أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1590
التاريخ: 13-02-2015
1569
التاريخ: 5-10-2014
1523
التاريخ: 22-04-2015
1718
|
ان فهم معنى الاضطراب العقلي مهم للغاية في ادراك ابعاد الانحراف ، باعتباره عجزاً في قابلية الفرد على التمييز بين الحقيقة والخيال . فالمضطرب عقلياً ينتهك العرف الاجتماعي من خلال تصرفاته التي يختلط فيها الوهم بالحقيقة ، والسراب بالواقع ، والخوف بالأمان ، والافكار المجزئة التي لا يجمعها رابط بالأفكار الطبيعية المتصل بعضها بالآخر . ولذلك فان أكثر الاضطرابات العقلية انتشاراً هي الاضطرابات الناشئة عن انفصام شخصية الفرد مع الحقيقة والواقع الخارجي . ويربط علماء الطب هذه الاضطرابات باختلال الهرمونات في الجسم الانساني وما يصاحب ذلك من اضطرابات نفسية وتفاعلات عاطفية تنتهي بالانسان الى فهم الواقع فهماً مغايراً لفهم بقية الافراد (1) . ومنهم من يعتبر الاضطراب العقلي أو الجنون وسيلة ناقصة لدى الفرد للتعامل مع العالم الخارجي (2) . فالمضطربون عقلياً يفشلون في التعامل مع اجواء المجتمع المحيطة بهم ، فيلجأون في النهاية الى التعامل مع انفسهم وندبها على عدم فهم الواقع . فتراهم يتحدثون معها على مرأى من الملأ ، ويضحكون ويتبسمون لطرائف لم يلتفت اليها الآخرون ، وهم بذلك يحيدون عن العرف الاجتماعي فيوصمون بالجنون.
ولذلك فان وصم الطبقة الحاكمة ـ على مر التاريخ ـ للانبياء والرسل (عليه السلام) بالاضطراب العقلي كان من أهم الاساليب التي استخدمت لربط الجنون بالانحراف ، وبالنتيجة إبعاد الافراد عن الايمان بالعقائد التي حملها الرسل والانبياء (عليه السلام) اليهم . وقد ورد الى ما يشير الى ذلك في الكتاب المجيد : {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر : 6] ، { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات : 36] ، { ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} [الدخان : 14] ، {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات : 52].
ولكن الجنون الحقيقي ما هو الا وليد الحاجة الانسانية التي لم يشبعها النظام الاجتماعي . فالفقر هو من أهم عوامل نشوء الاضطراب العقل في المجتمعات التي تحكمها انظمة ظالمة . والفقر ليس حاجة مادية فحسب ، بل حاجة نفسية ايضاً ؛ لانه يمس كرامة الانسان ، ويحط من قدره ، ويشعره بظلم النظام الاجتماعي . وهذه العوامل مجتمعة تساهم في رسم شكل الانحراف وتحدد مسيرته.
ولاشك ان من مصلحة النظام السياسي الظالم وصم الفقراء بالاضطرابات العقلية ؛ لأن في ذلك عزلاً لهم عن الساحة السياسية ، وبالتالي حرمانهم من الخيرات الاقتصادية التي ينبغي ان ينعم بها افراد المجتمع كلياً بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية . فالمضطرب عقلياً ، لا يستطيع المشاركة في نشاطات المجتمع السياسية والاجتماعية فضلاً عن قيادة الافراد . وهذا الإبعاد المقصود للفقراء عن الساحة السياسية ، يعطي الطبقة الرأسمالية الظالمة فرصة عظيمة في السيطرة على شؤون النظام الاجتماعي وتحطيم المعارضة السياسية الحقيقية.
________________________
(1) ( وليام كوكرهام ) . علم اجتماع الاضطراب العقلي . انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، 1981 م.
(2) ( وليام ايتون ) . علم اجتماع الاضطرابات العقلية . نيويورك : بريكر ، 1980 م.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|