أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2016
1824
التاريخ: 2024-01-30
1052
التاريخ: 2024-02-24
1094
التاريخ: 25-4-2022
1692
|
لا شك أنّ قبح سوء الظن رغم أنّه يعتبر قاعدة كليّة وأصل من الاصول الاخلاقّية في دائرة علم الاخلاق ، إلّا أنّه هناك استثناءات لهذا الأصل العام وردت الإشارة إليها في الروايات الإسلامية ، ومن ذلك :
أ) إذا ساد الفساد والانحطاط الأخلاقي في مجتمع ما وكان التلّوث بالرذائل الأخلاقيّة هو السائد لهذا المجتمع البشري فانّ حسن الظن في مثل هذه الحالات ليس فقط لا يعدّ من الفضائل الأخلاقية ، بل يمكن أن يورّط الإنسان بعواقب سلبيّة ومشاكل حقيقية أيضاً ، وورد التحذير من هذا النوع من حسن الظن في الروايات الإسلاميّة.
فنقرأ في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «اذا اسْتَوْلَى الصَّلاحُ عَلَى الزَّمانِ وَاهْلِهِ ثُمَّ أساءَ رَجُلٌ الظَنَّ بِرَجُلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ حَوْبَةٌ فَقَدْ ظَلَم ، وَإِذا اسْتَوْلَى الْفَسادُ عَلَى الزَّمانِ وَاهْلِهِ فَاحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَ بِرَجُلٍ فَقَدْ غَرَّرَ» ([1]).
وهذا المضمون ورد أيضاً بتعبيرات مختلفة عن الإمام الصادق (عليه السلام) والكاظم (عليه السلام) والهادي (عليه السلام) ([2]).
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «احْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ» ([3]).
وهذا أيضاً يمكن أن يكون إشارة لمثل هذه الأزمان والحالات التي يسود فيها الانحطاط الأخلاقي في مفاصل المجتمع البشري ، وإلّا فانّ سوء الظن بعنوانه أصل عام لا يمكن أن يكون مورد المدح والثناء والقبول.
ويستفاد من مجموع ما تقدم من الروايات أنّ الأصل في الأجواء الاجتماعية السالمة نسبياً هو حسن الظن ، وعلى العكس من ذلك فإذا عاش الإنسان في أجواء فاسدة ومتخلّفة فانّ الأصل يجب أن يبتنى على سوء الظن ، وطبعاً هذا لا يعني أن ينسب الإنسان بعض التهم ويلفّق بعض العيوب والنقائص لشخص من الأشخاص ، بل ينبغي الاحتياط في مثل هذه الظروف لئلّا يتورّط الإنسان في مشاكل ومصاعب يفرضها عليه هذا المحيط الفاسد.
وطبعاً لا ينبغي أن يكون هذا الاستثناء وهذه الروايات ذريعة بيد الأشخاص لكي يتحرّكوا من موقع سوء الظن بأيّ إنسان ويقول بأنّ هذا الزمان كثر فيه الفساد وشاع فيه الانحطاط فمن الخطأ حسن الظن بالناس ، فحتى في الأزمنة الفاسدة والأجواء المنحطة يجب على الإنسان أن يصنّف الناس إلى عدّة أصناف ، فيجعل من الأشخاص الذين يتجّلى في محياهم الصلاح والخير في دائرة الصالحين ، فلا ينبغي أن يكونوا مورد سوء الظن ما دام لم يشاهد منهم أمراً منكراً من موقع الوضوح.
ولكنه عليه أن يضع الفئات التي شاهد منها سلوكيات مخالفة وأفعال منكرة بصورة متكررة في صف الأشرار والمفسدين ، ولا ينبغي عليه أن يحسن الظن بنيّاتهم وأفعالهم اطلاقاً.
ب) بالنسبة إلى الامور الأمنيّة في المجتمع الإسلامي والتي يتعلّق بها سلامة المجتمع وأمنه واستقراره لا يجوز حسن الظن بأيّة حركة مشكوكة في هذا المجتمع ، بل يجب عليه أن يبتعد عن حسن الظن ما أمكنه ذلك ، أو بتعبير آخر يجب عليه أن يتّخذ جلباب الاحتياط في تعامله مع هذه السلوكيات والحركات الصادرة من بعض الأفراد المشكوكين.
ومفهوم هذا الكلام لا يعني أنّه يجوز هتك حرمة الأفراد أو التعامل معهم بسلبية نتيجة سوء الظن ، بل المراد أنّ جميع الحركات والسلوكيات المشكوكة يجب أن توضع تحت النظر ويتمّ دراستها بدقّة ، فلو اتّضح بعد التحقيق ومن خلال القرائن والبيّنات الواضحة أنّ مثل هذه الحركات كانت بدافع من سوء النيّة ومقترنة بتصرفات خاطئة ومحرّمة هناك ينبغي اتّخاذ التدابير العملية اللازمة.
ج) ومن الموارد الاخرى التي يجوز فيها سوء الظن ، بل قد يكون واجباً أيضاً هو في الحالات التي يكون الإنسان في مقابل العدو ، ويمكن أن يطلب العدو الصلح وينادي بالمحبّة والصداقة ويعلن عن رغبته في التعاون وأمثال ذلك ، فمثل هذه الموارد لا ينبغي التعامل معه بسذاجة وتصديق كلّما يقوله من موقع حسن الظن واسدال الستار عن الماضي نهائيّاً والتقدّم إلى العدو بابتسامة عريضة والشد على يده ومعانقته ، بل ينبغي أن يضع في زاوية الاحتمال أن يكون هذا السلوك من العدو من موقع المكر والحيلة والخدعة لإستغفال الطرف المقابل.
ولهذا ورد في عهد مالك الأشتر المعروف قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : «الحَذَرُ كُلُّ الحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعدَ صُلحِهِ فَإنَّ العَدُوَّ رُبَّما قاربَ لِيَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالحَزمِ وَاتَّهِم فِي ذَلِكَ حُسنَ الظَّنِّ» ([4]).
|
|
دراسة تكشف منافع ومخاطر عقاقير خفض الوزن
|
|
|
|
|
ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله يعرقل انتشاره في قطاع النقل
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تؤكد على أهمية دور المرأة الملتزمة بالتعاليم الإسلامية في بناء المجتمع
|
|
|