الإكثار الدقيق وزراعة الأعضاء والأنسجة النباتية

تتكاثر النباتات جنسيا أي باستخدام الجنين الجنسي الناتج من عملية التلقيح والإخصاب، أو باستخدام أي جزء من النمو الخضري من النبات فيما يعرف بالتكاثر الخضري أو اللاجنسي والنباتات الناتجة بالتكاثر الجنسي في النباتات خلطيه التلقيح تكون غالباً متباينة في تركيبها الوراثي وغير مشابهة للنبات الأم حيث أنها تجمع صفاتها الوراثية من الأبوين. لكن يمكن إنتاج نباتات متشابهة وراثياً عن طريق التربية الداخلية لهذه المجموعة كما أن أفراد الجيل الأول الناتجة من تهجين أبوين homozygous تكون متشابهة فيما بينها. أما النباتات الناتجة من التكاثر الخضري التقليدي فتكون في معظم الأحيان متشابهة في صفاتها ومشابهه للنبات الأم لأنها ناتجة بالانقسام الميتوزي للخلايا أي بدون انعزالات أو توافيق وراثية جديدة. ويطلق على مجموعة النباتات الناتجة بالإكثار الخضري لنبات واحد السلالة الخضرية vegetative clone. وبالطبع من المفضل من الناحية الزراعية لاعتبارات عديدة أن تكون جميع النباتات في الحقل متشابهة في صفات نموها، وهذه الميزة لا تتوفر في حالة الإكثار الجنسي للنباتات خلطية التلقيح. وعلى الرغم من ذلك فالتكاثر الجنسي له عدة مميزات كوسيلة للتكاثر منها:

1 . ينتج عنه عدد كبير من النباتات وبالتالي انخفاض تكاليف الإنتاج.

2 . إمكانية حفظ البذور لمدة طويلة دون فقد لحيويتها.

3. سهوله نقل وتوزيع البذور.

4. أغلب الأمراض لا تنتقل عن طريق البذور.

5. استخدامه في التحسين الوراثي المستمر وإنتاج أصناف جديدة من النباتات بطرق التربية المختلفة لتحقيق رغبات المنتجين والمستهلكين.

لكن الكثير من النباتات الزهرية كأغلب المحاصيل البستانية وبعض المحاصيل الحقلية لا تعطى بذورا على الإطلاق، أو تعطى كمية قليلة من البذور بعد فترة من النمو قد تكون طويلة جداً. وربما تكون حيوية البذور منخفضة حتى بمجرد تكوينها أو تفقد هذه الحيوية بعد فترة وجيزة. وفي بعض الأحيان تكون البذور الحقيقية وسيلة غير مناسبة للإنتاج التجاري كما في البطاطس والفراولة. لذلك هناك ضرورة للإكثار الخضري للكثير من الحاصلات الزراعية. وتتعدد صور الإكثار الخضري التقليدي لكن تعتمد كلها على استخدام جزء كبير نسبياً من النبات الأم لتكوين نبات جديد. ويتوقف مدى الاعتماد على طريقة ما من طرق التكاثر الخضري لإكثار نوع معين من النباتات على إمكانية إكثاره بهذه الطريقة وتكاليف الإكثار وتحقيق الغرض من ذلك. فالبطاطس مثلا يمكن إكثارها بطرق التكاثر الخضري التقليدية لكن لإنتاج نباتات خالية من الفيروس لابد من استخدام مزارع الأنسجة. ولقد لعبت طرق الإكثار الخضري باستخدام الدرنات والكورمات، والأبصال والعقل والترقيد والتقسيم والتطعيم دورا كبيرا في إكثار العديد من المحاصيل الهامة مثل التفاح، والموز، وقصب السكر، والبطاطس، والفراولة ومعظم نباتات الزينة. كذلك يعتبر الإكثار الخضري من الأهمية بمكان في مجال تربية النبات فحفظ الأصول الوراثية لبعض الآباء لا يتم إلا بالإكثار الخضري. والتكاثر الخضري مهم أيضا للحصول على كمية كافية من البذور من بعض التراكيب الوراثية المرغوبة لتكوين سلالة Clone لحفظها في بنك الجينات.

بالإضافة إلى ذلك فإن إكثار بعض الطفرات النافعة التي لا تكون بذورا كالبرتقال والجوافة عديما البذور، يتم بطريقة الإكثار الخضري. وتعتبر الطرق التقليدية للإكثار الخضري غير وافية لحاجة الإنتاج الزراعي من حيث البطء، والصعوبة، وارتفاع التكاليف ومن ثم كانت هناك حاجة ملحة لدراسة إمكانية إكثار النباتات معملياً للتغلب على العقبات المشار إليها. لكن تظل طرق التكاثر الخضري التقليدية الأساس الذي تمخض عنه الإكثار الدقيق. كما تعتبر زراعة الأنسجة مرحلة أساسية من مراحل استخدام التكنولوجيا الحيوية للتحسين الوراثي. لكن تتوقف إمكانية إكثار نبات ما في القوارير على التركيب الوراثي والعوامل البيئية التي ينمو فيها النبات بالإضافة إلى العوامل البيئية أثناء إكثار النبات. وتتوقف الطريقة المستخدمة في إكثار نبات ما باستخدام زراعة الأنسجة على قدرته الوراثية على التكاثر بهذه الطريقة فبعض النباتات يمكنها تكوين براعم عرضية على جذورها وبالتالي يمكن إكثارها في مزارع الأنسجة باستخدام الجذور على العكس من النباتات التي لا تمتلك هذه الخاصية. ويجب الإشارة إلى أنه بالرغم من أن زراعة الأنسجة تستخدم للتغلب على بعض مشاكل التكاثر الخضري إلا أن طبيعة التركيب الوراثي للنوع لها تأثير واضح فلا يمكن مثلا أن ندفع أشجار التفاح لتكون درنات وبصورة عامة يمكن القول أن البرنامج الناجح في الإكثار المعملي لا بد أن يفي بالأغراض التالية:

1. الثبات الوراثي للنباتات الناتجة أي عدم حدوث طفرات.

2. خلو النباتات الناتجة من الأمراض ويعتمد ذلك على استخدام مصادر خالية من الإصابة.

3. أن تكون عملية نقل النباتات للحقل سهلة ونسبة نجاحها عالية.

4. احتفاظ النباتات بقدرتها على التضاعف باستمرار إكثارها معملياً.

5. سهوله البرنامج واقتصادياته.

الإكثار الدقيق

يعكس التباين الطبيعي في قدرة بعض النباتات على التكاثر الخضري القدرة المذهلة لهذه النباتات على التضاعف وتعتبر طريقة التكاثر الخضري التي حبا بها الله سبحانه وتعالى كثيرا من النباتات الأساس العلمي للتكاثر الدقيق في مزارع الأنسجة. وربما يصبح الإكثار الدقيق منافساً للإكثار التقليدي على الأقل في بعض النباتات فيشير (2006) ,.Router et al إلى الإكثار التجاري لـ 156 نوعاً من نباتات الزينة وحدها. وتسيطر هولندا وكولومبيا وايطاليا وإسرائيل على 80% من هذا الإنتاج والنسبة الباقية موزعة على دول العالم الأخرى. ويؤكد أن مشكلة ارتفاع أجور الأيدي العاملة في الدول المتقدمة هي العائق أمام التطبيق الواسع لتلك التقنية. ومن ثم تقوم الشركات المتخصصة باستخدام الميكنة في العديد من المراحل كإعداد الأجزاء النباتية وتحضير البيئة وفصل وتصنيف النباتات المتكشفة وإعدادها بطريقة تسهل من نقلها وزراعتها. ورغم صعوبة إكثار العديد من الأشجار الخشبية في مزارع الأنسجة بهذه التقنية فإن تقرير Dhawan & Saxena (2005) يشير إلى أن عدد الأشجار الخشبية التي تم زراعتها في الهند بلغ حوالي 3.7 مليون شتلة من أشجار Anogeissus pendula و Eucalyptus spp و Populus deltoids وغيرها في مساحة حوالي أربع الألف هكتار بعضها في مناطق ذات ظروف قاسية. وقد أمكن بتعديل بيئات الزراعة التغلب على بعض المشكلات التي اكتشفت في الحقل في أشجار Populus deltoides.

يبدأ النمو الحديث الناتج من التكاثر الخضري باختلاف أنواعه من الأنسجة الميرستيمية والتي تقع في قمم السوق والجذور ومنطقة الكامبيوم في الساق وكذلك نسيج الكالس. وبتفاعل المحتوى الوراثي للنبات وبعض العوامل الطبيعية والكيماوية الأخرى التي سبق شرحها يمكن دفع هذه الأنسجة الميرستيمية لتتكشف إلى سوق، وأوراق، وجذور أو أجنة جسدية. ويمكن أيضاً تحت بعض الظروف دفع بعض أنواع الخلايا غير الميرستيمية - غالباً الخلايا البرانشيمية - إلى استعادة حالتها السابقة كخلايا ميرستيمية والتي تمتاز بصغر حجمها وكبر حجم النواة وكثافة السيتوبلازم والقدرة على الانقسام وتكوين أنسجة جديدة مختلفة. ويوضح شكل رقم (1) تحويل خلية برانشيمية من کالس نبات Curcuma zedoaria إلى برعم يتكشف لاحقا إلى ساق Marcia et al (2001). وتسمى الجذور المتكونة على السوق أو الأوراق أو السوق الناتجة من الجذور أو الأوراق بالعرضية حيث أنها تكونت في غير مكانها الطبيعي والخلايا التي ترتد من حالة التكشف إلى عدم التكشف يمكنها تكوين الكالس والذي يعرف بكونه كتلة من الخلايا غير المتكشفة أو الخلايا البرانشيمية التي تتكون نتيجة لإحداث جرح والتي يلاحظ تكونها في قواعد العقل وفى منطقه اتحاد الأصل بالطعم. وقد تتكشف الخلايا غير المتميزة في مزارع الأنسجة إلى جذور، سوق، أوراق أو أجنة جسدية. وتعتبر قدرة الخلية النباتية على إعادة تكوين نبات جديد وهو ما يسمى totipotancy من الصفات التي حبها الله للخلايا النباتية دون الحيوانية.

وبصفة عامة تتضمن عملية إكثار النباتات باستخدام زراعة الأنسجة فصل خلية أو نسيج أو عضو نباتي ودفعه تحت ظروف مناسبة لتكوين أعضاء جديدة Read & Debergh (1991). ومن ثم توجد عدة أنواع من زراعة الأنسجة اعتمادا على نوع النسيج المستعمل في الزراعة ، لكن حديثاً استخدم (1999) Hall و (2009) .Neumann et al مصطلح زراعة الخلايا cell culture لجميع صور الزراعة في القوارير. ويوضح شكل رقم (2) الطرق العامة لإكثار نباتات البطاطس باستعمال زراعة الأنسجة. لكن ما هي مميزات الإكثار المعملي؟ يعتبر الإكثار المعملي تطوير لطرق الإكثار الخضري المعروفة لذا فإن له نفس مميزات الإكثار الخضري علاوة على ما يلي:

شكل 1: قطاع طولي في كالس نبات Curcuma zedoaria منزرع في بيئة MS سائلة ومحفوظة في الظلام. (1، 2) يوضحان بدء تكوين المناطق الميرستيمية بعد 10 أيام من الزارعة (المستقيم الموضح يمثل طول 50، 26 ميكروميتر على التوالي). (3) الخلايا الميرستيمية المتكونة وقد احتوت على سيتوبلازم كثيف بعد 20 يوم من الزراعة (المستقيم الموضح يمثل طول 19 ميكروميتر). (5،4) بداية تكوين برعم خضري بعد 30 يوم من الزراعة (المستقيم الموضح يمثل طول 37 ، 100 ميكروميتر على التوالي) (6) قمة الساق المتكونة ويتضح الاتصال الوعائي بينها وبين الكالس Marcia et al (2001).

1. يتطلب الإكثار المعملي استخدام جزء صغير جدا من أنسجة النبات. ولسهولة التحكم في عوامل النمو من عناصر غذائية، وهرمونات، وعوامل طبيعية فإن معدل الإكثار يكون سريع ويساعد هذا على سرعة إكثار السلالات والأصناف الجديدة.

2. تتم عملية الإكثار تحت ظروف معقمة وباستخدام نباتات خالية من الأمراض والمسببات المرضية لذا فإن النباتات الناتجة تكون خالية من الأمراض في أغلب الحالات.

3. تستخدم بنجاح لإنتاج نباتات خالية من الفيروس.

4. إمكانية إنتاج بعض النباتات التي يصعب إكثارها بالطرق العادية سواء الجنسية أو الخضرية أو لكون هذه النباتات بطئيه النمو.

5. تمتاز بعض النباتات الناتجة ببعض الصفات المرغوبة كزيادة التفريع في الفراولة وبعض نباتات الزينة.

6. إمكانية إنتاج النباتات على مدار العام وعدم التقيد بفصول السنة.

7. سهولة حفظ النباتات الناتجة لمدة طويلة، ونقلها من مكان لآخر بسهولة.

8. صغر المساحة المستغلة.

وعلى الرغم من هذه المميزات فإن من عيوب الإكثار باستعمال مزارع الأنسجة:

1. يحتاج إلى مهارات فنية عالية وأجهزة قد تكون مكلفة.

2. اختلاف الطريقة المتبعة للحصول على أحسن نتائج باختلاف النباتات والظروف البيئة السائدة.

3. صعوبة إكثار بعض النباتات خاصة الأنواع الشجرية وتباين القدرة على الإكثار الدقيق بين الأصناف التابعة لنفس النوع مع كثرة العوامل المؤثرة في ذلك.

4. قد تتصف النباتات الناتجة ببعض الصفات غير المرغوبة مثل كثرة التفريع وهي غير مرغوبة في بعض النباتات. وقد لا تتكشف بعض هذه الصفات إلا بعد مدة طويلة كمرحلة الإزهار مثلا.

5. تواجه عملية أقلمة ونقل النباتات من المعمل إلى الصوبة بعض الصعوبات التي قد تؤدى إلى موت بعضها.

6. احتمال إنتاج نباتات مختلفة وراثياً عن النبات الأم.

7. تفقد بعض المزارع قدرتها على التكشف باستمرار زراعتها معملياً.

شكل 2: الطرق العامة لإكثار نباتات البطاطس باستعمال زراعة الانسجة