطين الحكمة وأولياء المعرفة ، سيّما السيّد المحقّق البارع الداماد وتلميذه العظيم صدر الحكماء المتألّهين ، رضوان اللَّه عليهما .

تتميم وتنوير : في أنّ الإرادة منها محدثة ومنها قديمة قد تحقّق ممّا سلف أنّ المشيئة هي مقام ظهور حقيقة الوجود وإطلاقها وسريانها وبسط نورها وسعة رحمتها ؛ وهي بعينها إرادتها في مقام الظهور والتجلّي . كما قد تحقّق أنّ مراتب التعيّنات من العقول المقدّسين والملائكة المقرّبين إلى القوى الطبيعية والملائكة الأرضية المدبّرة كلَّها من مراتب المشيئة وحدود الإرادة في مقام التجلّي والفعل .

وهذا لا ينافي لأن تكون للَّه‌ تعالى إرادة هي عين ذاته المقدّسة وهي صفة قديمة ؛ والإرادة في مقام الفعل باعتبار التعيّنات حادثة زائلة ؛ وإن كانت بمقام إطلاقها أيضاً قديمة ، لاتّحاد الظاهر والمظهر . وبهذا تنحلّ العقدة عمّا روي عن أئمّتنا المعصومين - عليهم صلوات اللَّه ربّ العالمين - من أنّ الإرادة حادثة ومن صفات الفعل لا من صفات الذات .

فمن طريق الشيخ الأجلّ محمّد بن يعقوب الكليني ([37]) في « الكافي » بإسناده عن عاصم بن حميد عن أبي عبداللَّه عليه السلام ، قال : قلت : لم يزل اللَّه تعالى مريداً ؟ قال : « إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه . لم يزل اللَّه تعالى عالماً قادراً ثمّ أراد » ([38]) . وفيه أيضاً عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « المشيئة محدثة » ([39]) .

ومن المستبين أنّ المراد بهذه الإرادة والمشيئة هي الإرادة في مقام الظهور والفعل ؛ كما يشهد به قوله في رواية أخرى : « خلق اللَّه المشيئة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة » ([40]) .

وفي أخرى عن أبي الحسن عليه السلام : « الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل . وأمّا من اللَّه فإرادته إحداثه » ([41]) .

فكما أنّ العلم له مراتب : منها مفهوم مصدري ، ومنها عرض ، ومنها جوهر ، ومنها واجب قائم بذاته موجود لذاته ، كذلك الإرادة .

وأمّا تخصيص المشيئة بأنّها محدثة ومن صفات الفعل ، والعلم والقدرة بأنّهما قديمتان ومن صفات الذات ، مع أنّها من وادٍ واحد ، بعض المراتب منها محدثة وبعضها قديمة ، فباعتبار فهم السائل والمخاطب ؛ فإنّ السؤال في العلم والقدرة عن الصفة الذاتية ؛ لتوجّه الأذهان إليها فيهما بخلاف الإرادة ؛ فإنّ السؤال عن المشيئة المتعلّقة بالأشياء الخارجية ، والجواب على مقدار فهم المخاطب ومقام عرفانه .


[1] كنز العمّال 3 : 372 / 6999 ؛ الحكمة المتعالية 7 : 174 .

[2] راجع مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، مطلع 3 - 7 ؛ النصوص : 74 ، نصّ 20 .

[3] الكافي 1 : 110 / 4 .

[4] النور ( 24 ) : 39 .

[5] النجم ( 53 ) : 23 .

[6] القصص ( 28 ) : 88 .

[7] فصوص الحكم : 104 ، فصّ يوسفي .

[8] يس ( 36 ) : 82 .

[9] هود ( 11 ) : 56 .

[10] ديوان حافظ : 386 ، غزل 316 .

[11] الفتوحات المكّية 1 : 102 .

[12] الأنبياء ( 21 ) : 30 .

[13] النور ( 24 ) : 35 .

[14] الزخرف ( 43 ) : 84 .

[15] هود ( 11 ) : 56 .

[16] الحجر ( 15 ) : 29 .

[17] الرحمن ( 55 ) : 26 - 27 .

[18] انظر مشارق الدراري : 115 ؛ جامع الأسرار : 75 .

[19] انظر شرح المنظومة 2 : 38 .

[20] التوحيد ، الصدوق : 277 / 2 ؛ بحار الأنوار 8 : 374 / 2 .

[21] عوالي اللآلي 4 : 106 / 158 ؛ بحار الأنوار 73 : 31 / 26 ؛ الفتوحات المكّية 3 :

210 ؛ جامع الأسرار : 163 .

[22] ديوان حافظ : 549 ، غزل 482 .

[23] ديوان الحلّاج : 160 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 397 .

[24] جامع الأسرار : 605 ؛ أسرار الشريعة وأطوار الطريقة : 127 .

[25] كلمات مكنونه : 114 ؛ شرح توحيد الصدوق 3 : 396 .

[26] انظر بيان السعادة في مقامات العبادة 4 : 99 و 127 .

[27] ق ( 50 ) : 37 .

[28] الحديد ( 57 ) : 3 .

[29] الأنفال ( 8 ) : 17 .

[30] ديوان شمس مغربى : 143 ، غزل 118 .

[31] راجع شرح المواقف 8 : 173 ؛ شرح المقاصد 4 : 223 ؛ الحكمة المتعالية 6 : 369 .

[32] شرح المواقف 8 : 173 ؛ شرح المقاصد 4 : 223 ؛ الحكمة المتعالية 6 : 370 .

[33] اقتباس عن الآية 79 من سورة النساء ( 4 ) .

[34] النساء ( 4 ) : 78 .

[35] فصوص الحكم : 49 ، فصّ آدميّ .

[36] الكافي 1 : 155 ، « باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين » ؛ التوحيد ، الصدوق : 359 ، باب نفي الجبر والتفويض .

[37] محمّد بن يعقوب الكليني الرازي ( - 328 أو 329 ق ) المعروف بثقة الإسلام . شيخ‌ مشايخ حديث الإمامية ومن أكابر علمائهم الأقدمين . كان غاية في الحفظ والضبط . ألّف أوّل كتب الشيعة الأربعة وهو كتاب الكافي الذي جمعه من شتات ما كتبه الأوّلون ، ورتّبه في ثلاثة أقسام : الأصول والفروع والروضة . من سائر كتبه : « كتاب الرجال » و « رسائل الأئمّة » .

راجع أعيان الشيعة 10 : 99 ؛ جامع الرواة 2 : 218 - 219 ؛ روضات الجنّات 6 : 101 - 112 .

[38] الكافي 1 : 109 / 1 .

[39] الكافي 1 : 110 / 7 .

[40] تقدّم تخريجه في الصفحة 109 .

[41] الكافي 1 : 109 / 3 .




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.